ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل محاولة عملية من الوساطة للوقوف على مدى جدية هذه الحركات للوصول إلى بداية حقيقية تدفع بمسيرة المفاوضات والسلام إلى الأمام ، وينتظر أن تشكل الخطوة المفاتيح الرئيسية لأجندة التفاوض بعد أن شهدت الفترة السابقة تعثراً بسبب خلافات الحركات حول من يمثل أهل دارفور بالدوحة. وبالمقابل شهدت ذات الفترة جهود مضنية من قبل الوساطة عبر المشاورات المكثفة لجهة توحيد تلك الحركات بغية الدخول إلى مفاوضات مباشرة مع الوفد الحكومي. الوساطة المشتركة عقد عدة اجتماعات منفصلة مع كافة الحركات المسلحة حاثة إياها تجاوز نقطة الخلاف حول التوحيد وسلمتها في نفس الوقت الوثيقة المكتوبة للإجابة عليها وفقاً للمدة المحددة.
ويرى المراقبون أن زيارة الرئيس البشير إلى الدوحة مؤخراً أعطت القيادة القطرية مؤشرات من شانها الدفع بتسريع بالمفاوضات القائمة بالدوحة على خلفيات الثقة الكاملة من السودان تجاه دور قطر في العملية السمية بدارفور. الحركات من جانبها دخلت في اجتماعات ماكوكية طوال اليوم على مستوى قياداتها العليا بغية التوصل إلى اتفاق داخلي حول الإجابات الممكنة التي تجنبهم غضب الوساطة ، وفى هذا المنحى يقول هاشم حماد السكرتير السياسي لحركة جيش تحرير السودان القوى الثورية أن مجموعة طرابلس تسلمت الورقة عبر اجتماع مع الوساطة وأن حركته دخلت في اجتماعات مكثفة على مستوى هيئة الرئاسة للإجابة على هذه الأسئلة رغم أن حماد لم يكشف عن نوعيتها إلا أنه قال إنها تتضمن نقاط من شانها تحويل مسار المشاورات الجارية بين الوساطة والحركات إلى منحى ايجابي يدفع بالمشاورات إلى مفاوضات مباشرة لكنه رجع وقال إنها لا تختلف عن رؤيتهم لتوحيد الحركات وإنها تتعلق بما يجرى من مشاورات واصطحاب ما يمكن للدفع بمسيرة التفاوض من خلال اتفاق إطاري لتحديد اتجاه المفاوضات تدفع به الوساطة بعد إجابة الحركات على الأسئلة. وابلغ عدد من قادة الحركات المسلحة (smc) أن الوثيقة من شانها الدفع بالعملية التفاوضية باعتبار أن الوساطة بذلت جهود مكثفة خلال الفترة الماضية لتوحيد الحركات للدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة السودانية. وقال احمد حسين ادم الناطق باسم حركة العدل والمساواة أن حركته تسلمت أسئلة محورية من قبل الوساطة مرتبطة بالعملية السلمية في مجملها بجانب رؤية الحركة للحل السياسي وتقدم العملية السلمية مضيفاً أن حركته تدرس حالياً الورقة وملتزمة بالرد حسب الوقت الممنوح. وفى اتجاه مواز قال عبد الله موسى مرسال الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان القوي الثورية أن مجموعتهم ( مجموعة طرابلس) جاهزة للتفاوض المباشر مع الحكومة متى ما طلبت الوساطة ذلك ويضيف أن مجموعتهم تحمل رؤية واضحة تجاه السلام وأنهم طرحوا مبادرة حول وحدة الحركات المسلحة للتوصل لاتفاق يرضى كل الأطراف، وحول طبيعة الأسئلة التي طرحتها الوساطة يقول احمد حسين إنها من نوع الأسئلة التمهيدية والمفتاحية التي توحي إلى بداية التفاوض بجانب مستقبلها مع التأكيد أنها مرتبطة بجدية الأطراف ورؤيتها حول العملية السلمية بدارفور عبر الحل السلمي لافتاً أن الوساطة ستؤسس برنامج تفاوضي بناءاً على ردود الحركات غداً السبت. ويبدو أن وصول عدد من القادة الميدانيين إلى ساحة التفاوض بعد أن طلبت الوساطة حضورهم شكل تأثيراً واختراقاً واضحاً في مسالة المشاورات بعد أن دخلوا في اجتماعات مكثفة مع الوساطة ، ويرى محللون أن القادة الميدانيون حملوا معهم مفاتيح اللعبة العسكرية التي تضاءلت في الميدان وانحسرت على ارض الواقع لجملة من الشواهد اجمعوها في التحولات التي حدثت بقضية دارفور بعد انتفاء عدد من الأسباب الواقعية المتمثلة في عودة النازحين واللاجئين وجهود العودة الطوعية التي تقوم بها الحكومة بجانب بسط الأمن في كثير من مناطق دارفور وخاصة مناطق العودة الطوعية بالإضافة إلى تأهيل وبناء مجمعات سكنية بتلك المناطق ، فالقادة الميدانيون أنفسهم رغم ابتعادهم من عدسات الكاميرات بالشيراتون إلا أنهم يحملون رؤية للحل السلمي من الميدان على الأقل لأنهم يدركون حجم حركاتهم ومدى وضعها في الميدان مقارنة ببعضها، وبالأمس قالت لي اللجنة الإعلامية لخارطة الطريق مجموعة أديس أبابا أن مجموعتهم تدين وبشكل كامل ما تقوم به حركة العدل والمساواة في جبل مون من دمار وتقتيل للمواطنين العزل، مضيفة أن الحركة تريد أن توجد لها موطئ قدم بفقدانها الأرض بعد اتفاق السودان وتشاد على تطبيع العلاقات وهذا ما قد ينطبق على الكثير من الحركات. ويبقى الأمل في مدى جدية الحركات في التوصل إلى حلول مرضية لقضية دارفور عبر الحل السياسي المطروح في الدوحة كواحدة من المنابر الموثوقة للتحاور وإبداء حسن النية كخطوة متقدمة تدفع إلى التوصل إلى الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة التي انتظرت كثيراً توحيد الحركات. وتبقى ورقة الامتحان قابعة في أيدي الحركات إلى حين قرع جرس الوساطة غداً معلناً انتهاء الوقت المحدد للإجابة على الأسئلة.