نظمت جامعة «الجنان» بلبنان ومؤسسة الداعية فتحي يكن الفكرية الإنسانية المؤتمر الدولي الأول عن الداعية فتحي يكن، بمناسبة مرور الذكرى السنوية الأولى على وفاته. عُقد المؤتمر في الفترة من 11 -13/6/2010م، وحضره عدد من كبار المفكرين والدعاة في العالم الإسلامي؛ حيث قدّم أكثر من 40 مفكراً أوراق عمل ضمن المحاور الثلاثة للمؤتمر: «سيرته الذاتية، فكره الدعوي والتربوي، فكره السياسي»، وقد شاركت وفود من دول متعددة، منها: السودان، مصر، فلسطين، الأردن، العراق، الكويت، سورية، لبنان، الجزائر، بريطانيا، إيران. وحضر حفل الافتتاح رئيسة جامعة «الجنان» الأستاذة الدكتورة منى حداد، ورئيس مؤسسة «فتحي يكن الفكرية الإنسانية» الأستاذ سالم يكن، وعدد كبير من الشخصيات العامة والمسؤولين اللبنانيين. وعلى هامش المؤتمر قام نائب المجلس البلدي في طرابلس د. نادر الغزال والوفود المشاركة بافتتاح طريق سميت باسم فتحي يكن تخليداً لذكراه. كما قامت الوفود بافتتاح مقر مؤسسة الداعية فتحي يكن الفكرية الإنسانية، وهي مؤسسة تعتني بفكره. وقد تم توزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة فتحي يكن الثقافية، ثم قامت مديرة الجامعة أ. د منى يكن بإلقاء كلمة شكر للفائزين والوفود المشاركة في المؤتمر. وقد أصدر المؤتمر عدة توصيات، من أهمها: - نشر أبحاث المؤتمر تعميماً للفائدة. - عقد المؤتمر سنوياً. - تنظيم مسابقة إسلامية باسم فتحي يكن. - الاهتمام والتركيز على القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة الإسلامية. - إدراج مادة علمية عن الداعية فتحي يكن ضمن مناهج جامعة «الجنان». - إبراز المنهج التربوي في فكر فتحي يكن. - شكر الحكومة التركية على اهتمامها بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها. - تنظيم دورة لإعداد الداعيات لمدة أربع سنوات، شهران في كل سنة، تقام في شهري يوليو وأغسطس بجامعة «الجنان» في طرابلس بلبنان. وقد حضر الاحتفال أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي د. عبدالله سليمان العتيقي بدعوة من جامعة «الجنان» ومؤسسة الداعية فتحي يكن الفكرية والإنسانية. وقدم د. العتيقي بحثاً بعنوان «الداعية فتحي يكن وآثاره الباقية»، وقال فيه: لقد علا في سماء الدعوة الإسلامية أسماء العديد من القمم الشامخة، أصحاب الهمم العالية، الذين بذلوا جهدهم متوكلين على الله عز وجل، مستمسكين بسنة النبي [، فعاشوا في الدنيا بأخلاق الآخرة، حملوا همّ الدعوة إلى الله، فعملوا على نشرها في الآفاق - لا يخافون في الله لومة لائم - وهم يشعرون بثقل الأمانة التي حملوها بحب وود، ورغبة في الأجر والثواب من الله عز وجل، وكلهم أمل أن تصل هذه الأمانة إلى الأجيال القادمة كاملة غير منقوصة، فواصلوا الليل بالنهار، منافحين عن دعوة الإسلام، فساهموا مع غيرهم من الدعاة في تأصيل العمل الدعوي والحركي، ليكون في إطاره الصحيح، مستمداً من نبعه الصافي الذي ورثته الأمة عن النبي [ دون إفراط ولا تفريط، فكانوا بعيدين عن الغلو، ملتزمين بالاعتدال الذي هو سمة الإسلام وعنوانه ومضمونه.. من هؤلاء الدعاة الداعية فتحي يكن. نشأته ولد د. فتحي محمد عنايات يكن في 9 فبراير عام 1933م، ونشأ في أسرة متدينة ومحافظة، وتوفي يرحمه الله في 20 جمادى الآخرة 1430ه، الموافق 13 يونيو 2009م، عن عمر بلغ 76 عاماً، نال شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية واللغة العربية، وهو مؤلف كتب وداعية إسلامي تربوي فكري سياسي، إمام وخطيب، قلما يوجد مثله في العطاء، وخدمته لدعوته وأمته، انتقل إلى جوار ربه وقلبه معلق ومشغول بهموم أمته ووطنه، التحق بجمعية «مكارم الأخلاق» أولاً، ثم بجماعة «عباد الرحمن»، ثم أسس مع رفاقه الجماعة الإسلامية في لبنان، ثم جبهة العمل الإسلامي، متزوج من ابنة خاله الدكتورة منى حداد(1) المربية الداعية، ولقد أسس معها جامعة «الجنان» والتي ترأسها حالياً. آثاره الدعوية الباقية 1 - تأليف الكتب: ألف يرحمه الله أكثر من 40 كتاباً في الدعوة والتربية والفكر والسياسة، من أهمها: «رسالة القومية العربية، مشكلات الدعوة والداعية، كيف ندعو إلى الإسلام، المتغيرات الدولية والدور الإسلامي المنشود، ماذا يعني انتمائي للإسلام، حركات ومذاهب في ميزان الإسلام، الاستيعاب في حياة الدعاة، الشباب والتغيير، القضية الفلسطينية من منظور إسلامي، نحو حركة إسلامية عالمية واحدة، المتساقطون على طريق الدعوة - كيف ولماذا؟، قوارب النجاة في حياة الدعاة، الموسوعة الحركية (جزءان)، البيروسترويكا من منظور إسلامي، نحو صحوة إسلامية في مستوى العصر، منهجية الإمام الشهيد حسن البنا ومدارس الإخوان المسلمين، المناهج الإسلامية التغييرية خلال القرن العشرين، فقه السياحة في الإسلام، الإنسان بين هداية الرحمن وغواية الشيطان، العولمة ومستقبل العالم الإسلامي، قطوف شائكة من حقل التجارب الإسلامية، احذروا الإيدز الحركي»، وغيرها. 2- كتاباته الصحفية: كان قلمه في كتاباته الصحفية دفاعاً عن وطنه وأمته، من خلال المجلات التي أصدرتها الجماعة الإسلامية في لبنان، مثل «الشهاب» و«الأمان»، كذلك في المجلات الإسلامية، مثل مجلة «المجتمع» الكويتية. 3- تأسيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية: يعد د. فتحي يكن أحد مؤسسي الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في دولة الكويت. 4- مشاركته في المؤتمرات العالمية: وقد زار فلسطين، تركيا، سورية، ماليزيا، اليمن، البحرين، السعودية، الإمارات، الكويت، ألمانيا، الهند، باكستان، سويسرا، حلب، إيطاليا، إنجلترا، السودان، أمريكا، إيران، دمشق، إسبانيا، الجزائر. وكان يوصي يرحمه الله الدعاة إلى الله بالسياحة في العالم للدعوة؛ حيث يقول: «والإسلاميون بشكل خاص مطالبون بالسياحة لمعرفة زمانهم، وما فيه من قوى وحضارات ومخترعات وتحديات وخصائص، للتعلم والتعليم، والأخذ والعطاء، والاحتكاك بالغير وإفادته والاستفادة منه في ضوء القاعدة النبوية: «الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها»(2). 5- إنشاء مؤسسة «الجنان»: قام يرحمه الله مع رفاقه وأهله بتأسيس كثير من المؤسسات، من أهمها: جامعة «الجنان» في طرابلس بمنطقة أبي سمرة، وتضم كثيراً من الكليات العلمية والاجتماعية والتربوية. 6- تأسيسه موقع الدعوة الإلكتروني على الشبكة العنكبوتية؛ تمشياً مع التطور العلمي السريع لنقل المعلومات تحت عنوانwww.daawa.net. 7- أنشأ ابنه مؤسسة الداعية فتحي يكن الفكرية والإنسانية في شهر يوليو عام وفاة والده يرحمه الله 2009م؛ ليحافظ على تراث والده المطبوع والمرئي والمسموع؛ حيث أشار إلى أن هذه «المؤسسة مؤتمنة على التراث الفكري والدعوي للداعية فتحي يكن - يرحمه الله - وهي ستعنى بمتابعة إصدار مؤلفاته في جميع أنحاء العالم وبكل اللغات». وصيته للحركة الإسلامية أوصى الشيخ الدكتور فتحي يكن القائمين على الحركة الإسلامية بالتكامل والتوازن في العمل الحركي والدعوي تربوياً وسياسياً واجتماعياً وغيره، وعدم طغيان جانب على جانب آخر، فيقول: «فالعملية التربوية يجب أن تأخذ حظها من العناية كائناً ما كانت ظروف الحركة العامة، وفي الوقت الذي تتعطل فيه هذه العملية أو تضعف ستظهر الآثار السلبية في بنية الحركة لا محالة عاجلاً أم آجلاً. والعمل السياسي يجب أن يرتكز إلى مشروع إسلامي، ويحقق أهدافاً إسلامية واضحة ومحددة، فضلاً عن استناده إلى ثوابت عقائدية وأدلة شرعية معتمدة. والعمل الاجتماعي يجب أن يحقق هدفاً إسلامياً فضلاً عن تقيده بالضوابط الشرعية حكماً ومسلكاً... وهكذا في كل الأعمال الأخرى وعلى كل صعيد»(5). وماذا بعد؟ بعد أن اطّلعنا على جزء من سيرة جهاد الشيخ الدكتور فتحي يكن الداعية وثباته على طريق الدعوة إلى الله تعالى حتى وفاته يرحمه الله.. فماذا بعد؟ إننا ندعو أنفسنا والدعاة في العالم العربي والإسلامي إلى مواصلة جهوده الإسلامية لإقامة شرع الله ودينه في أرضه، فإن كنا قد فقدنا أحد المربين المخلصين والعلماء العاملين؛ فواجبنا إكمال مسيرته الدعوية مستمرين على الطريق، عاملين بجد لنخرج شباباً ورجالاً ونساءً علماء وعاملين، جيلاً بعد جيل حتى تعود العزة والكرامة لهذه الأمة وتتوحد كلمتها ويعم الهدى ودين الحق قال تعالى: {هٍوّ پَّذٌي أّرًسّلّ رّسٍولّهٍ بٌالًهٍدّى $ّدٌينٌ پًحّقٌَ لٌيٍظًهٌرّهٍ عّلّى پدٌَينٌ كٍلٌَهٌ $ّلّوً كّرٌهّ پًمٍشًرٌكٍونّ 33}(التوبة). يرحم الله فقيد الأمة الشيخ الدكتور فتحي يكن على ما قام به من أعمال جليلة وأسكنه فسيح جناته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وجمعه مع أهله وأبنائه وإخوانه الدعاة في مستقر رحمته، ويحسن الله ختامنا وختامكم والحمد لله رب العالمين. الهوامش (1) منى أحمد جلال الدين حداد: حائزة على ليسانس في اللغة العربية وآدابها، وكذلك الماجستير والدكتوراه في تاريخ الفلسفة الإسلامية من جامعة «السوربون» في فرنسا، وتعتبر من النساء القليلات اللاتي عُرفن من نساء الحركة الإسلامية بجهدهن الفكري والدعوي، وترأس جامعة «الجنان» حالياً، وقد حققت كتاب «تاريخ طرابلس من أقدم أزمانها إلى 1323»، أسست كثيراً من المراكز والمعاهد. (2) كتاب «فقه السياحة في الإسلام ونماذج من رحلات في أرض الله الواسعة» للدكتور فتحي يكن، الطبعة الأولى، ص 19. (3) انظر: عبدالله سليمان العتيقي، رسالة دكتوراه بعنوان «المنهج التربوي للحركة الإسلامية المعاصرة وأثره على بنية المجتمع الكويتي»، طبعة 1، ص431، مطبعة الفجر، الكويت 2005م مكتبة المنار. (4) المصدر السابق، ص 546، 547. (5 ) فتحي يكن: «احذروا الإيدز الحركي»، الطبعة الثالثة، ص 119-120 مؤسسة الرسالة، دار ابن حزم، بيروت، لبنان 1990م.