يوغندا ظلت جزءاً من السودان طيلة قرن من الزمان.. التصريحات اليوغندية (طُعم) من المحكمة الجنائية للدول الإفريقية التي تعارض المحكمة العلاقات بين البلدين متوترة طيلة (25) عاماً ومن واجب الحركة الشعبية تحسينها خدمة (smc): مرت العلاقات السودانية اليوغندية بأطوار مختلفة مابين التوحد والاختلاف في المواقف، فقد سبق وان احتضنت يوغندا المتمردين في جنوب السودان طيلة سنوات التمرد، ولكن بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل لم تكن بعيدة فقد ظلت توالي حكومة الجنوب نوعاً من الصداقة التي تشكلت في وجود اليوغنديين بصورة كبيرة في جنوب السودان. وفي الوقت الذي أعلنت فيه الدول الإفريقية وقوفها مع السودان قلباً وقالباً في اجتماعات الإتحاد الإفريقي، تفاجأ الجميع بموقف وزير الدولة بالخارجية اليوغندي الذي أعلن وقوف بلاده مع قرار الجنائية على خلفية زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلي كمبالا. المركز السوداني للخدمات الصحفية جلس في حوار الصراحة والوضوح حول واقع ومستقبل العلاقات السودانية اليوغندية إلى الأستاذ الدكتور حسن علي الساعوري أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين ورئيس الجمعية السودانية للعلوم السياسية فإلى مضابط الحوار: في البدء أعطنا خلفية تاريخية عن العلاقات السودانية اليوغندية؟ تعتمد الخلفية التاريخية على علاقات البلدين على ركنين أساسيين، أولهما أن شمال يوغندا في زمن الحكم التركي كان جزءاً من السودان التركي في ذلك الوقت، حيث كانت حدود المديرية الاستوائية في بحيرة فكتوريا، بمعنى آخر أن يوغندا في الأصل في نهاية القرن التاسع عشر كانت جزء من السودان التركي. ومعروف أنه أثناء الثورة المهدية الجزء الذي لم يكن تحت تصرف الثورة المهدية هو الإقليم الاستوائي (المديرية الاستوائية) إلى أن أصبح السودان ويوغندا تحت الحكم البريطاني منذ عام 1888م و حتى العام 1960 – 1961م، مما يعني ان السلطة في يوغندا والسودان ظلت سلطة واحدة طيلة قرن من الزمان. فقد كانت السلطة التركية ومن ثم العثمانية وبعد ذلك أصبحت السلطة البريطانية، والركن الثاني في هذه العلاقة ان الثورة الجهادية التي واجهت بريطانيا في كرري تكررت كذلك في شمال يوغندا بقبائل مسلمة، وهي التي جاء منها الرئيس عيدي أمين الرئيس الأسبق ليوغندا. كما أن هنالك رابط بين البلدين وتداخل قبلي، والإقليم على الحدود استوائي مما يجعل طبيعية البلدين واحدة. ألا ترى أن علاقة يوغندا بجنوب السودان أصبحت أقوى من علاقاتها بحكومة الشمال؟ هذا واضح أن علاقتها مع حكومة الجنوب علاقة حميمة، ويوجد تعاون واسع بينهم. والتعامل والتبادل السلعي بين يوغندا وجنوب السودان أكبر من تعاملها مع حكومة الشمال، وجاء ذلك نتيجة التداخل السكاني، كما أن العلاقة بين يوغندا وحكومة الجنوب بدأت بين قرنق زعيم الحركة الشعبية وموسيفني الرئيس اليوغندي عندما كانا صديقي دراسة، وكلا الشخصيتين كان فكرهما تحرري يساري ماركسي، لذلك عندما قام التمرد في الجنوب بقيادة جون قرنق وجد دعماً كبيراً قبلي وقد يكون دعم حكومي، فقد سمح للمتمردين بقيام المعسكرات، وقد يكون سمح لهم الرئيس اليوغندي بالاستثمار داخل يوغندا. ماهو مغزى الحكومة اليوغندية من مناصرة محكمة الجنايات الدولية؟ يوغندا من الواضح أنها مورست عليها ضغوط أوروبية، فقد سبق أن أوكامبو زار يوغندا وتناقش مع الرئيس اليوغندي. برأيك لماذا كانت تلك التصريحات المعادية للسودان والمؤيدة للمحكمة في هذا الوقت بالذات وما دلالة ذلك؟ طبعاً التصريحات في هذا الوقت بالذات قد تعتبر مناورة، خاصة وانه كانت هنالك قمة في كمبالا حتى لا يتسنى للرئيس حضور ذلك الإجتماع، ولا أتوقع أن تكون هنالك محاولة لاعتقال الرئيس إذا ذهب للاجتماع، لكنها مناورة قد تتبعها خطوات من دول إفريقية أخرى، بمعنى آخر أنهم طُعم من المحكمة تريد من خلاله معرفة إلى أي مدى يمكن للدول الإفريقية ان تعارض قرار الاتحاد الإفريقي، فإذا واحدة من الدول استطاعت أن تكرر ذلك القرار قد تتبعها أخريات. ما تجني يوغندا من وقوفها ضد السودان؟ قد تكون مستفيدة من أوربا بإحدى الصور (ضغوطات) فإذا هي استجابت يكون هنالك مقابل، وهذا المقابل قد يكون دعم مادي أو سياسي أو غيره. هل تتوقع أن يقوم السودان بمعاداة يوغندا؟ طبعاً، لاسيما أن يوغندا تراجعت عن تصريحاتها وقالت إن هذا ليس رأي الحكومة فهو رأي الوزير. هل باستطاعة الحكومة السودانية التعويل على الاتحاد الإفريقي؟ إلى حد ما، فالاتحاد الإفريقي يضم الدول الإفريقية التي هي في الأصل دول ضعيفة أو فقيرة ولديها مشاكل يمكن أن تؤثر عليها داخلياً وخارجياً. انشقاق يوغندا من الاتحاد الإفريقي ألا يؤثر على الوحدة الإفريقية المتجسدة في الاتحاد الإفريقي؟ لا تؤثر على الوحدة الإفريقية إلا إذا تبعتها أخريات. هل الاعتذار للحكومة السودانية من الجارة يوغندا يعتبر كاف لتجاوز الموقف اليوغندي؟ من الممكن فالاعتذار المعلن أفتكر أنه كافي جداً. كيف تتوقع أن تسير العلاقات السودانية اليوغندية؟. العلاقة بين السودان ويوغندا لها أسس، فهي متأثرة بتمرد جيش الرب في يوغندا والجيش الشعبي في السودان، فقد كانت العلاقات متوترة طيلة ال(25) عاماً السابقة، فقد كانت يوغندا تساند التمرد في الجنوب، الآن التمرد في الجنوب توقف لكن يوغندا ظلت تساند الجيش الشعبي إلى الآن، فعدد كبير جداً الآن من اليوغنديين في الخدمة المدنية في الجنوب. لكن المشكلة الحالية الآن أن حكومة الجنوب حاولت أن تتوسط للوصول إلى سلام بين جيش الرب وحكومة السودان ولم تنجح، مما زال جيش الرب قوى، كما أن هنالك اختلاف على مياه النيل بين مصر والسودان من ناحية ويوغندا وكينيا وتنزانيا من ناحية أخرى حول حصص من مياه النيل، وحول الوصول إلى اتفاقية دولية بين الطرفين فقد ساند السودان مصر مساندة قوية ضد يوغندا، وهذا قد يكون سبب في تعكير العلاقات بين الطرفين. كما أن هنالك مجموعة مسلمة كبيرة في شمال يوغندا، قد تكون هنالك علاقة بينها وبين المسلمين في جنوب السودان. هل يمكن أن تسعى يوغندا لانفصال الجنوب؟ يوغندا من مصلحتها أن ينفصل الجنوب، لأن فيه ثروات بترولية، ويمكن أن يصدر البترول عبرها إلى ميناء ممبسا الكيني ، وقد يكون هنالك متنفس للعمالة اليوغندية داخل الجنوب، فهي قد لا تسعى لانفصال الجنوب لكنها تفضل ذلك. كيف يمكن تحسين العلاقات السودانية اليوغندية؟ من المفترض على الحركة الشعبية ان تقوم بتحسين علاقات السودان ويوغندا، لأن علاقتها مع يوغندا حسنة، وكثير جداً من قيادات الحركة الشعبية لديهم علاقات مع يوغندا، لذا من واجب الحركة الشعبية القيام بدور تحسين العلاقات بين البلدين.