مع اقتراب موعد انفصال الجنوب عملياً في التاسع من يوليو المقبل ، ارتفعت وتيرة الاهتمام بالبحث عن بدائل لاستيعاب المرحلة بتوفير بدائل سريعة كتوسيع المظلة الضريبية وزيادة النفط المنتج بالشمال، واخرى تتطلب برنامج عمل كزيادة الصادرات غير البترولية وتشجيع الاستثمار، وفى هذا السياق برز اتجاه لإلغاء وزارة الاستثمار واستبدالها بهيئة تنفيذية تتبع للمجلس الأعلى للاستثمار، وحظى هذا الاتجاه بردود افعال متباينة بين مؤيدة ورافضة او متحفظة، بينما أعلن اتحاد اصحاب العمل السودانى ترحيبه بإلغاء وزارة الاستثمار واستبدالها بهيئة تنفيذية تتبع للمجلس الأعلى للاستثمار الذى يترأسه رئيس الجمهورية، وأكد الخبراء ان الاستثمار فى البلاد ليس فى حاجة الى هياكل ادارية سواء وزارة او مجلس أعلى ، وانما فى حاجة الى سياسات واضحة ومشجعة للاستثمار الملبى للطلب وليس العرض، فيما تحفظ آخرون على هذه الخطوة ووصفوها بالانتكاسة للاستثمار بالبلاد. وقال سمير أحمد قاسم - أمين أمانة السياسات باتحاد اصحاب العمل، ان الغاء وزارة الاستثمار انهاء للازدواجية وتضارب الصلاحيات، وتسريع وتبسيط الاجراءات . واضاف سمير: المجلس الاعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية، يهدف الى تهيئة مناخ الاستثمار وازالة كل القيود والقوانين المتضاربة، وجذب الاستثمار، وبالتالى كل الصلاحيات فى مجال الاستثمار آلت لهذا المجلس، وتابع : «نعتقد انه طالما هنالك مجلس اعلى للاستثمار ينبغى ان تدمج فيه وزارة الاستثمار منعاً للتعارض، ولذلك نحن نؤيد الغاء وزارة الاستثمار كونه يلغى الازدواجية والتضارب ويسهل الاجراءات، وهنالك ترتيبات لاصدار قانون جديد للاستثمار يهدف الى تسريع الخطى وتبسيط الاجراءات، حيث حدد القانون الجديد الذى شارك اتحاد اصحاب العمل فى صياغته مدة عشرة ايام فقط للحصول على التصديق للمشروع الاستثماري». وطالب سمير فى حديثه ل( الرأي العام ) بتبنى سياسات واضحة بشأن الاستثمار، واسناد ادارته لكوادر مؤهلة ومدربة لتنفيذ هذه السياسات بجانب سرعة اتخاذ القرار بشأن مشاكل الاراضى بين المركز والولايات. وأوضح سمير المزايا التى يحققها الغاء وزارة الاستثمار وتنعكس مباشرة على اصحاب العمل وتتمثل فى ازالة الازدواجية فى الصلاحيات، وتسريع الاجراءات، ومعالجة مشاكل الاراضى، وتحديد ارباح الاستثمار واشراك القطاع الخاص فى الترويج للاستثمار ووضع السياسات المتعلقة بالاستثمار. وتوقع سمير ان يسهم الغاء وزارة الاستثمار واصدار القانون الجديد فى جذب مزيد من الاستثمارات الاجنبية والمحلية لاستغلال الفرص المتاحة في مجالات الخدمات والزراعة والصناعة. لكن الأستاذ عبد الرحيم حمدى - وزير المالية السابق - تحفظ عن الادلاء برأيه حول الاتجاه الرامى لالغاء وزارة الاستثمار واستبدالها بهيئة تنفيذية تتبع للمجلس الأعلى للاستثمار. وقال في حديثه ل(الرأي العام) لا تعليق، لكن حمدي انتقد قانون الاستثمار الجديد وطالب بمراجعته حتى لا تحدث انتكاسة في مجال الاستثمار بالبلاد. وفى سياق متصل أكد د.عثمان البدرى الخبير الاقتصادى المعروف أن مشكلة الاستثمار فى البلاد ليست فى الهياكل الادارية باستحداث وزارة للاستثمار او الغائها وتحويل صلاحياتها الى المجلس الاعلى للاستثمار، وإنما المشكلة فى السياسات الخاصة بالاستثمار حيث لاتوجد سياسات واضحة تسعى الى تحقيق اهداف بعينها كحل مشكلة البطالة وسط الخريجين او محاربة الفقر او تأمين الغذاء ، او من اجل الطلب وسد الفجوة عبر هذا الطلب، بل الاستثمار يقوم على العرض بمنح الحوافز التشجيعية للمستثمرين من اعفاءات جمركية وضرائبية ومنح الاراضى مجانا لمشروعات فاشلة او اثبتت فشلها نتيجة عدم تنفيذها او لجوء المستثمر للاستفادة من الحوافز فقط ومن بعد يقوم ببيع الارض للمواطن السوداني. واضاف د.البدرى فى حديثه ل(الرأي العام) لابد من سياسات واضحة تجاه الاستثمار بالبلاد ،وعدم الانشغال بالهياكل الادارية هل هى وزارة ام مجلس المسؤول عن الاستثمار وأردف : ( الموضوع ليس موضوع وزارة او مجلس او مفوضية، وانما الموضوع هل للدولة خطة استثمارية تستجيب للطلب وسد الفجوة؟ ام هو مجرد عرض للحوافز الاستثمارية التى يستفيد منها المستثمرون فقط وتفقد الدولة موارد وايرادات جمركية وضريبية بدعوى الاستثمار).