قال أبو الطيب المتنبي رحمه الله (عيد بأي حال عدت ياعيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد) ونحن نردد مع المتنبي لأن حالنا والحمد لله مثل حال المتنبي في مصر وهو في غاية الإحباط من العزلة التي ألمت به والقطيعة بينه وبين كافور الإخشيدي ولم نفرح يوم العيد لأن رمضان الشهر الكريم قد إنقضى في غمضة عين وتركنا لشياطين الإنس والجن وقد كانت أيامه جميلة وروحية وتمثلت في امتلاء المساجد بالمصلين خاصة في صلاة التراويح والعشاء حتى من كانوا لا يعرفون مكان مسجد أصبحوا يهرولون جماعات وأفرادا وكثر منهم من كانوا لا يؤدون حتى الفرائض في غير رمضان وهي ظاهرة تستحق الدراسة ولعلها قد وفدت لنا من الخليج حيث يتكاثر السلفيون الذين يهتمون بمثل تلك المظاهر وهي ظاهرة إكتظاظ المساجد بالمصلين غير أن السلوك في مابعد الصلاة ينطبق عليه قول الشيخ محمد عبده رحمه الله عندما رجع من أوروبا وقال قولته المشهورة(وجدت هناك إسلاما ولم أجد مسلمين ووجدت هنا مسلمين ولم أجد إسلاما) وهو قول حكيم يجسد الفوارق بين التعبد والسلوك والذي هدف إليه الأسلام من وراء السلوك وهل نحن نتوخى الصدق والأمانة في مانقول ونفعل وهل نراعي حقوق الجار وهل نقول النصيحة للحاكم الظالم أو المسؤول المتجبر الذي يأكل أموال الناس بالباطل وهل نراعي حرمة الطريق وحرمة حق الناس وحرمة المال العام وحرمة الكذب وقول الزور والطمع والجشع والحسد والتكبر وهل وهل وهل والسؤال موجه للحكام قبل المحكومين وهل نفرح بالعيد ومياه الأمطار تحاصر بيوتنا وهل نفرح بالعيد والحروب تدور في ثلث أراضي السودان وهل نفرح بالعيد والغالبية العظمى تعيش تحت خط الفقر ولا تستطيع توفير وجبة طعام صحية وهل نفرح بالعيد والآلاف مشردون بسبب إنهيار مساكنهم بفعل الأمطار وهل نفرح بالعيد والملايين من شبابنا عطالة لايجدون حتى حق المواصلات لزيارة ذويهم في العيد وهل نفرح بالعيد والآلاف خلف أبواب السجون بسبب التعثر المالي وهل نفرح بالعيد وتمر أهلنا في الشمالية بائر والموسم الجديد على الأبواب وهناك الكثير الذي يمنعنا من الفرح والذي لن نستطيع رصده في مجلدات والمتنبي لو عاش وضعنا لنظم في كافور قصيدة مدح بدلا عن الهجاء فقط نريد أن نفرح لكي لايرى أطفالنا الأبرياء الوجوم على وجوهنا فقط يجب أن تعتذر لهم لاحقا بأننا ضحكنا عليهم من أجل العيد الذي نسأل الله أن يعيده علينا والحال غير الحال ونسأل الله السلامة [email protected]