المنطق والواقع يقول إن الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذه المرحلة ومع تنامي هواجس الإدارة الأمريكية تجاه إيران ومشروعاتها في المنطقة، يجب أن تكون هي الأحرص على كسب موقف السودان وتلقف استعداده للتعاون معها واستمرار وجود السودان في المعسكر الإقليمي العربي الصحيح، الذي يغلق بوابة أفريقيا أمام إيران . والمنطق والواقع أيضاً يقول إن المملكة العربية السعودية ودول الخليج يجب أن تكون قد أدت دورها الذي ينتظره منها السودان مع حليفها ترامب لضمان زوال هاجس العقوبات عن السودان، كأقل ما يمكن أن تقدمه هذه الدول الشقيقة من موقف مع حليف مخلص مثل السودان مشارك بجنوده في الخطوط الأمامية ضمن قوات التحالف، وظل سيفه في اليمن أصدق أنباءً من الكتب . وفي تقديري أن القياسات الصحيحة للأمور يجب أن تجعل السودان يقتصد الآن في التعبير عن رغبته الملحة من أمريكا لإصدار قرار رفع العقوبات في أكتوبر حتى لا يكون غاية ما نرجوه من ملف علاقاتنا مع الولاياتالمتحدة هو الوصول إلى محطة رفع العقوبات، بل تجاوزها منذ اللحظة نحو أهداف أبعد تضمن للسودان مكاسب حقيقية من علاقاته مع أمريكا في مرحلة ما بعد رفع العقوبات . العقوبات بحسب توقعاتنا سيتم رفعها في أكتوبر وستفي إدارة ترامب بتعهداتها ووعدها في هذه المرة، ليس حباً في السودان بل طمعاً في كسب موقفه بشكل كامل في ظل واقع معقد في المنطقة، وطالما أن الحكومة السودانية تتشبع الآن برغبة حقيقية في تطوير تعاونها المستقبلي مع الولاياتالمتحدة والاستفادة من هذا التعاون، فإن خططها يجب أن تتجاوز نقطة رفع العقوبات نحو الاستفادة من رغبة أمريكا في تقديم هذا الحافز للسودان . يجب أن يتحدث لسان السودان الرسمي الآن عن تعويض مستحق لبلدنا من الضرر الاقتصادي الذي أصابه طوال هذه السنوات، ويجب أن يركز لسان غندور على إبراز الأضرار الفادحة التي لحقت بالسودان جراء التصنيف والتعنيف الأمريكي لسمعته، والذي تسبب في توسيع نطاق العزلة عن العالم؛ لأن الكثير من دول العالم ظلت تبني علاقاتها وتعاونها مع الدول بحسابات علاقات تلك الدول مع الولاياتالمتحدة والمعسكر الغربي عموماً، وتعتبر أن اتهامات الولاياتالمتحدة للسودان أو غيره كافية بالنسبة لها لتجنب تطوير علاقاتها مع السودان، وبذلك وبحكم هذه الوضعية الخاصة للولايات المتحدة ولمواقفها من الدول في هذا العالم، نعتبر أن تصنيفها للسودان واتهامها له لم يكن ضرره على السودان محصوراً في حدود خسارة علاقاته مع دولة عظمى مهمة اسمها أمريكا، بل خسر وفقد جميع الفرص الدولية التي كان من الممكن أن تساهم في تخفيف المسافة الزمنية بينه وبين العالم المتقدم اقتصادياً وتنموياً . هذا هو الهدف الأبعد الذي يجب أن يتم التركيز عليه الآن، خاصة وأن كل المؤشرات تفيد برفع العقوبات في أكتوبر مهما فعل (عواطلية) الكراهية السياسية من السودانيين في أوروبا وأمريكا، وهتفوا يطالبون أمريكا بأن تبقي على حضانتها وأمومتها لمشروع معارضة لا يريدون أن يتحملوا لأجله ولا حتى لسعة شمس في قلب الخرطوم، وهم لا يعلمون أن الثورات الوطنية الحقيقية المحترمة لا يقود الشعوب الثائرة إليها المستر ترامب أو غيره إنابة عنهم . شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين. ////////