في عام 2008م سقطت ثلاث طائرات روسية، وأعقب هذه الفواجع إصدار رئيس الجمهورية لثلاثة قرارات، اولاً: إقالة مدير الطيران المدنى وقتها، وثانياً: منع طائرات الانتينوف واليوشن من الطيران فى السودان سواء أكان ذلك فى مجال نقل الركاب أو الشحن الجوى، وثالثاً: قرار بالتحقيق في حوادث هذه الطائرات المتكررة، والسؤال الآن كيف تم تجاوز قرارات الرئيس؟ وكيف عادت هذه الطائرات للطيران مرة أخرى وثالثاً: ولماذا لم يجر تحقيق فى حوادث هذه الطائرات المتكررة؟ بل هب انه جرى أين مخرجاته وتوصياته والمحاسبات التي تمت على ضوئه، وما هي على وجه التحديد مسؤولية الأطراف المعنية بهذه الحوداث سواء أكانت الشركات المالكة لهذه الطائرات أو سلطات الطيران المدنى أو الاحوال الجوية أو الاعطال الفنية؟ فللأسف اصبحت الطائرات تسقط ويذهب الناس لسرادق العزاء للترحم على أرواح الضحايا، وتبقى المسؤولية معلقة على «القضاء والقدر»، ويطوي فراش العزاء ومعه القضية حتى سقوط طائرة اخرى، وهكذا دواليك تتكرر الفواجع والمشاهد المصاحبة لها، ولكن هذا القدر المحتوم لا يقلل من حجم فواجع سقوط الطائرات سواء أكان ذلك لاسباب عسكرية أو لسوء الاحوال الجوية أو لخلل فنى أو قضاءً وقدراً، ففى كل الاحوال النتيجة واحدة، و «إنا لله وإنا إليه راجعون». سقوط الطائرة رقم «13» بتلودي، يجعل من السودان بحق مقبرة للطائرات، ومكباً للنفايات الروسية، فهذه الطائرات من طراز اليوشن وانتينوف خرجت من الخدمة فى بلادها منذ عشرات السنين، وهى طائرات قديمة من موديلات الستينيات «خردة»، وانتهى عمرها الافتراضى، وتفتقر الى أبسط معدات السلامة والملاحة الجوية، وحتى لو وجدت فهى قديمة وقراءاتها غير موثوق بها، كما أنها لا تتوافق مع أجهزة توجيه الطائرات الحديثة الموجودة فى المطارات. وهذه الطائرات لا يستطيع قيادتها الا الطيارون الروس الذين تجاوزوا ساعات الطيران المحددة لكل طيار طيلة حياته المهنية، ولا نعلم ان كان يوجد طيارون آخرون يقودون مثل هذا النوع من الطائرات. وبافتراض أن قانون السلامة للطيران المدنى لسنة 2012م، قد الغى قرار رئيس الجمهورية القاضى بايقاف الطائرات الروسية، فهل استوفت هذه الطائرات الشروط الواردة فى قانون سلامة الطيران المدنى لسنة 2010م، حيث احتوى القانون وحدد مسؤولية هيئة الطيران المدنى فى الاشراف على أنشطة وعمليات الطيران المدنى ومرافق النقل الجوى وتأمين سلامة الطيران وأمن الطيران وصلاحية المهابط والمطارات، الفقرات أ، ب، ج من المادة «1» والمادة «4» تطبق أحكام القانون، وهو قانون ملزم لسلطة الطيران المدنى للالتزام باتفاقية شيكاغو لسنة 1944م والبروتكولات الدولية وقواعد النقل الجوى الموقعة فى مونتريال بكندا، وألزم القانون الدولة بتطبيق هذه البروتكولات والاتفاقيات الدولية على كل الطائرات والمركبات الهوائية فى الاقليم سواء أكان للطائرات التى تطير فى السودان داخلياً أو تعبر الحدود الى دول أخرى، فهل استوفت هذه الطائرات شروط التسجيل وشهادة صلاحية الطيران؟ وهل تم فحص هذه الطائرات للتأكد من صلاحيتها؟، وهل لديها تصريح بالطيران لهذه الرحلة؟ ومن هى الجهة التى أصدرت التصريح؟، وهل تم تحديث وسائل السلامة الجوية فى هذه الطائرات؟ وهل تم الترخيص للطاقم الأجنبي؟ ومن هى الجهة التى قامت بالاختبارات النظرية والعملية المقررة.؟ اسئلة عديدة تنتظر الاجابة عليها. استقالة السيد مدير الطيران المدنى لا تعفيه من المسؤولية، فهذه الاستقالة يجب أن تكون مدخلاً للتحقيق والمساءلة والمحاسبة، وهو أمر أعلن المدير انه مستعد له، وأنه يتحمل نتائج الكارثة، فهل يستطيع اعادة الحياة ل «31» شخصاً بينهم مسؤولون كبار فى الدولة ذهبوا ضحايا لفشل إدارة الطيران المدنى فى القيام بواجباتها والاضطلاع بمسؤولياتها؟ وكيف سيتحمل نتيجة مخالفته لقرارات رئيس الجمهورية؟ إنها جريمة تستوجب المحاكمة، وعلى السيد رئيس الجمهورية أن ينشئ مكتباً لمتابعة تنفيذ قراراته وتوجيهاته للجهاز التنفيذي. وهناك عشرات القرارات التي أصدرها السيد رئيس الجمهورية ولم تنفذ.