فقد السودان، وفقد الإبداع السوداني والعربي، الشاعر والدبلوماسي والإنسان سيد احمد الحردلو. لقد عُرف الفقيد، منذ سنوات الدراسة الأولى، بنبوغه العلمي حتى تخرج من جامعة القاهرة الأم متخصصاً في الأدب الإنجليزي. ومنذ صباه الباكر عشق الأدب، وانخرط في تجاريبه الشعرية، فأصدر ديوانه الأول "غداً نلتقي" عام 1960، وظل يرفد الحركة الشعرية بأعماله المتميزة، مثل "بكائية على بحر القلزم" و"نحن من علم الغرام الغراما"، وصدرت أعماله الشعرية في مجلد واحد قدم له الطيب صالح الذي انتبه لعشق الفقيد للوطن، وسداده ثمن ذلك غالياً من حريته، في شتى صور التشريد والنفي، ومن صحته، حيث ظل جسده نهباً للمرض، سوى أن روحه ظلت على العهد بها قوية متماسكة، وبقي صامداً في الصفوف الأمامية مع المنافحين عن السودان وإنسانه. تمتع الراحل بطاقة إبداعية ضخمة، فكتب في أجناس أدبية أخرى بخلاف الشعر، كالقصة التي أصدر فيها مجموعته ذائعة الصيت "ملعون أبوكي بلد"، كما كتب العديد من النصوص المسرحية، وغيرها. وله في اللغة الابداعية حفريات باذخة، حيث اعتاد أن يستخدم هجيناً مبهراً من الفصحى والعامية في تناغم جميل. ألا رحم الله سيد أحمد الحردلو، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه ومحبيه وأصدقاءه ووطنه ومبدعي السودان كافة جميل الصبر على فقده.