يحتضر هذه الأيام الجنيه السوداني، وأصبح أقرب للموت من العودة مرى أخرى للحياة إثر تعرضه للغرف حينما حاول المؤتمنون عليه تعليمه العوم واضعين في اعتبارهم أنه ابن الوز العوام.. ولكنه كان غير ذلك بسبب أنانية مفرطة من تجار " الهبرو املو" كما يقول أستاذنا البروف عبداللطيف البوني.. لا هم لهم إلا السباحة في أنهار من العملات الأوروبية والأمريكية .. دون إتاحة الفرصة للمريض ليشفى ويتعلم السباحة أسوة ببقية زملائه من العملات الأخرى. تجمع القائمون على المحتضر .. يتشدقون ويتظاهرون بمحاولة اسعافه ويتساءلون : هل يمكن أن تستقر حالته الصحية ويعود من غيبوبته ؟ إجابة هذا السؤال أشغلت بال الجميع.. كل يدلي بدلوه، يرى بعضهم أن لا إنقاذ له إلا بتعويمه ... والتعويم آلية اقتصادية , تقوم على جعل سعر صرف العملة المحلية أمام باقي العملات ليواجه أمواج تقلبات العرض و الطلب في السوق وبمعنى آخر ترك مسألة تحديد سعر الصرف العملة المحلية للبلد أمام العملات الأخرى بيد السوق , أي بحسب كميات الطلب و العرض على هذه العملة , ويرى آخرون عدم جدوى التعويم في ظل وجود مشكلات اقتصادية ضاربة في أعماق الكيان التنموي السوداني لو كان أصلاً هناك كيان تنموي قائم حالياً.. يرى هؤلاء أن التعويم لا يخرج عن كونه مضاد حيوي مسكن لألم عملتنا لفترة محدودة تتفاقم بعدها علتها المرضية لدرجة يصعب معها علاجها مهما استمرت فترة تعويمه ..وحينذاك لن تكن له أية قيمة اقتصادية. ويرى اقتصاديون عقلاء أن المشهد الاقتصادي السوداني يحتاج لجدولة مرحلية لعلاجه .. لا تعتمد على حفنة دولارات مقدمة هدية لنا من إحدى الدول .. حيث أن السوق سرعان ما يمتصها ليروي بها ظمأه .. ما يحتم على حد قول الاقتصاديين العقلاء علاج المشكلة بشكل جذري .. بدءاً من تحسين مدخلات الإنتاج خصوصاً الزراعية .. حيث أن مشروع الجزيرة الذي كان قبل فترة أكبر داعم لاقتصاد السودان أصبح في خبر كان .. حتى المزارعون أصحاب المزارع فيه أصبحوا عاجزين عن تأمين لقمة العيش للأفواه الجائعة ..ناهيك عن دعم اقتصاد الوطن ودعم عملته .. المسألة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار .. لا إنقاذ لاقتصاد الوطن إلا بإحياء هذا المشروع الزراعي الذي تدمر وأصبحت أراضيه خاوية على عروشها .. جدباء .. بسبب العطش وحاجة قنوات الري للصيانة من جديد بعد أن علاها الطمي والحشائش .. إضافة لحاجة الزراعة لميكنة ودعم .. بعيداًُ عن الضرائب التي تكسر كاهل المزارع المقلوب على أمره . استبشرنا قبل سنين قليلة بالنفط وفرحنا به وقلنا حينها يمكن أن توجه عائداته لدعم الزراعة وتطويرها وليس العكس .. ولكن حصل غير ذلك .. تدمر مشروع الجزيرة .. وأصبح في خبر كان .. وضاع جزء كبير من النفط مع انشطار الكيان القارة .. والسؤال إلى متى نحن هكذا نحتاج لمن يدعم اقتصادنا ولدينا أراض زراعية يمكن أن تجعلنا سلة غذاء العالم. ونتساءل هنا : هل خطة البنك المركزي كافية لإنقاذ المحتضر ؟ أرى أنها خطوة في الطريق الصحيح إذا تزامنت معها إستراتيجيات متكاملة لدعم اقتصاد الوطن .. منها عمل موازنات حقيقية بين الوارد والصادر مع تقديم دعم لازم لذلك لكيلا تتعرض معيشة أبناء الوطن لمنغصات ويكفي ما هم فيه أصلاً من غلاء ..اضافة لذلك لا بد من تكريس مبدأ الشفافية والرقابة لوضع حد لأية اختلاسات أو فساد هنا أو هناك .. تفعيل مبدأ الرقابة الذاتية .. مع تشكيل لجان في كل الإدارات المعنية هدفها منع أية تجاوزات مالية..