مفاجأة داوية وفجيعة رياضية ما أتت به لجنة الاستئناف للهيئات الشبابية والرياضية لولاية الخرطوم وهي ترتكب سلسلة اخطاء في قرار واحد, وتدخلت بصورة سافرة في تناقض تام مع نصوص القانون حيث لا مجال لاجتهاد مع النص. فارتكبت خطأين يرقيان لمستوى الجريمة المدبرة, وهي تتخذ قراراً ببطلان قرارات مجلس الهلال حول شطب وتسجيل اللاعبين. وحتى لا أصل بالقارئ الكريم مرحلة اتهامي بالتحامل على اللجنة او استهدافها, ألج مباشرة في نصوص القانون لأحدد وأحلل الخطأين : الخطأ الأول: المادة «35» من قانون الشباب والرياضة لولاية الخرطوم لسنة 2007 تنص على: «(1) تستأنف قرارات هيئات الشباب والرياضة الادارية والمالية أمام المفوضية. (2) تستأنف قرارات المفوضية أمام لجنة الاستئناف ويكون قرارها «نهائياً». ومن هذا النص الواضح فإن الاختصاص ينعقد للجنة الاستئناف في النظر في الاستئنافات ضد قرارات المفوضية, ولا يجوز لها اطلاقاً النظر في قضية ترفع لها مباشرة من أي فرد أو هيئة شبابية أو رياضية غير متضررة من قرار صادر عن المفوضية الولائية. وحتى القرارات الصادرة عن المفوضية ينبغي ان تكون إما ادارية أو مالية كما سنوضح في جريمة الخطأ الثاني. ولذلك فاللجنة سمحت لنفسها بنظر قضية ليست في مجال اختصاصها ابتداءً. وعليها ان تجيب على التساؤل المشروع : ماذا كان قرار المفوضية المستأنف لها ؟ وما هو الضرر الذي أحدثه قرار المفوضية ان وجد على الشاكي؟ الخطأ الثاني وهو الأكثر فداحة: 1/ المادة (3) من قانون الشباب والرياضة لولاية الخرطوم لسنة 2007 تحت عنوان «تفسير» فسرت القرار الفني على النحو التالي : «القرار الفني : يقصد به القرار المتعلق بمسابقات الأنشطة الشبابية ومباريات ومنافسات الألعاب الرياضية ونتائجها وما يترتب عليها من صعود وهبوط وانتساب وتسجيل اللاعبين وتنقلاتهم وما يتعلق بالجوانب الفنية في التدريب و التحكيم». 2/ ولن يجد أي قارئ كبير عناء عند قراءة هذا النص في الوصول الى ان أي قرار حول تسجيلات اللاعبين وتنقلاتهم يعتبر قراراً فنياً, ولذلك لا أريد أن استرسل في تفسير القرار بقدر الخوض فيما هو أهم بكثير وهو حصانة القرار الفني من التدخل بواسطة جهات غير الاتحادات الرياضية. 3/ المادة (31) من قانون الشباب والرياضة لولاية الخرطوم لسنة 2007 حول «سلطات اختصاصات المفوضية» البند (ج): «الفصل في المنازعات المالية والإدارية التي ترفع اليها من هيئات الشباب والرياضة ومن لجان التحقيق التي تكونها». وهذا يؤكد ان المفوضية مختصة بالنظر في النزاعات المالية والإدارية فحسب, وبالتالي لا يجوز للمفوضية النظر في اي نزاعات فنية. فإذا كانت كل قرارات المفوضية محصورة في المحورين المالي والإداري فالمنطق يقول ان الاستئنافات يجب ان تنحصر في المحورين المالي والإداري. ومما يؤكد ذلك نجد ان البند (د) من نفس المادة (31) ينص على: «طلب أي معلومات أو بيانات عن عمل هيئات الشباب والرياضة غير المتعلقة بالقرار الفني...» وجدير بالملاحظة هنا أن مجرد طلب معلومات أو بيانات عن القرار الفني محظور على المفوضية فما بالنا بالتدخل لاتخاذ قرار حول نزاع فني. 4/ ومما يؤكد ما ذهبنا اليه حول حصانة القرار الفني نقرأ نص المادة (36) من قانون الشباب والرياضة لولاية الخرطوم لسنة 2007 تحت عنوان «حصانة القرارات الفنية»: «(1) تعتبر القرارات الفنية التي تصدرها هيئات الشباب والرياضة بالولاية غير المنتسبة لاتحادات قومية نهائية. (2) تخضع القرارات الفنية التي تصدرها هيئات الشباب والرياضة بالولاية والمنتسبة لاتحادات قومية للنظم الأساسية والقواعد القومية للاتحادات القومية المنتسبة لها». 5/ وبما ان منشط كرة القدم يدار قومياً بواسطة الاتحاد السوداني لكرة القدم فتنطبق على القرارات الصادرة عن هيئات الشباب والرياضة في كرة القدم البند (2) من المادة (36) أعلاه. وهذا ما يحيلنا لقانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 الاتحادي والنظام الأساسي لاتحاد كرة القدم السوداني, ولننظر لبعض ما جاء في القانون الاتحادي: (أ?) المادة (12) من «قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003» البند (1) ينص على: «(1) ينشأ وفقاً لأحكام هذا القانون واللوائح ونظم التأسيس الصادرة بموجبه اتحاد رياضي واحد لكل نشاط رياضي لإدارته على نطاق القطر يسمى «الاتحاد الرياضي السوداني» وتكون له شخصية اعتبارية وصفة تعاقبية مستدامة وخاتم عام». (ب?) أما البند (4) من ذات المادة فينص على: «(4) يكون الاتحاد الرياضي أعلى سلطة فنية لإدارة شؤون اللعبة أو النشاط وتكون قراراته في حدود اختصاصاته نافذة وملزمة لجميع الكيانات الوسيطة والأندية المنتسبة له واللجان التابعة له». (ج) المادة (22) البند (1) ينص على: «يجوز لوزير العدل بطلب من الوزير (الاتحادي) تكوين لجنة تحكيم (قومية) دائمة لفض النزاعات الشبابية والرياضية في غير القرارات الفنية وتكون قراراتها نهائية». فإذا انعقد عدم الاختصاص للجنة التحكيم الاتحادية في المسائل الفنية, فمن البديهي أن يحظر القانون الولائي سلطة التدخل في القرار الفني للجنة الاستئناف الولائية. 6/ أضف لكل ذلك السابقة القضائية الرياضية الشهيرة باسم «قضية شكاك» في الربع الأخير من القرن الماضي والتي حكمت بعدم اختصاص المحاكم في القرارات الفنية. بل ان سعادة رئيس القضاء السابق مولانا جلال علي لطفي رحمه الله , كان قد اصدر منشوراً قضائياً لكل المحاكم حظر بموجبه ابتداء تصريح أي قضية في شأن فني. 7/ ختاماً وبعد كل ذلك ألم تأت لجنة الاستئناف الولائية بما لم يأت به الأولون في خرق النصوص وحصانة القرار الفني؟ أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولهم والله من وراء القصد... محمد الشيخ مدني ديسمبر 2012م