دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية: نحن في الشدة بأس يتجلى!    السودان: بريطانيا شريكةٌ في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها المليشيا الإرهابية وراعيتها    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    البطولة المختلطة للفئات السنية إعادة الحياة للملاعب الخضراء..الاتحاد أقدم على خطوة جريئة لإعادة النشاط للمواهب الواعدة    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تقدم فواصل من الرقص المثير مع الفنان عثمان بشة خلال حفل بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. وسط رقصات الحاضرين وسخرية وغضب المتابعين.. نجم السوشيال ميديا رشدي الجلابي يغني داخل "كافيه" بالقاهرة وفتيات سودانيات يشعلن السجائر أثناء الحفل    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسهامات المطلوبة قبل اليوم الموعود(9) .. بقلم: أم سلمة الصادق
نشر في سودانيل يوم 10 - 05 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
السياسة الخارجية في ظل شمولية الانقاذ: بين إفراط وتفريط
umsalama alsadig [[email protected]]
بمقال اليوم عن السياسة الخارجية نكون قد نفضنا أيادينا عن آخر ملف تخذناه للمقارنة بين الديمقراطية والدكتاتورية في عديد من وجوه الحكم التي ناقشناها معا على مدى تسع مقالات تتبعا لما ورد من إفادات الإمام الصادق في كتابه الموسوم(الديمقراطية راجحة وعائدة) بالتركيز على العهد الديمقراطي الأخير وعهد الإنقاذ الحالي، وقلنا أننا قصدنا بذلك الجهد إسهاما متواضعا يسلط الضوء على خبراتنا السياسية المتراكمة لللإفادة منها في بناء المستقبل. وقلنا أن مثل هذا الجهد ليكون نافعا يجب أن يكون مصحوبا بجهود آخرين ليشمل كل الفترة منذ الإستقلال وليؤتي ثمره ويتكامل يجب أن يكون مقرونا ومزاوجا بجهود السياسيين لإبرام اتفاق يضم كل من بالساحة السياسية السودانية خاصة الحركات المسلحة ليتنادى الجميع لرسم مستقبل السودان على هدى ما خاض من تجارب ثرة .
كذلك تفيدنا النتائج التي أظهرتها لنا تلك المقارنات وفي جميع الملفات دون استثناء أن ما تحقق في الديمقراطية من انجاز رغم أوجه قصور هنا وهناك هو ما نبتغيه ذلك أننا نتحرى النهج السليم القائم على الشورى والشفافية والمشاركة ومحاسبة المقصرين وهي معايير تلازم الديمقراطية وتغيب حتى تنعدم في الشموليات لذلك في الديمقراطية تصحح الأخطاء ذاتيا وفي الشمولية تتكرس الأخطاء بديهيا .
بينما نستعد لطي هذا الملف الأخير في (الإسهامات المطلوبة) يجدر بنا الوقوف برهة للتأمل والتفكر الحر في حضرة النفس اللوامة والضمير الحي ليسأل كل منا نفسه حكاما ومحكومين :ما المطلوب منا أفرادا وجماعات لكي يسترد السودان عافيته ؟ما الذي قصرنا فيه بداية لنجد أنفسنا وقوفا على أطلال وطن كان واعدا بمستقبل زاهر ولا نملك له اليوم سوى اسهامات من هنا وهناك ان لم تتحول لجهد جماعي يصب في مجرى تغيير الحال ستظل حبرا على ورق لا تغني ولا تسمن من جوع ويستمر أمرنا بعدها كما كان من قبلها : طاغون سادرون في الغي و حادبون لا يملكون سوى حوارات الطرشان بين : صائحة ومكتولة لا تسمعها ودمع مدرار على حوائط مبكى الوطن .
وهنا لا يفيدنا بعض ما يروج له في الصحف ليساوي بين الديمقراطية والشمولية في تحمل مسئولية فشل الحكم في السودان مما نراه مجحفا وغير مفيد ونورد مثالا على ذلكم النهج ما كتبه الأستاذ ادريس حسن في صحافة 9 ابريل 2012 تحت عنوان:تاريخ الديمقراطية في السودان وإدمان الفشل ولا تعوزنا هنا الحجج التي سبق لنا أن سقناها في مقالات سابقة لدحض مثل هذه المزاعم ولكننا نستغرب من بعض أرباب السلطة الرابعة الذين يعددون أسباب الفشل في السودان ثم لا يسمون الانقاذ برغم وضوح ذلك . بل يقولون بوجوب التغيير لكنهم يُيئسون من جدوى تغيير يتولاه من جربناهم، لذلك يفضل أ.ادريس حسن انتظار جيل مبرأ من العيوب التي ذكرها ليحمل مسئولية التغيير! وهذا نهج يفرض علينا انتظار جيل جديد (هو في اللفة الآن أو في رحم الغيب )في أحسن الفروض: أي اعطاء الانقاذ منتهية الصلاحية عمر جديد. أما الافتراض الآخر الذي يعني تفكيكه أن تستمر الانقاذ حتى قيام الساعة فهو أنه حتى هذا البصيص من أمل تحمل جيل جديد لمسئولية التغيير هو( سراب دونه سراب الذين يأملون في السراب!) .
نعود لملف العلاقات الخارجية وفيه ينفعنا استعراض أهم الأسس والضوابط المتفق عليها عالميا من معايير في العلاقات الخارجية لتساعدنا على إدراك مدى المفارقة أو المطابقة بين الأسس العالمية والنظم التي نريد تقييم كسبها إيجابا أو سلبا .وتلك المعايير تتعلق بالضرورة بالاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتعاون الاقتصادي والتجاري و النهج المتبع في تحقيق الأهداف السياسية مثل حماية الدولة لمصالحها الوطنية وأمنها الداخلي وأهدافها الاديولوجية وازدهارها الاقتصادي).وهي أهداف يمكن تحقيقها عبر التعاون السلمي أو عن طريق الحرب،لكن منذ أواخر القرن العشرين تصاعد الاهتمام العالمي بالسياسة الخارجية وبرز جهد منظم لكي تعتمد كل الدول على التواصل والتفاعل مع الدول الأخرى بواسطة صيغة دبلوماسية و ايجاد بديل للحرب في العلاقات الدولية وقد تطورت في السياق فكرتان:فرض السلام عن طريق تعزيز القانون الدولي والمنظمات العالمية أو الفكرة التي ترى أن مفتاح السلام في القوة الموازنة بين الدول المتنافسة(النمط الذي كان سائدا أثناء الحرب الباردة).
منذ نشأة الأمم المتحدة والإلتزام بمواثيقها والتعامل مع منظماتها المتخصصة صار للسياسة الخارجية بعدا دوليا يضع للبلدان قواعد سلوك جماعي.
انضم السودان منذ استقلاله للأمم المتحدة ووقع على مواثيقها وانضم إلى منظماتها المتخصصة.وأوجبت العوامل التاريخية والجغرافية على السودان الإنضمام للجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية ،ومؤتمر الدول الإسلامية،موقعا على مواثيقها ملتزما بتوجيهاتها.
كما انضم السودان لكتلة عدم الإنحياز منذ تأسيسها في باندونق في عام 1954 وإلى مجموعة ال77 .وبالخصوص ورد في (الديمقراطية راجحة وعائدة) مجموعة العوامل التي تؤثر على سياسة البلد الخارجية:العامل الجغرافي ،العامل التاريخي،العامل المصلحي،العامل الديني والفكري،العامل الدولي، وتلك العوامل شدت السودان إلى عدم الإنحياز وعدم المحورية في سياسته الخارجية.وبذلك استطاع القرار السوداني أن يحقق مصالحه الوطنية عبر التعامل مع كل الدول دون انحياز أو محورية فاستفاد من كل الأطراف الدولية دون أن يثير حنق الطرف الآخر عليه.وقد ظل هذا النهج في السياسة الخارجية متبعا في الديمقراطية في السودان ومخالفا في الشموليات دون استثناء مع تفاوت في درجات التبعية ومفارقة المصلحة الوطنية في العهود الشمولية ذلك أن مرجعية الشموليات هي المحافظة على كرسي الحكم مهما كلف ذلك من ثمن.
وقد نحت الديمقراطية الثالثة ذلك المنحى المستقل الحيادي اعتبارا بالدروس القاسية التي نالها السودان نتيجة للانحياز والمحورية في ظل نظام مايو: عند انحيازه تارة للشرق مستعديا الغرب فكان أن دعم الغرب حركة انانيا الأولى وقطع العون الغربي عن السودان ،وتارة للغرب مستعديا الشرق فساند كل من حلف عدن وروسيا الحركة الشعبية..ومن نتائج الانحياز الكارثية على السودان في عهد مايو اقحام السودان في النزاع الليبي التشادي مما جعل ليبيا تدعم حركة التمرد كما أهدر أمن دارفور عندما استخدم حسين هبري إقليم دارفور ليقفز منه بمساعدة نميري إلى السلطة في انجمينا.لذلك صار القفز للسلطة في انجمينا من دار فور جزءا من دروب الصراع على السلطة في تشاد،كما كان الانحياز للغرب سببا في ترحيل اليهود الفلاشا عبر السودان مما سبب للسودان عزلة عربية وأقحمه في محور اهتمام السياسة الأمريكية وتدخلات اللوبي الصهيوني فيها .
كان على عهد الديمقراطية الثالثة تصحيح مسار سياسات السودان الخارجية لإقامة علاقات متوازنة مع دول العالم والتخلي عن المحورية وعن الانحياز وعن طرفي النقيض في العلاقات الدولية:التبعية والعداء فكانت الخطوات العملية لذلك هي:
- زيارة السيد رئيس الوزراء للاتحاد السوفيتي والاتفاق مع قادته على تفاهمات اقتصادية و تأهيل المصانع السوفياتية في السودان وزيادة طاقتها.ثم تناول تطوير العلاقات التجارية والثقافية،والتسليح للسودان وإعادة تأهيل الأسلحة المشتراة من الإتحاد السوفيتي .والبحث في مشروعية العلاقة الثقافية والروحية بين المسلمين في السودان والإتحاد السوفيتي...الخ.
-ألغت الحكومة الديمقراطية التسهيلات التي منحت للولايات المتحدة في السودان على أساس أننا أصدقاء تتكيف صداقاتهم بحسب مصالح شعوبهم وأوضح رئيس الوزراء للولايات المتحدة لدى زيارته لها إننا غير منحازين لحلف ناتو ولكننا منحازون للديمقرطية .وغير منحازين للاستراتيجية الأمريكية ،لكننا منحازون لتنمية مواردنا وتنميتها.
-عدم المحورية اقتضى إلغاء إتفاقية الدفاع المشترك مع مصر الإتفاقية التي أضرت بالسودان. لاعادة بناء العلاقات السودانية المصرية الخاصة على اساس الاخاء والتعاون المشترك.
- كما تمت مراجعة علاقتنا مع تشاد التي أقامها نظام مايو على أساس التدخل في شئونها الداخلية .
- كان السودان مراعيا في كل علاقاته مصالحه الوطنية وقد تعارضت تلك المصالح مع كينيا التي صارت مسرحا للتدخل في شؤون السودان الداخلية ودعمت التمرد .
- تعارضت مصالح السودان الوطنية مع جمهورية أفريقيا الوسطى التي أراد رئيسها عبور السودان في رحلة متجهة لاسرائيل والسودان ملتزم بعدم اعطاء الاذن لطائرات تعبره الى اسرائيل وجنوب افريقيا.
- كان موقف السودان من الحرب العراقية-الإيرانية متوازنا ابلغ قيادات البلدين بأن العراق أخطأ باشعاله الحرب وايران أخطأت بتماديها في خيار الحرب وعدم الاستجابة لنداءات ايقافها. وقد كان هذا الموقف مراعيا لمصالح السودان ذات البعدين العربي والاسلامي والدور المنوط بالسودان لعبه في المجالين العربي والاسلامي .
- في مجال السياسة الاقليمية:اتجهت سياسة السودان الخارجية لتحقيق حسن الجوار مع كل الجيران بصرف النظر عن اختلافات النظم الحاكمة. وقد كان ما تحقق في هذا الصدد من تحسين العلاقات بأثيوبيا بعد العداء الشديد إنجازا كبيرا.
واتجه السودان في عهد الديمقراطية الثالثة لتكوين ودعم المنظمات الإقليمية مثل "الإيقاد"، للعمل المشترك بين الجيران الستة: السودان، أثيوبيا،كينيا يوغندا،الصومال، وجيبوتي لمحاربة الجفاف والتصحر وتنشيط البرامج الإقليمية لمحاربة آفة الجراد ولصيانة البيئة وللتعاون الثقافي.
-السياسة العربية على ضوء مصالح السودان وظروفه الجغرافية والتاريخية تم الإتفاق على إقامة علاقة خاصة مع كل من: السعودية، ومصر، وليبيا.
- السياسة الأفريقية إن أهم دور للسودان في المجال الأفريقي هو دوره الواصل في داخل منظمة الوحدة الأفريقية بين دول شرق وغرب وقرن أفريقيا. ودوره الواصل بين أفريقيا العربية وأفريقيا جنوب الصحراء .وفي المجال الأفريقي فثمة عوامل جغرافية وتاريخية تقتضى أن يكون للسودان علاقة خاصة بأثيوبيا ويوغندا.
- شرع السودان بالفعل في عهد الديمقراطية في رسم الخطى نحو مهمة تطوير (ديبلوماسية النيل) حتى تبلغ درجة إتفاقية دولية لحوض النيل تشارك فيها كل دول النيل (دول المنبع والمجرى والمصب).
- السياسة الإسلامية لعب السودان دورا في لفت نظر تركيا للعلاقة الخاصة بينها وبين البلاد الإسلامية،وهناك مجال لتطوير العلاقات السودانية الباكستانية، والسودانية الإيرانية، والسودانية الأفغانية.
- كل هذا على الصعيد الثنائي أما على الصعيد الجماعي فقد قررت الحكومة الديمقراطية في إطار وثيقة السياسة الخارجية القيام بمبادرات لرفع مستوى التعاون بن الدول والشعوب الإسلامية لأقصى تضامن في مجال المصالح المشتركة،تعاون في أعمال النجدة مثل: الكوارث والإغاثة،توحيد النظر في المجالات الشعائرية الإسلامية،فتح باب حوار جاد مع المسيحيين واليهود بقصد تنظيم الحرية الدينية والتعايش بين الأديان.
النتائج العملية لسياسة السودان الخارجية في الديمقراطية الثالثة:
في مجال التنمية:
بلغت المبالغ المبرمجة لأغراض التنمية 3 بليون دولار.
وأهم ما حدث في هذا المجال تطوير العلاقات السودانية-اليابانية حتى أصبح السودان أكبر مستفيد من العون الياباني في أفريقيا. لقد اقترح على اليابان دراسة جميع الموارد الطبيعية السودانية للإتفاق معنا على الإنتفاع بها بجهد مشترك: ووافقوا، وكان متوقعا وصول فريق الخبراء في عام 1989م .
وبعد اليابان تأتي إيطاليا: كانت تقديرات العون الإيطالي الجديد في حدود 500ميلون دولار.
كما أسهمت دول اوروبية أخرى في تنمية السودان:أميركا،هولندا،ألمانيا الإتحادية،النرويج،الدنمارك،بلجيكا،السويد وكندا.
إلى جانب هذا الدور، ينبغي ذكر الدور التنموي الهائل الذي قامت به الصناديق العربية :الصندوق السعودي والصندوق الكويتي والدور الكبير الذي قام به بنك التنمية الإسلامي وبنك التنمية الأفريقي.
في مجال التسليح:
وبدل المعونة الأمريكية العسكرية صار تسليحنا معتمدا على مصدرين هما :
الأول: الدعم غير المشروط من الأشقاء: وهذا المصدر إشترك فيه معظم الأشقاء بدرجات متفاوتة: الجماهيرية الليبية- المملكة السعودية-مصر- العراق والأردن.
الثاني: الأسلحة المشتراة عن طريق قروض ميسرة وصفقات متكافئة وبرتوكولات من الدول الصديقة.
أهم الصفقات التجارية كانت مع الصين الشعبية( الطيران والدفاع الجوي والمدفعية والآلات المدرعة) وأبرمنا صفقة لسدها بمبلغ 160 ميلون دولار .
يلى الصفقه الصينية الصفقة اليوغسلافية. وطورنا البروتكول مع يوغسلافيا بشقيه: المدني -الإقتصادي والعسكري.
الشق المدني-الإقتصادي، فقد أثمر إتفاقات هامة: شرعت الشركات اليوغسلافية في تنفيذها بتمويل البروتوكول اليوغسلافي مثل كهرباء النيل الأبيض ومياه الأبيض من بارا.. إلخ وقد عملت الشركات اليوغسلافية في السودان بكفاءة عالية.
أما الشق العسكري: فقد زدنا حجم البروتكول اليوغسلافي العسكري ليبلغ 50ميلون دولار في السنة ،اشترينا بها أسطولا كاملا للبحرية –النهرية السودانية التي أسسناها لأول مرة في تاريخ السودان: أسطول لنقل الجنود وعتادهم والوقود والمؤن، تحرسه 4 زوارق مسلحة مصفحة للعمل في الخط النهري بين الشمال والجنوب.
وشمل البروتكول اليوغسلافي أيضا مشتروات للمدفعية وذخائر وأدوات إتصال لاسلكي ومركبات للقوات المسلحة.
لقد بلغت قيمة التسليح والذخائر والآليات المستوردة للقوات المسلحة في آخر عامين من الديمقراطية من المصدرين الأول والثاني المذكورين هنا(450) مليون دولار في السنة.
وقد أثمرت علاقات السودان الخارجية في مجال الإغاثة (شريان الحياة) وفي في مجال السلام.
و استطاع السودان بعجز في ميزانيته الداخلية والخارجية بما يعادل أكثر من 40في المئة أن يحافظ على سير الحياة وعلى التنمية بمعدلات عالية دون اختناقات تذكر لمدة ثلاثة أعوام، رغم كل التخريب الذي مارسه أعداء الحرية في ظل الحرية.لقد كان الفضل الكبير في تحقيق ذلك راجعا لسياسة بلادنا الخارجية بلا انحياز ولا محاور،حيث كانت سياسة السودان الخارجية توضع لتخدم مصالح السودان بواسطة لجان عليا لوضع برنامج شامل لسياسة السودان الخارجية كما تقوم لجان فنية متخصصة ومفوضة برسم بيانا لأسس سياسة بلادنا الخارجية وعل ضوئها تقديم برنامجا مفصلا للسياسة الخارجية.
هذا البرنامج المدروس تم رفعه لمجلس الوزراء وقد درسه وأجازه وهو أشمل بيان لبرنامج قومي لسياسة السودان الخارجية وهو ثمرة جهد ديبلوماسي،أكاديمي،وسيبقى أساسا قوميا واعيا لسياسة السودان الخارجية إن قدر لنا الانعتاق من (الانقاذ).
خنق هذا الجهد المضني والنافع وناله في مقتل انقلاب يونيو 89 الذي لا نملك الا أن نسلمه كتابه في ملف السياسة الخارجية مثل كل ملف سابق بشماله وخير من يحدثنا في ذلك هم أهل الاختصاص وأصحاب الوجعة من الدبلوماسيين وفي السياق يقول السفير عطا الله حمد البشير في ندوة رعاها الراصد في 8مارس 2011 متحدثا عن الدبلوماسية الرسالية وتداعياتها ،ما معناه (عوضا عن المصالح وهي الأساس الذي يجب أن تقوم عليه العلاقات الدبلوماسية بين الدول كان السودان في عهد الانقاذ يعمل على تطبيق ما عرف بالدبلوماسية الرسالية والتي تعني عمليا التدخل في شئون الآخرين) وقد عدد سعادة السفير نتائج تلك السياسة من عزلة مني بها السودان بسبب ذلك التدخل وبسبب دخوله في تحالف مع دول الضد مثل وقوفه مع العراق ضد الكويت فكان أن فقد السودان في 1993 دعم صندوق النقد الدولي والدول الغربية بسبب غياب الديمقراطية والشفافية.وفي95 ساءت العلاقة مع مصر بسبب محاولة اغتيال الرئيس مبارك.وفي97 صار السودان هدفا لقرارات مجلس الأمن التي وصلت ال20 قرار منها قرار من المحكمة الجنائية لتوقيف الرئيس .ومواجهات مع يوغندا وكينيا وأثيوبيا وارتريا وتشاد واليوم بعد الانفصال تهديد بحرب شاملة مع دولة الجنوب .
وفي ذات الندوة تحدث السفير د.حسن عابدين عن :الدبلوماسية الرأسية(التدخل في شؤون الآخرين)،التطاول مع الكبار(امريكيا روسيا قد دنا عذابها)،الوصايا على الآخرين،الشعارات الجوفاء.وهنا تبدو بعض المغالطات في غاية الغرابة مثلا :كتب د.ياسر محجوب حسين في مجهر 6مايو 2012 تحت عنوان :المهدي والنادي الأمريكي يقول أن عهد الصادق المهدي لم يشهد أي قرار من مجلس الأمن لأنه لم يقترب من المحظورات وهي تحرير القرار السياسي والاقتصادي :مثل استخراج البترول وتحدي امريكا عن طريق الصين وبناء سد مروي ونحن نقول بل ان القرار السياسي كان حرا في عهد الصادق بما استعرضناه من أدلة وأن السلام الذي كان قاب قوسين أو أدنى كان سيجعل شيفرون بين خيارين اما مواصلة العمل أو القبول بدخول طرف آخر الصين أو سواها لكني أسأل الكاتب هنا أن يحكم ضميره ليجيب :أما كان الأفضل لنا لو جانب التوفيق مجهود الانقاذ في استخراج البترول و بقي بترول السودان في أرضه حتى يأتي نظام يمكن أهل الثروة الحقيقيين من الاستفادة منها في تمويل موارد السودان المتجددة بدلا من النعمة التي صارت نقمة وأموال البترودولار التي مولت المفسدين وأهل السودان يقتلهم الجوع (نسبة الفقر فوق 90%) واليوم بسبب السياسات الخرقاء التي يتضجر منها أهل الدار أنفسهم ويقولون : الخارجية تعمل في حقل ألغام وهو تردي لا يجب أن يكون مستغربا طالما أن من يرسم سياستنا الخارجية هم من أمثال السيد الطيب مصطفى الذي يتسائل اليوم : (لماذا نكتفي بسلاح الطيران و لا نحرِّك قواتنا المسلحة والمجاهدين الذين يتوقون لتلك الأيام العطِرات ..لماذا لا نعلن الحرب علي يوغندا من خلال الدعم المكشوف للثائر جوزيف كوني؟!) والمصيبة أننا نعلم أن في سؤال أمثال هذا الرجل قد تكمن كل الاجابة: ألم يقل منبره هلم الى الانفصال فانفصل الجنوب وفقد السودان بتروله مع ثلث أرضه وثلث سكانه مع انفصال الجنوب.أما سد مروي الذي ذكره دليلا على تحدي الغرب وكنا قد كتبنا عن التجاوزات فيه وأولها تنفيذه على غير أولوية أيضا بسبب السياسات الجزافية والفساد والتفريط في مصالح الوطن وارضاء (المحروسة) تسديدا لفاتورة التدخل في التسعينات بمحاولة نظام الانقاذ اغتيال الرئيس المصري .وسد مروي هو السد الذي ينتقده السيد صلاح قوش في صحافة 8 مايو 2012 (ويطالب بإعادة تقييم سياسة السدود من جديد، معتبرا ان سد مروي ليس ذا جدوي اقتصادية حقيقية؛ لانه فشل في زيادة الانتاج الزراعي و تقليل الصرف علي الانتاج الصناعي، وقال ان البلاد تمر بضائقة مالية تتطلب توظيف انتاج سد مروي توظيفا اقتصادي) انتهى رأي قوش.
وقد كانت مثلما هو متوقع نتيجة تلك السياسات الخرقاء المفرطّة والمفرطة الانبطاح الكامل للغرب وامريكا والتعاون في ملفات استخبارية بما كشفه مسؤلون سودانيون وتسريبات الويكيلسكس وصار السودان هدفا لطلعات سلاح الجو الاسرائلي وصارت أطرافه هدفا لأطماع دول الجوار (حلايب والفشقة وغيرها)وبعد قرار المحكمة الجنائية صارت السياسة الخارجية السودانية لا تراعي مصالح السودان الاستراتيجية مثلما كان سائدا في الديمقراطية الثالثة بل صار هم سياستنا الخارجية الأوحد :سلامة الرئيس الشخصية وكل الجهد يبذل في هل سيسمح للرئيس بحضور حدث ما في بلد ما ؟وما هي ضمانات عودته سالما ان سمح له بالحضور وبعدما كان طموح السياسة الخارجية السودانية وكسبها التطلع للعب دور للسودان يؤهله له موقعه المتميز انخفض سقف تطلعاتنا للصفر وصار بامكان بلد مثل ملاوي التجرؤ على السودان برسالة لا لبس فيها:لا نريد مشاركة الرئيس البشير لمؤتمر قمة الاتحاد الافريقي ببلدنا يوليو القادم وللأسف لا تثريب عليها ولا لوم !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.