مع ارتفاع نبرة المطالبة بتأجيل الإنتخابات وتصاعد الهمس ليصبح جهرا يحذر من نتائجها إذا قامت في موعدها، عكف كثير من الخبراء على تحليل أسباب ومؤشرات هذه المطالبة مع اقتراب موعد الإقتراع، ونظم المنتدى السياسي الدوري بمؤسسة ركائز المعرفة للدراسات والبحوث أمس الأول حلقة نقاشية تحت عنوان (تأجيل الإنتخابات.. ضرورات الواقع ام حسابات المصلحة؟)، استضافت عددا من المعنيين والمختصين للحديث حول القضية. حسابات المصلحة وطرحت الحركة الشعبية رؤيتها للقضية عبر الناطق الرسمي باسمها ين ماثيو، قبل أن تحسم الحركة موقفها مساء ذات اليوم بخوض الإنتخابات التشريعية وسحب ترشيح عرمان للرئاسة، وركز على ما وصفه بأخطاء المفوضية في الإجراءات، ويرى أن هذا هو السبب في مطالبة الأحزاب بتأجيل الإنتخابات، ويتهم ماثيو المفوضية القومية للإنتخابات بالتقصير في واجباتها ويصفها بانعدام الحرية والنزاهة والحياد، ويحملها المسؤولية لأنها لم تعلن عن الإشكالات التي تواجهها من ضعف الإمكانيات المالية واللوجستية، ويؤكد كذلك ان الحركة لم تدع لمقاطعة الإنتخابات، لكنه يحذر من أن هنالك خطرا كبيرا إذا استمرت الإنتخابات وفق إجراءات المفوضية الحالية بعد أن شككت الناس في نزاهتها في المراحل السابقة، ويحذر كذلك من أن انسحاب بعض القوى السياسية من الإنتخابات نتيجة ذلك قد يقود البلاد إلى اشكالات ، وأن أقل خطأ قد يؤدي لعنف، ويوضح ماثيو أن الحركة لم تدع لمقاطعة الإنتخابات لكنها أوضحت في وقت من الاوقات أن هناك إجراءات غير سليمة يجب أن تصحح، وأن لديهم ملاحظات وبالتالي التأجيل سيكون بحسابات المصلحة، ويشير ماثيو إلى أنهم تقدموا للمفوضية بثلاث رسائل حول ما يتعرضون له وكله متعلق بحرية التعبير حيث (منعت إعلانات الحركة الشعبية، وتعرضت لتمزيق البوسترات وما يتعلق بالحركة، بجانب تعرضهم لهجوم من قبل قوى غير مشاركة، إلا أن المفوضية لم ترد) لكن ماثيو رغم ما قدمه من ملاحظات حول اداء المفوضية وحول المشكلة التي تواجهها الإنتخابات ينبه إلى أهمية الوعي في كل القضايا لتصحيح المفاهيم وأهمية التفاكر كسودانيين لحل مشاكل البلد، ويقر ين ضمنا بوجود أخطاء في الجنوب لكنه يشير إلى ما قامت به الحركة للحد منها، وينفي عن حزبه التبعية ويقول إنه لا يوجد حزب يستطيع قيادة الحركة الشعبية لما يريده، وأنهم لا يمضون في أمر إلا أذا كانت لديهم قناعة به، ويؤكد ماثيو أن الحركة مع وحدة السودان بكل امانة، لكنهم لن يكونوا جزءا من إنتخابات ليست حرة ولا نزيهة، ويؤكد أيضا أنه لو فاز الوطني (مبروك عليهو)، إلا أن رأيهم في مفوضية الإنتخابات سيظل كما هو، ويقول: لو أجلت الإنتخابات أو لا فرأينا في المفوضية قائم ما لم يعملوا على تصحيح الأخطاء. براءة المفوضية مفوضية الإنتخابات كانت حاضرة في المنتدى في شخص الفريق الهادي محمد أحمد رئيس اللجنة الفنية بالمفوضية، الذي نفى وجود أية عوائق مالية أو لوجستية تواجه مفوضيته، ويوضح أن المفوضية توفر كل الإمكانيات المالية واللوجستية للقيام بواجباتها واستمرار عملها بالصورة المطلوبة، ويشير إلى وجود (16) مروحية نقل وألفي عربة للقيام بالمهام، ويؤكد أن آخر تقرير من وزارة الداخلية حول حرية التعبير يؤكد قيام (1220) نشاطاً سياسياً في فترة الحملة بكل ولايات السودان دون أي إعتراض، ويعود الهادي للتأكيد على أن تأجيل الإنتخابات من إختصاص المفوضية وحدها وليس أية جهة أخرى، ويوضح كذلك أن مفوضيته ليست سلطة تنفيذية تتابع القضايا التي طرحتها الحركة الشعبية، وإنما تتم وفق إجراءات جنائية، وينتقد الهادي اتهامات البعض بتزوير الإنتخابات منذ الآن، ويصفه بأنه رسائل خاطئة وحديث غير موفق، ويؤكد أن الطريقة التي ستتم بها الإنتخابات غير مسبوقة من حيث الرقابة والتأمين، ويقول الهادي إن المفوضية حسمت قضية حديث الرئيس عن طرد المراقبين. (التحكيم فاشل) ووجدت المفوضية تعضيدا لموقفها خلال المنتدى من قبل ممثل حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي د. اشوانج أكوانج أيانج، الذي أكد أولاً أنهم كحزب مع استمرار قيام الإنتخابات لأنه منصوص عليها في الدستور وإتفاقية السلام، ويرى أن المفوضية لم تقصر في واجباتها، ويقول إن هنالك إجراءات تمت وهي قابلة للأخطاء، فعلا صاحبتها بعض المثالب وصوبت أشياء كثيرة، ويعتبر مطالبة الأحزاب بالتأجيل في المرحلة قبل الأخيرة من الإنتخابات ناتجاً عن اكتشاف الأحزاب لأوزانها الفعلية خلال فترة الحملات الإنتخابية، وأعتقدت أنها لن تكون في مصلحتها ولذلك تطالب بالتأجيل لأسباب غير مقنعة، ويشير إلى أن عواقب تأجيل الإنتخابات ستكون وخيمة لأنها ستؤثر في أهم هدف وهو قيام الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان، وبالتالي يفقد الجنوب قضيته ويعود مرة أخرى للحرب. ، ويقول إن الإنتخابات في أي مكان لا تكون نزيهة بنسبة (100%)، وينبه إلى أن تأجيلها يعني إجراءات جديدة وهي مسائل صعبة. ويشبه موقف المطالبين بالتأجيل بمباراة كرة القدم التي تمثل فيها المفوضية دور الحكم ومن يشعرون بالفشل يلجأون إلى شعار (التحكيم فاشل). وفي ذات السياق يمضي اللواء د. محمد عباس الامين استاذ الدراسات الإستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري، إلى أن الهدف الإستراتيجي من قيام الإنتخابات هو إجراء الإستفتاء بصورة نزيهة وشفافة، ويشير إلى أن تأجيل الإنتخابات تم من قبل من العام 2009 إلى 2010م وذلك يزيل شبهة سوء النية عن المؤتمر الوطني، ويقول إن الأحزاب الأخرى أصبحت هرمة وتجاوزها الزمن، وبالتالي الحليف الإستراتيجي للحركة الشعبية هو المؤتمر الوطني لأنه لا ثقة لأحزاب جوبا في الحركة، ويتساءل: لو سقط المؤتمر الوطني هل ستجد الحركة مجالا لتنفيذ اتفاقية نيفاشا؟ ويستطرد بان الخطأ الإستراتيجي الذي وقعت فيه الإتفاقية أنها منحت الجنوب كاملا للحركة قبل قيام الإنتخابات، ويرى أن على الأحزاب ان تقاتل من اجل قيام الإنتخابات وليس تأجيلها، ويرى أن المفوضية ليست مشكلة أنها مجرد أداة وليست الإنتخابات كلها وأن المشكلة في عدم الوعي وغياب التفكير الإستراتيجي، ويستغرب للدعوة لقيام الإنتخابات في الجنوب الأقل تأهيلا وامنا ولا تقام في الشمال الأكثر مقدرة، ويرى أن أكبر عيوب هذه الإنتخابات هي كثرة المستقلين وبروز الإنتخاب القبلي.