(واشنطن تسعي لإفشال المؤتمر الاقتصادي للسودان المقرر إقامته بتركيا في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري) أخيراً وبعد ضبابية كثيفة للموقف الأمريكي حيال المؤتمر المرتقب خرجت الخرطوم من (الشبورة الأمريكية) وهي أكثر اقتناعاً بموقف واشنطن حيال مؤتمر تركيا فموافقة الولاياتالمتحدة – بحسب مواقفها الأخيرة – على المشاركة في المؤتمر مشروط بتضمين قضيتي النيل الأزرق وجنوب كردفان في المؤتمر، وهذا ما دعا الخرطوم تطلق عباراتها المتصدرة للتقرير والتي جاءت على لسان وزيرة التعاون الدولي إشراقة سيد محمود، في مؤتمرها الصحافي أمس الأول والتي طالبت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية بعدم الزج بقضايا النيل الأزرق وجنوب كردفان في هذا المؤتمر. وأكدت الوزيرة عدم استجابة الولاياتالمتحدة للمشاركة في المؤتمر حتى الآن، مضيفة أن الحكومة طالبت أمريكا بدعم مؤتمر تركيا أسوة بما قامت به تجاه جنوب السودان في نيويورك. وقالت الوزيرة (أبلغنا القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم دينيس هانكنسن، بأنه في حال لم يكفوا عن الترويج لوجود فجوة غذائية بالمناطق الثلاث سنقوم بطردهم). وأكدت أن الترويج لوجود فجوة غذائية بهذه المناطق يعتبر كرت ضغط ضد الحكومة ومحاولة لإضعاف صورتها في العالم. وصوبت الوزيرة انتقادات لاذعة للسياسة الأمريكية تجاه السودان، قاطعة بأنها لا تقوم على إصلاحات سياسية كما تزعم الإدارة الأمريكية، بل إنها تحقق أجندة سياسية خطيرة تسعي لإحداث انفصال جديد في السودان عبر فصل ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وتبعية أبيي إلى جنوب السودان. وأمريكا عندما التزمت بدعم السودان عقب الانفصال لم يكن هنالك تمرد بجنوب كردفان، مما يعني ضمنياً دعوة الحكومة السودانية للولايات المتحدةالأمريكية للبحث عن حجج أخرى خلافاً للأوضاع الإنسانية بجنوب كردفان، التي اتجهت وزارة الخارجية إلي تحميل مسئوليتها إلي التمرد، بل مطالبته المجتمع الدولي بالضغط على التمرد، ومع ذلك فالشواهد تقول إن السودان قام بمجهودات كبيرة لتجاوز تلك القضايا من بينها الإعلان عن وقف إطلاق النار. والأسبوع المنصرم رفضت الخرطوم إدراج ملف منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان كشرط لقيام مؤتمر دعم السودان الذي سيعقد في تركيا، بمشاركة دول أخري. والتقي مساعد الرئيس، نافع علي نابع، بوزير البيئة والتعاون النرويجي، أريك سولهاين. وقال نافع علي نابع، عقب مباحثات مع وزير البيئة والتعاون النرويجي بالخرطوم، إن الحكومة، رفضت شرط إدراج ملف المنطقتين باعتباره لا يدعم استدامة السلام، ويفتح الباب أمام تمادي الحركات المسلحة. من جانبه قال وزير البيئة والتعاون النرويجي إن اللقاء ركز علي قضيتين، الأولي تتعلق بالمؤتمر الاقتصادي حول السودان في استانبول في نهاية مارس الجاري. وأضاف أن الجانبين بحثا العلاقات بين السودان وجنوب السودان، خاصة في ما يتعلق بقضية النفط، وزاد: (طالبنا بأهمية عودة الطرفين إلي التفاوض). عقب الفراغ من إعداد الأوراق المتعلقة بوضع السياسات الكلية للاقتصاد وأهداف الألفية التنموية، ومكافحة الفقر وفرص وتحديات الاستثمار في السودان، برزت إلي السطح أصوات تضع اشتراطات أمام مشاركة دولها في مؤتمر استانبول، ومن بين تلك الأصوات ما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بشأن اتهاماتها الحكومة السودانية بالسعي لتقويض دولة جنوب السودان، وحديثها عن سعي بلادها للضغط على الحكومة، وقطعت بضرورة أن ينجز اتفاق السلام وتنهي الخلافات الحدودية والخلافات على النفط، إلا أنها عادت وقالت إن ذلك سيكون بالغ الصعوبة، ورغم أن الحكومة ردت على تلك التصريحات باستدعاء القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم دينيس هانكنسن، ومطالبته على لسان وكيل وزارة الخارجية السفير رحمة الله محمد عثمان بتحديد موقف بلاده بشكل قاطع من مؤتمر استنابول، إلا أن القائم بالإعمال الأمريكي بالخرطوم قال إن الوضع الإنساني في ولاية جنوب كردفان يمثل عائقاً أمام مشاركتهم في المؤتمر بالمستوي المطلوب، مضيفاً أن واشنطن ما زالت تدرس الأمر ولم تحدد موقفها بعد بشكل نهائي، تلك العبارات ربما تشكل دلالات تحمل أكثر من معني. وتأكيداً على اهتمام الخرطوم بالمؤتمر وقف د. الحاج آدم يوسف نائب رئيس الجمهورية على مستوي الترتيبات والتحضير لقيام مؤتمر تركيا لدعم السودان في الثالث والعشرين من مارس الحالي، وأكدت إشراقة سيد محمود وزيرة التعاون الدولي عقب لقائها الدكتور الحاج آدم اكتمال الاستعدادات للمؤتمر الدولي حول التنمية الاقتصادية في السودان، وعلى غير بعيد من القصر الجمهوري اعتبر قطاع الحكم والإدارة بمجلس الوزراء المؤتمر الدولي للتنمية الاقتصادية في السودان المزمع عقده في تركيا في الفترة من (23 – 42) مارس المقبل، فرصة لطرح التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد بسبب انفصال الجنوب، واصفاً المؤتمر بالمهم. وقالت وزيرة التعاون الدولي في تصريحات صحفية الأسبوع المنصرم عقب اجتماع القطاع برئاسة الفريق بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية، إن المؤتمر فرصة كبيرة لاستعراض فرص الاستثمار بالبلاد، بجانب التحديات الماثلة، إلي جانب قضية الديون الخارجية وأهمية رفع العقوبة الاقتصادية، مشيرة لأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المؤتمر في تعزيز العلاقات مع دول الترويكا ودولة النرويج بصفة خاصة، يذكر أن النرويج تقوم بتمويل المؤتمر، فيما تستضيف تركيا أعماله. ومؤتمر تركيا – بحسب مراقبين يمثل فرصة لتقديم السودان للعالم بالتركيز على قضايا ما بعد الانفصال، الذي أحدث آثاراً اقتصادية، بخروج البترول، وحدوث فجوة في الميزانية .. لذلك كان لابد من وجود سياسات لسد الفجوة التنموية .. بالإضافة إلي أن هناك مناطق – بعد الانفصال – تحتاج للتنمية .. والمؤتمر يشكل فرصة للحديث عن قضيتي الديون والعقوبات، خاصة وأن السودان تلقي وعوداً برفع العقوبات، ولكن لم نر أثراً لذلك، رغم الالتزام بإنفاذ نيفاشا.. فالسودان سيسعي من خلال المؤتمر للوصول إلي زيادة المنتجات الزراعية وتنفيذ عدد من السياسات الأخرى، بجانب السعي لإعفاء الديون الخارجية ورفع العقوبات عن السودان (رفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب) لتأثيرها السالب على الإنتاج والتصدير ومساهمتها في نقص عائدات التنمية بشكل عام، بجانب بحثه للبحث عن سند من المجتمع الدولي، واهم الأوراق التي سيتناولها المؤتمر ورقة السياسات الاقتصادية الكلية لتجاوز أثار الانفصال، والتي منها البرنامج الثلاثي، وتقليل آثار الفقر، وأثر الديون والعقوبات .. بالإضافة لورقة تحديات إنفاذ الألفية التنموية، وورقة فرص وتحديات الاستثمار في السودان، لطرح الخارطة الاستثمارية، ومن ضمن فعاليات المؤتمر ملتقي رجال الأعمال الذي ينظمه اتحاد أصحاب العمل السوداني، ويضم العديد من الشركات المحلية والعالمية .. ومما هو معلوم فإن دولة النرويج التزمت بتقديم التمويل اللازم للمؤتمر كما تقدم كل من البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي للمساعدات الفنية وتتمثل مشكلة المؤتمر الحقيقية في عدم وضوح الموقف الأمريكي ومشاركته في المؤتمر .. عموماً فالسوابق تؤكد قيام المؤتمر – الذي جاء نتيجة لتعهد والتزام دول الترويكا (أمريكا – بريطانيا – النرويج) بإقامة مؤتمر للتنمية الاقتصادية لدولتي السودان وجنوب السودان عقب الانفصال، في وقته بمن حضر وأن مشاركة أمريكا لن تكون مؤثرة بشكل كبير في المؤتمر نظراً لكون السودان يمتلك العديد من الأصدقاء. فالترتيبات لمؤتمر تركيا تقوم بها النرويج وتركيا والاتحاد الأوروبي بصفتها الدول المبادرة لقيام المؤتمر، والسودان معني بمخرجات المؤتمر فقط. فالمؤتمر الاقتصادي اقترحت انعقاده الترويكا الأوروبية – النرويج – بريطانيا – والولاياتالمتحدةالأمريكية – لصالح دولتي السودان وجنوب السودان لمقابلة التحديات التي تواجه كل دولة من جراء تداعيات الانفصال، وتم الاتفاق على عقد مؤتمر لكل دولة على حده – دولة جنوب السودان اقترحت قيام المؤتمر الخاص بها في واشنطن، فيما اقترحت السودان قيام المؤتمر الخاص به في تركيا، ووافقت تركيا على استضافة المؤتمر الاقتصادي الخاص بالسودان في الفترة من 23 -24 من مارس الجاري بأسطنبول. وتم عقد عدة اجتماعات في هذا الصد بين السودان والترويكا الأوروبية بالخرطوم وانقرا لبحث تفاصيل أجندة المؤتمر. نقلاً عن صحيفة الرائد 7/3/2012م