في لافتة ضخمة على الشارع تم تثبيت الرقم أعلاه أمام مستشفى إبراهيم مالك بحسبانه ميزانية تطوير هذا المرفق من مركز صحي إلى مستشفى عام، وهذه محمدة نأمل أن تكون سنة لكل المنشآت والمشروعات ليطالعها أصحاب الشأن من خبراء المال و أيضاً المتنافسون في مثل هذه العطاءات، وكذلك ليقارن المواطن المبلغ المرصود مع الإنجاز.. في السابق كان المراجعون المحاسبيون من وزارة المالية يفاجئون الصرافين في الوحدات الحكومية بالدخول إلى مكتب الخزنية دون إعلان مسبق ويقومون بإغلاق الباب وحجز الدفاتر، ويسألون الصراف عن المبلغ الموجود بالخزينة، وكان بعضهم يرد أن المبلغ هو كذا جنيه وكذا ورقة أم خمسين وكذا طرادة وكذا ريال وكذا عملة معدنية من فئة الخمسة قروش وكذا أبو قرشين وكذا قرش وكذا تعريفه وكذا( SOMTHINg )أي أصغر عملة وهي المليم، وهنا يقول له رئيس تيم المراجعة «دعنا نبدأ من AND Somthing هذه، وهنا يقوم الصراف بإخراج العملات ويضعها أمام الفريق الزائر، والويل له إذا لم تكن الأرقام مطابقة لما قاله، ويتم إيقافه عن العمل وإحلال آخر مكانه إلى أن تظهر نتيجة التحقيق. طبعاً عندما افتقدنا هذه المتابعة والتدقيق في الأموال العامة كثر الحديث عن الفساد المالي ولا معترف به عند أعلى المسؤولين في الدولة، وتم تكوين لجان ومفوضيات لسبر أغواره ومحاسبة المتورطين، ومع هذا لم تتوقف الأيادي الممدودة إلى خزائن هذا المال، ولن يحدث هذا ما لم تكن الرقابة قوية وفاعلة ومتشددة ومباغتة منذ أن تسلمت أية جهة رسمية ميزانيتها أو تغذيتها، حتى يتم إيقاف الضرر من مستصغر الشرر قبل أن يصير للتجاوز دخان ثم تشتغل النيران ويضيع أثر الجناة.. مثال آخر للحفاظ على إيرادات الدولة مهما قل شأنها، عندما قام الرياضي المطبوع صديقي منزول وكان من كبار المراجعين في ديوان المراجع العام، بقيادة تيم من المراجعين، وعند مدخل محطة سوبا وعندما بدأ قطار ركاب الخرطوم- الأبيض يهديء سرعته للوقوف بالمحطة قام الكابتن بإيقافه، وقفز أفراد التيم إلى العربات وبدأوا في مراجعة تذاكر سفرهم واتضح أن( 45%) من الركاب بدون تذاكر، وأن المرتاحين في عربات النوم والدرجة الأولى لا يستحقونها واحتلوها بتواطؤ مع بعض ضعاف الجيوب من الموظفين. أننا نتطلع إلى مراجعين، قمة في الأمانة، وعندها ستتوقف أيادي كثيرة عن اغتراف المال العام، خاصة إذا تزامن ذلك مع محاكمات معلنة لأن غالب السودانيين لا تخيفهم السجون ولكن تهزهم الفضيحة، وليس هذا بغريب عن حكومة «الإنقاذ» فقد بدأت حكمها بمثل تلك المحاكمات الإعلامية لمتهمين تجاوزوا حقوقهم بملاليم قياساً إلى المليارات المنهوبة اليوم.