الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!    لم تتحمل قحط البقاء كثيرا بعيدا من حضن العساكر    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    الخارجيةترد على انكار وزير خارجية تشاد دعم بلاده للمليشيا الارهابية    الأحمر يعود للتدريبات    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    كباشي والحلو يتفقان على إيصال المساعدات لمستحقيها بشكل فوري وتوقيع وثيقة    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر البرهان يقف على مراسم "دفن" نجله ويتلقى التعازي من أمام قبره بتركيا    المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة مع دول عربية في غزة بعد الحرب    الحرس الثوري الإيراني "يخترق" خط الاستواء    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تتحول السودان لساحة حرب صينية – أمريكية


أحمد الغريب‎ - مفكرة الإسلام:
نفط السودان ... كلمة السر في تلك الأزمة الصاخبة التي يشهدها الجميع حالياً، فليس هناك أي مجال للحديث عن سعي لحماية حقوق الدارفوريين وليس الهدف من تقديم الرئيس السوداني عمر البشير للمحاكمة القول أن العالم يحافظ على دماء هؤلاء الذين راحوا ضحية صراع سياسي في السودان، بل الحقيقة تكمن في النفط السوداني الذي يتصارع عليه كلا من بكين وواشنطن ويحاول كلا منهما أن يضع يده على آبار النفط السودانية ويحول ما فيها إليه ويستأثر به دون الآخر خاصة في ظل الحاجة الرهيبة للنفط من أجل الاستمرار في إدارة عجلة الاقتصاد المتنامي فيهما.
ما وراء تقرير البي بي سي
جاء إعلان تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قبل أيام قليلة أن الصين تقدم مساعدات عسكرية للحكومة السودانية وتزودها بشاحنات عسكرية وتدرب عناصرها على قيادة طائرات قتال صينية، في خرق للحظر المفروض من الأمم المتحدة، والقول بأن ذلك يتعارض مع ما أقرته الأمم المتحدة في مارس 2005 من حظر تام على بيع الأسلحة للسودان، وتأكيدها على أن هناك أدلة دامغة بشأن وجود شاحنة عسكرية من طراز دونغ فينغ بحوزة جماعة من متمردي دارفور، قال شاهد إنها صودرت إبان معارك مع القوات الحكومية في ديسمبر الماضي، وكذلك حصولها على فيلم يثبت وجود عدد آخر من الشاحنات المزودة بمدافع مضادة للطائرات احدهما صيني الصنع، والقول بأن محققو الأمم المتحدة عثروا على 212 شاحنة من هذا النوع، وأن مراسل البي بي سي تمكن من الحصول على صور بالأقمار الصناعية لطائرات صينية من طراز فانتان في نيالا جنوب السودان في الشهر الماضي تسلمتها السودان عام 2003، ونقلها عن مصدر لم تفصح عن هويته أن الصين تدرب طيارين وان السودان استورد عدة آلات لمحاكاة الطيران من طراز ك8 قبل عامين، ليعيد من جديد الحديث عن الدور المتنامي الذي تلعبه الصين في الخرطوم، خاصة وأنها تعد المستورد الأول للنفط السوداني ومن أهم المستثمرين هناك، وسط نقمة أميركية شديدة من هذا الدور مما جعلها تنتقد أكثر من مرة ما أسمته بعدم تدخل بكين لدى الخرطوم من اجل وضع حد لأعمال العنف في دارفور.
حربان فى دارفور
فحقيقة الأمر أن دارفور تشهد حربان، الحرب الأولى تُستخدم فيها السكاكين والسيوف والكلاشنكوف ورجال على خيول وجمال فوق سطح الأرض، أما الثانية فتُستخدم فيها آلات قياس جيولوجية عائدة لشركات نفط كبرى لوضع خرائط للنفط الموجود مئات الأمتار تحت سطح الأرض، ويغذي هاتين الحربين لاعبان أساسيان، ألا وهما الصين والولايات المتحدة، حيث تشهد حالياً الصين تطوراً ونمواً اقتصادياً هائلاً، ما جعلها لاعباً أساسياً في الاقتصاد العالمي وفتح شهيتها للمواد الخام حول العالم، و مع بداية نضوب حقولها النفطية في الداخل، تعيش الصين تحت ضغط توفير مصادر بديلة، وخاصة مع كونها المستهلك الثاني للنفط عالمياً، وبحسب آخر الإحصاءات، ارتفعت واردات الصين من النفط أخيراً من 6 في المائة إلى ثلث حاجتها المحلية وسترتفع إلى 60 في المائة حوالي عام 2020، وهذا يعادل تقريباً 15 مليون برميل في اليوم الواحد.
الأمر الذي دفع ببكين للدفع بكبري شركاتها النفطية وعلى رأسها شركة نفط الصين الوطنية (CNPC) المملوكة للحكومة لاستثمار، حوالي 300 مليون دولار لتوسيع أكبر مصفاة للنفط في السودان، ما أدى إلى مضاعفة الإنتاج، وفى عام 2004 بدأت هذه الشركة إنتاج النفط جنوب دارفور إضافة إلى امتلاكها حصة كبيرة من إنتاج الحقول جنوب السودان، وبنت شركة سينوبيك الصينية 1000 ميل من الأنابيب من دارفور إلى بورسودان لتحميل النفط على متن الناقلات.. وبالإجمال، تستورد الصين ثلثي الإنتاج النفطي السوداني، وتعتبر السودان أكبر مشروع نفطي لها ما وراء البحار.. لذلك تمده بالسلاح الذي يحتاج إليه في حروبه، وبالإعاقة التي يحتاج إليها في مجلس الأمن لأي مشروع لا يتوافق مع مصلحته.
لم تتمكن الولايات المتحدة إلى الآن من السيطرة والتحكم بسياسة السودان ولا سيما النفطية منها.. بل سعت ولا تزال إلى عرقلة تطوير هذا المصدر الاقتصادي المهم واستخدامه، عبر سعيها الدءوب في مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على السودان
وعلى عكس ما يحصل مع دول نفطية أخرى، لم تتمكن الولايات المتحدة إلى الآن من السيطرة والتحكم بسياسة السودان ولا سيما النفطية منها.. بل سعت ولا تزال إلى عرقلة تطوير هذا المصدر الاقتصادي المهم واستخدامه، عبر سعيها الدءوب في مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على السودان، يكون الحظر على الصادرات النفطية والعقوبات على الشركات المتعاملة مع السودان بنداً أول فيه، ودعمت خلال عقدين حرب الانفصال في الجنوب التي استنفدت كل مصادر الحكومة الاقتصادية.. وبعد توقيع السلام هناك، توجه الاهتمام الأميركي إلى الغرب في دارفور حيث تُتهم الولايات المتحدة بأنها وراء رفض واحدة من الميليشيات هناك توقيع اتفاق السلام الأخير.. وتعتمد الولايات المتحدة على سياسة المبعوثين إلى السودان للضغط على الحكومة ولمحاولة وضع موطىء قدم نفطي لشركاتها الكبرى هناك.. كما في مناطق مختلفة من العالم، حيث انسحب التنافس الاقتصادي بين الكبيرين الصين والولايات المتحدة إلى صلب أزمات السودان ولا سيما في دارفور.
تنامى الدور الصينى
هذا التنافس الأمريكي – الصيني دفع بكين أكثر من مرة للتأكيد على دورها المحوري في السودان وهو ما تجلى بوضوح في عدة مناسبات، من بينها ما صرح به العضو بمجلس الدولة الصيني "داي بينغ قوه" وتأكيده خلال مقابلته وفدا من حزب المؤتمر الوطني السوداني، برئاسة مصطفى عثمان إسماعيل، سكرتير الشؤون الخارجية للحزب ومستشار الرئيس البشير، على أن الصين ستواصل الاتصال والتنسيق مع السودان ومع المجتمع الدولي في قضية دارفور، وستحاول إيجاد حل مبكر، وفى معرض حديثه عن التعاون المثمر بين الصين والسودان في مجالات مختلفة، قال داي أن الصين مستعدة لتعزيز علاقة ودية مستقرة وطويلة الأمد مع السودان على أساس الاحترام المتبادل والمساواة والمتبادل النفع، وأضاف داي قائلا "أن الذكرى ال50 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسودان عام 2009 هي بمثابة فرصة ولتعزيز التعاون الجوهري بين البلدين.
وهو ما دفع إسماعيل للإعراب عن الامتنان للصين على جهودها في دفع تسوية قضية دارفور، قائلا أن السودان سيواصل تعزيز التنسيق والتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الافريقى وسيعزز نشر القوات المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور بالإضافة إلى العملية السياسية والاستقرار في المنطقة، وقال إسماعيل أن السودان سوف يواصل التمسك بسياسة صين واحدة وتوسيع التعاون بين البلدين في مختلف المجالات ودفع العلاقات الثنائية من خلال التبادلات بين حزب المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي الصيني.
ولا تتهاون بكين فيما يثار ضدها من اتهامات أميركية وغربية بشأن دور خفي تلعبه في السودان، حيث تلعب الخارجية الصينية ومسئوليها دور بارز في نفى ما يثار من اتهامات، فقبل أيام اتهم مبعوث الصين إلى منطقة دارفور، وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية في الغرب بإثارة المشاعر المناهضة للصين بين جماعات المعارضة في السودان، وقال ليو جويجن مبعوث الصين إلى دارفور "أن مثل هذه الجماعات لا تدرك ما الذي تحاول بكين عمله في المنطقة، وأضاف قائلا للصحفيين على هامش منتدى بشان دارفور في بكين "بعض جماعات المعارضة المهمة لديها آراء بشان الصين لكن من الصعب وصفها بأنها قوة مناهضة للصين، ومضى ليو قائلا "بسبب وسائل الإعلام الغربية وخصوصا الإثارة التي تقوم بها بعض المنظمات غير الحكومية فان دور الصين جرى تشويهه في أعينهم،وبعض جماعات المعارضة المهمة تأثرت بهذا، لكن بشكل عام فان مختلف الأطراف في دارفور ترحب بالموقف الايجابي للصين في المشاركة في حل مشكلة دارفور، وفي الوقت نفسه فإنها ترى مساهمة الصين"، كما أكد تشاي جون مساعد وزير الخارجية الصيني أن الصين ربما لم تبذل جهودا قوية كافية في توصيل رسالتها بشان دورها في دارفور إلى مختلف أرجاء العالم الخارجي".
وكذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو جيان تشاو في وقت لاحق أن الصين ستزيد وجود قواتها لحفظ السلام في دارفور وان كان أكد أنها ستكون من المهندسين وليس وحدات مسلحة، وقال في مؤتمر صحفي يعقد بصورة دورية "للتغلب على النقص الحالي في قوات حفظ السلام في دارفور فان الصين مستعدة لزيادة عدد أفرادها في هذه القوات.
وفيما يتعلق بالاتهام الأخير للرئيس البشير بارتكاب جرائم حرب في دارفور لم تترك بكين المجال، بل سارعت للتأكيد على لسان وانغ غوانجيا ممثلها لدى الأمم المتحدة، للتحذير من احتمال صدور مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني، معتبرا أن إجراء كهذا "قد يعرض للخطر" عملية السلام الهشة أصلا في دارفور، وقال الدبلوماسي الصيني "أنا قلق للغاية" مضيفا أن السلام في دارفور يتطلب "تعاون جميع الأطراف" ويستند إلى ثلاثة أسس: محادثات السلام بين الخرطوم والمتمردين في دارفور والقوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمساعدة الإنسانية للأمم المتحدة إلى اللاجئين والنازحين، وأضاف أن توجيه الاتهام إلى البشير، يمكن أن يعرض للخطر هذه الأسس الثلاثة".
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية ليو جيانتشاو وفى مؤتمرا صحفي له مؤخراً وفى معرض رده على سؤال بشأن مدى الصين عن الوضع الحالي في دارفور؟ وكيف تقيم الصين العلاقات بين الصين والرئيس السوداني البشير؟ وهل تعتبره صديقا للصين؟، فقال "أود أن أؤكد على أن السودان بلد صديق للصين، وهناك بين البلدين علاقات طبيعية، وتتابع الصين عن كثب الوضع في دارفور وقدمت مساهمتها لتخفيف الأزمة الإنسانية هناك، بما في ذلك إجراء الاتصالات مع الأطراف السودانية ذات الصلة، وتبادل وجهات النظر مع المجتمع الدولي بشأن قضية دارفور، وتقديم المساعدات إلى إقليم دارفور وإرسال قوة سلاح الهندسة للمساهمة في عملية حفظ السلام في دارفور، والغرض الوحيد من هذه التحركات هو تخفيف الأزمة الإنسانية في دارفور، حتى يتسنى للشعب السوداني أن ينعم بالسلام والاستقرار والتنمية، وعن قضية دارفور، قال "ندعو باستمرار إلى الالتزام بإستراتيجية المسارين التي تقضي بتحقيق التوازن بين عملية حفظ السلام والعملية السياسية، وتابع قوله" يجب تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يجب حث الأطراف ذات الصلة على الإسراع في الانضمام إلى المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاقات سياسية في وقت مبكر، وسنواصل القيام بدورنا الإيجابي في حل قضية دارفور، وعن تقيم حكومة الصين العلاقات مع الرئيس السوداني البشير؟ قال "السيد البشير هو الرئيس السوداني، وتربط الصين والسودان علاقات طبيعية".
مصالح بكين فى السودان
هذا وتجدر الإشارة إلى أن هناك مخاوف حقيقية صينية على مصالحها في السودان، خاصة بعد التحذير الذي جاء على لسان ناشط أميركي في مجال حقوق الإنسان مؤخراً في الأمم المتحدة للصين من خطر تعرض مصالحها النفطية في السودان لاعتداءات ما لم تمارس بكين ضغوطا على الخرطوم لوقف العنف في دارفور وجنوب السودان، حيث قال جون برندرغاست في تصريح صحفي "أن الصين التي تشغل مقعدا دائما في مجلس الأمن وتتمتع بحق النقض (الفيتو) "تتحمل مسؤولية كبيرة في البحث عن حلول للنزاعات في دارفور وجنوب السودان، وأضاف "يجب أن تتحمل الصين هذه المسؤولية وإلا فان السودان سيشتعل وأول ما سيحترق سيكون مصالحها الاقتصادية، وقال انه عاد من رحلة إلى جنوب السودان حيث جرت مؤخرا معارك بين القوات السودانية والمتمردين السابقين في الحركة الشعبية لتحرير السودان أدت إلى دمار في ابيي كبرى مدن منطقة نفطية متنازع عليها، وأكد برندرغاست ان "المتمردين الذين وقعوا اتفاق اللام الشامل يخشون أكثر فأكثر من أن يضطرا لخوض حرب جديدة من اجل الاستفتاء حول الاستقلال الذي وعدوا بتنظيمه في 2011، واضاف "إذا حدث ذلك أول الأهداف التي سيهاجمها المتمردون ستكون المنشآت النفطية الصينية، وتابع "لقد تعلموا الكثير حول طرق الاقتحام وشن عمليات كوماندوز في السنوات العشرين الأخيرة".
ويرون أن الصين تحرص على التزام الشكل الرسمي في علاقاتها مع الدول النامية، على الرغم من إدراكها أن هناك أحزابا وقوى سياسية وجماعات مصالح بازغة في العديد من الدول، وتصر الصين على عدم التعاون والتعامل مع هذه الجماعات والقوى السياسية والمجتمعية، والتعامل فقط مع جهاز الدولة ومؤسساته الإدارية الرسمية، وذلك انطلاقا من أن غالبية هذه الجماعات والقوى لا تزال في طور النمو والتشكيل، وتتسم بالضعف وعدم القدرة على التأثير في السياسات الرسمية التي تتبناها غالبية الدول النامية، من ناحية أخرى، ترى الصين أن جانبا كبيرا من هذه الجماعات والقوى نشأ بدعم وتمويل صريح أو غير معلن من الدول الغربية، سواء ممثلة في دول أوروبية أو الولايات المتحدة، وهو ما ينعكس سلبيا في أفكارها وبرامجها عن الصين وسياساتها الخارجية، ناهيك عن أن جانبا كبيرا من هذه القوى والجماعات مصدر عدم ارتياح وعدم قبول من الأنظمة الحاكمة في الدول النامية، نظرا لتبنيها سياسات ومواقف معادية أو غير مرحبة بالتوجهات الرسمية للدولة، خاصة فيما يتعلق ببرامج الإصلاح السياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى رفض الصين لقيام علاقات تعاون وتنسيق بين هذه الجماعات والقوى ونظيرتها الصينية، خوفا من اختراق السياسات الرسمية الصينية.
وتعتمد الصين على الشركات الصينية المملوكة للدولة - أو الشركات التابعة والخاضعة لنفوذ الدولة في تنفيذ المشروعات المشتركة في الدول النامية ومنها السودان وتفوضها في اقتراح وتخطيط مشروعات التعاون المستقبلية مع هذه الدول، كما يتم اصطحاب رؤساء هذه الشركات في الزيارات الخارجية للمسئولين الصينيين للدول النامية، كما يدرك القادة الصينيون أن علاقاتهم مع عدد كبير من الدول النامية قد أمدت الصين بدعم دبلوماسي هائل في المحن والأزمات الدولية التي تعرضت لها السياسات الصينية، ومن أهمها الدعم الحيوي الذي قدمته الدول النامية للصين فى مطلع السبعينيات من القرن الماضي لاستعادة مقعدها فى الأمم المتحدة، كما تعول الصين حاليا على هذه الدول فى رفض الاعتراف بتايوان، وهو ما يعزز الجهود والسياسات الصينية لعزل تايوان في الساحة الدولية، علاوة على توظيفها للأعداد الكبيرة للدول النامية فى منظمة التجارة العالمية فى عرقلة جولات تحرير التجارة الدولية الخاصة بضوابط استخدام الأيدي العاملة فى الأنشطة الصناعية والزراعية، وتحرير تجارة السلع الزراعية وفرض عقوبات خاصة بإغراق المنتجات الصينية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
هذا ويجب التنبيه على أن تقرير اقتصادي دولي صدر مؤخراً، أشار إلي وجود اهتمام متنامي من جانب الصين بالقارة الأفريقية كأحد مصادر النفط والطاقة التي يمكن الاعتماد عليها، وتطرق التقرير إلى السودان كمثال عن تنامي الدور الصيني في إفريقيا حيث أن الصين التي تمكنت من التقدم على اليابان في الترتيب لتصبح ثاني أكبر مستهلك في العالم للنفط بعد الولايات المتحدة قد أصبحت الآن تستهلك نحو 66% من صادرات الصين النفطية ولدي السودان الآن احتياطات مؤكدة من النفط تتجاوز المليار برميل مع وجود مناطق متوقع توافر المزيد من الاحتياجات البترولية لديها مثل دارفور وبدأ التعاون الصيني والسوداني في مجال البترول عام 1995، يدخل في إطار المساعدات الاقتصادية من حكومة الصين والتعاون ذي المنفعة المتبادلة، وتنفذ كل المشروعات المجموعة الصينية مما أدى إلي خروج البترول في يونيو 2000، فبدأ السودان تصدير البترول في نهاية أغسطس من نفس العام.
ويتضح مما سبق ذكره أن أمريكا لن تترك النفط السوداني للصين ولو اضطرت لاحتلال آباره ستفعل، خاصة أن الصراع الدولي حول النفط السوداني كان ولا يزال واحداً من أقوى الأسباب الجوهرية التي أدت إلى تفاقم المشكلات السودانية وتعقيدها، فالمواجهة الآن مع السودان تقودها بعض الدول الكبرى وليس المجتمع الدولي كله، ولهذا فأن أمريكا والغرب تؤججان أزمة دارفور بصب المزيد من الزيت على قضية دارفور، ويعتقد المراقبون أن المواجهة الحالية إذا ما استمرت على هذا المنوال ستكون نتائجها خطرة على المنطقة بأسرها وليس السودان وحده، ويصل المراقبون للأحداث إلي نتيجة مفادها أن حقيقة الأمر تكمن في وجود صراع دولي حول النفط ولعل الصراع حول هذا الأمر هو السبب المباشر في تعقيد كثير من القضايا السودانية الراهنة ، ويؤكدون أن هناك صراع محموم بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية حول الموارد النفطية في السودان، لكن كلا الدولتين يتمسكان بقواعد اللعبة الدولية لذلك لم ينفجر هذا الصراع بصورة أكثر وضوحاً .
أمريكا والنفط السودانى
ويعود هذا الصراع إلي السبعينات من القرن الماضي حينما توقف الأمريكان فى التنقيب عن البترول فى الجنوب السوداني لان الظروف الأمنية لا تسمح بذلك وقد كانت وقتها حركة التمرد فى الجنوب نشطت عملياتها العسكرية ثم انسحب الأمريكان من العملية، وقد أنفقوا وقتها مليار وستمائة وسبعين دولاراً وحصلوا على تعويض قدره (19) مليونا فقط، ولم يكن بحسبان شركة شيفرون الأمريكية أن تأتى الشركات الصينية للعمل فى السودان فى ظل هذه الظروف الأمنية السائدة في الجنوب، لكن الصينيين كانوا مغامرين، وعملوا تحت ظروف أمنية قاهرة ونجحوا وحققوا إنجازات كبيرة جداً أذهلت الأمريكان، ومن هنا بدأ مسلسل الضغوط على الشركات الصينية وتعاظمت التهديدات الأمنية عليها إلا أنها واصلت العمل بنجاح، وبالطبع هذا الأمر أزعج الأمريكان الذين أنفقوا ما يقارب المليارين دولار ولم يكن سهلاً عليهم ويعتقدون انهم الأحق بهذا النفط .
وعن احتمالات أن يتطور هذا الصراع إلى تدخل عسكري من جانب إحدى الدولتين لحماية المصالح ؟ يؤكد المتخصصون في الشأن السوداني، أن كل الخيارات ستظل مفتوحة خاصة من جانب الأمريكان، فإذا اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى احتلال آبار النفط ربما ستفعل وهذا الأمر غير مستبعد فى ظل الظروف الحالية خاصة وان هناك بعض المبررات من خلال تطور الأزمة في دارفور .
هل تخذل بكين الخرطوم
وتبقى إشارة أخيرة لكنها خطيرة، تؤكد أن هناك أكثر من مراقب سياسي يقول أنه لا يجب على الحكومة السودانية أن تعوّل كثيراً على الصين في معارضة أمريكا والعمل على حماية مصالحها النفطية واستثماراتها المختلفة في السودان، وذلك لأن الصين قد تفضل في حينه أن ترضخ للمطالب الأمريكية خاصة وأن بكين لديها علاقات تجارية واسعة مع الولايات المتحدة الأمريكية وحجم التبادل التجاري بين الصين الولايات المتحدة الأمريكية يقدر بمئات المليارات من الدولارات في حين أن حجم الاستثمارات الصينية في السودان لا يتجاوز ال (10) مليارات دولار لذلك فهناك مخاوف حقيقية من عدم وقوف الصين بجانب حكومة الخرطوم، لكن كل ذلك يبق في إطار التكهنات ولا يوجد حتى الآن أشارات واضحة عن مستقبل الدور الصيني في السودان، لكن المؤكد أن الحكومة السودانية تبقى وحدها محاصرة بمستقبل غامض يهدد وحدته، فهل يرضخ الجميع للرغبات الأمريكية ويعطون واشنطن ما تطلبه من نفط أم ستكون الأراضي السودانية ساحة لصراع جديد من الصراعات الأمريكية للبحث عن مصالحها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.