تعرضت طائرة مصرية من طراز بوينج (737) الأحد الماضي داخل مطار الخرطوم لحادث اصطدام (احتكاك) مع سيارة تموين مياه، احتكت بأسفل الطائرة من المؤخرة، وكان على متنها (09) راكباً، وعزا اللواء أبوبكر جعفر مدير الطيران المدني الحادث الأخير، وقبله حادث اصطدام طائرتي الخطوط الجوية السعودية، والخطوط المصرية داخل المطار أيضاً، الى ضيق مساحة الحركة داخل المطار.. وما هي أسباب هذه الحوادث التي تقع داخل مطار الخرطوم؟ وما هي أسباب حوادث الطائرات بصفة عامة؟ وكيف يتم التعويض في مثل هذه الحوادث؟ التحقيق التالي يبحث هذه القضية. ------------------------------------------------------------------ الثقة والإهمال حوادث الطيران التي زادت معدلاتها في الآونة الأخيرة تشير الإحصاءات بحسب تقارير رسميه أن (51%) منها فقط تعود أسبابها لخلل تقني أو عطل فني.. و(58%) منها فترجع للأخطاء البشرية. فهل هذه الأخطاء ناتجة عن جهل بالقانون أو ضعف في تطبيقه؟ أو للإهمال؟ أم لعدم القدرة على التصرف السليم لضعف التدريب؟ وهل القوانين كافية للمحاسبة؟.. وكيف تتم التعويضات عند وقوع الحوادث خاصة إذا حدثت خسائر في الأرواح؟.. هل يكون التعويض عن طريق التأمين فقط أم أن القانون المحلي والدولي أقر بتعويضات أخرى؟ وبحسب دراسة أُجريت حديثاً أن من بين (83) طائرة أُختيرت عشوائياً انتهى التحقيق الى أن (18) حادثة كانت بسبب الإهمال وضعف الملاحظة. و(16%) بسبب الثقة الزائدة بالنفس أو ما يعرف ب (الزهو).. وأجملت الدراسة نتائجها في أن (59%) من الحوادث حسب الإحصاءات يرجع الى الأداء الضعيف ومخالفة طرق الملاحة السليمة أو الإهمال. وأشارت الدراسة أن عوامل أخرى مسببة للحوادث هي الخوف الشديد والهلع الذي يشل القدرة على التصرف السليم عند وقوع الحادث وعدم التصرف السليم لإنقاذ الموقف، وقد يدخل في ذلك نقص التدريب الذي يزيد من قدرات الطيارين على التصرف السليم. ومن خلال قراءتنا لإحصائية حوادث الطيرات التي وقعت خلال العامين الماضيين نجد أن معظمها ناتج عن الإهمال أو عدم حسن التصرف.. ففي العام 6002 وقعت أكثر من عشر حوادث معظمها ناتج عن الإهمال والثقة الزائدة والقليل منها ناتج عن خلل فني أو عطل مفاجئ. وفي العام 7002م كان أهمها حادث اصطدام الطائرة المصرية بطائرة سعودية أثناء تحركها للإقلاع وهذه الحادثة وبتأكيد من مدير السلامة الجوية بالطيران المدني أن أسبابه غير مبررة مما يعني أنه ناتج عن الإهمال وعدم الإكتراث - بحسب نتائج التحقيقات الأولية. قوانين التعويضات إذن، كيف ينظر القانونيون الى الإجراءات القانونية التي تتبع في حالة وقوع حادثة طيران؟ وهل التعويضات مجزية للمتضررين؟ وهل يتم الإحتكام للقوانين الدولية أم نكتفي بالقوانين المحلية؟ تحدث أولاً «شكري محمد داؤود» المحامي مفنداً قانون الطيران المدني مقارنة بالقوانين الدولية التي وقَّع عليها السودان مبيناً أن قانون الطيران المدني للعام 9991م يطبق على الطيران المدني في إقليم الدولة على المطارات والطائرات المدنية وطائرات الجمارك والشرطة. ونصت المادة (4) صراحة أن تطبق أحكام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت لها أو ستنضم لها مستقبلاً ونص صراحة على تطبيق أحكام اتفاقية وارسو والمعدلة في اتفاقية لاهاي العام 5591م وقواعد النقل الدولي الموقعة في مونتريال 9991م. وقال: قانون الطيران المدني تحدث عن التعويض في الفصل الحادي عشر عن المسؤولية التعاهدية للنقل الجوي وتحديد مسئولية النقل الداخلي والخارجي. ففي المادة (321) تنص على أن مشغِّل الطائرة مسئول عن التعويض واعتبر أن المالك أو المستأجر المسجل باسمه الطائرة مشغل للطائرة. وأشار الى أن القانون لم يحدد مبالغ للتعويض ولكن اتفاقية وارسو حددت قيمة التعويض.. وقررت الاتفاقية مسئولة الناقل مبلغ (571) فرنكاً تجاه كل راكب إذا كانت إصابة أو وفاة ونصت في المادة (22) دفع المبلغ دفعة واحدة.. ولكنها تركت الأمر للمحكمة المحلية إذا كان القانون الوطني يسمح بدفعها على أجزاء. وأشار الى أن بروتوكول لاهاي المعدِّل لاتفاقية وارسو رفع قيمة التعويض الى (052) ألف فرنك والسودان مصدق على اتفاقية وارسو وبروتوكول لاهاي واعتبره كقانون مما يعني يجب التعامل معه، مبيناً أن الفرنك مقصود به الفرنك الفرنسي ومعروف بالفرنك وان كاري ويوازي (5،56) مليغرام من الذهب عيار (00،9) وعند التعويض يتم تحويله الى العملة المحلية في البلد المعني. بروتوكول لاهاي وقال: حتى الآن معتمدين في قضايانا من خلال تعاملنا مع قضايا حوادث الطيران على بروتوكول (لاهاي) رغم أن القانون اعتمد بروتوكول (مونتريال) كأحد القوانين المطبقة. وقال كواقع حتى الآن لا توجد سابقة نفذت التعويضات بموجب ما حددته الاتفاقيات الدولية ومعظمها غطاها التأمين مؤكداً أنها لم تدخل المحاكم مشيراً الى أنه إذا حلت بالتوافق بين الطرفين لن تصل المحاكم. وحول المدة التي يمكن أن تسقط فيها تعويضات المتضررين قال: بحسب اتفاقية وارسو فإن المدة المقررة لسقوط التعويضات عامان من زمن وصول الطائرة لمطار الوصول أو اليوم الذي حدد فيه الوصول فإن لم تتم المطالبة بعد هذه المدة فالحق يسقط تماماً. أما قانون الطيران المدني فقد حدد في المادة (23) ثلاث سنوات من وقوع الحادث. التأمين على الركاب أما فيما يختص بالتأمين على الركاب أو الأمتعة فقانون الطيران المدني نص على إلزامية التأمين وحدد الضمانات اللازمة. وألزم مشغِّل الطائرة أن يؤمِّن لتغطية مسئوليته عن الأضرار التي تصيب الركاب والأمتعة أو التي يسببها الحادث وأن يكون لدى الشركة تأمين شامل. ويمكن الاستعاضة عن التأمين ببعض البدائل مثل إيداع مبلغ نقدي في خزينة الدولة المسجلَّة فيها الطائرة أو تقديم كفالة من مصرف مصدق له في الدولة أو كفالة من الدولة. وأبان أنه في السودان لا نتعامل بهذه البدائل وملزمين بالتأمين، وأشار الى أنه فيما يتعلق بتعويضات الأمتعة عن طريق الشحن الجوي فإنه معروف عالمياً يتم التعويض بقيمة الأمتعة وليس بوزنها ولكن بشرط أن يفصح صاحبها عن قيمتها ويدفع رسوم مقابلها وإذا فقدت يتم التعويض بذات القيمة وإن قلَّ وزنها وتكون السلعة تحت إشراف ورقابة الناقل. أما إذا لم يفصح صاحبها عن قيمتها فتعامل معاملة البضائع والأمتعة العادية وقد حددت اتفاقية وارسو قيمتها ب (052) فرنكاً للكيلو جرام وتم تعديلها الى (005) فرنك في اتفاقية لاهاي وأشار الى أن قانون الطيران المدني لم يحدد قيمة واستند إلى الاتفاقيات الدولية. القانوني «محمد بن إدريس» المستشار القانوني السابق للخطوط الجوية السودانية حدثنا حول كيفية تحديد تعويضات المتضررين من حوادث طائرات سودانير مبيناً أنه عند وقوع حادث يتم تكوين لجنة للنظر في التعويضات والمطالبات للمتضررين من الحادث ونعتمد على لائحة بقانون الطيران المدني خاصة بالتعويضات التي تعتمد التأمين في التعويض، مشيراً الى أن اتفاقية وارسو أقرت بأنه إن كان الحادث وقع داخل البلد المعني فيحدد التعويض وفقاً لقوانين الدولة وبما أن لائحة قانون الطيران المدني اعتمدت التأمين فكانت اللجنة المختصة تقرر التأمين لتعويض المتضررين. وقال: في حادث طائرة بورتسودان التي سقطت وراح ضحيتها كل ركاب الطائرة عدا الطفل المعجزة فكان التعويض (1،75) ألف دولار مقابل كل شخص وكانت مجزية لكل المتضررين