شهادات مزورة.. الداخلية تداهم أكاديمية تعليمية بالإسكندرية    ولاية الخرطوم: ويسترن يونيون تفتح فرع لصرافة ميج بأمدرمان    بوتين يصدر مرسوما يتيح التصرف بالممتلكات الأمريكية في روسيا    الإعلان عن تطورات مهمة بين السودان وإريتريا    الإمارات تتحفّظ على قرار الجامعة العربية بدعم السلام والتنمية في السودان لأنّه يتطلب الدراسة والتدقيق    شاهد.. الفيديو الذي أثار ضحكات وسخرية المتابعين.. قيادي بالدعم السريع يوزع الرتب العسكرية العالية على جنوده داخل أحد المنازل بالخرطوم وأحدهم يرفض رتبة الفريق ويختار علامة "الجاهزية"    مصر: إسرائيل دأبت على استفزازنا.. ونرفض سيطرتها على معبر رفح    شاهد.. الفنانة الأبنوسية فدوى فريد تغني مرثية للشهيد محمد صديق    شاهد بالفيديو.. طفل سوداني يقف أمام سيارة للجيش ويحمس الجنود بأبيات شعرية قوية وأحدهم يقبل رأسه إعجاباً بقصيدته    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    خبيرة ترسيم حدود تكشف مواقع أنهار مصر الحية والمدفونة في الصحراء    من هو الأعمى؟!    السعودية: دخول مكة المكرمة يقتصر على حاملي تأشيرات الحج    أعطني مسرحاً أعطك حضارة    بلقيس لجمهورها: «يا ويل حالي»    ما هو التالي لروسيا في أفريقيا بعد فاغنر؟    كيف تكتشف الكاميرات الخفية في المنازل المستأجرة؟    الخارجية: على المجتمع الدولي الإقرار بدورنا في حماية الأمن الإقليمي والدولي والتوقف عن الاتهامات غير المؤسسة    بعد "تشكيك" في دورها.. مصر تهدد بالانسحاب من جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس    إجراء قرعة الفقيد محمد جمعة شلضم بنادي المريخ كوستي    آل إيه.. آل هزمنا الأهلى والترجي!!؟؟    المريخ يخرج بالتعادل الايجابي أمام سيراميكا المصري    أتالانتا ينهي سلسلة ليفركوزن التاريخية    زيادة سقف بنكك والتطبيقات لمبلغ 15 مليون جنيه في اليوم و3 مليون للمعاملة الواحدة    هل دفع ميسي ثمن رعونة البدايات؟    كيف ولماذا عاد الكيزان الي المشهد ..    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حسين خوجلي: وما زالت الجزيرة في محطة الانتظار المفضوح    البطل محمد صديق ..هل تم تسليمه..؟    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي ليوم الثلاثاء    صلاح ينهي الجدل حول مستقبله.. هل قرر البقاء مع ليفربول أم اختار الدوري السعودي؟    عائشة الماجدي: (أغضب يالفريق البرهان)    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    الحقيقة تُحزن    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر ودول النيل.. لا بديل عن التعاون
نشر في سودان سفاري يوم 29 - 04 - 2010

تعاملت مصر تاريخيا مع كل مايصل إليها من التدفق الطبيعي لنهر النيل علي أنه مياهها, أو منحتها الطبيعية أو الإلهية, وتطورت الحياة البشرية والحيوانية والنباتية بناءعلي تلك المياه.
وظل الأمر كذلك حتي القرن التاسع عشر بعد تأسيس الدولة المصرية الحديثة في عهد محمد علي, حيث بدأ عدد سكان مصر في التزايد بمعدلات سريعة, وبدأت الاحتياجات المائية تتزايد, مما دفع مصر لإنجاز سلسلة طويلة من الأعمال الكبري لضبط النهر العملاق, ولم تكن مصر بحاجة لأية اتفاقيات دولية للقيام بتلك الأعمال في عهدي محمد علي والخديوي إسماعيل, حيث كانت المياه الواصلة الي مصر هي مياها متروكة وخارج نطاق احتياجات الدول في مناطق منابع النيل, أي أن مصر ببساطة لم تكن تتجاوز علي حقوق أحد بل تستثمر ما يصل اليها من مياه, تلك المياه التي ترتبت عليها بصورة كاملة, كل حياة البشر والحيوان والنبات في مصر, وأصبحت حقوقا تاريخية مكتسبة لشعب مصر لا مجال للانتقاص منها مطلقا, كما أن مصر دفعت من لحمها الحي لإقامة المشروعات التي حمت بها مياه النيل من التبدد في البحر, وهناك لدي كل دول الحوض مجالات كبيرة لزيادة الايرادات المائية للنيل بأن تفعل مثلما فعلت مصر بالاتفاق مع باقي دول الحوض لإقامة المشروعات العديدة الممكنة لزيادة حجم المياه التي تدخل مجري النيل ولإنقاذ المياه الموجودة في مجراه فعليا من التبدد بالبخر والنتح والتسرب والتشرب في المستنقعات.
وخلال العهد الاستعماري وقعت بريطانيا أثناء احتلالها لمصر, بروتوكولا مع ايطاليا التي كانت تحتل إريتريا, تعهدت فيه ايطاليا بعدم اقامة أي منشآت لأغراض الري علي نهر عطبرة, كما وقعت بريطانيا اتفاقية مع اثيوبيا في15 مايو عام1902, وتتضمن تعهد منليك الثاني ملك اثيوبيا بألا يقوم بإنشاء أو يسمح بإنشاء أعمال علي النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها الحد من تدفق المياه منها لنهر النيل, وإذا كان حصول دولة من خارج حوض أي نهر علي المياه من هذا النهر لمدة عام يرتب لها وبموجب القانون الدولي حق ارتفاق دائم علي هذه المياه, فإن اعتماد مصر التاريخي علي مياه النيل, يجعلها أولي بحقوقها المائية التاريخية المكتسبة فيه.
وفي ديسمبر عام1906, وقعت بريطانيا وفرنسا وايطاليا اتفاقا في لندن بشأن الحبشة( إثيوبيا) تضمن موافقة الدول الثلاث علي تأمين وصول مياه النيل الأزرق وروافده الي مصر, وفي12 مايو عام1894, وقع ملكا بريطانيا المسيطرة علي مصر, وبلجيكا التي كانت تحتل الكونغو, اتفاقا ينص علي تعهد حكومة الكونغو ب ألا تقيم أو تسمح بإقامة أي أشغال علي نهر سمليكي أو نهر أسانجو أو بجوار أي منهما يكون من شأنها خفض حجم المياه المتدفقة منهما في بحيرة ألبرت( موبوتو)( لوتانزيجا).
وفي7 مايو عام1929 وافق المندوب السامي البريطاني نيابة عن الإدارات الحكومية البريطانية القائمة في كل من السودان وأوغندا وكينيا وتنزانيا, علي المذكرة التي أرسلها رئيس وزراء مصر محمد محمود باشا بشأن مياه النيل, وبذلك أصبحت اتفاقية مياه النيل سارية منذ ذلك التاريخ, وأهم ماتنص عليه اتفاقية عام1929 هو تحديد حق مصر المكتسب من مياه النيل الذي أصبح حصتها السنوية بمقدار48 مليار متر مكعب, كما أكدت الاتفاقية علي أن لمصر نصيبا في كل زيادة في موارد النيل في حالة القيام بمشروعات جديدة علي النيل وروافده.
ولم تظهر دول حوض النيل في البداية اعتراضا علي تلك الاتفاقية باستثناء أثيوبيا التي لم تعترف بها, لكن عقب استقلال دول حوض النيل, رفضت تنزانيا الاعتراف بها وطالبت تنزانيا وكينيا وأوغندا, مصر بالتفاوض معها للتوصل لاتفاقية جديدة بشأن مياه النيل بدلا من اتفاقية عام1929, وهو مارفضته مصر بناء علي اتفاقية التوارث الدولي المقرة عالميا.
وفي8 نوفمبر1959, وقعت مصر مع السودان اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل لبناء السد العالي, وتحدد الاتفاقية الفوائد المائية من إنشاء السد العالي بمقدار22 مليار متر مكعب عند أسوان بعد خصم10 مليارات متر مكعب تفقد بالبخر, وتقسم الاتفاقية صافي الفائدة المائية للسد العالي بواقع7.5 مليار متر مكعب لمصر,14.5 مليار متر مكعب للسودان, لتصبح حصة مصر من مياه النهر55.5 مليار متر مكعب, وحصة السودان18.5 مليار متر مكعب.
وفي عام1996 ثار الكثير من الجدل حول طلب إثيوبيا للتمويل الدولي لشبكة من السدود علي روافد النيل التي تنبع من الهضبة الاثيوبية, وينبغي النظر الي المشروعات الاثيوبية بشكل واقعي وموضوعي, إذ يمكن الإقرار بحق إثيوبيا في إقامة مشروعات لتوليد الكهرباء من مساقط المياه علي روافد النيل, بل ويجب علي مصر أن تتعاون معها في ذلك, كما يمكن لمصر أن تتعاون معها لتطوير الايرادات المائية في منطقة منابع نهري جوبا وشبيلي, وحتي في حوض نهر السوباط لإنقاذ ما يتبدد من مياهه في المستنقعات بحيث تحصل إثيوبيا علي حصة منها شريطة أن توافق رسميا علي اتفاقية1959, وألا تمس حصة مصر من مياه النيل, في إطار صفقة شاملة للتعاون بين الدولتين حول مياه النيل بدلا من التنازع عليها.
وإذا كانت العلاقات المائية بين دول حوض النيل قد وصلت الي منعطف حرج بعد أن أصر وزراء دول الحوض علي التوقيع علي الاتفاق الإطاري الذي لا يحصن حصتي مصر والسودان من مياه النيل, ويتجاهل موقف الدولتين الرافض له, فإن مصر مطالبة بتحرك سريع وطرح مبادرات تعاون ثنائي وجماعي في جميع المجالات الزراعية والمائية والصناعية والخدمية الصحية والتعليمية والأمنية والعسكرية من أجل بناء جسر من الثقة والتوافق مع دول الحوض علي اتفاق إطاري يحصن الحصص المائية الراهنة لدول حوض النيل, ويركز العلاقات والتعاون بين دول الحوض علي المشروعات الجديدة لتنمية إيرادات النهر واقتسامها علي أسس عادلة ومتناسبة مع احتياجات كل دولة من جهة وإسهامها في تمويل وتنفيذ تلك المشروعات من جهة أخري, أما تلك المشروعات الممكنة فنيا والمجدية اقتصاديا فسوف نطرحها في المقال القادم.
المصدر: الاهرام 29/4/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.