بالأمس أعلنت السيدة وصال المهدي أن مصر لا ترغب في وجود السيد الصادق بأراضيها، تطورات مهمة في ملف العلاقة بين الحكومة وحزب الأمة تزامنت مع تصريحات وصال، وأعني شروع الجهات العدلية في تحريك إجراءات قانونية ضد السيد الصادق وملاحقته عبر الانتربول. من قبيل المصادفة ذات الدلالات التي لا تخفي على المراقبين أن تصريحات وصال تزامنت مع خبر ملاحقة السلطات العدلية للمهدي عبر الانتربول، والربط بين التطورين في تقديري يستصحب بالضرورة التأكيد على (الورطة) التي دخل فيها رئيس حزب الأمة وهو يلاحق من قبل الانتربول داخل بلد لا ترغب في وجوده بأراضيها، ربما لأن التفاهمات بينها والحكومة قطعت شوطاً بعيداً في الملف المتعلق بإيواء ودعم المعارضين، لذا فإن آخر طلب تقدم به المهدي للسلطات المصرية بالقاهرة كان يقتضي موافقة السفارة السودانية التي رفضت فتم إلغاء الاحتفال بالموقع المطلوب والاستعاضة عنه باحتفالية مصغرة. التطوران – حديث وصال ومذكرة الانتربول – في تقديري جديران بالتوقف عندهما لارتباطهما بوجود المهدي خارج السودان والخيارات المتاحة أمامه للتعامل مع الموقف. ما كان السيد الصادق المهدي بحاجة إلى أن يلاحق بالقانون لو أنه أعمل الحكمة في حراكه السياسي واستصحب الظرف التاريخي الدقيق الذي تمر به البلاد ووقف تحت مظلة الحكماء الذين ترتجونهم الناس ليوم كريهة وسداد ثغر وأحسن على الأقل توقع مآلات الخطوة. آثر المهدي الانتقام لنفسه واختار مواجهة الحكومة والانضمام لمعسكر خصومها المسلحين جرياً لفش غبينة شخصية تملكته في أعقاب توقيفه لمدة شهرين داخل السجن، النتيجة كانت مزيداً من المضاعفات في الوضع السياسي وانتكاساً للحوار بين الحكومة وحزب الأمة ثم خروج الحزب عن خط التهدئة الذي اعتمده في التعاطي مع الأزمة السياسية ومفارقته لإستراتيجية الطريق الثالث تعزيز مبدأ العمل المسلح. حزب الأمة تأثر كثيراً بغياب السيد الصادق المهدي، تطورات متلاحقة وضعته في خانة المدافع، لم يعد مبادراً منذ خروج السيد، أصبح دائم التبرير بالقدر الذي سلبه القدرة على اجتراح معالجات واعية لموقف الحزب والزعيم في أعقاب التوقيع على نداء السودان. الخلافات التي ضربت جسد المعارضة حول التوقيع والتسريبات التي نقلتها الوسائط الإعلامية نقلاً عن ياسر عرمان وعبد الواحد تشير بجلاء إلى وجود أزمة ثقة في مواقف المهدي حتى وإن جاءت مبرأة من كل عيب ومنحازة إلى النشاط المعارض والكفاح المسلح.. (الورطة) التاريخية الأخرى التي يجد فيها السيد نفسه هو ضعف ثقة المعارضين في موقفه، ليس هناك ثمة إحساس بأن التوقيع على الاتفاق أثمر عن تفاهمات جديدة أو أعاد المياه إلى مجاريها بين المعارضة وحزب الأمة، ولذلك لا أري أن السيد الصادق حقق أي نجاح في توقيعه على اتفاق "إعلان باريس ونداء الوطن" لا على المستوي الاستراتيجي ولا التكتيكي، كل ما حدث أنه الآن لا يظفر بثقة المعارضة وعلى خلاف حاد مع الحكومة التي نصبت كيمناً قانونياً ما كان ينبغي أن يفوت علي قراءات المهدي خاصة وإن أس الأزمة في المواجهة الراهنة كان بلاغاً جنائياً .. فكيف وقع المهدي في هذه (الورطة)..؟ نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 2015/1/26م