في الوقت الذي اصبح تغير المناخ حديث الساعة ليس في افريقيا فحسب بل العالم قاطبة حيث حشدت الأممالمتحدة طاقات الحكومات والشعوب للحد من التدهور البيئ بفعل عوامل معروفة وغيرمعروفة الا ان الدول الأفريقية هى الأكثر تضرراً ربما لاعتمادها على الحطب كمصدر رئيسي للطاقة والتوسع الزراعي الأفقي على حساب الغابات أو الغطاء النباتي اضافة الى القطع الجائر لأشجار الغابات وقلة التوعية البيئية. ومع هذا فقد وضعت بعض الدول سياسات لحماية الغطاء النباتي فعلى سبيل المثال نجد أن القوانين الزامبية التي وضعها الاستعمار لا زالت سارية المفعول ولا زالت مساحة الغابات تشكل ما بين 60 – 70 بالمائة من المساحة الكلية للبلاد وهى حوالي 751000 كيلومتر مربع فالقانون الزامبي يسمح بقطع الاشجار لأغراض تجارية ولكن بشرط أن يقوم من يمارس تجارة الأخشاب زراعة عشر شتلات مقابل الشجرة التي يقطعها وهذه السياسة ناجحة للغاية بالرغم من قيام بعض المستثمرين بقطع الأشجار بصورة غير شرعية وتهريبها ولكن القانون رادع وقد تُفرض عقوبة بمصادرة الشاحنة مع السجن والغرامة. الميزة من هذه السياسة هى الحفاظ على معدل هطول الأمطار اضافة الى حماية الحياة البرية المتنوعة وكذلك الثمار البرية التي توفر الغذاء للعديد من سكان الريف كبديل للغذاء الرئيسي. وفي هذا الصدد كان الغطاء النباتي سائداً في السودان مع استمرار هطول معدل جيد للأمطار حتى أن المجاعات كانت تحدث في فترات متباعدة واصبحت رمزاُ للتأريخ في بعض المناطق. القانون الآخر الذي صاحب المحافظة على الغابات يتمثل في حماية الحياة البرية والثروة السمكية إذ يمنع القانون الزامبي صيد الحياة البرية والأسماك اثناء مواسم التكاثر وتتراوح فترة الحظر ما بين أربعة أشهر للثروة السمكية وستة اشهر للحياة البرية ونتيجة لهذا اصبح عدد الحياة البرية كبير جداً لدرجة أن الحكومة تقدمت بعدة طلبات للهيئة الدولية المعنية بالحياة البرية للسماح لها بتقليص أعداد الأفيال التي تلحق الضرر بالمزارع وتهدد المواطنين وبيع العاج. وفي هذا الصدد لا زال الوعي البيئي في السودان متأخر كثيراً إذ لا يوجد قانون في الاقاليم المختلفة تحظر الصيد في مواسم التكاثر ونتيجة لذلك يتم صيد الأسماك في موسم التكاثر أما الحياة البرية فمطلوب القبض عليها حية أو ميتة طوال العام. وينبغي للحكومة مراجعة قانون الغابات والحياة البرية والبحرية كسياسة زراعية عامة للدولة بحيث يتم تزويد جميع أقاليم البلاد وخاصة الشبه صحراوية منها بشتلات اشجار النخيل مع حمايتها وكذلك الأشجار المقاومة للجفاف لإيجاد حزام غطاء نباتي للأجيال القادمة كما لا بد من تشجيع القطاع الخاص لإنشاء محميات طبيعية في أماكن عديدة من البلاد وخاصة في المناطق القريبة من جبل مرة للجذب السياح الى. لماذا لا تطبق الحكومة سياسة زراعية لزيادة نسبة الغابات في مناطق المشاريع الزراعية الى عشرين بالمائة ؟ بالرغم من أن النزاعات المسلحة تساهم في عدم سيطرة الحكومة على القطع الجائر للأشجار وكذلك الحياة البرية إلا أنه لا بد من اتخاذ خطوة شجاعة لتخصيص نسبة مقدرة من الميزانية للغطاء النباتي لحماية أشجار الصمغ العربي والتبلدي وغيرها من الاختفاء في ظروف غامضة.يقوم رئيس الجمهورية برفقة السفراء الأجانب بغرس شتلات في المناطق الريفية لتشجيع المواطنين للحفاظ على الغطاء النباتي الأمر الذي شجع البعثات الدبلوماسية (الدول المانحة وهيئات الأممالمتحدة على تخصيص ميزانيات للحفاظ على البيئة) . إن المحافظة على الغطاء النباتي يعني استقرار مواطني الريف في مناطقهم وتمكينهم من الحصول على الغذاء بسهولة كما يساعد على تنمية الثروة الحيوانية. لا بد للسودان أن ينتبه لمسالة التدهور البيئي كما لا بد لجمعيات المجتمع المدني والاعلام لفت أنظار المسؤولين ومساعدتهم على حماية البيئة إضافة الى التوعية الجماهيرية ففي كينيا نجحت البروفسيرة الراحلة" وانجاري" من غرس 50 مليون شتلة وأنقذت غابات البلاد من التدهور ونتيجة لجهودها حصلت على جائزة نوبل للسلام. فاذا كانت إمرأة واحدة افريقية تغرس مثل هذه الشتلات فلماذا لا يقوم ألف سوداني بغرس مائة مليون شتلة في كل اقليم وعندها سيعود السودان الى سيرته الأولي في الخضرة وسوف تتوقف النزاعات وتزداد المحاصيل وتقل درجات الحرارة العالية والرمال الزاحفة والغبار. الوقت ليس متأخراً لبذل هذا المجهود لحماية الحياة البرية والثروة الغابية والسمكية والمطلوب هو الإرادة السياسية والحملة الاعلامية وهمة خبراء البيئة في السودان.