كان يومُ أمسٍ (الثلاثاء)، يومَ احتفالٍ بمحلية أم بدة، لافتتاح أربعة مراكز صحية، هي في الحقيقة أقربُ إلى مستشفيات، باعتبار اكتمال مبانيها وأجهزتها الطبية المختلفة، التي تقارب صروح المستشفيات، مبنىً ومعنىً، وقد شرَّف هذه الاحتفالات الأخ الدكتور عبد الرحمن أحمد الخضر، والي ولاية الخرطوم لافتتاحها، بعد أن بذلت وزارة الصّحة في ولاية الخرطوم، بقيادة الأخ البروفسور مأمون محمد علي حميدة وأركان وزارته، جُهداً مقدراً من حيث الإعداد والتجهيز لافتتاح هذه المراكز الصّحية الجديدة، التي شملت مركز طب الأسرة المرجعي في الحارة 52 بود البشير، ومركز طب الأسرة في الحارة 32، ومركز طب الأسرة المرجعي الفطيماب، ومركز طب الأسرة في الحارة 20. ولقد كان لجُهدِ الأخ عبد اللّطيف عبد الله فضيلي، معتمد محلية أم بدة دورٌ بارزٌ في إنجاح مراسم افتتاح هذه المراكز الصحية الأربعة، من حيث التنظيم والمتابعة، مما دعا كثيراً من رجالات اللجان الشعبية يشيدون بجهده في تطوير هذه المحلية الكبرى بأم درمان، والتي بلغ عدد سكانها مليون ومائتي ألف مواطن. وفي إشارة من الأخ البروفسور مأمون حميدة إلى أنها محلية المستقبل في ولاية الخرطوم، إذ أن عدد أطفالها حوالى 25 % من أطفال الولاية. وأحسبُ أن هذه المراكز الصحية الجديدة تُؤكد نجاح سياسيات وزراة الصحة المتعلقة بتطوير الخدمات الطبية والصحية، وجعلها قريبة من سكن المواطن، بحيث توفر له خدمة ورعاية صحية أولية، دون الحاجة إلى كثيرِ عناءٍ بالتنقل إلى المستشفيات الوسطية التي تُرهقه مالياً وجسدياً، للوصول إلى خدمة طبية ينشد من خلالها العلاج. ومن الضّروري الحديث بأن الرعاية الصحية الأولية أصبحت إحدى أهم مداخل الطِّبابة في العالم أجمع، وهي من الخدمات الطبية التي تُوصي بها منظمة الصّحة العالمية وغيرها من المنظومات العالمية في المجالات التي تُعنى بصحة الإنسان. ولما كانت محلية أم بدة من المحليات الكبرى في ولاية الخرطوم، فقد ركزت وزارة الصّحة الولائية على الاهتمام بالرعاية الصحية الأولية من حيث الكم والنوع. وفي رأيي الخاص، أن البروفسور مأمون حميدة، أولى الرعاية الصحية الأولوية اهتماماً خاصاً، منذ تسنمه هذه الوزارة في عام 2011، بحكمِ تجاربه وخبراته في العمل مع منظمة الصحة العالمية، التي اعتبرت الرعاية الصحية الأولية أُس الصّحةِ، والركن الركين للخدمات الطبية المختلفة، لذلك لم يكن غريباً أن يُحدد معالم بارزة لها في الخارطة الصحية، من منطلق رؤية ثاقبة، وفكر خلاق، حيث بلغ عدد المركز الصحية الحكومية 22 مركزاً، وعدد المراكز الصحية للمنظمات 65 مركزاً، وعدد المراكز الصحية الخاصة 15 مركزاً، وهي جميعها تعمل وفق منظومة وزارة الصحة بولاية الخرطوم. وبشر الأخ الوزير مواطني محلية أم بدة بأنهم سيشهدون قريباً افتتاح مستشفى أم بدة النموذجي، ومستشفى محمد عبد العزيز الرّاجحي الخيري، وحوادث المستشفى الصيني، ومركز الرّخا النموذجي، ومركز المنارة المرجعي. وأكبرُ الظنِّ عندي، أنّ الأخ عبد الرحمن الخضر استغل سانحة افتتاح هذه المراكز الصّحية الأربعة، للتخفيف عن المضاغطات السياسية التي واجهها خلال الأيام القليلة الماضية، وسارع إلى شنِّ هجومٍ عنيف، وانتقادٍ لاذع، لجماعات مواقع التّواصل الاجتماعي، التي بثت الكثيرَ من الشّائعات المغرضة حوله، ونقلت منها بعضُ الصُّحفِ وعددٌ من كتاب الأعمدة حول بعض الأحداث، كإدعائهم بمرضه وغير ذلك. وكنتُ أظنُّ - وليس كلُّ الظنِّ إثماً - أنه ما كان ينبغي أن يتطرق في هذه المناسبة إلى أحاديث المواقع الإسفيرية، ليُظهر قدراً من رباطة الجأش والاصطبار على كثيرٍ من المكاره التي أصابته خلال الأيام الماضية، ولكنه لم يجد مناصاً من إظهار ما يعتلج في صدره من هذه المواقع. أخلصُ إلى أن هذه الافتتاحات كانت فرصةً طيبةً للتأكيد على أهمية البذل والعطاء في العمل العام، دون التأثر بكثير مما يصيب الشخصية العامة من أذىً عبر المواقع الإسفيرية وغيرها. على كلٍّ شاهدنا الأخ عبد الرحمن الخضر قوياً في التّصدي لمهامه الوظيفية، وهيّناً في التّعامل مع مواطني ولايته من خلال السماع إلى شكاويهم، ومراجعة مظلماتهم في فضاءات هذه اللقاءات التي شهدتها محلية أم بدة أمس (الثلاثاء)، وهو بذلك يتخلص من المضاغطات السياسية عبر هذه الافتتاحات. ولنستذكر في هذا الخصوص، قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ". وقول الشاعر السوداني الراحل إدريس محمد جماع: هينٌ تستخفه بسمة الطفلِ قويٌ يُصارعُ الأجيالا حاسرُ الرأسِ عند كلِّ جمالٍ مُسْتشفٌ مِنْ كُلِّ شيءِ جمالا ماجنٌ حطَّم القيودِ وصوفي قضى العمر نشوة وابتهالا