ضمن ردود حركة حماس الرافضة والغاضبة على قرار إحدى المحاكم المصرية باعتبار كتائب القسام الجناح العسكري للحركة «تنظيما إرهابيا»، كشف الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة أن كتائب القسام، تعاونت في أوقات سابقة مع جهاز المخابرات المصرية في حل «ملفات شائكة»، كما كشفت الحركة أن النظام المصري الحالي جمد بشكل كامل الملفات التي يشرف على إدارتها وهي المصالحة الداخلية والتهدئة مع إسرائيل. في غضون ذلك واصلت الفصائل الفلسطينية انتقاد القرار القضائي المصري الذي أصدرته محكمة الأمور المستعجلة. وقال أبو مرزوق في تصريح صحافي على صفحته على موقع «فيسبوك» أن التاريخ سجل لكتائب القسام «تعاملها الراقي والحضاري مع المخابرات المصرية، حين تعاونت معها في ملفات شائكة، وكان النجاح حليفهما دون غدر أو سوء طوية»، مستنكرا في الوقت ذاته قرار المحكمة المصرية، متسائلا «هل أصبحت اليوم (كتائب القسام) إرهابية». وجرى تعاون مباشر بين كتائب القسام والمخابرات المصرية، خلال فترة المفاوضات التي سبقت إبرام صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل التي أشرفت عليها مصر، لكن لا يعرف طبيعة الملفات الأخرى الشائكة التي تحدث عنها أبو مرزوق. وأشار نائب رئيس المكتب السياسي لحماس إلى أن إعتبار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، كتائب القسام «منظمة إرهابية»، يعد القرار الأول في العالم العربي والإسلامي ومعظم دول العالم باستثناء إسرائيل، ومن أوجدها ومن يدعمها في الغرب، ويدين المقاومة الفلسطينية. يذكر أن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قضت أيضا العام الماضي بحظر نشاط حركة حماس، والتحفظ على مقارها في مصر، وذك لحين الفصل في الدعوى الجنائية المنظورة أمام جنايات القاهرة باتهامها بالتخابر واقتحام السجون. وأشاد أبو مرزوق الذي غادر قطاع غزة إلى مصر قبل أيام، بمواقف مصر ازاء الفلسطينيين، وقال «لقد سجل التاريخ وقوف مصر إلى جانب حركات التحرر الوطني في العالم العربي وأفريقيا وفلسطين خاصة»، معتبرا في الوقت ذاته أن الحكم على كتائب القسام يمثل «انقلابا على التاريخ والحق الفلسطيني، وأخلاق مصر ومبادئها التي نعرفها». وأضاف أبو مرزوق يقول «معظم دول العالم، خاصة العالم العربي، والإسلامي، تقف إلى جوار المقاومة دعماً وتأييداً، وهذا ما كنا نتوقعه من مصر، التي عانت من إرهاب الكيان الصهيوني، وأية معاناة، فقد استهدفت إسرائيل المدنيين في بحر البقر ومدن القناة، وقتلت الآلاف من جنود مصر الشهداء، بمن فيهم المئات من الأسرى في سيناء». ونفى أن يكون لجناح حماس العسكري أي علاقة بما يدور في مصر من أحداث داخلية، وقال «لقد سجل التاريخ لكتائب القسام وأخواتها من فصائل المقاومة الفلسطينية، صفحات من نور في مقاومتها للاحتلال، فقد أجبرت الاحتلال على الانسحاب من قطاع غزة، وهزيمته، كما سجل التاريخ لكتائب القسام أنها لم تستهدف ببندقيتها أياً من أبناء أمتنا ولا شعبنا، خاصة في حق الشقيقة الكبرى مصر، لا جيشها، ولا رجال أمنها، ولم تتدخل في شؤونها الداخلية قط». وأكد أبو مرزوق خلال تصريحاته أيضا، على أنه لم يثبت في حق كتائب القسام حادثة واحدة، أو رصاصة واحدة في أي اتجاه خاطئ، وأضاف «سجل التاريخ لكتائب القسام أن حملات إعلامية كبيرة وظالمة من الإعلام والأقلام تتناولها خدمة لعدونا الصهيوني، وبقيت الكتائب على وجهتها، ولم تحد عنها، وبقيت في مواجهتها للعدو الصهيوني فحسب، دون ردات فعل على الحسابات السياسية الخاطئة للغير، معتقدةً ومتيقنة أن معركتها معركة فلسطين وتحريرها». وجاء رد أبو مرزوق ضمن ردود كثيرة لقادة الحركة على القرار، حيث اتهم الدكتور محمود الزهار القيادي في حماس عناصر من حركة فتح تقديم «تقارير مغلوطة» إلى مصر، وأضاف منتقدا القرار «قرار المحكمة المصرية مخز ويمس أشرف ظاهرة وجيش في الأمة»، مشيرا إلى أن هذا القرار «ليس له علاقة بالقضاء». من جانبه اتهم الدكتور صلاح البردويل القيادي في حماس سياسة النظام القائم في مصر، بأنها مرجعية «القرارات المتهورة التي تتخذها جهات إعلامية وقضائية ضد الحركة». وشدد على أن علاقة حماس بمصر الشعب «ستبقى قوية جدا، ولن يلغيها أي قرار متهور عابر سواء كان صادرا من النظام المصري أو المحكمة أو غيرها»، وأضاف في تصريحات لموقع «الرسالة نت» المقرب من حماس «من اتهمنا بالإرهاب انغمس بالخطأ السياسي لأبعد حد، وقراره لن يعزلنا بل سيعزله هو». وحذر من مساس أي جهة في كتائب القسام، «لما تمثله من اعتبار قيمي وأخلاقي للأمة». وأشار البردويل إلى أن النظام المصري جمد بشكل فعلي ملف المصالحة والمفاوضات غير المباشرة، ويستمر بإغلاق معبر رفح، وأضاف «ما يجري هو تحصيل حاصل في العلاقة الثنائية»، وتابع وهو يعقب على القرار أيضا «الأنظمة تأتي وتزول وتبقى الحقيقة أن الشعب المصري أصيل». من جهتها رفضت حركة الجهاد الإسلامي قرار المحكمة المصرية، وأكدت أن الزج باسم القسام، أو أي من الفصائل الفلسطينية يعد «نوعا من خلط الأوراق، لا يخدم إلا الاحتلال الصهيوني الذي تقارعه قوى المقاومة». وأكدت الحركة على حرصها على أمن واستقرار مصر الشقيقة، معتبرة أن قرار المحكمة «لا يعكس موقف الشعب المصري العزيز، ولا الإدارة المصرية الحكيمة». واستنكرت الحركة كذلك التفجيرات التي استهدفت قوات الجيش والشرطة المصرية في عدة مدن في شمال سيناء، مؤكدة أن أعمال العنف التي تستهدف زعزعة أمن و استقرار مصر «لا تخدم بنظرنا إلا الاحتلال و أعداء الأمة». ورفضت أيضا لجان المقاومة قرار المحكمة المصرية، ووصفته ب»المتسرع»، وقالت أنه «لا يستند لأي وقائع أو حقائق ولا يعبر عن ضمير الشعب المصري المساند للمقاومة الفلسطينية». وطالبت السلطات المصرية بضرورة التراجع عن القرار، مؤكدة على إيمان المقاومة بأهمية الحفاظ على الأمن القومي المصري، باعتباره من «الأمن القومي الفلسطيني»، وأكدت أن «استقرار مصر هو قوة للشعب الفلسطيني ومقاومته»، ودعت مصر إلى «ضرورة إيقاف موجة التحريض على قطاع غزة في الإعلام المصري». ونددت الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب والمبادرة الوطنية وحركة فدا في بيان مشترك بالهجوم الذي تعرض له الجيش المصري في سيناء، وأكدت حرصها على أفضل العلاقات مع مصر، وتعزيزها انطلاقاً من الحفاظ على وحدة مصر ومؤسساتها، ورفض وإدانة أي تدخل في شؤونها الداخلية. وأكدت كذلك على ضرورة العمل المشترك في مصر على معالجة تداعيات قرار محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة بشأن كتائب القسام «بما يحافظ على مكانة المقاومة الفلسطينية كحركة تحرر وطني وجهتها الوحيدة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي». وعبرت إسرائيل عن سعادتها بالقرار، واعتبرت تقارير صدرت في تل أبيب أن القرار مس بأقدس القضايا العربية في الحرب مع إسرائيل، وهي المقاومة. وجاء في تقرير للمحلل السياسي في صحيفة «هآرتس» أن هذه هي المرة الأولى الذي يقوم فيها أحد الزعماء العرب بمناقضة المفهوم السائد في الوطن العربي والقائل أن المقاومة ضد إسرائيل تخدم المصالح العربية برمتها. وذكرت الصحيفة أن مصر رسمت بهذا القرار الهدف بالنسبة لقطاع غزة وبالنسبة لسيطرة حماس على الحكم فيه، وأن إغلاق معبر رفح هو جزء لا يتجزأ من هذا المخطط المصري. لكن التقرير الصحافي الذي كتبه المحلل السياسي قال إن إسرائيل ستكون راضية من القرار المصري، ولكن ذلك يعقد الصراع مع حماس بالنسبة لإسرائيل، فاستمرار المعاناة الاقتصادية والتضييق والحصار وتجميد الأعمار من شانه أن يتحول إلى فتيل انفجار للمواجهة المقبلة. المصدر: القدس العربي 2/2/2015م