جاء العنوان أعلاه كخبر رئيسي فى صحيفة السوداني عدد الأحد 25 سبتمر 2011 وقد أوردت الصحيفة تفاصيل ذلك الخبر فى الصفحة الأولى من نفس العدد والتى جاءت على النحو التالى: "كشف مصدر رفيع باللجنة في تصريح ل(المركز السوداني للخدمات الصحفية ) أن البلاغات المرصودة لدى اللجنة سيتحرى حولها وفقا للقانون الجنائي وقانون الإرهاب وقانون الأسلحة والذخيرة وقال إن لجنة التحقيق تسعي حثيثاً للقبض على كافة من شملتهم التهم بمن فيهم والي الولاية السابق مالك عقار عند إكمال التحري في البلاغات الموجودة الآن . وأضاف قائلاً : " سنلجا للإننتربول وإذا فشلنا فسنقدمهم للمحاكمة غيابياً." لاشك أن هذا الخبر يثير الدهشة من عدة أوجه، فاللجنة المشار إليها هى اللجنة القانونية الخاصة بأحداث النيل الأزرق التى شكلها وزير العدل، ولجان التحقيق ليس من شأنها القبض على الأفراد، وإنما عليها سماع البينة المتاحة، فإن توصلت إلى إحتمال إرتكاب جرائم فإنها توصى بما تراه مناسباً للجهة المشكلة للجنة التحقيق، والتى يكون لها القرار فى تلك التوصيات، فلها إن رأت ذلك، أن تحول الأمر للجهات الختصة لإتخاذ الإجراءات الجنائية، والتى تصدر قرارها بكل حيدة وإستقلال، فإذا قررت فى مطلق تقديرها أن هنالك ما يستوجب فتح بلاغات عليها أن تقوم بذلك. وهنا فقط، ووفق شروط معينة، تصدر النيابة أوامر بالقبض على المتهم/ين وبعد صدور ذلك الأمر وثبوت إستحالة تنفيذه لوجود المتهم خارج البلاد، والمعلوم حتى إشعار آخر أن عقار موجود داخل البلاد، يتم إتخاذ قرار حول جواز المطالبة بإسترداد المتهم/ين وإعداد ملف بذلك، وتتحدد طريقة الإسترداد سواء أكانت بتقديم طلب إسترداد المتهم من دولة معينة، أو تعميم أمر قبض بواسطة الإنتربول. من جهة أخرى فإن هذا التصريح لا يكشف عن معرفة المصدر الذى صرح به بالإنتربول ولا بطريقة عمله. الإنتربول هو العنوان التلغرافي لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية ورئاستها في ليون في فرنسا، وهى ليست من الوكالات التابعة للأمم المتحدة، كما قد يتبادر إلى الذهن، فواقع الأمر هو أن تكوين هذه المنظمة فى عام 1923 سابق لنشأة الأممالمتحدة، وهذه المنظمة يمنعها قانونها من التدخل في أي جريمة ذات صبغة سياسية أو دينية أو عسكرية أو عنصرية، ويتركز عملها على الجرائم عابرة الحدود، وجرائم الإرهاب، والحرب، والمخدرات، وتهريب السلاح، والنقل غير القانونى للناس عبر الحدود الدولية، وغسيل الأموال، والأدب الفاحش المتعلق بالأطفال، و الأعمال التجارية (جرائم الياقات البيضاء)، و الكمبيوتر، و الملكية الفردية، والفساد، والجريمة المنظمة . تُكوّن الدول الأعضاء مكاتب مركزية قومية، لتقوم سكرتارية المنظمة بالإتصال بها، للمساعدة في التحري، ومعرفة أماكن المجرمين الهاربين، ويحتفظ الإنتربول بمعلومات عديدة متصلة بالجرائم التي تهمه . إذا قدمت لجنة التحقيق طلباً للشرطة الدولية لتعميم أمر القبض على مالك عقار، فإن طلبها لن يعيبه فقط عيب عدم الإختصاص، بل أيضاً عدم الجدوى، فهو لن يقابل بواسطة الشرطة الدولية إلا بمزيج من الدهشة وعدم الإكتراث، فالشرطة الدولية أصلاً لا تقبض على أحد، وإنما هي مستودع معلومات، فعمل الإنتربول الرئيسى هو أن يساعد الشرطة في مختلف البلاد على التعاون فيما بينهم على حل الجرائم التي تقع في إختصاصه ،وهذا يتم بتبادل المعلومات، والإنتربول لا يصدر أوامر ولا ينفذها ،وإنما يعمم أوامر القبض الصادرة من المحاكم الدولية أو الوطنية، فى الجرائم التي تدخل في إختصاصه، وذلك لكي تقوم الشرطة الوطنية المعنية بتنفيذ تلك الأوامر، وفقاً لقانونها الوطنى .وللإنتربول دور محدود بالنسبة طلبات التسليم وذلك عندما لا يكون محل المتهم معروفاً أما فى حالتنا هذه فالفريق مالك عقار، هو شخصية دولية أكثر من معروفة، ووجوده فى إقليم أى دولة، يكون بترتيب مع حكومة تلك الدولة، والتى لن تعبأ بأى نشرة صادرة من الإنتربول. من الناحية الموضوعية فإن الجرائم التى يحتمل أن توجه لمالك عقار، هى جرائم ذات طبيعة عسكرية وسياسية، أى خارج إختصاص الإنتربول بحيث يمتنع عليه التدخل فيها. لا أدرى لماذا نتعامل مع هذه المسألة البالغة الخطورة بكل هذه المظهرية. المطلوب هو إيجاد حل سياسى لهذا النزاع السياسى. نبيل أديب عبدالله