يعلم الداني والقاصي أن هذه الأنظمة كلها لا ترتكز علي قاعدة متينة من دعم الشعب فضلاً عن اختياره لهذه الأنظمة ومن جانب آخر فأن هذه الأنظمة لا تعرف حرمة لبلاد ولا عباد , تسوق الناس سوق النعاج فلا الحكومة رشيدة ولا القيادة مدركة لمسئولياتها وما كان لهذه الحالة أن تستمر في ظل ثورة المعلومات التي أنتظمت العالم كله من أقصاه إلي أقصاه وما عادت الأجهزة القمعية قادرة علي حماية الأنظمة من السقوط , من كان يظن أن يتهاوى نظام بن علي في تونس وما كان يخطر علي بال أحد أن يسقط النظام المصري العتيد تحت ضربات ثورة الشباب ولكنها الحقيقة الساطعة التي لا ينكرها الأمكابر ومن منا كان يخطر علي باله بأن ملك ملوك أفريقيا سوف يسقط صريعا بهذه الصورة المأسوية , أن عهد السيطرة وقمع الناس وانتهاك حقوقهم وسرقة أموالهم في طريقه إلي الزوال قريباً [ نراه قريباً ويرونه بعيداً ] والعاقل من أتعز بغيره فها هو نظام علي عبد الله صالح يقدم التنازلات تباعاً عسعي ولعلها ترضي الجمهور ولكن هيهات ! ونفس الشئ في سوريا فنظام الاسد يحتضر والبقية في الطريق وهلمجرا..... أصبح كل الحكام يتحسسون كراسيهم وترتعد فرائصهم هلعاً وخوفاً ، العقلاء منهم ذهبوا إلي تهدئة الأمور في بلادهم والاستجابة لمطالب الشعوب في الحرية والحياة الكريمة , أما الحمقي فمازالوا يتمسكون بالسلطة ويحسبون أن الأجهزة الأمنية قادرة علي حمايتهم والحيلولة دون انتفاضة الشعوب ولكن أنا لهم ذلك. وفي السودان أذ نمر بمرحلة مفصلية لا سيما بعد انفصال الجنوب والقضايا العالقة بين الدولتين وهي قضايا شائكة وحساسة أن لم نحسن التعامل معها بحكمة ومسئولية ستودي إلي عودة الحرب بين الدولتين وهي تختلف بطبيعة الحال عن القتال السابق وهاهى نذر الحرب وبوادرها وويلاتها أطلت براسها في جنوب كردفان والنيل الأزرق !!وبجانب هذه المعضلة هنالك قضية دارفور التي مازالت تراوح مكانها وأن الحكومة فشلت في الحل الشامل وحتي أتفاقية الدوحة والتي دخلت حيز التنفيذ منذ أكثر من أربعة ما زالت سرابا !! بل ذهبت تدق ناقوس الحرب , وقضايا آخري متعلقة بسوء إدارة الدولة وفسادها والأزمة الاقتصادية التي ألقت بكلكها علي كاهل المواطن المسكين في ظل هذه التداعيات وقفت الحكومة عاجزة عن أحداث أي حراك في لملمة أطراف ما تبقي من السودان بالتراضي لمواجهة المخاطر المحدقة بالدولة الجديدة – القديمة فبدلا من الانفتاح علي كل مكونات الشعب وإشراكها في حلحلة القضايا في ظل حكومة قومية رشيدة تضع نهجاً جديداً في إدارة الشأن العام بدلا عن ذلك ذهب أقطاب الحكومة يثيرون الفتن والعصبيات ويهددون الناس بالويل والثبور وعزائم الأمور لم يستندوا في ذلك إلي قاعدة شعبية كما يدعون كذبا وبهتانا بل يركنون إلى إجراءات أمنية لقمع الناس وانتهاك حقوقهم , تعتقل النظام الطلاب والمهنيين والناشطين السياسين لأسباب واهية لا تمت للقانون بصلة متجاوزا نصوص الدستور ونصوص قانون الأمن الوطني (السيئ السمعة ), الشعب السوداني يدرك جيداً أن النظام هو السبب وراء كل ما يعانيه ، وكل ما حل بالبلاد من مصائب وأن إدعاءات النظام فيما يخص الإسلام ظلت مجرد شعارات جوفاً لا تسمن ولا تغني من جوع وأن إلا عيب النظام لا تنطلي علي الشعب!! يتابع الناس بشئ من السخرية اللقاءات التي تجريها قيادة النظام مع الاحزاب الكبيرة للزج بها في مستنقع النظام الاسن عسعي ولعل ذلك يمد في عمر النظام ولكن الاحزاب الكبيرة تدرك جيدا الاعيب هذا النظام فالسيد الصادق المهدى حاور النظام سنين عددا وأقتنع أخيرا أن لا جدوى من ذلك والسيد محمد عثمان الميرغني ينفض يده عن المشاركة في حكومة النظام وهكذا يجد النظام نفسه معزولا داخليا وخارجيا , وتبعا لذلك يفقد النظام صوابه وهو يرى ما يجري من حوله فبدلا من أن يلتمس النظام الطريق الصحيح كمخرج له وللبلاد ، ذهب يهدي روعه ويقنع نفسه بأن الامور تحت السيطرة مهرولا الي مؤتمرات سميت تنشيطية لعضويته , وينفق المليارات من الجنيهات وخزينة الدولة خاوية ونحن اذ ننصح النظام ليس حبا فيه ولكن إنقاذاً لبلادنا من الوقوع في الهاوية أن الأموال التي تنفق في هذه النفرات يجب أن توجه إلي مظانها لصالح عامة الناس في معاشهم وتعليم أبناءهم وفي علاجهم وهلمجرا........و إلاّ فلينتظر النظام ثورة الشعب وحينها لا تنفع ولات حين مناص ؟ نحيل النظام الذي يدعي أنه ينطلق من الإسلام وإليه ينتهي كيف أن القهر والتسلط مدعاة لسقوط الحكم وذهاب ريحه فهذا عمر بن عبد العزيز يكتب إليه أحد ولاته يطلب دعماً مادياً [ أمنياً] لحماية مدينته ، لم يحّمر وجه أمير المؤمنين ولم يجرد كتائب من الأمن وهي مدججة بالسلاح لقمع الفوضي وضرب المخربين ولكن كانت وصيته وأوامره لهذا الوالي أن يهتم بما يغفل عنه الولاة وهو أقامة العدل ومحاربة الظلم التي تحبب إلي الناس أوطانهم ومدنهم وحياتهم وتجعلهم يتشبثون بها ويدافعون عنها بالأنفس والنفائس فأعظم ما يحمي المدن حقا ما كان من رضي البشر لا من أجهزة الأمن وكثرتها وقوتها ، فبدلا من توجيه الأموال الطائلة إلي الجوانب الأمنية التي كثيراً ما تبتلع الميزانيات يجب أن توجه إلي النواحي الاجتماعية لسد الخلل وتحقيق الكفاية لكل محتاج كان عمر بن عبد العزيز مؤمناً كل الإيمان بأن العدل هو أساس الدولة وسناد الحكم وحارس الملك وليس هو الجبروت والقوة المادية التي اعتبرها بعض الحكام وحدها التي تحفظ لهم الملك ناسين أن الظلم لن تدوم دولته وأن المظلومين لا بد أن ينتفضوا يوما ما!!والي آخر كتب إلي عمر بن عبد العزيز أن أهل خرسان قوم ساءت رعيتهم وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط فأن رأي أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك ] هذا الوالي يريد تأديب الناس وتخويفهم كما تفعل أجهزتنا الأمنية فكتب إليه عمر بن عبد العزيز [ أما فقد بلغني كتابك تذكر أن أهل خرسان فقد ساءت رعيتهم وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط ، فقد كذبت بل يصلحهم العدل والحق فابسط ذلك فيهم والسلام ] لله درك من أمير عادل ، أما أمراؤنا فكان ردهم مزيد من الحسم والضرب فشتان بين من فهم الإسلام علي حقيقته ومن ألتبس عليه الأمر فاتخذ من الإسلام تقية لفساده وظلمه !! سياسة عمر بن عبد العزيز أدت إلي الاستقرار والازدهار، قال يحي بن سعيد [ بعثني عمر بن عبد العزيز علي صدقات أفريقية فاقتضيتها ، وطلبت فقراء نعطيها لهم ، فلهم نجد فقيراً ولم نجد من يأخذهم منا فقد اغني عمر بن عبد العزيز الناس ] هكذا هي السياسة الرشيدة ، أماتجييش الأجهزة الأمنية لقمع الناس فمصيره زوال الحكم وبؤس الحال ، والناظر إلي حال هذه البلاد بعد عشرين عاماً من حكم المصطفين الأخيار يصيبه الدوار فحالنا يفقع المرارة لا سيما عندما ننسب نظامنا إلي الإسلام فالإسلام برئ من أفعال هذا النظام ..... فهل يستطيع النظام العودة إلي طريق الحق أم ينتظر الطوفان !! وما مصير القذافي وحسني مبارك ببعيدان. Barood Ragab [[email protected]]