افتتحت القمة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أمس بمشاركة عدد من الرؤساء الأفارقة. ويزدحم جدول أعمال القمة التاسعة عشرة للاتحاد الأفريقي بملفات شائكة مثل الوضع في مالي والكونغو والخلاف بين دولتي جنوب وشمال السودان، وكذلك انتخاب رئيس جديد لمفوضية الاتحاد، التي تعد أبرز هيئاتها. يأتي ذلك في وقت حذر فيه بعض القادة العرب في كلماتهم أمام القمة من انزلاق سوريا في حرب أهلية إذا لم يتم التوصل إلى حل عاجل وحقن دماء الشعب. وبدأت أمس بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا أعمال القمة الأفريقية التاسعة عشرة تحت شعار «تعزيز التجارة البينية» ويشارك في القمة التي تختتم أعمالها اليوم (الاثنين) عدد من الرؤساء الأفارقة بمشاركة بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، ونبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وضيف شرف القمة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي تستضيف بلاده القمة الأفريقية - العربية في العام المقبل. وتناقش القمة التقارير المختلفة للاجتماعات الوزارية التي نظمتها مفوضية الاتحاد الأفريقي وتتركز المباحثات أيضا على موضوع تعزيز التجارة البينية الأفريقية، وذلك استكمالا لتوصيات القمة الأخيرة التي عقدت في يناير (كانون الثاني) الماضي بأديس أبابا. ويسعى رؤساء الوفود المشاركة إلى حسم انتخاب رئيس جديد لمفوضية الاتحاد الأفريقي بعد أن فشلت القمة السابقة في اختياره بسبب المنافسة المتقاربة بين الدكتور جان بينج، الرئيس الحالي لمفوضية الاتحاد الأفريقي، ومرشحة جنوب أفريقيا نكوسازانا داليميني زوما. وتجدر الإشارة إلى أنه كان من المقرر أن تعقد هذه القمة في مالاوي، ولكنها نقلت إلى إثيوبيا بعد أن سحبت حكومة مالاوي عرضها لرفضها توجيه الدعوة للرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي تطالب المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله، بينما أصر الاتحاد الأفريقي على توجيه الدعوة لكل قادة وزعماء الحكومات الأفريقية لحضور القمة. وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الدكتور جان بينج خلال كلمته الافتتاحية للقمة، أن الانتخابات الرئاسية في مصر وأيضا الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا في ليبيا تأتيان ضمن الخطوات الجادة نحو تحقيق الديمقراطية في دول القارة، مشيرا إلى أن تحقيق السلام في ليبيريا وساحل العاج كان من أبرز الخطوات التي تحقق فيها تقدم ملحوظ في الفترة الأخيرة، موضحا أن هناك تقدما ملحوظا أيضا فيما يتعلق بدول أفريقيا الوسطى، وأن آفاق السلام ظهرت بشكل واضح في الصومال. وستناقش القمة أيضا أوضاع الأمن والسلم في القارة خصوصا التوترات بين السودان وجنوب السودان والصراعات في الكونغو الديمقراطية والأوضاع في دولة مالي، لا سيما سيطرة جماعات إرهابية على شمال البلاد وتأثير ذلك على دول الجوار، كما تناقش القمة القرصنة البحرية في الصومال. ورحب مفوض الاتحاد الأفريقي لشؤون السلم والأمن السفير، رمضان العمامرة بتعهد دولتي السودان الالتزام بروح جديدة للشراكة الاستراتيجية، حيث التقى على هامش القمة الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير في أول لقاء مباشر بينهما منذ اندلاع المعارك بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، تعهدا فيه بالتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء أزمة الحدود بين البلدين. وفي شأن متصل، كان جان بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي قد أعلن أن الاتحاد طلب من مجلس الأمن إصدار قرار يسمح بالتدخل العسكري في مالي، وأشار بينج إلى أن مسؤولين من الاتحاد سيجتمعون مع ممثلين عن مجلس الأمن الدولي في نيويورك لإجراء مزيد من المناقشات حول هذه المسألة. من جانبه، أكد الأمين العام للجامعة العربية في كلمته أمام القمة، أن الاتحاد الأفريقي تحول إلى تنظيم قاري فاعل وقوة دولية، مضيفا أن هذا التحول هام للغاية في ظل التحديات العالمية المختلفة، وأن جميع شعوب العالم نالت حريتها إلا الشعب الفلسطيني ولا يقبل عقل أن تظل قوة قائمة على الاحتلال وتضرب بالاتفاقات الدولية عرض الحائط. وقال العربي، إن جهود الجامعة العربية تنصب منذ أكثر من عام على إيقاف نزيف الدم في سوريا، وآخرها مجزرة التريمسة في حماه، التي أودت بحياة 200 شخص، مما يؤكد وجود عملية تطهير عرقي، تستدعي ضرورة قيام مجلس الأمن والمجتمع الدولي بفض الحصار وحماية المدنيين. وأشار العربي إلى القضية الفلسطينية، مؤكدا أن نيلسون مانديلا المناضل الجنوب أفريقي يعد أحد أهم ملهمي المسجونين الفلسطينيين الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية الآن. وقال العربي إن مسيرة السلام في الشرق الأوسط لم تفرز سلاما، ولكن أفرزت مسيرة مليئة بالحواجز العسكرية والجدار الفاصل والعمليات العسكرية مما جعل الأراضي العربية الفلسطينية بمثابة جزر منعزلة، فضلا عن حصار الفلسطينيين في غزة. وأوضح العربي أن هناك مصلحة مشتركة للاتحاد الأفريقي والعالم العربي في دعم السودان ورفض للعودة إلى المربع الأول بين الشمال والجنوب، مشددا على أن أي لغة غير لغة السلام مرفوضة. وألقى كلمة مصر في القمة الرئيس محمد مرسي، في أول زيارة رسمية لرئيس مصري إلى إثيوبيا منذ 17 عاما. وأعرب مرسي في بداية كلمته أمام القمة عن خالص الشكر والتقدير للرئيس الإثيوبي، ميليس زيناوي، وللرئيس بوني ياي رئيس جمهورية بنين، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي. وأكد مرسي أنه حرص على الوجود في افتتاح القمة تقديرا لأهمية القارة الأفريقية لمصر، وأن شواغل القارة وقضاياها في طليعة اهتمامات وأولويات مصر ورئيسها. وأكد مرسي أنه جاء حاملا رسالة حب وتحية من ملايين المصريين، معلنا عن ميلاد مرحلة جديدة في تاريخ مصر الحافل، وأن المرحلة القادمة ستتبوأ فيها القارة الأفريقية مكانتها الطبيعية في طليعة الاهتمامات الخارجية المصرية. وقال مرسي، إن مصر لديها الرغبة في العمل نحو السوق الأفريقية المشتركة، وإن مصر ستستخدم مواردها البشرية والمالية لهذا الغرض. وعلى هامش مشاركته بالقمة التقى مرسي الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وأعلنت الرئاسة المصرية عقب اللقاء الإفراج عن الصحافية المصرية المحتجزة في السودان. وألقى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد كلمته في افتتاح القمة، مؤكدا فيها أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بالضغط على إسرائيل لحملها على وقف الاستيطان وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بما يمكن من قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرة العربية، مشيرا إلى ضرورة حقن الدماء في سوريا وتنفيذ مبادرة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان بنقاطها الست حقنا لدماء الأشقاء وحفاظا على سوريا من الانزلاق في أتون حرب أهلية سيكون الخاسر الأكبر فيها الشعب السوري من أرواح أبنائه وممتلكاتهم. عن الشرق الاوسط 16/7/2012