من المعلوم تاريخيا ،أن دارفور كانت سلطنة قائمة بذاتها حتى العام 1916،عندما ضمها المستعمر البريطاني للسودان لاسباب عديدة اهمها تأييد السلطان على دينار اخر سلاطين دارفور للدولة العثمانية وحليفتها ألمانيا في الحرب العالمية الأولى ،هذا التأييد الذي دفع بالسلطان للتمرد على السلطة البريطانية بعدم دفع الجزية التي كان يؤديها سنويا لهم مقابل الاحتفاظ بكرسي السلطنة،بانيا فرضيته على انتصار مؤمل للألمان على بريطانيا في الحرب وهذا مالم يحدث بل قبل انقضاء الحرب قامت السلطات البريطانية بارسال (هدلستون) للقضاء على السلطان وسلطنته حيث تمكن من النجاح في مهمته بان دانت له كل دارفور وقتل سلطانها في معركة (جبة) الشهيرة...حتى في العهد التركي لم تخضع دارفور للحكم المركزي في الخرطوم الا العام 1876 بعد ان قام الزبير ودرحمة ولاسباب خاصة بتأمين تجارته بعد تهديدها من قبل الرزيقات وعدم سماع صوته من قبل السلطان لردع الرزيقات ،فكان احتلال الزبير لدارفور وتسليمها لقمة سائغة للحكم التركي...وحتى سلطة المهدية التي لم تدم طويلا في دارفور بحسبان الفتن والحروبات التي ظهرت عقب وفاة الامام المهدي،أي أن الحكم في دارفور فترة المهدية كان صوريا مع الاخذ في الاعتبار أن كثيرا من القبائل الدارفورية هاجرت الى أم درمان عقب استدعاء الخليفة عبد الله لهم وأولى هذه القبائل كانت قبيلة الخليفة نفسه(التعايشة)،ولعلكم تدركون ما فعله التعايشي وقبيلته بأهل الوسط والشمال،اذا على الأرض لم يكن هناك تمازج كاف لانصهار شعب دارفور مع وسط وشمال السودان باستثناء هجرة القبائل في الفترة المهدية ومحاولة احتلال السلطان تيراب لسنار ووصوله الى أم درمان (بالمناسبة دخول أم درمان لم يبتدعه خليل ابراهيم)، لسبب بسيط هو شعور أبناء دارفور بأنهم أصحاب دولة ولا يريدون أن يكونوا تحت سلطان الخرطوم التي يحسون تجاهها باحساس الغربة كاحساسهم بالقاهرة أو دمشق،ان الخرطوم بالنسبة لهم هي السقف المنخفض الذي يحد من رفع قاماتهم الطويلة بفضل سلطنتهم التاريخية كما يعتقدون،اذا تناقشت مع أحد من أبناء دارفور واحتد النقاش معه، أول ما يبادرك به أنه من سلالة سلاطين وانهم كانوا يكسون الكعبة المشرفة وأياديهم ممدودة للجميع ووو،مظهرا لك مجد أجداده التالد وهو محق في ذلك فقد كانت دارفور كذلك الى وقت قريب ولكن الشاهد أن ما يدور بخلد ابن دارفور هو انه لم يعط المكانة التي يستحقها وهذا ما عقد مشكلة دارفور وتوالد واستنساخ الحركات المسلحة ...ان الاحساس بالغبن من ابناء دارفور تجاه المركز مرده للغربة التي يحسون بها فاحساس السلطنة لم يذهب من خواطرهم ولهم العذر في ذلك فنشؤ الأمم ذات الهوية الواحدة لايتم في أقل من مائة عام وانما في الاف السنين...عدم التجانس في الهوية هذا ما يدعو بعض المتطرفين لابناء دارفور لغزو الخرطوم نفسها حتى لو كان هذا الغزو بالتحالف مع الحركة الشعبية أو مع الحركات الدارفوية فيما بينها حتى لو اختلفت ايدلوجيا مع بعضها (عبد الواحد مع مني مع خليل مع النوبة والحركة) بل يمكنها التحالف مع الخارج كما حدث في غزو أم درمان ،فالخرطوم سادتي ماهي الا عاصمة الجلابة وأولاد البحر العدو التقليدي لدارفور السلطنة التاريخية والسلطنة الحلم الان...والا قولوا لي ما السبب في الدعوات لغزو الخرطوم وهي التي تعلم بها جل أبناء دارفور وقادتها،ما السبب وكل مستلزمات السوق تذهب لدارفور من الخرطوم، ميزانية ولايات دارفور مضاعفة بالنسبة للولايات الأخرى وغيره الكثير ومع ذلك تزداد مشكلة دارفور كل يوم سؤا وكل ذلك على حساب الخرطوم التى لن يرضى عنها أهل دارفور الا بالتربع على تلها حتى وان صارت ترابا...وأختم مقالي أفصلوا دارفور فهي أشد خطرا على الشمال والوسط من الجنوب.