( خلاص أنت مبسوط ياعدوي) أو ما معناه عبارة داعب بها ثامبيو امبيكي الوسيط الإفريقي بين السودان وجنوب وجنوب السودان عضو اللجنة العسكرية الفريق عماد عدوي اثناء مراسم توقيع وزيري دفاع البلدين علي اتفاقات التنفيذ الأمني أمس الأول ليكشف الي أي مدي كان حجم الترقب والانتظار العبارة ذات الطابع الهزلي بالديباجة الامبيكية نجحت في تغيير الانطباع الدائم حول احتقانات جولات التفاوض بين العاصمتين الخرطوموجوبا وما يشملها من مرارات .. امبيكي طبقا لما نقلته مصادر الراي العام اعتبر الاتفاق ممتازاً قبل ان يردف لكنه متأخر في إشارة الي مدي ما بذل في سبيل تحقيق اختراق بين العاصمتين.. المشهد في اديس بدل مترعاً بالسرور أمس الأول فالجلسة ذات الساعات الست تواصلت دون ان يقطعها سوي التوقف لاداء صلاة الجمعة ونقل متابعون ل(الراي العام) تحقق التزام شامل ولأول مرة بالمواعيد المضروبة للجلسة التي أفضت الي اتفاق السودان وجنوب السودان علي سحب قواتهما من المنطقة منزوعة السلاح بحلول الأسبوع المقبل ليتم تحديد بداية الانسحاب الفعلي لقوات البلدين المسلحة في الفترة من 14 الي 21 مارس الجاري قبل ان يقطع بان الاتفاق حدد السابع عشر من الشهر المقبل موعداً لاجتماع الآلية السياسية والعسكرية دون تحديد مكان المفاوضات. إعلان التوقيع وتوقيته أثار دهشة المراقبين لجهة عدم استباقه باي بوادر ايجابية أو إرهاصات إعلامية تشيي بما يمكن التوصل إليه الأمر الذي جعل الكثيرين يتوقعون صعوبة التنفيذ نسبة ل( سهولة) التوقيع فيما أبدت العديد من الدوائر الخرطومية ارتياحها إزاء الاتفاق واعتبرته بمثابة مدخل صحيح لتنفيس كل احتقانات الفترة الماضية. الشفيع الفكي المامون عضو الوفد الحكومي للمفاوضات مع قطاع الشمال اعتبر الاتفاق محصلة لجملة من التنازلات الموضوعية المتبادلة والتي لولاها لما كان الاتفاق وقال ل( الرأي العام) ان التنازلات لها مبرراتها بترك كل طرف لشروطه الاستباقية في سبيل التوصل لاتفاق كما ان تعنتات الطرفين ليس لها تأثير كامل إزاء الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه الطرفين بيد ان المأمون اعتبر ان تعنت الطرفين طيلة الفترة الماضية كان له دوره في اكتشافهما عدم جدوي التعنت او عدم فائدته وقطع الفكي بان الاتفاق يمثل انفراجة في وضع البلدين خصوصاً في ملف النفط الذي توقع ان يبدا ضخه قريباً جداً بالإضافة للانفراج في الأزمة بشكل كامل بين الدولتين. المحلل السياسي والناشط المقرب من دوائر الحركة الشعبية محمد سيف اعتبر ان سرعة التوصل لاتفاق في جولة الست ساعات اكبر دليل علي ان الجلسة إجرائية وبروتوكولية وقال ل( الرأي العام ) من الواضح ان الخرطوموجوبا اتفقنا نذ الجولة الماضية وانتظرنا تهيئة الأرضية لتنفيذ الاتفاق فقط ودلل سيف علي فرضيته بالخطوات التي قام بها سلفاكير في الجنوب بأبعاد المتطرفين. وبتصريحات الرئيس البشير الايجابية لدي وصوله من أديس مكنفياً بالإشارة لما تم التداول حوله بأنه (لت وعجن في القديم). من جانبه اعتبر محمد طه توكل مدير الخليج لدراسات القرن الإفريقي اتفاق الخرطوموجوبا جيداً في توقيت حرج واصفاً ناياه باتفاق تفاصيل وليس أساسيات وقال ل(الرأي العام) : ( لذا فإن الأزمة بالأساس كانت أزمة ثقة فالرغبة متوافرة وعلي اعلي مستوي) مرجعاً سر توقيت التوقيع الي زيارة المبعوث الاممي هايلي منكريوس لجوباوالخرطوم والتقاءه الرئيسين بالإضافة للتأثير الأكبر استباق التفاوض بيومين زيارة لنائب رئيس الوزراء البريطاني بالإضافة لزيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الإفريقية والتقاءهم الوساطة.. عامل الضغط الدولي لا يبدو خارج المشهد المفاجئ في اتفاق الانسحابات المتبادل هذا وهو ما يشير إليه مستشار والي جنوب كردفان رئيس المؤتمر الوطني بالولاية العميد الشفيع الفكي المأمون وقال (الاتفاق ليس بعيداً عن محصلة الضغط الدولي واستدرك( لكن زمام المبادرة كان للآلية الإفريقية رفيعة المستوي بمجهوداتها وضغوطها التي مارستها خفية وتحركاتها في نطاق الطرفين بسرية طيلة الفترة الماضية) تنازل الخرطوم وغياب عبارة (فك الارتباط) التي ظلت شرطاً استباقياً لوفدها في سياق الملف الأمني اعتبره مراقبون تنازلاً غير مأمون العواقب لجهة غياب أي ضمانات الأمر الذي رفضه المأمون وقال (الأثر المباشر للاتفاق انه سيسهم في جلوس الخرطوم بشكل أو بآخر مع قطاع الشمال باعتبار ان ذلك هو تنازل الخرطوم) واستدرك (لكن ثمة خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها،لذا لا أتوقع تنازل الخرطوم عنها والجلوس بدون الوصول لشيء واضح ومحدد لان قطاع الشمال أصبح الان مركباً فهو الحركة والجبهة الثورية والفجر الجديد ولكل مستوي تفاوض بحسب زاويته ونحن نجلس مع القطاع كأبناء جبال والنيل الأزرق وفي إطار مطالب محددة لكنه ليس القطاع الذي يتآمر علي إسقاط النظام هذا صعب جداً).. من جانبه وصف توكل البحث عن ضمانات بفك ارتباط الجنوب بقطاع الشمال بأنه نوع من العبث واعتبر ان الضمانة الحقيقية تكمن في ثقة الجانبين ببعضهما البعض مراهناً علي إرادة القيادتين في الدولتين فيما أكد سيف ان عملية فك الارتباط بالنسبة للجنوب تتمثل في إيقاف الدعم للحركات بالإضافة لتسريح مقاتلي الفرقتين التاسعة والعاشرة وهو أمر يطول لجهة ان الجنوب يمنح الجنسية بالمواطنة لا بالعرق بالتالي فمقاتلو القطاع هناك هم جزء من النسيج الاجتماعي الجنوب ما يعني ان الأمر اكبر من القرارات السياسية ويجعل من فك الارتباط معوقاً حقيقياً في إنفاذ بقية الاتفاقيات. واعتبر سيف قطاع الشمال المتضرر الأكبر من التوقيع الذي تم وقال :( الجنوب مدين لقطاع الشمال لذا فإن تخليه عنه عسكرياً لن يماثله تخل سياسي كما ان حركات دارفور بدأت لتبحث عن أراضي جديدة بدلاً عن الجنوب كإفريقيا الوسطي خصوصاً في ظل عدم الاستقرار الذي تعاني منه ما يمنحها ستة أشهر علي اقل تقدير) وتوقع ان يقود الاتفاق الي تعريض سلفا لهزة عنيفة مقابل الآثار الايجابية التي سيجدها الشمال. تراجع الجنوب المباغت عن تعنته ظل علامة استفهام تؤرق الكثيرين خوفاً من نكوص جديد وفي الوقت الذي ذهبت التحليلات الي ان الوضع الاقتصادي الجنوبي أصبح لا يسمح بالتلكؤ كان الشفيع يري ان اكبر دوافع ومحفزات توقيع الاتفاق هو الحرج البالغ الذي تعرض له الجنوب بعد انكشاف موضع القاعدة العسكرية للعدل والمساواة ما فرض عليه أبداء مرونة اكبر الأمر الذي أسهم في مراجعة جوبا لحساباتها حتي لا تبدو كمعتد خصوصاً وان مصدر المعلومة هو المنظمة الأممية. علي النقيض تماماً استبعد توكل ان يكون للموقف اثر مباشر علي اتفاق أمس الأول ودلل علي ذلك بأن الجنوب كان يريد إحالة الملف لمجلس الأمن في اجتماعه القادم في ابريل لمناقشة الترتيبات الأمنية بين الطرفين أي كان يسعي لتدولي الملف.. الي ذلك استبعدت مصادر مقربة من دوائر المفاوضات ل( الرأي العام) ) ان يكون لإجراءات سلفاكير الأخيرة بإبعاد قيادات بالجيش الشعبي دور في جعل موقف الجنوب مرناً وكشفت عن استباق الجولة بتكتيكات إعلامية ابتدأها وزير إعلام الجنوب بإعلانه عن توقيع اتفاق بين أثيوبيا والجنوب وجيبوتي لتصدير النفط بالإضافة لإعلان جوبا عن عطاء لمجلس الوزراء لإنشاء طريق بري بين قمبيلا وجوبا علي أساس نقل البترول بشاحنات الي موانئ التصدير. إمكانية نجاح الاتفاق وتحققه علي ارض الواقع عبر مصفوفة الترتيبات الأمنية المتفق عليها والانسحاب عملياً حاصرة القلق في احتمالات التعرض لصعوبات عملية وهو الأمر الذي يقطع بعدم حدوثه الشفيع الفكي المأمون وقال (المصفوفة عملياً يمكن لها ان تتم وتكتمل الا اذا حدث تردد أو تلكؤ لكن عسكرياً ليس التنفيذ مشكلة خصوصاً وان الايجابي في الاتفاق هو إلزام اليونيسفا بمراقبة الاتفاق).. التفكير في القادم بدا هماً يؤرق الكثيرين تحت عنوان (ماذا بعد هذا) الأمر الذي يجيب عليه اجتماع اللجنة السياسية الأمنية في 17 مارس الجاري بحسب ما تم إعلانه ، وكشفت مصادر مقربة من التفاوض ل( الرأي العام) ان الاجتماع سيناقش فك الارتباط وإعادة نشر المراقبين في مقابل ذلك فإنه تم الالتزام عقب التوقيع وخلال 21 يوماً ببداية تدفق النفط.. نقلا عن صحيفة الرأي العام 10/3/2013