الخلاف المحتدم بين الأطراف المعنية بأزمة الألبان الجافة رفع بالملف الى رئاسة الجمهورية بعد أن أعيا الحل القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء. وكانت الأزمة وصلت الى طريق مسدود في أعقاب قرار من وزير الدولة بوزارة التجارة الخارجية السميح الصديق نسخ بمقتضاه قرار جيمس كوك وزير التجارة بحظر استيراد الألبان الجافة الى أن توحد إدارة الجمارك نسبة الرسوم الجمركية المفروضة على اللبن كامل الدسم (52%) ومنزوع الدسم (3%) على أن لاتتجاوز الموحدة على النوعين سوياً (51%). الخلاف بين الوزير ووزير الدولة رُفع الأسبوع الماضي الى القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء وتمسك خلاله المسؤولان الرفيعان بالوزارة بوجهة نظريهما المختلفة. هذا الخلاف دفع إدارة الجمارك الى الإحجام عن تنفيذ قرار الوزير كوك والاتفاق مع السميح بأنه لا مبرر موضوعي للحظر ولا مسوغ فني لتوحيد الرسوم الجمركية. وقال اللواء سيف الدين عمر سليمان مدير الإدارة العامة للجمارك إن إدارته لم تنفذ قرار الوزير لأنه لم يمر إليها عبر القطاع الاقتصادي. ويضيف ل «الرأي العام» أن الجهات ذات الصلة بالأمر رفعت رأيها للقطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء باعتبار أن قرار الحظر يجب أن يصدر من مجلس الوزراء، وحذر من أن (أي قرارات تصدر عقب إجازة الميزانية ستخلق نوعاً من الربكة في الموازنة) يقصد التقديرات والربط الذي أعدته الإدارة لميزانية هذا العام. وتوقع سيف الدين أن يصدر قرار خلال الأيام القادمة من مجلس الوزراء يحسم هذا الخلاف. وتعترض شعبة التجار بالغرف التجارية على حظر استيراد الألبان الجافة بكامل أنواعها كاملة ومنزوعة الدسم باعتباره قراراً غير سليم ويتعارض مع سياسة التحرير الاقتصادي. وقال حاج الطيب الطاهر رئيس الشعبة إن قرار وزير التجارة الاتحادي جيمس كوك الأخير غير موفق تماماً. ويؤكد الطاهر في حديثه ل «الرأي العام» أن قرار الوزير غير مبرر لأنه لا يمكن أن تساوي في الرسوم الجمركية بين كامل الدسم المقررة ب (52%)، ومنزوعة الدسم المقررة ب (3%) لوجود فرق كامل بينهما باعتبار أن كامل الدسم يستخدم في الغذاء أوالشراب المباشر فيما يتم استخدام منزوع الدسم في الصناعات المختلفة. ويضيف حاج الطيب: نؤيد سياسة حظر الاستيراد للألبان لكن بعد أن تبدأ عمليات توفير الكميات المحلية التي تغطي حاجة الاستهلاك وضمان كفايتها التي قال إنها لا تتم إلاَّ بعد تهيئة الحظائر والماشية ومضاعفة المنتج المحلي وجودته، مشيراً الى أن حظر استيراد الألبان في الوقت الحالي يحدث نوعاً من الفوضى في أسعارها وزيادتها بصورة غير مبررة. ويقول قنديل ابراهيم مسؤول ملف الاتفاقيات الدولية باتحاد أصحاب العمل إن الحديث حول حظر استيراد الألبان الجافة في الوقت الحالي يتعارض مع سياسة التحرير التي بدأت الدولة تنفيذها منذ العام 2991م. وأوضح أن القرار القاضي بالحظر ربما يقصد منه وزير التجارة الإيقاف المؤقت لحين ضبط عمليات استيراده خاصة التعريفة الجمركية. ويضيف قنديل في حديثه ل «الرأي العام» أن الحظر يجب أن تسبقه دراسة متأنية لموقف المنتج المحلي والكميات المتوافرة من الألبان حالياً، مبيناً أن قرار الحظر يعني التزام الجهات المعنية بالأمر لوضع كميات كبيرة دون اللجوء للاستيراد لأي أنواع من الألبان سواء أكانت كاملة أو منزوعة الدسم. وتؤكد مصادر بوزارة التجارة الخارجية أنه تم رفع توصية للقطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء لتحديد رؤيته بشأن الإبقاء على الحظر أو إلغائه. وانتقدت المصادر الخلاف الحاد بين الوزير الاتحادي ووزير الدولة حول حظر الاستيراد من الاول وإلغائه عبر الثاني، وتضيف انه كان يفترض أن تتم مناقشة هذا الموضوع بعيداً عن الإعلام حتى يُحسم بصورة نهائية. ويؤيد بعض المعنيين بأمر المصانع قرار الحظر لاحتجاجهم على فرض نسب غير متساوية للنوعين كامل ومنزوع الدسم. ويقول صاحب مصنع للألبان -فضل حجب اسمه - إن قرار وزير التجارة الخارجية جاء إنصافاً للمستوردين وأصحاب المصانع لتضررهم من عدم التساوي في الرسوم الجمركية التي تتراوح بين (3%) الى (52%). لكن محمد أبوالحسن - تاجر في مجال صناعة الألبان- يوضح ان قرار وزير الدولة بإلغاء حظر الاستيراد هو السليم لعدم وجود أسباب منطقية للحظر. ويقول إنهم يعكفون على إعداد شكوى تفيد بعدم موافقتهم على تساوي الرسوم بين النوعين كامل الدسم ومنزوع الدسم. ويقول الفريق صلاح الدين أحمد الشيخ -الخبير الاقتصادي: «من ناحية قانونية من حق سلطات وزارة التجارة الخارجية حظر ما تراه ولكن بعد التشاور مع الجهات ذات الصلة». واصفاً قرار حظر الألبان بأنه يتعارض مع قانون الاستثمار، منوهاً أن للإستثمار السيادة على بقية القوانين الأخرى.. وأردف أن بعض القرارات قد تخرق قانون الاستثمار. ويطالب الشيخ المسؤولين والوزراء بعدم إصدار قرارات ضد مصلحة المواطن وحياة الناس، ويحذر من استياء المستوردين «وهم الآن يشتكون من ارتفاع أسعار الدولار في السوق الرسمي». ويوضح أن مناخ الاستثمار في هذه الأيام غير مريح، وقد يقود لهروب المستثمرين والمستوردين من السوق والاتجاه لمعالجات أخرى خاصة ان رؤوس الأموال ملكهم وحدهم. وأكد عدد من المسؤولين بقطاع التجارة ان قرار الحظر تضررت منه شريحة المستوردين، وأن المستوردين غير مجبورين على الاستيراد، وهذه القرارات قد تجعل مستوردي الألبان يلجأون لتغيير مسارهم في هذا المجال، ويقول إذا تُرك قرار حظر الألبان سيؤدي لخلق نوع من الفساد في الألبان.
