"الآلاف يفرون من السودان يومياً".. الأمم المتحدة تؤكد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    السعودية أكثر الدول حرصا على استقرار السودان    الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!    الخارجيةترد على انكار وزير خارجية تشاد دعم بلاده للمليشيا الارهابية    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    كباشي والحلو يتفقان على إيصال المساعدات لمستحقيها بشكل فوري وتوقيع وثيقة    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محرقة دارفور للتغطية على "هولوكوست غزة"

ما هي الأهداف الإسرائيلية من التدخل في دارفور؟ محمد جمال عرفة لا شك أن هناك مؤامرة تحاك ضد السودان مدخلها دارفور، وأنه قد سخرت لها كل الإمكانيات المادية والإعلامية في الغرب والعالم لإنجاحها، ولا شك أن هناك أدوارا - معلومة ومكشوفة - لعبتها المنظمات التبشيرية واللوبي المسيحي المحافظ الأمريكي في تأجيج الحرب والتدخل في دارفور، ولكن ما هو غير معلن أن هناك دورا إسرائيليا صهيونيا لإشعال دارفور هدفه الرئيسي التغطية على محارق غزة وما تفعله تل أبيب في فلسطين. وقد أطلق السودان مؤخرا حملة دبلوماسية مدعمة بالوثائق والأدلة تكشف النقاب عن خطط اللوبي الصهيوني في العالم ضد السودان في دارفور، وتكشف أهدافها بغرض تبصير قادة العالم العربي بعلاقة الصهاينة (في إسرائيل والغرب) بما يجري في دارفور، وبخطورة إعلان فصيل أساسي من الفصائل المسلحة في دارفور افتتاح مكتب له في تل أبيب. فالهدف المتحد الذي تسعى له الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وإسرائيل معا هو نشر مزاعم عن عمليات إبادة غير حقيقية تمهيدا للتدخل الدولي وتفتيت السودان وزرع الفوضى في دارفور وتأجيج الصراع. ويتولى اللوبي الصهيوني في العالم عبر الوكالة اليهودية العالمية - وبالتعاون مع الدولة الصهيونية - مسئولية نشر الأكاذيب الإعلامية والتحريض داخل برلمانات العالم والترويج لوجود محرقة أو إبادة في دارفور لتحقيق هدف مزدوج هو تفتيت السودان، وجذب المزيد من التعاطف وجلب المال لليهود عبر التذكير بمحرقة النازي، وصرف الأنظار عن الهولوكوست الصهيوني الذي جرى ويجري في غزة والمدن الفلسطينية. فليس سرا - كما تقول مصادر رسمية سودانية - أن هناك 258 منظمة أجنبية تضم جيشا جرارا ممثلا في 15 ألف عضو تعمل في دارفور، وليس سرا أن هناك محاولات غربية للمتاجرة بقضية لاجئ دارفور في تشاد الذين يبلغ عددهم 200 ألف نسمة فقط بغرض التدخل العسكري بحجة إعادتهم وفرض الاستقرار هناك. وليس سرا أيضا أن هناك تعمدا صهيونيا وغربيا واضحا في تضخيم ما يجري في دارفور بالحديث عن إبادة جماعية نالت مئات الآلاف من اللاجئين رغم أن سكان دارفور 6 ملايين و750 ألف نسمة، وكل النازحين عن أراضيهم في معسكرات (21 معسكرا) داخل السودان 650 ألف إنسان. أيضا هناك تضخيم لمشكلة الفارين السودانيين للدولة الصهيونية والزعم أنهم 6 آلاف من دارفور ، بل يجري "عمل مخابراتي كبير" - وفق مصدر سوداني رفيع - لإغراء سودانيين للهرب لتل أبيب لتأجيج مشكلة دارفور، في حين أن الحقيقة هي أن عدد الإجمالي لا يتعدى 350 فردا أعادت إسرائيل منهم 48 إلى مصر، وأن أبناء دارفور لا يشكلون سوى نحو 10% من هؤلاء اللاجئين، إلا أن دولة الكيان الصهيوني سعت إلى تضخيم هذا العدد في محاولة لتبيض وجهها المسود أمام العالم والظهور كدولة تستضيف لاجئين وأناسا هاربين من المحرقة في دارفور. إسرائيل على خط دارفور لم تكن استضافة إسرائيل لعدد من المتسللين السودانيين (جنوبيين ودارفوريين) في تل أبيب والحفاوة إعلاميا بهم وإعلان التبرع للاجئ دارفور والحديث عن إبادة جماعية من قبل الخرطوم هناك، ثم فتح مكتب في تل أبيب لأحد حركات التمرد في دارفور، وهي حركة عبد الواحد عبد النور ( جيش تحرير السودان)، سوى تنبيه لحجم التغلغل والتورط الصهيوني في دارفور. ومع أن الصهاينة يلعبون دورا معروفا وثابتا للتدخل في شئون السودان عبر دعم حركات التمرد المختلفة، فقد حرصوا سابقا على إخفاء هذا التدخل في مشكلة جنوب السودان ودعم حركة التمرد هناك، ولكنهم هذه المرة لا ينفون دعمهم المباشر لمتمردي دارفور في غرب السودان، بل يفخرون به، ولكن لأهداف أخرى من بينهما الاستفادة من ذلك الدعم، الذي يصوره الصهاينة على أنه إنساني لا عسكري، في تلميع صورتهم كدولة صهيونية إنسانية لا كدولة تمارس حرب إبادة مستمرة ضد الفلسطينيين. وفي لقاء ل (إسلام أون لاين.نت) مع الوزير المفوض والسفير السوداني المناوب بالقاهرة إدريس سليمان لكشف حقيقة هذا الدور الذي يقوم به "اللوبي الصهيوني العالمي" في دارفور، اتهم "إدريس" هذا اللوبي بأنه المسئول الأول عن كارثة دارفور، وقال إن فتح حركة تمرد "عبد الواحد عبد النور" الدارفورية لمكتب لها في تل أبيب هو "خاتمة" لهذه الحملة الصهيونية لتأجيج أزمة دارفور. ووصف السفير "إدريس سليمان" ما قام به عبد الواحد عبد النور رئيس "حركة تحرير السودان" في دارفور من فتح مكتب له في تل أبيب بأنه "تهريج سياسي" و"مسألة غير مقبولة"، و"قراءة غير موفقة وغير صحيحة للأمور"، معتبرا أن عبد الواحد "حرق نفسه بذلك مع المحرقة التي شنتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة"، ومؤكدا أنه (عبد الواحد) دفع وسيدفع ثمنها، وهو "منبوذ" الآن بسبب ذلك بين قبيلته "الفور"، وأنه بدأ يتراجع عن هذا. وكشف السفير "سليمان" أن فتح مكتب لحركة التمرد في دارفور في تل أبيب لم يكن مفاجأة بقدر ما هو بمثابة "خاتمة" و"فضح" للتدخل الصهيوني في أزمة دارفور بغرض تأجيجها؛ "لأن هناك تعاملا بينهما منذ زمن"، ولتحقيق مكاسب، منها التغطية على المحارق الصهيونية في غزة، وتلميع صورة الدولة العبرية وإظهارها بصورة إنسانية عالميا، وتثبيت فكرة "المحرقة" النازية في عقول العالم لحصد مزيد من الأموال. وثائق الخطة ويشرح الوزير المفوض "إدريس" تفاصيل خطة اللوبي الصهيوني لزرع الفوضي في دارفور وتأجيج المشكلة للاستفادة منها ، قائلا أن المنظمات الصهيونية تدخلت في أزمة دارفور منذ اليوم الأول لبروزها وحرصت علي توظيفها إعلاميا عبر شبكاتها التنظيمية في العالم بغرض إنعاش الذاكرة التاريخية الخاصة بالمحرقة النازية وجلب مزيد من التعاطف لليهود وجمع تبرعات جديدة لإسرائيل. وكذلك صرف الأنظار عن المآسي التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في الأرضي الفلسطينية "عبر صناعة بؤرة أخرى للأحداث تجذب الاهتمام العالمي"، وفي نهاية المطاف "التسويق" لفكرة التدخل الدولي في دارفور والسودان. وتقوم الخطة الصهيونية على ثلاثة محاور للتحرك، إعلامي ( بنشر معلومات مضخمة كاذبة عن المأساة)، وعسكري (بإغراق المتمردين ودارفور بالسلاح)، وسياسي (بإخراج مظاهرات متعددة في عدة عواصم عالمية، وتحريك برلمانيين أمريكان وأوروبيين، والدعوة لقرارات ضد الخرطوم حتي أنه صدر في عامين 20 قرارا في الأمم المتحدة)! إغراق دارفور بأسلحة إسرائيلية! وقد كشف السفير إدريس سليمان عن أن حكومة الخرطوم ضبطت أسلحة إسرائيلية في دارفور بأيدي حركات التمرد، ما يؤكد التورط الصهيوني هناك، وقال إن المخابرات الأردنية كشفت عن شبكة لتهريب أسلحة إسرائيلية لدارفور متورط بها ابن "داني ياتوم" مستشار الحكومة الإسرائيلية، وإن الصهاينة أكدوا أن هدفهم هو إغراق دارفور بالسلاح ودعم المتمردين كي تظل منطقة توتر وقلاقل مستمرة. حيث أعلنت الحكومة الأردنية رسميا أن جهاز المخابرات الأردني كشف شبكة إسرائيلية لتهريب السلاح إلى المتمردين في إقليم دارفور (غرب السودان) وقالت أسمى خضر، المتحدثة الرسمية باسم الحكومة الأردنية، إن بلادها ألقت القبض على مواطنين إسرائيليين اتخذا من الأراضي الأردنية ممرا لتهريب الأسلحة إلى المتمردين في دارفور. وكشفت صحيفة "العرب اليوم" الأردنية أنه تبين من التحقيقات التي تمت مع المعتقلين أنهم يحملون جوازات سفر إسرائيلية، وأن من بين هؤلاء الأشخاص رجلا يعمل بصورة مباشرة مع "داني ياتوم" الابن الأصغر لمدير جهاز المخابرات الإسرائيلية السابق، والذي كان أحد المستشارين في حكومة إيهود باراك السابقة، وأن داني ياتوم أدلى بمعلومات مؤكدة تفيد بتورط شيمون ناور - صاحب شركة استيراد وتصدير إسرائيلية - في تهريب أسلحة بالفعل لإقليم دارفور بغرب السودان. وأوضح مصدر أمني عربي أن المتهمين أرشدا بالفعل عن صاحب الأسلحة ويدعى "أموس جولان" ويدير مصنعًا للأسلحة في تل أبيب، وله مكتب استشاري لتسليح الحركات المسلحة في الدول العربية والمنظمات الخاصة وشركات الأمن. وقد اعترفت صحف إسرائيلية (هآرتس) في 16 فبراير 2007 بأن من ضمن هذه الصفقات العديدة التي أبرمتها تل أبيب واحدة مع "بلد مجاور للسودان يعتبر ساحة لحركات التمرد في دارفور" (تشاد) كما أن معهد أبحاث قضايا الدفاع والأمن في بروكسل ذكر في دراسة عن تهريب السلاح لإفريقيا أن دارفور أصبحت موردا لتجارة السلاح الإسرائيلية وأن "إسرائيل تغرق دارفور بالسلاح". "تحالف إنقاذ دارفور" وقد ابتدر اللوبي الصهيوني الحملة ضد الخرطوم بزعم إبادة سكان دارفور الأفارقة بعدة خطوات كان أبرزها إصدار إعلان تحذيري بمزاعم وقوع "إبادة" في دارفور، وما تبعها عام 2004 من إطلاق لجنة لتأسيس حملة ضد هذه الإبادة المزعومة في دارفور عبر ما سمي "تحالف إنقاذ دارفور" ليقوم ك "مظلة تنسيقية" لحشد الجهود وزيادة أوار الحملة. وضم هذا التحالف 180 منظمة تعمل تحت رايته للترويج للإبادة في دارفور والوصول لمستويات غير مسبوقة، منها الاتحاد الوطني لرجال للدعاة المسيحيين ("أفانجيليكالز")، والجمعية الأمريكية للتقدم الإسلامي ("مسلم أدفانسمنت")، ولأهمية الدور الذي يلعبه بلغ راتب رئيس هذا التحالف (500 ألف دولار) ضعفي راتب الرئيس الأمريكي بوش (200 ألف دولار). وبالمصادفة كشفت صحف أمريكية - أبرزها واشنطن بوست - في الأول من يونيه العام الماضي 2007 وثائق أمريكية عن هذا اللوبي وكيف تمكن من إقناع الرئيس بوش بفرض عقوبات على السودان بسبب دارفور، وأن يجعل دارفور على رأس قائمة الاهتمامات الأمريكية. هذه الوثائق أكدت أن اليهود هم الذين يقودون منظمة أو تحالف "إنقاذ دارفور" المشبوه الذي سير مظاهرات في العالم واستصدر قرارات في برلمانات الدول الكبرى ضد السودان، وأنهم هم الذين بدءوا الحملة، ثم ضموا إليهم منظمات مسيحية وإسلامية ابتزوها بالمعلومات الكاذبة، وأنهم ضغطوا على أعضاء الكونغرس وعلى البيت الأبيض حتى نالوا ما نالوا، أما الأخطر فهو أن منظمة "إنقاذ دارفور" تركز على العقوبات والحل العسكري، لا على جمع الحكومة والمعارضة والحل السلمي. فخلال السنتين الماضيتين ملأت الجمعية صناديق بريد أعضاء الكونجرس بالخطابات، وملأت ميدان واشنطن الرئيسي بالمظاهرات، وملأت القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية بإعلانات تدعو للعطف، وصور إعلان سودانيين يموتون من الجوع، وسأل: "كيف سيحكم علينا التاريخ؟"، ومنذ ذلك الحين تحرك موضوع دارفور ليصبح على رأس مواضيع السياسة الخارجية الأمريكية. وقد نجحت منظمة "إنقاذ دارفور" اليهودية في إقناع الرئيس بوش بإصدار قرارات بفرض عقوبات اقتصادية على السودان كبداية لحركة شاملة ضد السودان، خصوصا أن الأموال التي جمعتها المنظمة لم تذهب لمساعدة الضحايا وعائلاتهم ، لكنها صرفت على حملات إعلامية ودعائية لإقناع إدارة الرئيس بوش والضغط على حكومات أجنبية للضغط على حكومة السودان. وكأمثلة ضغطت الجمعية الصهيونية على شركتي "فيدلتي" و"بيركشير هاثاوي" للاستثمارات لسحب أسهمهما في شركة "بتروجاينا" الصينية البترولية العملاقة التي تشترك في صناعة البترول في السودان، وفي سنة 2005 أسست منظمة "إنقاذ دارفور" منظمتان اهتمتا بالإبادة في السودان هما: (خدمة العالم الأمريكية اليهودية)، و(متحف "هولوكوست" اليهودي). وكي ندرك حجم الدور الإعلامي الصهيوني الخبيث نشير إلى أنه يوجد في المكتب الرئيسي لهذا التحالف لأجل دارفور في واشنطن 30 خبيرا في السياسة والعلاقات العامة، وكانت ميزانيته في آخر سنة مالية 15 مليون دولار، وقد رفضت منظمة "إنقاذ دارفور" أن تكشف المبلغ الذي صرفته على الإعلانات، ولا تقتصر هذه الإعلانات على ما هو ضد السودان، بل بدأت تنال دولا أخرى، مثل الحملة على الصين التي سوف تستضيف الألعاب الأولمبية قريبا، لإقناعها بتخفيض تأييدها لحكومة السودان، وهي حملة بدأت تؤتي ثمارها بصدور إدانة صينية لأول مرة - هذا الأسبوع - للسودان لأحداث دارفور. لماذا تدخل اللوبي اليهودي؟ ويقول الدكتور "مصطفى عثمان إسماعيل"، مستشار الرئيس السوداني عمر البشير، إن النشاط المحموم للمنظمات اليهودية في الغرب وتلفيقها للحقائق والمعلومات واستخدام قضية دارفور لفرض العقوبات على الحكومة السودانية وبصورة انتقائية، بل المناداة علنا بإسقاط الحكومة في الخرطوم "لا يترك أدنى شك في أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن
هنالك أجندة أخرى وأن قضية دارفور إنما هي كلمة حق أريد بها باطل". وقال في دراسة أعدها عن قضية دارفور أواخر العام الماضي إن الحملة العدائية الشرسة في قضية دارفور تلفت النظر لأمرين: (الأول) أن ذات الدوائر التي كانت تتولى أكبر حملة في حرب الجنوب السوداني واتهامات الرق والعبودية والتطهير العرقي، هي ذاتها من تولى الترويج لقضية دارفور، و(الثاني) تدخل المجموعات اليهودية التي أضافت عنصرا جديدا وبإمكانيات ضخمة في تصعيد الحملة العدائية على السودان. ويرجع د. مصطفي ذلك التدخل الصهيوني إلى أن "المجموعات اليهودية" تريد أن تنعش ذاكرة التاريخ بالإبادة الجماعية والمحارق ضد اليهود في ألمانيا مما يجدد التعاطف الإنساني مع قضيتهم ويمنحهم الشرعية لقيادة الجهود العالمية لمنع حدوثها مرة أخرى مما يمكنهم من الاستمرار في ابتزاز الدول والشعوب الغربية خاصة، وكذلك لصرف الأنظار والإعلام عن مآسي العراق والفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وصنع بؤرة أحداث جديدة تجذب الاهتمام العالمي. ويقول إن إسرائيل تسعى أيضا لإحداث شرخ في العلاقات العربية – الإفريقية، خصوصا أن إفريقيا ظلت دورا مناصرا للقضايا العربية وفلسطين، وأنها وجدت في قضية دارفور فرصة سانحة لدق إسفين في هذه العلاقة من خلال إبراز القضية باعتبارها قضية أثنية يعمل فيها العنصر العربي على إبادة وإزالة العنصر الإفريقي في دارفور وفق الزعم الصهيوني، وكذلك من خلال الربط بين صورة العربي الذي يفجر نفسه دفاعا عن حقه في فلسطين، وتلك في دارفور التي تظهر صورة "العربي المغتصب" و"القاتل المعتدي"، فتبرر بذل ما تقوم به ضد الفلسطينيين من تقتيل وتدمير وبناء جدار الفصل العنصري. ويورد د. "عثمان" أمثلة على هذا التغلغل الصهيوني في الأزمة وتأجيجها منها: 1- تحدث حاييم كوشي رئيس جماعة اليهود الزنوج إلى التلفزيون الإسرائيلي في أعقاب الزيارة التي قام بها يواف بيران المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية إلى تشاد إبان نزوح أعداد من دارفور إلى المعسكرات بتشاد، وقال: "نحمد الله على حرص دولتنا إسرائيل على التواصل مع الإخوة الأفارقة، ونأمل أن يأتي اليوم الذي ترفرف فيه نجمة داود المقدسة على هذه القارة التي نرتبط معها بكثير من السمات المشتركة على المستوى الفكري أو العقائدي اليهودي". 2- نشرت يوم 13 أغسطس 2004 على موقع "أنباء إفريقيا اليهودي" الذي أنشأته طائفة اليهود الزنوج التي يرأسها حاييم كوشي مقالة كتبها إيثمار إخمان من جامعة بن غوريون جاء فيها أن "تشاد تحولت منذ اشتعال الأزمة في دارفور إلى مركز إسرائيلي كبير تحرص إسرائيل على التواجد فيه". 3- أن أصل الحملة الشرسة في قضية دارفور بدأت في متحف الهلوكوست (المحرقة اليهودية) ممثلا في لجنة الضمير العالمي برئاسة اليهودي المعروف بعدائه للسودان جيرى فاور عام 2003 عندما أصدر بيانا حول الإبادة العرقية في السودان، وأعقب ذلك الإعلان عن تدشين مناشط وندوات دعائية للترويج للحملة، ومن ثم أعلن متحف الهلوكوست أن ما يحدث في دارفور هو إبادة جماعية، ثم انطلقت الحملة في المدارس والكليات والجامعات. 4- أول ندوة حاشدة نظمها متحف الهلوكوست بواشنطن ظهر يوم 20/2/2004 كانت تحت عنوان "حريق غرب السودان: تقرير عن حالة الطوارئ في دارفور"، وأوصت بدعم مشروع المقاومة للحركات المتمردة التي تحظى بدعم عناصر من الحكومة التشادية. 5- أن التدخلات الصهيونية في إفريقيا ليست جديدة، ففي نيجيريا قامت إسرائيل بمساعدة جماعة الأيبو في الإقليم الشرقي لمواجهة الإقليم الشمالي الذي يضم أغلبية مسلمة حتى وصل الأمر حد إعلان استقلال الإقليم الشرقي تحت اسم جمهورية بيافرا عام 1967 واعترفت بها إسرائيل بدعوى أن الأيبو قومية متميزة، كما أطلق الإعلام الصهيوني عليهم (يهود إفريقيا). وفي هذا الصدد يقول د. عثمان في مقال كتبه في جريدة الشرق الأوسط 6 أغسطس 2007: "أخبرني الرئيس النيجيري السابق أليسون أوباسانجو كيف أنه قاد الجيش النيجيري بنفسه حتى انتصر على المتمرد الجنرال أجوكو الذي قاد التمرد ونصب نفسه حاكما على دولة بيافرا، حيث كان الجنرال قائد التمرد يتلقى دعما مباشرا من إسرائيل وقيادات الحركة الصهيونية العالمية". 6- اضطلعت المنظمات اليهودية بدور مباشر ومحوري في حملة دارفور مخالفة تكتيكاتها السابقة التي كانت تحرص على التستر خلف لافتة التحالفات التنسيقية الفضفاضة، وأقام في هذا الصدد معهد جاكوب بلوشتين ندوة في منتصف عام 2005 تحت عنوان (لا بد من وقف الإبادة الجماعية في دارفور)، حيث شن مقدم الورقة أليسون كوهين هجوما عنيفا على الحكومة السودانية ودعا للتدخل بالقوة، ونادت الورقة في توصياتها بضرورة تفعيل وتنشيط المحكمة الجنائية الدولية لتقديم المسئولين السودانيين للمحكمة، وكذلك استخدام القوة العسكرية الأمريكية لإجبار الحكومة على "إيقاف الإبادة" وإنفاذ قرارات الأمم المتحدة حول العقوبات الموجهة وحظر الطيران. 7- استثمرت المجموعات اليهودية زخم فيلم "فندق رواندا" والتأثير الذي أحدثه في التذكير بمأساة المذابح والإبادة الجماعية في رواندا وصمت العالم، وتم استقطاب الممثل جون شارل - بطل الفيلم الأسود - بعد أن تم ترشيحه للأوسكار كي يقود حملة جديدة لوقف ما أسموه الإبادة الجماعية في دارفور، وقد تم ترتيب لقاءات ومحاضرات جماهيرية لبطل الفيلم لتسليط الضوء على ما يجرى في دارفور، ولم يكتفوا بهذا وإنما سعوا لتصوير فيلم وثائقي يطلق عليه "فندق دارفور"، ورتبوا جولة لممثل الفيلم لزيارة معسكرات اللاجئين في شرق تشاد في مطلع عام 2005 وأجروا مقابلات مع ضحايا الحرب في دارفور الذين كالوا الاتهامات ل "الجنجويد" والحكومة السودانية، وفي أغسطس 2005 نظمت اللجنة الأمريكية اليهودية بواشنطن بالتعاون مع "اتحاد ترقية الملونين" حشدا ضخما بنادي الصحافة الوطنية وتمت الدعوة على أن بطل فيلم "فندق رواندا" سيخاطب المجتمع اليهودي والأفروأمريكي بواشنطن تحت عنوان "خذوا خطوات في دارفور". 8- أعلنت المنظمات اليهودية في سبتمبر 2005 أنها وصلت الآن إلى دارفور وتعمل وسط النازحين واللاجئين والتمست من جميع الحضور التبرع لصالح برنامج "واشنطن دي سي تحب دارفور"، وسير التحالف اليهودي مظاهرة إلى البيت الأبيض خاطبها الرئيس بوش يوم 28 أبريل 2006. وبلغت الحملة ذروتها يوم 30 أبريل 2006 عندما نظم تحالف إنقاذ دارفور أضخم مسيرة شملت بالإضافة إلى العاصمة واشنطن 17 مدينة أخرى، وخاطب المسيرة عدد من النشطاء المعادين أبرزهم جون بريندارغاست وجورج كلوني والسناتور باراك أوباما (مرشح الرئاسة الحالي) إضافة إلى مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون الإفريقية جنداي فريزر وطالبوا الرئيس بوش بتطبيق مزيد من العقوبات على السودان والضغط لنشر قوات متعددة الجنسيات لحفظ السلام في دارفور واتهموه بالفشل في قيادة المجتمع الدولي لفرض عقوبات على السودان.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.