جاء في الأنباء أن الدبلوماسي الأشهر والمخضرم السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية يعاني من انقطاع المياه وأحيانا لا يستقبل بيته قطرة ماء واحدة اليوم كله..لاشك أن أنباءً مثل هذه تسعد وتفرح سدنة المياه هنا في الخرطوم وتجعلهم أكثر جرأة في تبرير قطعهم المياه التي جعل الله منها كل شئ حيا عن أحياء الخرطوم الصامدة.. يا أخي المياه مقطوعة في كل مكان حتى في مصر القريبة، الكل يعاني الكبير والصغير.. يا أخي أنت أحسن من عمرو موسى!!.. هذا سيناريو الإجابة التي سيتأبطها مسؤولو المياه ويواجهون بها استغاثات المواطنين أعانهم الله.. فالذي حدث للسيد موسى ليس خبرا طريفا فحسب بل هو عبء إضافي على المواطنين يسلبهم حتى البوح بمعاناتهم. سواء كان حال الخدمة المدنية كذلك؛ في السودان أو في مصر أو في بلاد العرب والمسلمين (منقورة الطار ومشيولة الحال)، فالحال من بعضه.. سوسة الكسل واللا مبالاة وضعف الوازع الأخلاقي والديني ظلت تنخر بحماس في جسمها النحيل حتى أطاحت بها وأودعتها غرفة الانعاش دون أن يكون هناك بصيص أمل في الشفاء. تشخيص أدواء الخدمة المدنية في عالمنا الثالث أو الرابع أو الخامس أو كيفما يشاء أن يسمينا الغرب يشير إلى وجود فجوة واسعة بين الشخصية بمكوناتها الثقافية وبين متطلبات خدمة مدنية فاعلة، فما يعتبر فضائل وايجابيات في ثقافتنا، كالقدرية والزهد على شاكلة (الرزق مقسوم والأجل محتوم) هو اشكاليات حقيقية ومزمنة. ترميم الحال؛ أول ما يحتاج إلى صياغة فكرية لمفهوم الخدمة المدنية، تنطلق من أول عتباتنا الدراسية وتستمر بجرعات مضطردة تصاحب كل المراحل الدراسية.. إتقان العمل سبيل لرفعة المجتمعات لأن معيار المجتمعات الإيجابية إتقان العمل.. فشخصية المسلم يفترض أن تكون إيجابية، مقبلة على الحياة، متفاعلة معها.. واستيفاء شروط الخلافة في الأرض يتطلب السعي في مناكبها عبادةً لله، وإعماراً لها، لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقن الإنسان عمله: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه". Yasir Mahgoub [[email protected]]