مما لا ريب فيه، أنّ الأخ الدكتور محمد طاهر إيلا بذل جُهداً مُقدراً طوال فترة ولايته على ولاية البحر الأحمر، وهذا الجُهد سُطِّر في لوحٍ محفوظٍ على أرض ولاية البحر الأحمر، واقعاً جديداً لا تُخطئه عين المقيم والزائر معاً، إلى مدن هذه الولاية الفتية، بدءاً ببورتسودان حاضرة ولاية البحر الأحمر، التي تخلب ناظر الزّائر من خلال مستوى نظافتها، وإصحاح بيئتها، ومهرجاناتها التي تترى طوال العام، وقوفاً بفعاليات مهرجان السياحة والتسوق، وحديث أهل الولاية وسُياحها، ينداح في كيفية أن الأخ الدكتور محمد طاهر إيلا والي ولاية البحر الأحمر، حقق نجاحات كبرى، وانجازات عُظمى، تمثلت في نجاحه الأكيد في الاستثمار في إنسان الولاية. إذ جعل في فقه أولوياته ضرورة الاستثمار في الإنسان قبل إحداث التنمية المُستدامة، والبنايات المتطاولة، وذلك من خلال العمل الدؤوب المُخلص على مُحاربة الثالوث الخطير (الجهل والمرض والفقر)؛ لأن هذا الثالوث يُعدُّ من أخطر مُعيقات التّطور والازدهار في الشرق كله، وليس في البحر الأحمر وحده. وأحسبُ أن الأخ الدكتور محمد طاهر إيلا في حَيْرةٍ من أمره هذه الأيام، إذ أنّ الأقاويل وبعض الشّواهد تذهبُ إلى أنه مرشحٌ والٍ لولاية الخرطوم، بينما تستنكر أقاويل وشواهد أخرى ذلك، بالمُلاججة في أنّه لن ينزع ترشيحه والياً لولاية البحر الأحمر؛ لاستكمال بُنيانه المرصوص، وحصد غرسه المزروع، وخدمة أهله في البحر الأحمر خاصةً، والشرق عامةً، لا سيما حل مشكلة مياه الولاية من خلال سُقيا مدنها من نهر النيل. وبالفعل أعلنت وزارة المالية السودانية مؤخراً، عن طرح عطاءات لتنفيذ مشروع مياه بورتسودان من النيل بعطبرة إلى هيا في أكتوبر المقبل. وقالت إن الدراسات تتجه لتقسيم العمل إلى ثلاث مراحل، تبدأ المرحلة الأولى بعملية التمويل بالعملة المحلية. ويُعدُّ هذا المشروع - إذا تم إنفاذه - من أهم انجازات الأخ الدكتور محمد طاهر إيلا، لهذه المدينة، والولاية أيضاً، التي عانت الأمرين من مياه الشرب. وفي رأيي الخاص، أن قضية المياه بالنسبة لولاية البحر الأحمر قضية مصيرية، عانت منها هذه المنطقة سنين عدداً. ولما كانت المياه عصب الحياة، تصديقاً لقول الله تعالى: ".. وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ"، فإنفاذ هذا المشروع، يُشكل ركناً ركيناً في تفكير إيلا الإستراتيجي؛ لمعالجة أخطر مشكلات الولاية. من هنا، أظنُّ - وليس كلُّ الظنِّ إثماً - أنّ الأخ محمد طاهر إيلا يصطرع بين طموح السياسي الذي يريد أن ينفذ بسلطان الانتخابات إلى المركز والياً مُرشحاً لولاية الخرطوم، وفي الوقت نفسه يُدرك إدراكاً واعياً، أنه من الضّروري الاستمرار لينفذ بالانتخابات والياً لولاية البحر الأحمر، لفترة أخرى، ليُكمل ما بدأه من مشوارِ تنميةٍ مستدامةٍ لإنسان الولاية، قبل عمران أرضها، بنياناً ونهضةً وازدهاراً. أخلصُ إلى أن الأخ الدكتور محمد طاهر إيلا، سيستجيب راضياً مرضياً لأصوات أهله في الشرق، بمواصلة المسيرة، وإكمال المشوار في ولاية البحر الأحمر. وأحسبُ أنه من الولاة القلائل الذين طرحوا أفكاراً، ورؤىً في برامج عملهم، وعملوا جاهدين على إنفاذ كثيرٍ من تلكم المشروعات الطموحة، التي كانت فكرةً في مخيلتهم أو تصوراً في برنامجهم الانتخابي، والشّواهد على ذلك كثيرة، من أهمها شعار وجد صدىً طيباً بين مواطني الشرق كافة، لمحاربة الجهل، والفقدان التربوي، وذلك من خلال شعاره "الغذاء مقابل التعليم"، الذي حرص على أن تكون هذه السياسة مُشجعة لأولياء الأمور، إلى دفع أبنائهم دفعاً إلى التعليم النظامي، من خلال المدارس والمراكز التعليمية، ونزل في سبيل ذلك على نفسه - مُقاربةً لا مُقارنةً - قولَ الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ..". عليه من الضّروري أن يقدم اليوم الأخ الدكتور محمد طاهر إيلا كتابه بيمينه، معدداً انجازاته، ومبرراً إخفاقاته، وأن ينهي الاصطراع الداخلي الذي يتردد بين الكثيرين، رغبةً من أهل الشرق في العاصمة والمهاجر، في توليه ولاية الخرطوم، ورهبةً من أهل الشرق القاطنين في مناطقه من عزوفه عن تولي ولاية البحر الأحمر. لذلك ينزل كثيرٌ من أبناء الشرق إيلا بين الولايتين، على مذهب المعتزلة "المنزلة بين المنزلتين"، ولكنهم في الوقت نفسه، يقولون له اكمل المشوار، واتمم المسيرة، وابق في ولايتك، مقدماً كتابك بيمينك، وألق بعصاك - مُقاربةً لا مُقارنةً - على مذهب موسى عليه السلام، لتلقف ثعابين منافسيك ومُزاحميك، دون أن يدري أحدٌ عن تجاربهم شيئاً، وقد خبروك حفيظاً عليماً، واستأجروك في ولاية البحر الأحمر، باعتبار أنهم خير ما اختاروا القوي الأمين. وستشهد ولاية البحر الأحمر بعد غدٍ (السبت)، تنافساً شريفاً في المؤتمر العام للولاية؛ لتقديم مرشحيها لمنصب والي ولاية البحر الأحمر. لن يزكيك أهلُ الشرق على الله، ولكنهم يشهدوا لك بالقوة والأمانة، والحفظ والعلم. والشهادة هنا يصدعون بها، مأمورون ديناً وتديناً، لأنه من يكتمها فإنه آثم قلبه. ولنستذكر في هذا الصدد، قول الله تعالى: ".. وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ". وقول الشاعر العربي أبو عمرو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد القيسي: ستُبدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ويأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزَوّد ويَأتِيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تَبِعْ له بَتاتاً، ولم تَضْرِبْ له وقْتَ مَوعد