تلهث واشنطن مسرعة نحو القارة السمراء, تحاول قضم الحصة الأكبر من الكعكة الإفريقية باحتلال عسكري غير مباشر تحت تسمية «اقتصاد القوة» باستخدام قوات عسكرية مكثفة تنتشر في أماكن متعددة من إفريقيا تكون كاملة العتاد ضمن معسكرات، الهدف الظاهري لها مكافحة الإرهاب وملاحقة عناصر مناهضة لواشنطن لكن باطنها حماية مصالح واشنطن النفطية هناك. وقد تكون مالي اليوم مدخلاً مهماً لواشنطن لاستقدام المزيد من قواتها إلى إفريقيا تنفيذاً لخطة وضعها سابقاً رئيس أركان الجيوش الأميركية رايموند اوديرنو والتي تعد مخططاً شاملاً للتدخل العسكري في إفريقيا ويمنح واشنطن الإمكانية لنشر قواتها في أي مكان من الكرة الأرضية. تسارع الأزمات في إفريقيا من الصومال إلى أوغندا ومالي والسودان وتونس وليبيا قدمت الخطة الأميركية وجعلت إفريقيا على رأس الأولويات الأميركية فالبنية الإفريقية الحالية مؤاتية لتكون مسرحاً مهماً وسهلاً للعمليات العسكرية الأميركية. التصعيد الأميركي تجاه إفريقيا لم يكن مفاجئاً, فالبنتاغون أعلنت عن تجهيز 3500 جندي أميركي تابعين لفرقة المشاة الأولى للانطلاق نحو إفريقيا والتمركز الدائم هناك. وكان قائد القيادة الأميركية لإفريقيا «أفريكوم»، الجنرال كارتر هام، قد أعلن أن اللواء الثاني لديه طائرات من دون طيار التي سيكون استخدامها هناك مفيداً. ولدى «البنتاغون» أيضاً خطط لإجراء نحو 100 مناورة عسكرية وبرامج تدريب وأنشطة أخرى متنوعة في مختلف أنحاء القارة الإفريقية. و باستطاعة الولاياتالمتحدة زيادة وجودها العسكري في إفريقيا ليصل إلى ما بين 5000 و 6500 جندي من مشاة البحرية «مارينز» والقوات الخاصة الموجودة في جيبوتي. وستستخدم هذه القوات نحو 12 قاعدة شبه دائمة في إفريقيا. وكان إنشاء «البنتاغون» قاعدة «ليمونيور» العسكرية في جيبوتي المجاورة للصومال، في سياق تعزيز الوجود العسكري الأميركي في إفريقيا. لكن واشنطن تخطط لما هو أبعد من وجود عسكري أي إلى احتلال عسكري دائم عبر وضع قواتها في حراك مستمر في جميع أنحاء القارة بهدف تجهيز وتهيئة القادة الأفارقة لاستضافة الوجود العسكري الأميركي الكبير ,ما وصفه موقع (غلوبال ريسيرش) بأنه نوع من الغزو أشبه بتسلل إجباري. ويؤكد الموقع أن استراتيجية «البنتاغون» تهدف إلى تعزيز العلاقات التي عملت القيادة الإفريقية _الأميركية المشتركة «افر يكوم» خلال العام الأخير من رئاسة جورج بوش الابن وحققت تلك القيادة نجاحاً كبيراً بوصفها قوة تسلل هائلة. وحتى الآن لم يجد قادة إفريقيا خياراً أمامهم يخلصهم من الاستجداء لقادة الجانب الآخر من الأطلسي والذين يستمرون في إملاء الشروط المجحفة عليهم وفقاً للمحللين. ويرى الموقع أن الاتحاد الإفريقي تحول إلى قوة تابعة لوزارة الدفاع الأميركية ,وأكبر عملية يقوم بها في الصومال تجري بتوجيه وتمويل من قبل الجيش الأميركي ووكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه», وأن الجنود المنضوين تحت لوائها هم مرتزقة يخدمون الأميركيين رغم ضآلة المبلغ الذي يتقاضونه. الجانب العسكري هو الأكثر وضوحاً في التواجد الأميركي, والتقارير الإعلامية الأميركية لا تتحدث سوى عن «الخطر الإرهابي القادم من إفريقيا وعمليات ملاحقة للفارين», ما يشكل ستاراً قوياً للجنود الأميركيين الذين يصولون ويجولون بحرية في الأراضي الإفريقية ويجهزون لشبكة من البنى التحتية العسكرية و بسرية تامة. الزحف الأميركي سيتخذ طابعاً إضافياً _فقط للترويج الإعلامي _ وهو «مساعدة الجيوش الإفريقية على التدريب والتأهيل», وهنا تنزع واشنطن عن نفسها صفة المحتل, و تقدم نفسها كضيف يدفع الفواتير ويوفر الأسلحة للجيوش الإفريقية من كنوزها طبعاً و التي ستكون كلها تحت سيطرة الأميركي. وكانت واشنطن وسّعت حروبها السرية في إفريقيا مع وصول الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما إلى البيت الأبيض .فكثفت غارات الطائرات دون طيار, وزادت من اعتمادها على فرق القوات الخاصة. و تجري هذه الحرب السرية بتنسيق وثيق مع حلفاء غربيين للولايات المتحدة، وخصوصاً فرنسا. وتستعين أجهزة الاستخبارات الأميركية بخدمات شركات أمنية خاصة تدعى «مقاولين أمنيّين» بغرض تقديم معلومات عن الأهداف والجماعات المستهدفة. بعد ما كانت «البنتاغون» كوّنت شبكة من «المقاولين الأمنيّين» لجمع المعلومات الاستخبارية في إفريقيا. المصدر: تشرين السورية 14/1/2013م