نفذت الأممالمتحدة أكبر عملية حفظ للسلام في تاريخها في السودان وذلك من خلال اتفاقية السلام الشامل التي تم التوقيع عليها بين شمال السودان( المؤتمر الوطني) وجنوبه (الحركة الشعبية) و التي من خلالها تم إيقاف أطول حرب أهليه في القارة الإفريقية، رغما عن الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن المنظمة الدولية فشلت في معظم مهامها وعمليات حفظ السلام في العالم عامة والقارة الإفريقية بصفة خاصة ويعتبرونها أصبحت مفتقدة للحياد بل أضحت مطية لتنفيذ أجندة الدول الاستعمارية عن طريق آلياتها والتي من أهمها مجلس الأمن الدولي، والآن الفترة الانتقالية التي أعقبت اتفاقية السلام في السودان توشك على نهايتها بحلول التاسع من يوليو 2011م، فقد أصبح الجدل محتدما حول مدى نجاح الأممالمتحدة أو فشلها في تنفيذ حفظ السلام في السودان وذلك ما بين مؤيد ومعارض ومتحفظ لدور الأممالمتحدة في السودان ونتائج ذلك وتأثيراته على سير الاتفاقية وإسقاطاتها على المجتمع السوداني . ومن خلال هذا التقرير يحاول المركز السوداني للخدمات الصحفية الإجابة على هذه التسأولات . السودان لم يعرف التدخل الأممي إلا بعد نيفاشا يجمع المراقبون على أن السودان لم يعرف التدخل الأممي الأجنبي بشكل واضح ومباشر إلا بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل الموقعة في العام 2005م بنيفاشا بين شمال السودان وجنوبه حيث أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بالرقم (1590) في 24 مارس 2005م بإنشاء بعثة للأمم المتحدة في السودان لدعم تنفيذ اتفاق السلام الشامل ، على أن تقوم هذه القوات بمهام معينة ترتبط بالمساعدة الإنسانية وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها ، وقد أتسع نطاق عملياتها بكفالة احترام وقف إطلاق النار ، وخطوط الفصل بين القوات وشملت وظائفها الإشراف على الانتخابات وتقديم المعونات والمساعدة في تحقيق المصالحات الوطنية ، ودارت الشكوك حول هذه القوات بأنها تقوم بأدوار استخباراتية في السودان، سيما بعد أن قررت الأممالمتحدة زيادة نشاطها في السودان وأنها لم تكتف بحفظ السلام في الجنوب والنيل الأزرق و أبيي فقد قرر مجلس الأمن الدولي في العام 2007م ضرورة وجود قوات في دارفور وكان ذلك بقرار من مجلس الأمن الدولي يحمل الرقم 1769 في 31 يوليو 2007م و ذلك بما عرف بالعملية الهجين والتي كانت على اتفاق ثلاثي بين الحكومة السودانية والاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة، وقد ثارت حولها الشكوك بأنها كانت تمد المحكمة الجنائية الدولية بمعلومات خاطئة وقد أوضحت الحكومة عدم رغبتها في البقاء على هذه القوات بعد إنهاء تفويضها وعبرت عن عدم رضائها بما تقوم به هذه القوات وأنها أًصبحت عبئاً على الحكومة وغير قادرة على حماية نفسها ويتضح ذلك من حديث أحمد إبراهيم الطاهر رئيس الهيئة التشريعية القومية عندما شن هجوماً لاذعاً عليها وذكر أنه لا مجال للتمديد لها أو إعادة ترتيبها وأضاف بأن هذه القوات سمعتها سيئة في القارة الإفريقية وذلك لأنها متهمة بممارسات الفساد المالي والأخلاقي وأشار إلى أن ذلك حدث في جنوب السودان وقال إن هذه القوات جاءت كي تضر بالسودان وقطع بأنها ستخرج فوراً حال انتهاء تفويضها في التاسع من يوليو 2011م. وجود القوات الدولية ليس في مصلحة السودان ويرى عدد من المراقبين أن وجود القوات الدولية لا يشكل أي مصلحة للسودان وإنما يخدم مصالح الدول الاستعمارية ، وقد ظلت بعثة الأممالمتحدة ترسل في كثير من الأحيان إشارات سالبة عن الوضع في السودان ،علما بأنها جاءت لحفظ السلام لكنها لم تقم بذلك وظلت أداة من أدوات المجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين، لكن الوجود العسكري الأجنبي معلوم أنه محكوم بمواثيق واتفاقيات حال ما انتهى تفويضها يصبح من حق السودان إبعادها عن أراضيه ، ولا يوجد ما يبرر وجودها. وقد ذكر المحلل السياسي د. محمد عثمان أبو ساق أن هذه القوات جاءت لتحفظ السلام والأمن ولم تقم بهذا الدور، وقد كان هناك تحفظ على وجود هذه القوات منذ البداية، لكن الآن يأتي التخوف من أن يتم تحويل هذه القوات إلى قوات دولية ولن يرضى السودان بهذا الوضع لذلك لا يوجد ما يستدعي بقاؤها في السودان حتى لا تصبح أداة للضغط والنفوذ الدولي على السودان، وكدليل على ذلك ما شاع خلال الفترة السابقة بطلب الحركة الشعبية على وجود قوات دولية على الحدود الأمر الذي تخوف منه المراقبون إذ منهم من يخشى أن تتحول قوات حفظ السلام إلى قوات دولية على الحدود، حيث ذكر القانوني وجدي صالح أن اتفاقية السلام الشامل نصت على نشر قوات في جنوب السودان كقوات مسئولة عن حفظ الأمن به بموجب اتفاقية الترتيبات الأمنية ولا يمكن لهذه القوات أن تنتشر على الحدود كقوات دولية لأن وجود قوات دولية يتطلب قراءات جديدة من مجلس الأمن الدولي والذي له الحق في حالة واحدة وهى أن يكون هناك ما يهدد الأمن والسلم الدوليين وفي اعتقادي أن هذا من مساوي التدخل الأجنبي في الشئون الإنسانية. بهذا نجد أن القوات الأممية لحماية السلام وحفظ الأمن التي جاءت في العام 2005م عقب اتفاقية السلام بحوالي شهرين لا يمكنها حسب القانون أن تغيّير من اختصاصاتها كما أنها لم تقم بواجبها المنوط بها الذي جاءت من أجله وأصبحت عبئاً على حكومة السودان يتكفل بحمايتها وتسهيل مهامها فقد أجمع المراقبون على أن القوات الدولية لم يكن لديها أي دور في تنفيذ اتفاق السلام الشامل.