كشفت مصادر بريطانية عن فضيحة كبرى ربما تهز عرش جهاز المخابرات البريطانية MI6 وحزب العمال البريطاني ووزير خارجيته "جاك سترو" ورئيس شعبة مكافحة الإرهاب السير "مارك ألين" المسئولين عن صفقة تسليم المناضل الليبي عبد الحكيم بلحاج إلى القذافي عام 2004 مقابل صفقة ضخمة مع حكومة "توني بلير". وقالت وسائل إعلام بريطانية اليوم إن جهاز المخابرات البريطانية MI6 عرض مليون جنيه استرليني على المناضل الليبي عبد الحكيم بلحاج مقابل "صمته" وعدم حديثه عن قصة اختطافه وسجنه وتعذيبه ثم تسليمه لنظام معمر القذافي. ونقلت صحيفة "ديلي ميل" عن هذه المصادر أن جهاز المخابرات البريطانية يبذل جهودًا مضنية لمنع بلحاج من كشف تفاصيل قضيته التي تعني "فضيحة" كبيرة لMI6 قد تتسبب في الإطاحة بمعظم قيادات الجهاز وربما بالحكومة البريطانية. وقالت "ديلي ميل" إن قيادات في ال"الوايت هول" أكدت أنها على استعداد لدفع أي مبالغ مالية يتطلبها "إسكات" بلحاج الذي يعتبر أحد أبرز قيادات الحكومة الانتقالية في ليبيا. وقالت هذه المصادر إنه في حالة رفض السيد بلحاج عقد أي صفقة مالية مع MI6 وأصر على التوجه للمحاكم فإن المخابرات ستبذل كل ما تملك من أجل إجراء جلسات المحاكمة في شكل سري وبعيدًا عن وسائل الإعلام. وأكدت "ديلي ميل" أن قضية "بلحاج" المفجعة بدأت تفاصيلها في عام 2004 عندما تم تسليم "بلحاج" للعقيد القذافي قبل أيام قليلة من توقيع حكومة حزب العمال بقيادة توني بلير صفقه ضخمة مع الديكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي. ونقلت الديلي ميل عن "بيتر تايلور" الصحفي المخضرم والخبير بشئون الإرهاب الدولي أن تسليم بلحاج إلى القذافي تم من خلال موافقة حكومية كتابية منحتها وزارة خارجية "بلير" آنذاك لجهاز المخابرات لكن تايلور عاد ليقول إنه غير واثق من هذه المعلومة. ويعتبر "جاك سترو" وزير الخارجية البريطاني الأسبق من أبرز المتورطين في هذه الفضيحة لأنه كان مسئولاً عن الهيئة العامة للاستعلامات في عام 2004 ونفى حينها قيام بريطانيا بتسليم أي معارضين لنظام القذافي. وقد تم العثور على رسالة من السير "مارك ألين" رئيس جهاز مكافحة الإرهاب كانت مرسلة إلى "موسى كوسا" رئيس مخابرات القذافي آنذاك. وهنئ "مارك" فى رسالته "موسى كوسا" بوصول "الشحنة" بسلام إلى مطار طرابلس الدولي مؤكدًا له أن المخابرات البريطانية فعلت ما في وسعها من أجل ليبيا والليبيين. وكان بلحاج وقتها قائدًا في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة واتهمته المخابرات البريطانية MI6 بتجنيد شباب بريطانيين للقتال في صفوف تنظيم القاعدة. ويومها استدرجته المخابرات البريطانية إلى العاصمة التايلاندية "بانكوك" بزعم منحه حق اللجوء السياسي وهناك تم اعتقاله ونقله سرًا إلى "لندن" ومنها إلى طرابلس حيث تم تسليمه إلى نظام القذافي وقال بلحاج إنه تعرض لأقصى أنواع التعذيب هو وزوجته على يد "زبانية" القذافي. ورفع بلحاج دعاوى قضائية ضد الحكومة البريطانية وجهازي المخابرات الخارجية MI6 والداخلية MI5 للمطالبة بتعويضات. وتحاول المخابرات حاليًا إقناعه بصفقه لتسوية القضية وديًا مقابل الحصول على مليون استرليني كما فعلت من قبل مع أكثر من 16 معتقلاً آخر من بينهم "بينام محمد" المسجون حاليًا في جوانتانامو. وقال مصدر رفيع المستوى في الخارجية البريطانية إن جهاز المخابرات يسعى لشراء "بلحاج" ومستعد لدفع أي ثمن مقابل ذلك حتى لو اضطروا إلى دفع مبلغ يتجاوز سبعة أرقام. وقال وسطاء وأصدقاء ل"بلحاج" إنهم عرضوا عليه صفقه تسوية القضية لكنه رفض وقال إنه لا يسعى إلى المال لكنه يريد الحصول على اعتراف كامل من الحكومة البريطانية وأجهزة مخابراتها بكل الجرائم التي ارتكبت ضده وساعتها يمكنه الموافقة على تسوية القضية مقابل الحصول على اعتذار رسمي. واتهم أصدقاء بلحاج الحكومة البريطانية بالتسويف في القضية إلى حين تمرير تشريع جديد يحمل اسم "الورقة الخضراء" ويتيح لها فرض نطاق من السرية الكاملة على مثل هذا النوع من المحاكمات. ونقلت "ديلي ميل" عن كوري سريدر رئيس جمعية "ريبريف" القانونية قوله: إن الحكومة والمخابرات يحاولان إخفاء جريمة بلحاج بدلاً من تقديم اعتذار عنها. وقال السير "مالكوم ريفكند" رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات في حزب المحافظين "إن ما تم الكشف عنه حتى الآن في فضيحة "بلحاج" مفزع ومقلق ومحزن للغاية ولابد من إجراء تحقيق فوري وشامل ومحاسبة جميع المتورطين فيها". وقال "ريفكند": "من الواضح أن الشعب البريطاني تعرض لأضخم عملية تضليل من قبل MI6 وحكومة حزب العمال فيما يتعلق بعمليات الاعتقال والترحيل لأشخاص مشتبه في تورطهم بعمليات الإرهاب". وأضاف: "لقد خدعونا وضللونا ولابد من محاسبة السير "مارك ألين" رغم أنه ترك منصبه في عام 2004 وكافئوه بمنصب رئيس مجلس إدارة شركة "بريتش بتروليم" وكان شخصية محورية في المليارات التي حصلوا عليها من النفط الليبي". وتوقعت مصادر بريطانية أن تقوم الشرطة البريطانية باستدعاء "جاك سترو" والسير "مارك ألين" لاستجوابهما بخصوص هذه القضية. وكان "سترو" قد نفى العام الماضي مشاركته في هذه العملية المشبوهة وقال إنه يعارض عمليات الاعتقال والتسليم غير المشروعة ويعارض التعذيب لأنه يخالف الدستور والسياسية البريطانية