يعتزم "مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف" تنظيم أول ملتقى يضم نخبة من أمهر خطاطي المصحف، والمهتمين بالرسم العثماني، وزخرفة الخط العربي في أرجاء العالم. هذا الملتقى يهدف إلى تقدير جهود الخطاطين، وتكريمهم، وإلقاء الضوء على تجاربهم البارعة في كتابة المصحف الشريف من خلال المناهج التي يعتمدون عليها، وسوف يتخلل المؤتمر محاضرة عن تاريخ كتابة المصحف ومراحلها، ودورة تعريفية عن طريقة رسم المصاحف وضبطها ومصطلحاتها، كما سيُصدر كتابا وثائقيا يتضمن عرض السير الذاتية لأشهر خطاطي المصحف، ونماذج ملوَّنة من أبرز أعمالهم، وجانبا من تجاربهم وأقوالهم ورؤاهم المستقبلية حول كتابة المصاحف. ويعقد الملتقى، الذي وافق على تنظيمه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، انطلاقا من اهتمام وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف في السعودية بالقرآن الكريم، ويأتي تحت عنوان "ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم". وبإشراف وزير الشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ صالح بن عبد العزيز سيشارك في حفل الافتتاح عدد من كبار الشخصيات، ومجموعة من رجالات العلم والمهتمين بقضايا كتابة المصحف والخط العربي. ضوابط لزخرفة المصحف ويضم الملتقى في جنباته معرضا مصاحبا يقدم تعريفا بمشروع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف والخطوط الحاسوبية المطابقة والموافقة لنص مصحف المدينةالمنورة. وسيعمل الملتقى على إيجاد ضوابط مرعية في زخرفة المصاحف، والمزاوجة في صناعة الخط العربي بين خطوط الخطاطين وخطوط الحاسب الآلي، سعيا للوصول إلى توافق وتقارب في مصطلحات الخط العربي، واستمرار التشجيع على اكتشاف طاقات واعدة من الخطاطين الموهوبين والتواصل بينهم وبين المختصين في دراسة الخط العربي. ومن بين أهداف الملتقى: إبراز الرسالة التي يحملها خطاط المصحف الشريف، واكتشاف طاقات واعدة من الخطاطين الموهوبين، والتواصل فيما بينهم والمهتمين والمختصين في دراسة الخط العربي. وستعقد ورشة عمل حول المشكلات التي يتم مواجهتها في كتابة المصاحف وضبطها، كما سيعمل الملتقى على إصدار عدد خاص بمناسبة انعقاده يتبع مجلَّة "البحوث والدراسات القرآنية"، التي تصدرها "الأمانة العامة للمجمع"، وسيكتب في هذا العدد الخاص مجموعة من كبار المختصين والنقَّاد في تاريخ المصاحف وخطوطها وكتابتها. عالم الآيات و"تستغرق كتابة المصحف سنتين ونصف السنة تقريبا مع التصحيح المستمر للكتابة، في حين أن الصفحة الواحدة تحتاج إلى يومين قد تزيد أو تنقص قليلا"، على حد قول عثمان طه، أحد الخطاطين الذين كتبوا المصحف الشريف عشرات المرات. وأضاف طه: "كتبت هذه المصاحف برواية حفص التي يقرؤها أهل المشرق العربي، وكتبت مصحفا آخر برواية ورش لبلاد المغرب العربي، ومصحفا برواية قالون لأهل ليبيا والنيجر ونيجيريا ومالي، وآخر برواية الدوري لأواسط إفريقيا والسودان، والصومال". وعن الطريقة التي يتبعها في عمله، قال طه في تصريحات نقلتها الصحف: "أخط المصحف الشريف على طاولة خاصة تتحرك بزوايا معينة، حتى أرتاح في الكتابة، وأظل أخط عليها وأنا منحنٍ عليها قليلا، ولا بد أن تأتي الإضاءة من اليسار ليكون الضوء من أمام القلم حتى لا أرى ظله ويزعج عيني عند الكتابة". ولا يبدأ في كتابة المصحف إلاّ وهو على طهارة، وهو يتريث كثيرا حتى لا يقع في الخطأ؛ لأنّه يرى أنّ الخطأ في القرآن مرفوض، ويصف شعوره أثناء كتابة المصحف، بأنّه يرى نفسه في ظل عالم الآيات مقتبسا منها علما تسمو به روحه، عالم غير عالم الناس المنشغلين في الحياة اليومية، آيات تبشر وآيات تنذر، لا أشعر بمرور الوقت ولا أنتبه لما يجري من حولي فآيات القرآن تسيطر عليّ. وقد انتهت إحدى مؤسسات الإنتاج الفني في السعودية مؤخرا من إعداد أول فيلم وثائقي عن أشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم الإسلامي، ويضم لقاءات عن حياة عشرة من أبرز الخطاطين وقصصهم في كتابة القرآن الكريم، وأبرز المحطات في حياة كل منهم. ومن أبرزهم عثمان طه، وخطاط مصحف دبي جمال بوستان، وخطاط مصحف تركيا محمد أوزجاي، وخطاط مصحف الكويت محمد سعد الحداد، إضافة إلى العديد من الخطاطين المعروفين.
