“لروح المبدع الصديق الراحل عمر الطيب الدوش ... عذرا ان تأخر البوح ... فقد طال استيعاب الرحيل" هذا المساء ليس كباقي الأمسيات فهو لك فكالبروق و الغمام خيولها تراكضت تصاعد الصهيل للسماء و كالحمام و اليمام تدافعت أسرابها تبث شوقها الشجي في الهديل و الغناء نأتيك كالحجيج كلنا أحبة و أصدقاء لكنني و وسط زحمة اللقاء أستميح جمعنا المشحون بالكلام دقيقة من الحنين و الصفاء و لحظة حميمة معك أناديك فيها مثلما ناديتها سعاد و مثلما أبكيتنا “و نحن نمشي في جنازة المطر" “و في أحزان عيون الناس" “و في الضل الوقف ما زاد" يا عاشقا للنيل في جروفه طوال ليلة مطيرة تظل حالما و ساهرا و من ايقاع موجه تلملم الحروف عاشقا و شاعرا فهل تنام فوق الأرض كي تشم نبضها و في السماء لوحة تشكلت من البلابل المهاجرة أم لأن سر الحزن في عينيك مخبأ بقلب موجة مسافرة أم بحضن نجمة ترافق المراكب المغادرة بطيئة خطى الأيام فالعام ينقضي و بعده يمر عام و ما يزال حزننا عليك مثل نخلة طويلا ففي الهجير طالما نسجت من حروف شعرك الجميل مسكنا و غابة ظليلة و كنت في الصقيع حين تعصف الرياح حمامة تمد دفء حضنها و تفرد الجناح و كم علمتنا بأن نعانق الجمال في قصيدة تفتحت حروفها تشابكت لتحتفي بمقدم الحبيبة الجديدة و في توقيع عاشقين بجذع نيمة عجوز و بسمة تنير وجه طفلة جميلة و كم ألهمتنا بأن نحس بالرضاء في القلوب حين نلتقي و نحتفي و نبسط الموائد و ليس عندنا سوى مطالع القصائد و في جيوبنا قروشنا القليلة و كم أفرحتنا فحين تنشب الأحزان في أضلاعنا أظافرا طوال تهز بركة السكون في قلوبنا و تزرع الجمال و تستفز في عقولنا خواءها و عن سؤالنا ترد بالسؤال فقلبك العفي مسكن الابداع و الخيال و طالما حدثتني و نحن نعبر الشوارع الفقيرة التي أحببتها عن المدينة التي لطالما عشقتها و في حروف شعرك الجميل نبتة فنبتة حديقة زرعتها فأينعت وفتقت براعما سقيتها و في الخصام كم عاتبتها و مرة هجرتها و رغم ذاك ما خذلتها أو خنتها فآخر المساء عند بابها جلست و انتظرتها و حينما لقيتها أطلقت أسر دمعة تحدرت على خديك كنت بالعناد قد حبستها بكيت فوق صدرها غفوت عند حجرها حضنتها عاتبتها و لمتها سألتها حبيبتي لمن تكورين صدرك الجميل بالحشائش و تكبرين كالنساء في ازقة المدن و تعبرين موعدي و في يدي قصائدي و رغوة اللبن ضد النعاس في عينيك و الشجن هذا المساء في ثدييك عرس من؟ و في ليالي الحزن كم حميتها فديتها عاهدتها بان تظل عاشقا يدس الأنف تحت ابطها الطري ناسكا و وباحثا عن الحبيبة الوطن mohamed zarroug [[email protected]]