على فضائية امدرمان نهار الجمعة 1/3/2013 يوافق 1 ربيع ثانى 1434....وكان الخطيب كالعادة فريد عصره .. ووحيد زمانه..الشيخ الكارورى تساءلت الم تنجب حواء السودانية غيره؟ .. بدا ينهى خطبته متسائلا عن أسباب عزوف الجيل الشاب بل وانصرافهم عن العلماء .. وعن الجفوة الموجودة .. وعن تعلقهم بالفنان محمود..وصدمتهم لموت محمود..وتسال عن ذلك الطفل الذى لم يتجاوز الثلاث اعوام والذى انتحب لموت الفنان محمود عبدالعزيز.. الخ.. ومثلما صدم شيخنا بهذه المواقف من الشباب..صدمت انا من هذا الشيخ وبدات اسال نفسى فى اى كوكب يعيش هذا الخطيب.. وهل يعيش معنا فى هذا الوطن..و هل يعانى مثل ما نعانى..الا يدرى بانه بتساؤلاته تلك يؤكد صحة تلك الفجوة.و يؤكد ان هناك من العلماء من هم بمعزل بعيد عن افراد هذه الامة و ابنائها..و بعيدين عن حمل هموم المسلمين فى هذا الوطن المعطاء..بل انهم فى منأى عن الاختلاط بالعامة و تلمس همومهم و مشكلاتهم وآلامهم سوى فى درس علم او حلقة تعليم..كما لا يخفى ان هنالك كثير من اولئك العلماءلا يتحدثون الى الناس بلسان الناس ولكن يخاطبونهم خطابا اما ان يكون انعزاليا بحتا او اصوليا محضا..و فد علموا ان كل رسول ارسل بلسان قومه كما قال عز و جل شانه (وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم) واللسان يشمل اللغة ومحتوى اللغة وطريقة الاداء اذا فهنالك مسئولية العلم و مسئولية اخرى لطريقة توصيل ذلك العلم للناس.. وفى ذلك يقول الحبيب المصطفى (ص): (نضر الله عبدا سمع مقالتى فوعاها.ثم بلغها عنى.فرب حامل فقه غير فقيه.و رب حامل فقه الى من افقه منه.)..و لذلك نرى انه فى القران تعددت الاساليب مع اختلاف الانبياء..فدعوة الانبياء واحدة ..لكن طريقة حوارهم مع اقوامهم مختلفة..فمحتوى اللسان يشمل طريقة الخطاب و الاقناع ويدعونا الى ان نطور اللفظ و المحتوى و الطريقة..اى ان الدعوة تكون بلسان الحال ولسان المقال معا ..و الا فلا جدوى و لا طائل من ورائها..فلا تأثير لكلام خطيب يطالب الناس بشئ لا يلزم نفسه به..عالم يصف الغلاء و البلاء و ضنك العيش و عدم توفر العلاج فى الوطن..بانه غضب ربانى علينا بسبب بعدنا عن استقامة الطريقة و البعد عن الله..ذلك بالرغم من تبجح المسؤلين عندنا بان الغرب يحاربنا لاننا التزمنا درب الله نعم اين العالم القدوة .. الذى يتمثل به الناس و يحترمون اقواله..اهو ذلك الذى يطالب الناس بالصبر على المعاناة و عدم توفر ابسط مستلزامات العلاج فى المستشفيات و ما ان يصيبه مصاب الا و نجده محمولا بطائرة خاصة الى دولة الفسوق بريطانيا..او تجرى له عملية فى دولة الكفر المانيا و بايدى حسناواتها.. و من دون ان يرف له جفن.. و لسان حال الذين يستمعون لخطبه يقولون :من ذى ديل وا اسفاى تساؤلاتك يا شيخنا الكريم هى نفس التساؤلات التى طرحناها فى مقال سابق فى نفس هذا الموقع بتاريخ 30/1/2013 تحت عنوان:جبهة علماء السودان فى شنو؟؟..و شعب السودان فى شنو؟؟ و قد تساءلنا عن العلماء من هم ؟ و اين هم؟اين هم مما يجرى فى هذا الوطن و تساءلنا عن برامجهم و اطروحاتهم للخروج من المأزق ..بل من المأزق التى صارت تنهال على الوطن من كل صوب..الفساد رائحته تزكم الانوف..يغرق حتى الاذان..و يتم تغطيته بما يسمى بفقه السترة..لكن الرائحة العفنة لا يمكن تغطيتها؟؟ و ذلك بدلا من التعامل بشفافية مع الفاسدين وكشف فسادهم..و ليس بطريقة رئيس البرلمان السودانى بقوله :كى لا نطفش المستثمرين..و كان المستثمرين اغبياء لهذه الدرجة ؟تساءلنا لماذا ضاعت هيبة العالم فى السودان..و بل و صار موضع شبهة لمولاته للنظام ووقوفه على ابوابه؟اين العالم القدوة..و الذى يتمثل به الناس و يحترمون اقواله لانهم يرونها فى افعاله....ام هو ذلك الذى يحدث الناس بان اسباب ضنك العيش هو انتقام ربانى لبعد الناس عن دين الله..و تفشى المعاصى..و لم يسال نفسه عن اسباب تفشى المعاصى فى دولة المشروع الحضارى و لماذا لم يعاقبه الله معنا..و لماذا هو يعيش فى رفاهية و بحبوحة من العيش و سيارات برادو تحمله بعد الخطبة.. و ابناء يتعلمون فى الخارج نعم يا شيخنا الجليل المتابع لاحوال الشارع الاسلامى فى السودان ليلحظ رغم حب السوداني للدين مدى بعده عن علماؤه ..لضعف دورهم الشديد وهامشية هذا الدورفى قطاعات بالغة الاهمية فى حياة الامة .. فقد اكتفوا بدورهم التعليمى داخل المساجد او داخل قاعات المحاضرات ..و هذا امر قاصر قد تجاوزته ظروف العصر و امكانياته التقنية..و التغيرات المجتمعية..فلم يطوروا خطاباتهم و اساليبهم او طريقة تعاملهم مع الجيل الشاب ..و هذا الاتهام تبدو علامة صحته جلية من ضعف اثر العلماء فى توجيه الفكر و السلوك الشبابى خاصة..و سلوك رجل الشارع السودانى عامة الذى لم يعتاد حضور الدرس الدينى..او من شغلته مشاغل الحياة..و لا شك ان هذا التطوير يحتاج الى وقت و اعادة صياغة و افساح مجال للدعاة من الشباب..و اعطائهم الفرصة فى المنابر.. وو سائل الاعلام المختلفة..اذا لا يعقل ان تكون نفس الوجوه التى ادمنت الفشل و اوصلتنا الى ما نحن فيه هى نفسها التى تخطب.. و توعظ لثلاث قرون- وانت منهم يا شيخنا مع احترامنا لك لسنا ندعوا الى ابتعاد العلماء عن الدور العلمى الوعظى..فدور العلماء جليل هنا ..لكن ندعوا الى تلمس هموم الناس..و تحسس الامهم و مشاكلهم..فدور العالم جليل فى هذه الناحية.. حيث يكون الناس احوج ما يكونون الى كلمة صادقة من عالم ربانى يعينهم على العودة الى ربهم و الاوبة الى رضاه.. و هو ما اخبر به حبيبنا محمد (ص)معلما امته فى قوله:( ان احب عباد الله الى الله الذين يحببون الله الى الناس)..و هذا من اهم ادوار العالم..فالناس و بالذات الشباب قد اصابهم ما اصابهم من احباط و قنوط بل وياس من اصلاح القديم فصاروا يلتفون حول من يعيش بينهم ياكل و يجوع مثلهم.. يتحسس همومهم و مشاكلهم..يغنى لاوجاعهم..فشباب اليوم شباب مرهف الحس وزكى جدا لا يمكن خداعه بخطبة او لسان معسول من شيخ او غيره ما لم ير فى المتحدث ما يسمعه منه..و هذا ما حببهم فى محمود عبد العزيز فقد عاش الامهم و عانى مثل ما يعانون..فقد سكن فى حى شعبى متواضع ..لم يكن من ساكنى الاحياء الراقية..مثل المنشية وكافورى مثل علية القوم..عانى مثلهم من انقطاع للكهرباء و المياه لايام و ليالى..شرب الماء الملوث (ان وجد)..عانى من لسع البعوض..عانى من الملاريا و التايفويد..تعالج مثلهم فى حوادث بحرى..و حتى مرضه الذى توفى بعده فقد تكفل به احد المحسنين..قبل ان تتدخل الدولة تسجيلا لموقف.. و محاولة سحب البساط كما فهم الجميع....و هى نفس الدولة التى اهانته و عذبته فى معتقلاتها و بيوت اشباحها.. كان فاعلا للخير كما علمنا اخيرا كثير المال..قليل الادخار بفعل ذلك..كان يتبنى ايتام..و يصرف على طلاب مدارس انقطعت بهم السبل لضيق ذات اليد سيدى ..ان اردتم ان يحببكم الناس مثل محمود .. اقتربوا من الناس تواضعوا لهم ..عيشوا الامهم ..ارفعوا ايديكم عن السلطان و عن موالاته فلن يغنى عنكم من الله شيئا يوم لا ينفع مال ولا بنون..قفوا مع الغلابة..تعالجوا فى مستشفياتهم لتعرفوا معاناتهم..كونوا مع الغلابة و ما اكثرهم تحرروا من القيد الارضى الدنيوى..تحرروا من القيود المختلفة و الملتفة حولكم.عندئذ تزداد ثقة الشباب فيكم..وكل ذلك يتطلب عدم التقوقع فى حزب معين..او الانكفاء و الانزواء فى ركن ما.. فى صومعة ما..بل يجب الخروج للناس..و معرفة مشاكلهم .. و التواضع لهم والانصات لشكواهم ويكفيه دافعا لكل هذا و مشجعا حديث المصطفى (ص) الموجه لعلى رضى الله عنه: (لان يهدى بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) كونوا بلسما شافيا لهم..كونوا فى مقدمتهم دائما ان طالبوا بماء او دواء اوحق من حقوقهم..و قبل ذلك انظروا لانفسكم..و اجعلوا قلوبكم مراة .. فان كان ظاهركم كباطنكم..واقوالكم كافعالكم.. و حالكم كمقالكم. فسيحببكم الشباب كما احبوا محمود عبد العزيز .. (وان الله اذا احب عبدا حببه فى قلوب العباد) ..والا فلا بكاء على محبة لم نعمل من اجل تحصيلها..هداك الله ايها الشيخ العالم..و هدانا بهديك