بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم* توطئة: أشير إلى مادة العمود الراتب" هذا بلاغ للناس " وتحت عنوان (برقيات عاجلة للمسئولين عن عيش وكرامة الإنسان السوداني)!! والذي نشر في هذه المساحة ؛ كما أشير إلى ما نشر في بعض الصحف السعودية من استقدام العمالة المنزلية النسائية من بعض الدول وورد اسم السودان من ضمنها ؛ والذي تناقلته الصحف السودانية و الصحف والمواقع الإلكترونية ؛ وكنت متأملاً أن يخرج علينا أن العقد والربط من الخرطوم موضحين سواء بالنفي أو الإيجاب ؛ ولكن يبدو أن سمع مسئولينا هناك " تقيل" ؛ أو ربما أن هذا أمراً تافهاً لا يستحق أن يُعلق عليه من قبلهم. في مصر وفي عهد الرئيس المخلوع مبارك قامت الدنيا ولم تقعد على الوزيرة السابقة عائشة عبد الهادي - وزيرة القوى العاملة السابقة والمعتقلة حالياً على ذمة قضية ما أطلق عليها موقعة الجمل – عندما نشرت الصحف أنها وافقت على تزويد دولة الكويت بالعمالة المنزلية من مصر. في ذات اليوم خرجت فاطمة عبد الهادي على الفضائيات المصرية الرسمية والخاصة تبرر الأمر على أنهن " مربيات" ولسن " خادمات" وفهم الشارع المصري من حديثها أن أحمد هو الحاج أحمد وأن مصطلح " مربيات" ؛ وأن ها المصطلح هو مجرد التفاف حول طبيعة العمل الحقيقي وهن " خادمات" ؛ فضغط الشارع والإعلام وسحبت الوزيرة قراره وجُمد البرتوكول الموقع!! أولاً) ما أثار إعجابي وتقديري هو سرعة تحرك سفيرنا بالرياض السفير عبد الحافظ إبراهيم لتهدئة اللغط الذي استفز مشاعر كل سوداني خاصة من هم بالمهجر عملاً بالمثل الذي جرى على لسان الغزال" بلدي ولا مليء بطني" فأوضح الآتي ؛ وسأنقل تصريحه لموقع ديارنا الشاملة التي أيضاً قامت مشكورة بدور إعلامي مسئول قام به الزميل التيجاني عبد الباقي رئيس تحرير الموقع لاستجلاء حقيقة الموقف حتى تهدأ الخواطر وسآتي لأحقا للتعليق على ما قام به السفير: [ 20-09-2011 01:22 PM ديارنا الشاملة _حصرياً الرياض :التيجاني عبد الباقي تعقيبا علي ما أوردته بعض الصحف المحلية السعودية نقلا عن وزارة العمل السعودية،أكد سفير السودان لدي المملكة العربية السعودية الأستاذ عبد الحافظ إبراهيم "لديارنا الشاملة "ان الأنظمة السودانية تحظر تصدير عمالة نسائية منزلية الي الخارج،مشيرا الي ان السودان لم يسبق له ان قام بتصدير عمالة نسائية منزلية إلي إي دولة في العالم،وان ذلك أمر سيادي ولا يقبل اي تفسيرات أخري .ونفي سعادة السفير تلقي السودان أي طلب رسمي من قبل المسئولين بالسعودية بهذا الشأن،موضحا ان السودان ذاته بحاجة إلي مثل هذه الشرائح العمالية، الأمر الذي دفع مسئولين من السودان للعمل علي استقدام عمالة من الخارج لسد النقص.ونوه السفير إلا أن المجتمع السوداني لا يقبل أي فكرة من هذا القبيل ،منطلقا من عاداته وتقاليده المحافظة،ومذكرا بان بلاده ظلت ولعقود طويلة تسهم في تنمية وبناء واستقرار الدول العربية الشقيقة،من خلال رفدها بكفاءات عالية في كافة الميادين، الأمر الذي ظل محل تقدير وإشادة من قبل المسئولين بتلك الدول في اعلي مستوياتها.وقال عبد الحافظ إن وزارة العمل في السودان تقف ضد هذا التوجه، بيد أنها تؤيد منح تأشيرات وفتح فرص عمل للسودانيات في المصانع والمؤسسات والمنشات بشرط وجود عقود واضحة وأعرب سفير السودان لدي المملكة عن شكره وتقديره لحكومة خادم الحرمين الشريفين لرعايتها للعمالة السودانية في السعودية،وما تجده من عناية واهتمام من قبل القيادة الرشيدة ومن الشعب السعودي الأبي] انتهى ثانياً) أليس في هذا دليلاً على عجز أو على أقل تقدير لا مبالاة من قبل جهاز المغتربين ووزارة العمل ووزارة تنمية الموارد البشرية ووزارة الإعلام مجتمعين؛ حتى إن كان الخبر مجرد إشاعة؛ ناهيك عن أنه أمر تناقلته وسائل الإعلام ؛ فيفترض أن مسئولية جهاز العاملين بالخارج متابعة كل ما يمكن أن يسبب سخطاً أو معاناةً للمغترب في دول المهجر ؛ ومسئولية وزارة العمل هي أن تنفي أو تؤكد ومسئولية تنمية وزارة الموارد البشرية هي أن ترتقي بدور المرأة ومساهمتها في سوق العمل بأن تتعهدها بالتدريب لرفع قدراتها في الحصول على العمل الكريم الذي يحفظ لها كرامتها ولوطنها عزته وتكون مصدر فخرٍ واعتزاز لكل إنسان الوطن – إنسان تشمل المذكر والمؤنث- كما أن الإسلام أكد على حفظ كرامة المرأة ؛ فلماذا نحاول التفريط في تعليم ديننا الحنيف والتفريط بكرامة أعز ما نملك وهو العرض.!!. يفترض أيضاً في وزارة الإعلام تناول تحليل الخبر لحظياً والآثار المترتبة عليه أم أننا نؤمن بأن " حبل المهلة يربط ويفضِّل " في حين أننا نعيش عصر المعلوماتية وحروب الإعلام ؛ نحن نعيش زمانٍ أصبح الحصول فيه على المعلومة بضغطة زر وفي لمح البصر . لقد أدهشتنا سناء حمد تلك الوزيرة الشابة حينما تحركت بسرعة إلى موقع الأحداث في النيل الأزرق وسارت في الأسواق والشوارع فأدت دور معنوي ونفسي غطى على كثير من السلبيات ؛ فلماذا تعمل وزارة الإعلام على إجهاض نجاحها في أمرٍ جلل بفشلٍ في أمر يستحق كل الاهتمام لأنه يمس الجاليات السودانية في المهاجر. أرجو أن لا تكون مثل هذه التصرفات دليلاً على الانطباع السائد بين أواسط المغتربين بأن الحكومة تتجاهلهم وتتجاهل رغباتهم واحتياجاتهم ولا تلجأ إليهم إلا عند " الزنقة" ؛ وحال انقشاع أي غمة وكما يقول المثل " ترجع "ريمه لعادتها القديمة" ؛ فيعودون كماً مهملاً وتدور الساقية على هذا المنوال ؛ في حين أنهم يتوقعون من المسئولين نفس التقدير الخاص والاهتمام الذي يجدونه من الرئيس شخصياً ؛ فالكثيرين يشكون من أن قرارات الرئيس المعلنة تجهض مثلما هو حال تأشيرة العودة وكذلك حال الضرائب التي تصل إلى الحالة الصفرية . هناك أزمة ثقة يجب أن تحاول الدولة استعادته فربما استحى البعض وبعض تذمر في صمت ؛ وبعض آخر يظهر في العلن غير ما يطن من ضغينة؛ وبعض معارض يستميل ويستغل كل هذا ليؤلب ضد النظام.!! ثالثاً) أما تعليقي على ما قام به السفير عبد الحافظ إبراهيم يتلخص في إنه تصرف تصرفاً يستحق الإشادة والتقدير إذ أننا بدأنا نلمس ونشاهد ما كنا نفتقده منذ وقتٍ طويل بل ونحس بالدور الهام للممارسة الدبلوماسية المهنية المحترفة؛ التي تتسم بسرعة الحركة لخدمة رعاياها في البلد المضيف ؛وأن رسالة السفارة ؛ وأنها ليس مجرد تمثيل شرفي على مستوى الحكومات. بدأنا نشعر بأن سفارتنا بالرياض بدأت تعمل بروح الفريق والأبواب المفتوحة وأن هناك تفويضاً ربما من السفير - حسبما شعرنا - بأن يلعب كل عضو بالبعثة دور معين في مجال الخدمة العامة وخدمة المغترب وربما أن السفير هنا يقوم بدور المايسترو المحترف دون ضجيج . إن ما نلمسه ونشاهده اليوم بادرةً جديدة تؤكد أن دور السفير لم يعد محصوراً - كما كنا نشاهد سابقاً - في مجرد تشريفات بروتوكولية أو علاقات عامة ؛ إنما هو عمل دبلوماسي شقه الأهم تطوير وتفعيل العلاقة مع الدول المضيفة لتطوير علاقاتنا الاقتصادية والسياسية والاستثمارية ؛ إن كان البلد المضيف يملك هذه المقومات لدعمنا في شتى المجالات التي نحتاج فيها لهذا الدعم خاصة لو كانت دولة بحجم وثقل المملكة العربية السعودية. رابعاً ) المرأة السودانية هي الأم والأخت والعملة والخالة والزوجة والإبنة .. هي مربية الأجيال؛ هي في كثير من الأحوال التي تجاهد وتتولى مسئولية الأسرة وإعالتها في حالة وفاة الزوج أو اغترابه لذا علينا صونها والحفاظ عليها كقيمة إنسانية وطنية؛ وعلينا أن نقر بأنه لا يأتي الرجال إلا من أرحام النساء. في أوافر حكم مايو وفي أيام ديمقراطية الطائفية كان على النساء اللاتي أجبرتهن الظروف الاقتصادية؛ وكن غير المؤهلات علمياً أو أكاديمياً أو مهنياً لخوض تجربة الاغتراب فخضنها؛ فكانت نتيجة التجربة سلبية في معظمها سالب؛ وبالتالي كان على الدولة المحافظة تشريع الأنظمة والقوانين والاشتراطات التي تحفظ للمرأة كرامتها وحقوقها وبما يشرفها ويشرف وطنها وإنسانه إن كثير من مشكلاتنا المركبة والعويصة تبدأ صغيرة ؛ ثمّ تكبر إما بفعل الإهمال أو اللا مبالاة أو عدم وسوء تقدير تقييمها وتوصيفها ووضع الآليات والأدوات الناجعة للحلول ؛ و فوق هذا كله أننا لا نملك رؤى ومنهجية ثابتة والأهم أيضاً سرعة التحرك ومحاصرة المشكلات قبل تفاقمها وهذه نقطة الضعف الكبرى!! كاتب وشاعر ( عضو رابطة الإعلاميين بالرياض)