بعد مرور أكثر من (43) عاماً حرك الجانبان السوداني والسعودي اتفاقية كنز البحر الأحمر التي وقعت في عهد الرئيس السابق جعفر نميري في العام 4791م للاستفادة من المعادن المطمورة في المنطقة المشتركة بالبحر الأحمر وهي تشمل الذهب والفضة والنحاس والزنك وغيرها من المعادن. ودخل الجانبان في مباحثات استمرت لمدة ثلاثة أيام توجت أمس بعد زيارة تعتبر الأولى من نوعها لوزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن ابراهيم النعيمي للسودان لإحياء هذه الاتفاقية التي لم تستمر بعد توقيعها إلا بضع سنوات تمخضت عن إنشاء شركة سعودية سودانية للاستثمار في ثروات البحر الأحمر وتم تعيين سوداني مديراً لها، ويرى عدد من الخبراء ان الاتفاقية لم تستمر بسبب خلافات بين حكومتي البلدين آنذاك وتوقف التمويل من الجانب السعودي حسب ما جاء في الاتفاق الأول الذي نص على أن تقدم الحكومة السعودية التمويل على أن يسترد لاحقاً من عائدات الاستثمارات. ويرى الجيولوجيون أن الدراسات في تلك المنطقة التي تسمى (بالبقعة الحمراء) التي تم تحديدها عن طريق الموجات الصوتية وتتكون من خمس مناطق، وشكك هؤلاء الجيولوجيون في إمكانية التعدين في هذه المنطقة لارتفاع تكلفة الاستثمار فيها قياساً على استثمارات داخل الخليج العربي وبحر المانش نسبة لوقوع هذه المعادن على عمق يتراوح ما بين (2000) الى(3) آلاف قدم تحت سطح البحر الى جانب صعوبة العمل في قاع البحر الأحمر لوقوعه داخل الأخدود الإفريقي العظيم والطبيعة غير المستوية إلا أنهم توقعوا عائدات أكبر نسبة لوجود احتياطيات كبيرة من المعادن في المناطق الخمس رغم التكلفة العالية. ويدخل البحر الأحمر ضمن الأطر المهمة للأمن القومي العربي، فهو يدخل ضمن اهتمامات الأمن القومي الإسرائيلي وترمي اسرائيل لتطويق الدول المطلة عليه كما يدخل في البحر في ظل حرص اسرائيل على تطوير ونشر قطع بحرية. ووفقاً للاتفاقية المحددة أمس سيتم الشروع في التنقيب بمنطقة (إطلانتيس2) من خلال تشكيل وتكوين لجنة عليا للإشراف على هذا العمل وتكوين لجنة فنية تقوم بإجراءات الدراسة للجهات المتقدمة للاستثمار والاتفاق معها ووضع شروط تتماشى مع قوانين البلدين في مجالات الثروة المعدنية ومواصلة الاجتماعات بين البلدين في الأيام المقبلة، كما تم الاتفاق بين الجانبين للدخول أيضاً في مواقع أخرى. وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي بن ابراهيم النعيمي الذي يزور السودان لأول مرة التقى وزيري المالية والطاقة في مكان إقامته بفندق السلام روتانا، وأكد في تصريحات صحافية أن وزارته جاهزة للدخول في التنقيب عن المعادن متى ما وجدت. ووصف المرحلة الحالية بأنها مرحلة جني ثمار تلك الأعمال التي بدأت قبل (43) عاماً من خلال إتاحة الفرصة للقطاع الخاص لاستخراج واستغلال الثروات المعدنية من البحر الأحمر، وقال إن نتائج اللقاء ستسهم في زيادة أواصر التعاون في مجال الاستثمارات التعدينية من خلال الاستغلال الأمثل لثرواتنا المعدنية المشتركة ونقل التقنيات الحديثة في مجال التعدين البحري.