عقار يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    الفريق حقار يتفقد جرحى معركة الفاشر بالمستشفى الجنوبي    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    كوكو يوقع رسمياً للمريخ    برقو لماذا لايعود مديراً للمنتخبات؟؟    صابر الرباعي بعد نجاح أغنيته: تحبوا تقولوا عليا باشا تمام كلنا بشوات    عيساوي: نساء الفاشر    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    السودان يشارك في اجتماعات الفيفا    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    قرار مثير لمدرب منتخب السودان    مصر تدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    الروابط ليست بنك جباية وتمكين يا مجلس!!    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقدم فواصل من الرقص الهستيري على أنغام أغنية الظار السودانية (البخور طلقو لي لولا) وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي يصل الفاو    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني "الشكري" يهاجم الفنانة نانسي عجاج بعد انتقادها للمؤسسة العسكرية: (انتي تبع "دقلو" ومفروض يسموك "السمبرية" وأنا مشكلتي في "الطير" المعاك ديل)    شاهد بالصورة والفيديو.. بطريقة "حريفة" ومدهشة نالت اعجاب الحاضرين.. سائق سوداني ينقذ شاحنته المحملة بالبضائع ويقودها للانقلاب بعد أن تعرضت لحريق هائل    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشمول الإسلامي ... حقائقه وآفاقه


أ. د. عبد الستار فتح الله سعيد
يظن بعض الناس أن مبدأ شمول الإسلام أمر جديد جاءت به الحركة الإسلامية المعاصرة، مع أن حقيقة الأمر أن الشمول الإسلامي مبدأ راسخ في النصوص وله آفاق متعددة، وهو قضية إيمانية ينبغي أن ينتبه إليها كل مسلم. وفيما يلي بحث مفصل لذلك.
معنى الشمول: العموم، والاستيعاب، والإحاطة بأمر ٍ ما.
وعلى هذا الوجه جاء الوحي الإلهي بالإسلام، دين الله لعباده في كل العصور، والذي بعث به رُسُلَه - عليهم السلام - إلى كل الأمم، كما قال - تعالى -: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ..} [النحل: 63] {... وَإن مِّنْ أُمَّةٍ إلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 42]
الهداية الأولى:
لقد أحكم الله الدين قبل نشأة الأمم، أو قيام الحضارات البشرية، وعلَّمه للإنسان منذ أول الطريق، حين أُهبط على الأرض؛ لأنه أساس هدايته، وضرورة معاشه ومعاده، كما قال - تعالى -: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَأيَ فَلا يَضِلُّ ولا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 321 - 421] وهذا خبر الحق والصدق الذي لا يتخلف ابداً: بأن شريعة الله لعباده هي الهداية الخالصة التي تعصمهم من الضلال والضياع في كل شؤون الحياة، والتي تفضي بهم إلى سعادة الأبد.
ثم هذا نذير قاطع بأن الإعراض عنها يؤدي إلى ضنك الحياة، وشقاء العيش، وعماية النهاية، وضرورة أن الإنسان لا يعيش في فراغ، فمن أعرض عن الحق لا بد أن يقع في الأباطيل، وأن يتمرغ في أوحالها وأهوالها، قال - تعالى -: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلاَّ الضَّلالُ} [يونس: 23] وهذا تقرير واضح بشمول الهدي الإلهي لكل ما يحتاجه الإنسان في معاشه ومعاده، حتى يتأكد الاتباع، ولا يضطر الإنسان إلى الإعراض في شيء من جوانب الحياة المتلاطمة.
الشريعة الدائمة العادلة:
وعلى هذا الهدي تتابعت الرسل - عليهم السلام - بدين الله الجامع الشامل، وجاؤوا بمنهج واحد مؤتلف غير مختلف، كما قال - تعالى -: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 31] ذلك لأن الشارع الموحي واحد لا شريك له.
والرسالة عبر أولي العزم جميعاً رسالة صادقة هادية، من فجر التاريخ النبوي الشريف إلى ختامه بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ثم امتداده إلى يوم القيامة، قال - تعالى -: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 52] وهذه آية جامعة لخصائص الرسالة الإلهية، وأنها تقصد قصداً إلى تحقيق العدل، وإقامة القسط بين الناس، خاصة إذا تنازعوا واختلفوا، كما قال - تعالى -: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 312].
الرسالة الخاتمة:
وكان كل رسول يُبعث إلى قومه بالشريعة الإلهية الجامعة، وتعادلت كثرة الرسل - عليهم السلام - مع تعدُّدِ الأقوام والأمم، إلى أن بعث الله - تعالى - محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة الخاتمة، فقام بعموم رسالته مقام الكثرة السابقة، واجتمع له - صلى الله عليه وسلم - الشمول من أطرافه جميعاً، خاصة بالمعجزة الخاتمة (معجزة القرآن الكريم) أو الفرقان الذي فرَّق الله به بين الحق والباطل، وجعله حجته الدائمة على جميع البشر جميعاً، وصوت النبوة الممدودة إلى آخر الدهر.
وفي هذه الرسالة الخاتمة اتسعت جوانب الشمول الإسلامي، وامتدت طولاً وعرضاً وعمقاً حتى استوعبت جميع الأفراد والأمم، وقررت كلَّ طيِّب من المبادئ والنُّظم، وتوجهت بالخطاب الأعلى لكل الأزمنة والأمكنة، مع غاية التبيان في الخطاب، وقوة الحجة، وصحة الدليل والبرهان.‎ هذا الإجمال يحتاج إلى تفصيل، وبيان، واستدلال من صريح الوحي الإلهي الجليل، المحفوظ بأصليه الجامعَين (القرآن الكريم، والسُّنة المطهرة) كما قال - تعالى - {الچر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1] وكما قال - تعالى - مخاطباً رسوله الأمين {وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء: 311].
آفاق الشمول الإسلامي:
تعددت جوانب الشمول الإسلامي، واتسعت آفاقه في هذه الرسالة الخاتمة، التي أراد الله - تعالى - لها أن تكون خطابه الدائم إلى يوم القيامة، وحجته الممدوة في حياة الرسول الخاتم - صلى الله عليه وسلم - وبعد وفاته عليه السلام.
ويتمثل ذلك في ثلاثة أقسام:
الشمول الظرفي: (المكان والزمان)
الشمول الشخصي: (الأفراد والجماعات)
الشمول التشريعي: (المبادئ والأحكام)
وسنتحدث عن كلٍّ منها على الترتيب.
أولاً: الشمول الظرفي:
ونعني به أن الإسلام خطاب إلهي موجَّه لكل البقاع في الأرض ولكل الأزمنة منذ بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن ينفخ إسرافيل في الصور إيذاناً بتصدع الكون، وانتهاء مرحلة التكليف والاختبار في حياة الإنسان.
ولذلك كان خطاباً لأهل مكة الذين بدأ بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 412].
وكان خطاباً لأهل الجزيرة العربية، ومن حولها من البشر، كما قال - تعالى -: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: 29] وقال - تعالى -: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7] وقد ثبت عملياً أن أم القرى (مكة) هي مركز اليابسة، وما حولها جميعُ الأقاليم في زمنه - صلى الله عليه وسلم - وما بعده كما سيتضح فيما يأتي.
ثانياً: الشمول الشخصي:
ونعني به استيعاب جميع الأشخاص العقلاء البالغين في توجيه الخطاب الإسلامي إليهم، سواء كانوا أفراداً، أو كانوا كالأسرة أو القبيلة، أو كانوا شعوباً وأمماً تحكمهم الأعراف والتقاليد في البوادي، أو تحكمهم حكومات في دولة منظمة ذات قوانين.
إن كل من يدرج على أرض الله مخاطَب بهذه الرسالة، ومكلَّف بها في أي مكان درج، وفي أي زمان وُجِد، كما قال - تعالى - في العديد من الآيات الكريمة، منها قوله - عز وجل -: {وَأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ} [الأنعام: 91] فقوله - تعالى -: {لأُنذِرَكُم بِهِ} خطاب لأهل مكة أو العرب عامة برسالة القرآن، وقوله - تعالى -: {وَمَن بَلَغَ} أي أنه خطاب لكل من بلغه القرآن، أو لكل من بلغ سن التكليف، واللفظ عام في العرب وغيرهم في معنييه:
- الأول من البلاغ بمعنى العلم به على وجه صحيح.
- الثاني من البلوغ وهو حد التكليف الملزِم بالخطاب الإلهي.
ومِن أَجْمَع وأصرَح الأيات في ذلك قوله - تعالى -: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إلَهَ إلاَّ هُو يُحْيِي وَيُمِيتُ} [الأعراف: 851] فهذا تقرير إلهي حاسم في شمول الرسالة الخاتمة، وأنها موجَّهة للناس جميعاً، بدليل التاكيد بلفظ (جميعاً) لرفع أي احتمال أو التباس بأن المراد بالناس بعضهم أو معظمهم أو أهل زمان مخصوص منهم، فأفاد ذلك أن المراد هو جميع العقلاء الذين يصلحون لهذا الخطاب الإلهي التكليفي الشامل.
ومن هذه الأيات أيضاً قوله - تعالى -: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان: 1] وقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} [سبأ: 82] وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 701].
ويلاحظ أن هذه الأيات الكريمة كلها مكية نزلت في عهد الضعف قبل التمكين، وقبل وجود أي قدرة للجماعة المسلمة الأُولى على تحقيق هذه القضية، وإنما سبقت في العهد المكي للتأسيس الاعتقادي، وللتأصيل الديني في ذاته، وقد ضعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موضع التطبيق العملي بعد ذلك بسنوات، حين أقام الدولة في المدينة المنورة، ومهَّد الأمور من إبرام صلح الحديبية مع مشركي مكة، والذي كان فتحاً مبيناً؛ كسر الله به حميَّة المشركين في الجزيرة كلها، وأزال به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدر المؤامرات اليهودية في خيبر، وحينئذٍ أمِنَت الطرق فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُتُبَه إلى ملوك الفرس والروم ومصر... وغيرها تحقيقاً وتطبيقاً لمبدأ عالمية الإسلام أو شمول الأشخاص أفراداً وجماعات.
ثالثا: الشمول التشريعي:
وهو الأساس الثابت في الدين الإلهي للناس، على ألسنة الرسل - عليهم السلام - في كل العصور، مع مراعاة بعض الفروق والتفاوتات المناسبة لكل الأزمنة أو الأمكنة أو الأقوام، حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية المبنية على العلم المحيط.
والأصل في هذا هو قوله - تعالى -: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ..} [الشورى: 31].
وفي الرسالة الخاتمة بالذات أَكثَرَ القرآن من تقرير الشمول الجامع، بصيغ عديدة غاية في الصراحة والوضوح، كما قال - تعالى -: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 98].
والتبيان أبلغ من البيان، والشمول مأخوذ نصاً من قوله - تعالى - {لِّكُلِّ شَيْءٍ} مما يحتاجه الناس في شؤون حياتهم أيماناً وأخلاقاً وعبادات ومعاملات.
وقال - تعالى - في ختام العهد المكي {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3] والآية الكريمة نزلت في حجة الوداع في يوم عرفة من السنة العاشرة للهجرة. والإكمال يرجع إلى معاني الجودة في الصفات (الكيف) والإتمام يرجع إلى معاني الشمول في الأعداد (الكم).
فتعين من هذا أن الدين الذي رضيه الله - تعالى - لعباده مستجمِع لكل الصفات الجيدة، ولأعداد الأحكام في كل جوانب الحياة، لأن الله - تعالى - هو الذي يشرِّع لعباده، ولا يعطيهم ديناً ناقصاً أبداً، كما قال - تعالى - ذلك من قبل في العهد المكي {قُلْ إنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَأيَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 161 - 361].
وقد قال ذلك في الإسلام الذي أوحاه للرسل من قبل، ومن ذلك على سبيل المثال ما قاله عن موسى - عليه السلام - {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: 541].
وهذا هو شأن الدين الإلهي في كل العصور، خاصة في الرسالة الخاتمة على ما نبينه في المقال التالي - إن شاء الله، تعالى - تفصيلاً وتدليلاً؛ فكانت بذلك كله في مرتبة العقائد المقرَّرة، والمسلَّمات المتواترة بنقل الكافة عن الكافة، لا تقبل جدلاً أو لجاجةً!
ولذلك استفاض علماء الإسلام في تقريرها، وتفصيلها، وبيان جوانبها: كالمفسرين، والمحدثين، والأصوليين، والفقهاء، بما وجدوا من فيوض النصوص في كتاب الله - تعالى - وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين على ما نُبيِّنه بإيجاز فيما يلي:
أولاً: فيوض من نصوص القرآن الكريم:
ومن المهم أن نلتفت إلى كثرة الآيات الكريمة التي قررت وأكدت هذا الشمول التشريعي الجامع، وقد كانت آية واحدة كافية للإلزام وإقامة الحجة على العالمين؛ فكيف إذا تكاثرت الآيات الكريمة على هذا النمط في العهدين المكي والمدني على سواء؟ ومن ذلك قوله - عز وجل -:
أولاً: في العهد المكي قبل قيام دولة الإسلام:
(أ‌): {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 81].
(ب‌): {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: 98].
(ج): {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ}
[الشورى: 01].
(د): {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}
[هود: 1].
(ه): {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} [الأنعام: 411].
ثانياً: ثم في العهد المدني بعد أن مكَّن الله - تعالى - للمسلمين وجعل لهم داراً وأنصاراً، وإماماً يحكِّم شريعة الله - تعالى -:
(أ‌): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [البقرة: 802].
وهذا أمر صريح للمؤمنين بأن يأخذوا بجميع عُرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره أي: «أُمروا كلهم أن يعملوا بجميع شُعب الإيمان، وشرائع الإسلام - وهي كثيرة جداً - ما استطاعوا منها».
كما قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة.
(ب‌): {إنَّا أنزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيماً} [النساء: 501].
(ج): {فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: 95].
(د): {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: 56].
(ه): {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إلَيْكَ} [المائدة: 94].
(و): {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 05].
(ز): {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ} [المائدة: 3].
خلاصة الآيات الكريمة جميعاً:
أن الله - تعالى - شرع لنا ديناً جامعاً، وألزمنا إلزاماً باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، وجعله فوق الكفاية؛ بحيث لا نحتاج إلى استعارة أي حكم أو تشريع من غيره، ولذلك أَلزَمَنا بالدخول في كافة شرائعه، وحرَّم علينا تفرقته وتجزئته تحريماً قطعياً؛ لأن هذا ينافي الإيمان، ويبطل دعوى صاحبه في دخول الإسلام.
وقد استفاض أئمة التفسير في تقرير هذه المعاني عند تفسير هذه الآيات الجامعة، وبيان تفصيلاتها الجزئية، وما يندرج تحتها في العقائد، والأخلاق، والعبادات، والمعاملات: كآيات البيع، والرهن، والنكاح، والطلاق، والعدة، والرضاع، والنفقة، والميراث، والوصية... وغير ذلك من شؤون الحياة جميعاً التي تربو على الإحصاء والعد، بما يجِدُّ فيها من جديد دائم، ينضوي تحت هذا الشمول الجامع لقواعده، وأصوله، وشُعَبِه المتكاثرة.
ثانياً: كثرة شُعب الإيمان في ضوء السُّنة المطهرة:
والأصل في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : «الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»[1].
وقد ألَّف العلماء في شرح هذه الشُّعب كتباً جليلة منها:
كتاب (المنهاج) لأبي عبد الله الحليمي الشافعي (توفي 403 ه).
وكتاب (شُعب الإيمان) لأبي بكر البيهقي (توفي 458ه) وقد زاد فيه على كتاب شيخه الحليمي، وبلغ بالشعب: (77) شعبة، واستدل لكل منها بدليل من الكتاب أو السُّنة.
وقد بلغ بعضهم بها (79) شعبة كما روي ذلك عن أبي حاتم بن حبان البستي.
وهل المراد هنا العدد بذاته، أم المراد بيان الكثرة وسعتها؟ «لأن العرب في أساليب كلامها تذكر السبعين في مبالغة كلامها ولا تريد التحديد بها».
كما قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير آية: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 08].
فإن أريد تحديد العدد، فإن في كل شعبة عشرات أو مئات من الأحكام التي تندرج تحتها، وبذلك يخرج العدد عن حدود الحصر.
وإن أريد التكثير عاد المعنى إلى القصد الأول؛ فيثبت (الشمول) في كل الأحوال... والحمد لله رب العالمين.
نموذج من كلام العلماء في الشمول الإسلامي:
أورد الحافظ ابن حجر في شرح البخاري شيئاً من ذلك، فقال: «إن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال البدن:
- فأعمال القلب فيها المعتقدات والنيَّات، وتشتمل على (أربع وعشرين خصلة): الإيمان بالله، ويدخل فيه: الإيمان بذاته وصفاته، وتوحيده، وأنه ليس كمثله شيء.
والإيمان بملائكته، وكتبه، ورسله، والقدر خيره وشره،
والإيمان باليوم الآخر، ويدخل فيه: المسألة في القبر، والبعث، والنشور، والحساب، والميزان، والصراط، والجنة والنار، ومحبة الله، والحب والبغض فيه، ومحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - واعتقاد تعظيمه، ويدخل فيه: الصلاة عليه، واتباع سنته...
والإخلاص، ويدخل فيه: تَرْك الرياء والنفاق، والتوبة، والخوف، والرجاء، والشكر والوفاء، والصبر، والرضا بالقضاء، والتوكل والرحمة...
والتواضع ويدخل فيه: توقير الكبير، ورحمة الصغير، وترك الكِبْر، والعُجب، وترك الحسد والحقد، والغضب.
- وأعمال اللسان: وتشتمل على (سبع خصال).
- وأعمال البدن وتشتمل على (ثمان وثلاثين خصلة) منها ما يختص بالأعيان، وهي (خمس عشرة خصلة) وعدَّ منها: التطهُّر، والعبادات جميعاً...
ومنها ما يتعلق بالاتباع، وهي (ست خصال): التعفف بالنكاح، والقيام بحقوق العيال، وبر الوالدين، واجتناب العقوق، وصلة الرحم، وتربية الأولاد...
وفيها ما يتعلق بالعامة، وهي (سبع عشرة خصلة): القيام بالإمرة مع العدل، ومتابعة الجماعة، وطاعة ولي الأمر، والإصلاح بين الناس، وإقامة الحدود، والجهاد، وأداء الأمانة...
وحُسن المعاملة، وفيه: جمع المال من حِلِّه، وإنفاقه في حقه، ومنه: ترك التبذير والإسراف، وإماطة الأذى...». ويختم ذلك بقوله: «فهذه (تسع وستون خصلة) ويمكن عدُّها (تسعاً وسبعين خصلة) باعتبار أفراد ما ضُمَّ بعضه إلى بعض مما ذكره والله أعلم»[2].
ويتضح أن الحافظ ابن حجر - رضي الله عنه - أدخل في (شُعب الإيمان) كل التكاليف التي شرعها الله - تعالى - لعباده، في كل شؤون الحياة العامة والخاصة، وهذا هو معنى الشمول الإسلامي كما بينه علماؤنا - رضي الله عنهم - أخذاً من القرآن الكريم، والسُّنة المطهَّرة.
أربع شعب جوامع:
وقد وفَّق الله - تعالى - بعض العلماء المعاصرين إلى اجتهاد نافع في حصر هذه الشُّعب الكثيرة، بردها إلى أربع شعب كلية جامعة؛ لتكون أسهل في الحفظ، وأيسر في الحصر، وأكثر في استيعاب ما تحتها من مفردات ومسائل وأحكام، وأوضح دلالة على جوانب الشمول الإسلامي في التشريع والتكليف، وهي على الترتيب: (شعبة الإيمان، وشعبة الأخلاق، وشعبة العبادات، وشعبة المعاملات) وتفصيل ذلك كالتالي:
أولاً: شعبة الإيمان:
ونعني بها شعبة التصديق الجازم، والاعتقاد الخالص بأصول الدين، من الإيمان بالله - تعالى - وملائكته، وكُتبه، ورُسُله، واليوم الآخر، ويدخل تحتها كل ما جاء في القرآن الكريم والسُّنة المطهرة عن الإلهيات، والنبوات، والسمعيات، وحقائق الغيب التي جاء بها الوحي المعصوم، وهذا جانب واسع جداً، ولا يوجد مثله صحيحاً موثَّقاً عند غير المسلمين، بعدما حرَّف أهل الكتاب ما جاءتهم به رسلهم عليهم السلام.
ثانياً: شعبة الأخلاق:
وهي السجايا النفسية الراسخة، التي يصدر عنها السلوك الإنساني الخارجي من خلال إرادة حرة، ونية صالحة.
والأخلاق هي الأصل الثاني في دين الله - تعالى - لذلك أمر بأحسنها، ونهى عن سيئها، كما قال - تعالى -: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: 09].
وقد استفاض القرآن الكريم في بيانها، وتحديدها، والدعوة إليها (أمراً ونهياً) ابتداءً عن العهد المكي، عهد التكوين والتأسيس الديني، وتابع ذلك بكثرةٍ - أيضاً - في العهد المدني، مما يدل على أهميتها البالغة، ومكانتها في دين الله - عز وجل - وضرورتها في كل جوانب الحياة.
ومن هذه الأخلاق الحسنة: الصبر، والإخلاص، والصدق، والأمانة، والعدل، والفضل، والعفة، والتعاون، والإيثار، والبذل، والسخاء، واللين، والعفو، والاعتدال في الأقوال والأفعال، والوفاء بالعهود والوعود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهر بالحق، والشورى... الخ.
ومن الأخلاق السيئة التي شدد في النهي عنها:
الخيانة، والغدر، ونقض العهود، والكذب، وشهادة الزور، والإسراف، والغِلظة، والفحش، والكبر، والغرور، والفخر، والبطر، والرياء، والحقد، والحسد، والغيبة، والنميمة، والسخرية والتنابز بالألقاب، والتجسس، وظن السوء.. الخ.
ثالثاً: شُعبة العبادات:
ونعني بها ما شرعه الله - تعالى - ليكون عبادة له - سبحانه وتعالى - قولاً، أو فعلاً: كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والعمرة، والطواف، والجهاد، والذكر، والتفكُّر في عظمة الله وبديع خلقه، وتلاوة القرآن... ونحو ذلك.
رابعاً: المعاملات:
ونعني بها الأحكام التي شرعها الله - عز وجل - المتعلقة بتصرفات الناس، وعلاقتهم ببعضهم البعض، في كل شؤون حياتهم: كأحكام البيع، والرهن، والتجارة، والمزارعة، والإجارة، والنكاح، والرضاع، والطلاق، والعدة، والهبة، والهدية، والنفقة، والميراث، والوصية، والحرب، والصلح، والهدنة، ومعاملة الأسرى، وتقسيم الفيء والغنائم، والحكم بالعدل، والنهي عن الظلم، والجور في الأموال، والربا، والزنى... وغيره.
وقد أُلحق بهذا الباب الشرائع والأحكام التي تحمي الناس في دينهم، ودمائهم، وأعراضهم، وأموالهم: كشرائع الحدود والقصاص، والجهاد في جانبه التعاملي، بعد جانبه العبادي الذي مر ذكره.
وقد فصلنا ذلك في كتاب (المنهاج القرآني في التشريع) لمن شاء المزيد.
«وهكذا استوعبت هذه الشعب الأربع جميع الأحكام والتكاليف الإلهية التي شرعها الله - تعالى - لعباده، والتي اجتهد العلماء قديماً في عدها لتوافق منطوق الحديث الشريف، والتي تتسع لأضعاف هذا العدد من حيث المعاني والمفهوم، تصديقاً وتحقيقاً لقوله - تعالى -: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ..} [النحل: 98].
تنبيهات ضرورية تتعلق بالشمول الإسلامي:
وفي ختام هذا ننبه إلى حقائق بالغة الأهمية تتعلق بالشمول الإسلامي:
أولاً: الشمول عقيدة متواترة:
فهو حقيقة معلومة من الدين بالضرورة، وعقيدة يقينية منقولة إلينا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه - رضي الله عنهم - نقلاً متواتراً؛ ولذلك يجب الإيمان بشمول الإسلام لكل شؤون الحياة من حيث المبدأ، ولا يحل إنكار الشمول أو إنكار جزء منه، وإلا كان ذلك نفاقاً في الدين، أو ردَّة عنه.
أما النفاق فأدلته كثيرة جداً في الكتاب والسُّنة، ومنه الآيات المتتابعة في سورة النساء، ومنها قوله - تعالى -: {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً} [النساء: 16].
وقوله - تعالى -: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [النور: 74].
أما الردَّة، فقد تقع بتجزئة الدين، وتبعيض أحكامه، كما قال - تعالى -: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} [البقرة: 58].
فسمى الله - تعالى - التجزئة في الدين (كفراً) يُبطل الإيمان السابق، ولذلك توعَّد عليها بخزي الدنيا، وأشد العذاب في الآخرة، وهو لا يكون إلا للكفار، كما قال الله - عز وجل - في آل فرعون: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 64].
ولذلك حرَّم الله - عز وجل - أشد التحريم هذه التجزئة للدين، وهذه التفرقة بين أحكامه من حيث الإيمان بها، والتصديق بمشروعيتها، وقد حذر الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين من هذا العمل فيما لا يحصى من الآيات.
ولذلك كانت هذه القضية على غاية الوضوح في الأمة الإسلامية طوال تاريخها، وكانت من المسلَّمات حتى عند أهل الذنوب والمعاصي، لا ينكرونها، ولا يجادلون فيها، إلا إذا كانوا من الزنادقة، أو أهل البدع والأهواء المهلكة!
فلما رُزئت الأمة بالاحتلال الأوربي الكافر، أشاع فيها هذه المفاهيم الخاطئة، بجعل الدين مقصوراً على المفهوم الأوربي النكد: أي أنه علاقة بين العبد وربه فقط، أما شؤون الحياة، فيزاولها الإنسان، ويشرِّع لها، أو يبتدع فيها بهواه، أو كما قال بعض طواغيتهم: «يتولى الإنسان المقعد مكان الله!» تعالى الله عمَّا يقولون علواً كبيراً.
ومن هنا اندلع في العالم الإسلامي هذا الضلال الوافد، الذي يفرق بين الاعتقاد والاقتصاد، وبين الدين والسياسة، أو يقسم الحياة بين الدين والقانون الوضعي؛ فيجعل للدين الصلاة... ونحوها، ويجعل للقانون كل ميادين الحياة الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والتعليمية... إلخ. وسيظل الصراع محتدماً بين الحق والباطل، حتى يفيء المسلمون إلى أمر الله، ويكون الدين كله لله.
ثانياً: الشمول وعقيدة التوحيد:
فقد تقرر عندنا نحن المسلمين أن الله - عز وجل - هو الحاكم الهادي، وأنه - سبحانه - له وحده (الخلق والأمر) يحكم ما يشاء، ويشرِّع ما يريد، ويأمر وينهى ولا منازع له، ولا معقِّب عليه في حكمه الجليل.
وقد شرَّع لعباده طوال التاريخ البشري على ألسنة رسله - عليهم السلام - وبواسطة كتبه الجليلة، ووحيه الحكيم. واستنكر على كل من يتطاول إلى هذه الخصوصية الإلهية التي تفرد بها - سبحانه وتعالى - كما قال - عز وجل -: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 12].
ولذلك جاءهم بدين كامل الصفات، تام الأحكام، ليس فيه أدنى نقص أو خلل؛ فمن لم يؤمن بشموله واستباح الأخذ من غيره، أشرك به - سبحانه وتعالى - وكفر بمقررات الوحي الإلهي، ولذلك كان على رأس المهمات: الاعتقاد بوحدانية الله - تعالى - واليقين بشمول دينه الحق، والكفر بكل طاغوت يشرع من دون الله ما لم يأذن به الله.
وهذه قضية إيمانية قطعية، ينبغي أن ينتبه إليها كل موحد، وأن يجعلها على رأس دعوته وجهاده في سبيل الله عز وجل.
ثالثاً: شمولنا وشمولهم:
لقد شاع في الاستعمالات الحديثة مصطلح (الأنظمة الشمولية) وهي صفة ذم وطعن باطِّراد لِمَا عُرف عن هذه الأنظمة من استبداد، وغطرسة، وظلم، وما أوقعته بالناس من مظالم ومآس فادحة، وذلك كالشيوعية، والنازية، والفاشية... إلخ.
فهل (الشمول الإسلامي) يشبه شيئا من ذلك؟
من حيث (المبدأ) يختلف الشمول الإسلامي عن كل ما عُرف في الأرض قديماً وحديثاً؛ لأن شارعه هو الله الرحمن الرحيم الذي {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 21] المتفرد بالحكمة التامة، والعدل المطلق، والفضل العظيم.
ومن حيث (التشريع) الذي أقامه الله - تعالى - على الحق، والخير، والعدل، والإحسان، وجعل من مقاصده الكبرى الإصلاح ومنع الفساد والإفساد في الأرض: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 52].
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا} [الأعراف: 55 - 65].
{وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} [الشعراء: 151 - 251].
ومن حيث (التطبيق) الذي أمر فيه بكل خير، ونهى فيه عن كل شر؛ فأمر بالأمانة والعدل: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَإذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 85].
ونهى عن الغدر والخيانة: {وَإمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 85].
وأوصى برعاية الأسير: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} [الإنسان: 8].
وجعل الحق والعدل فوق كل فوارق التمييز والعنصرية المهلكة: {وَإذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام: 251] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 531].
{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].
والمعنى: لا يحملنَّكم بُغْض المشركين على الجور، بل اعدلوا حتى مع هؤلاء الأعداء الذين يحادُّون الله ورسوله.
ومن هذه الرحمة المهداة كان فرض (الجهاد) لحماية الدين والأنفس، مع غاية العدل والإنصاف: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}
[البقرة: 091].
إننا لا نقصد إلى المقارنة أو الموازنة بين الحق الإلهي واللغو البشري، وإنما أردنا التذكرة بجلال الحق الإلهي المنير، ليزداد الذين آمنوا إيماناً، وكي لا ينخدع أحد من المسلمين بأضاليل الجاهلية الجهلاء: وما يستوي وحي من الله منزَّل ... وقافية في العالمين شرود.
رابعاً: مراتب التكليف:
ومن إعجاز هذا التشريع الإلهي الشامل، وامتيازه، وتفوقه، وقيامه على تمام الحكمة والرحمة: أن الله - عز وجل - جعل هذا (الشمول التشريعي) على مراتب متعددة، وعلى درجات متنوعة، وعلى صفات متكاملة متماسكة، تيسيراً على عباده، وشحذاً لهمم الراغبين في الترقي، ورفعاً لدرجاتهم في حياة (الخلود الأبدي) التي تسقطه مذاهب البشر من حساباتها المادية الغليظة؛ فتحرم أتباعها من سعادة الدارين.
لذلك تضمَّن هذا (الشمول الإسلامي) تشريعات إلهية متعددة الجوانب، ففيه:
تشريعات للأفراد بأعيانهم كلٌّ بما يناسبه: كالصلاة، والزكاة، والصيام.
وتشريعات للجماعات فيما لا يستطيعه الإنسان بمفرده.
وتشريعات للحكومات لتكتمل دائرة الإصلاح في الأمة الواسعة.
وجعل الله - تعالى - تشريعاته تدور بين (الفرائض) الملزِمة وبين الواجبات المقرَّرة، أو بين الممنوعات المحرمة والمباحات المتعددة، أو المندوبات والنوافل التي يغري ثوابها الجزيل بمزاولتها وفعلها، عن رضاً واختيار وتطوع.
واختص - سبحانه وتعالى - بتحديد الحلال والحرام؛ لأنه يملك - وحده - العلم المحيط، والحكمة المطلقة، والقدرة الشاملة، لذلك أنكر أشد الإنكار على المخلوقات، أن تزاول هذه المهمة البالغة؛ لأنهم محدودون علماً وحكمةً، قاصرون فهماً وإحاطةً، قابلون للتأثُّر بالأهواء والمصالح، والوقوع في المظالم، وأخطرها مظالم التشريع ومناهج الحياة التي تؤثِّر في (ملايين) البشر في أجيال متعددة!
قال - تعالى -: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 95].
{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل: 611].
وقد جاء بيان مراتب التكليف في القرآن الكريم، والسُّنة المطهرة، كما قال - تعالى -: {فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء: 11].
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 381]. (وكتب) مثل (فرض) وزناً ومعنىً.
ويقول - تعالى - في الطواف: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 92].
وفي التطوع منه يقول - تعالى -: {إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 851].
ومِن أَجْمَع الآيات الكريمة لمراتب التكليف، وأنواعه، وشُعبه الجامعة أية البر: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة: 771] فهي شاملة لأصول الإيمان، وعقائد الدين:
وتجمع شعب الإيمان كلها: من الإيمان، إلى الأخلاق، والعبادات، والمعاملات.
وهي تذكر الفرائض العليا، ثم التطوعات، مثل: الزكاة المفروضة، والحقوق المالية الواجبة، والصدقات.
وهي تنبه على أصول الأخلاق بنوعيها: الفرائض والفضائل كالوفاء بالعهود، والصبر، والصدق.
وقريب من هذا (الشمول) التشريعي الجامع قوله - صلى الله عليه وسلم - :
«إن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدوداً، فلا تعتدوها، وحرم أشياء، فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها»[3] وقد نُقِل عن السمعاني قوله: «هذا الحديث أصل كبير من أصول الدين».
وحكى عن غيره: «ليس في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث واحد أَجْمَعُ بانفراده لأصول العلم وفروعه من حديث أبي ثعلبة الخشني».
وقال أبو واثلة المزني: «جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدين في أربع كلمات».
وقال الحافظ ابن السمعاني: «فمن عمل بهذا الحديث، فقد جاز الثواب، وأمن العقاب؛ لأن من أدى الفرائض، واجتنب المحارم، ووقف عند الحدود، وترك البحث عما غاب عنه، فقد استوفى أقسام الفضل، وأوفى حقوق الدين؛ لأن الشرائع لا تخرج عن هذه الأنواع المذكورة»[4].
فالحمد لله رب العالمين الذي هدانا لهذا الحق المبين.
و صلى وبارك على محمد رسوله الأمين، الذي بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة.
ورضي الله عن الصحابة أجمعين. وعلى ورثة الأنبياء من العلماء العاملين.
وهدى الله أمة الإسلام إلى أحسن الإيمان، وخير الأعمال... آمين.
هوامش
[1] رواه مسلم كتاب الإيمان، باب شعب الإيمان: 1/46، ورواه البخاري كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان: 1/9 بلفظ: «بضع وستون شعبة» ورواه أصحاب السنن الثلاثة بلفظ:«بضع وسبعون شعبة» بالجزم، والمراد بالإيمان هنا: الدين الإسلامي كله.
[2] فتح الباري بشرح صحيح البخاري: 1/52، 53 بتصرف يسير.
[3] رواه الدارقطني وغيره، وحسنه النووي في الأربعين، وحسنه قبله الحافظ أبو بكر بن السمعاني في أماليه، كما قال ابن رجب في كتابه (جامع العلوم والحكم ج 2).
[4] راجع في هذا، كتاب: الجامع في شرح الأربعين النووية، للشيخ محمد يسري: 2/1081 وما بعدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.