Date: Mon, 16 May 2011 11:42:40 +0000 كلام الناس *معرض النحت المقام هذه الأيام للفنان التشكيلي الدكتور عبده عثمان الأستاذ المشارك بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا تحت شعار نداء الحياة نداء السلام بالمركز الفرنسي بالخرطوم يعد المعرض الأول للنحت منذ أكثر من عشرين عاماً. *الدكتور عبده عثمان قاد معركة طويلة الأمد دفاعاً عن هذا النمط من أنماط الإبداع الفني منذ سنوات تحضيره لرسالة الماجستير بالأكاديمية الملكية بالمملكة المتحدة عندما جسد منحوتاً للإمام محمد أحمد المهدي وهو يمتطي صهوة حصان كان ذلك في العهد المايوي. لم يتحمل وقتها وزير الإعلام والثقافة مسؤولية نقله إلى الخرطوم الأمر الذي اضطر الدكتور عبده لتكسيره إلى قطع صغيرة يعرض منها في معرضه الحالي منحوتة لرأس الإمام المهدي وآخر للحصان. *بدأت الهجمة العنيفة على أعمال النحت بصورة ملحوظة إبان تولي عبد الله محمد أحمد وزارة الإعلام والثقافة حين تم تحطيم المنحوتات التي كانت تزين مقر المجلس القومي للآداب والفنون وتصاعدت الهجمة في أوائل سنوات الإنقاذ وتم تدمير منحوتات داخل كلية الفنون الجميلة والتطبيقية كما تم تدمير منحونات للفنان التشكيلي أبو الحسن مدني في مدينة بورتسودان. *لسنا في حاجة للتفريق بين الأصنام التي كانت تعبد قبل ظهور الإسلام وبين هذه المنحوتات الفنية التي لا علاقة لها بالأوثان ولا يجرؤ عاقل على ربطها بالعبادة، وفن النحت من الفنون القديمة في تاريخ البشرية؛ وفي بلادنا أنماط من النحت بشتى الخامات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الفندك والككر وعدة الجبنة والعصي والقلاي والمرحاكة والقدح وجميعها وغيرها موجودة في منازلنا منذ قديم الزمان وحتى الآن. *إن المنحوتات التي عرضها الدكتور عبده عثمان تجسد بعض الواقع الاجتماعي في حياتنا مثل الأم العاملة في دارفور واثنان من عالمنا الثالث تحت سقف واحد تماماً كما جسدتها ريشة الكاريكاتيرست العبقري فارس في كاريكاتيره الأشهر مواطن ومسؤول والألم العميق والمستكين والمنتصر وجميعها تعبر عن نداء الحياة الذي هو في نفس الوقت نداء السلام. *كانت مفاجأة المعرض العرض المصاحب الذي صممته حرمه الدكتورة زينب عبد الله محمد صالح خبيرة الأزياء الأستاذة بكلية الموسيقي والدراما من خلال عرض رائع لفتي وفتاة حقيقيين ولكنها جعلتهما أشبه بالمنحوتات لولا حركتهما الدرامية التي سرقت أضواء الكاميرات التي احتشدت لتسجل هذا الحدث النوعي في تاريخ الحركة التشكيلية. *دعونا نحيي اتحاد التشكيليين السودانيين والمركز الثقافي الفرنسي ووزارة الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم وكل الذين اسهموا في قيام هذا المعرض وإنجاحه لأنهم بذلك إنما يعززون ثقافة السلام والحوار والتعايش الاجتماعي السلمي التي نحتاجها خاصة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا التي نحتاج فيها إلى محاصرة ثقافة العنف وكراهية الآخر التي تغذي النزاعات وتسعى بالفتنة بين مكونات الأمة السودانية. ------------------------------------------ صحيفة السوداني إدارة التحرير