الحلقة الثانية ( 2- 2 ) ثروت قاسم Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1- مقدمة . ذكرنا في الحلقة الأولى من هذه المقالة إن السيد الإمام وفي يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ، قد فجر ثورته الناعمة في طائفة الأنصار . في هذا اليوم التاريخي تم إنتخاب السيد الإمام إماماً لكيان الأنصار ، كما تم إنتخاب مؤسسات الكيان الأخرى ( مجلس الشورى ، مجلس الحل والعقد ، والمجلس التنفيذي ) . صارت البيعة للسيد الإمام ( الإمام الثالث ) بيعة إنتخابية عن طريق صندوق الإنتخابات والتنافس الحر النزيه الشفاف بين اكثر من مرشح يرمي بدلوه في سوق الترشح لإمامة كيان الأنصار . إنتخابات مفتوحة تحاكي المزاد العلني في سوق الله أكبر . بيعة عن طريق آلية إنتخابية مبصرة فنجالية العيون ، وعلى بصيرة مدعومة بالفكر والمعرفة . كانت بيعة بالإجماع الناطق المبين الذي ردد الشعار الأنصاري ( الله أكبر ولله الحمد ) . وبإنتخاب السيد الإمام إماماً للأنصار ، صارت وثيقة حقوق الإنسان ، بالإضافة لقطعيات الوحي وصحيح السنة ، المرجعية الحصرية في هيئة شئون الأنصار . في يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ، قنن السيد الإمام تنظيم كيان الانصار ، وقدم بذلك قدوة لكل الحركات الإسلاموية المتطرفة لكي تنظم نفسها بطريقة مفهومة فيها المشاركة والشورى والديمقراطية والشفافية . فتح السيد الإمام الباب واسعاً ليلج كيان الأنصار إلى مستقبل فيه إستصحاب للنافع من نظم وعلوم ومعارف ، ومفاهيم العصر من تحديث وتطوير ونهضة . يساعد كيان الأنصار في طبعته الثالثة ( يوم الخميس 19 ديسمبر 2002) في انقاذ الاسلام من بعض المحسوبين عليه ، جوراً وبهتاناً ، والمنتشرين في رياح الدنيا الأربعة كالقاعدة ، وطالبان ، وداعش ، ودالم ، والشباب وبوكو حرام ؛ هذه وتلك منظمات إرهابية تنسب نفسها ظلماً وعدواناً للدين الاسلامي . هذه الحركات المتطرفة هي العدو الاشرس بل والتهديد الاخطر للاسلام ، ومن ثم الحاجة لتدبر وتفعيل قدوة نموذج كيان الأنصار الديمقراطية . لقد اصبح تجديد الخطاب الديني وتنقيته، بل واعادة صياغته على مرجعيات ديمقراطية تحترم فردية وتكريم بني آدم ، كما فعل ويفعل كيان الأنصار في طبعته الثالثة ، ضرورة حتمية لانقاذ الاسلام والمسلمين من الترهات والملوثات . في يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ، صار كيان الأنصار مؤسسة لديها الفكر ولديها القدرات ولديها القيادة الملهمة ( بفتح وكسر الهاء ) ولديها الشعبية ولديها المؤسسية ، ولديها القدرة والجرأة للتصدي. ولا داعي لأن نُذكر بصفات الأنصار الذين قال عنهم عدوهم فيليب وارنر ، المؤرخ العسكري البريطاني : ( ربما وجد في التاريخ الإنساني من ماثلهم شجاعةً ولكن لا يوجد قطعاً من فاقهم شجاعةً ) ! قال كتشنر : ( ما قتلناهم ولكن حصدتهم أسلحتنا ! ورب المسيح ما وجدت رجالاً أشجع من هؤلاء لا يخافون الموت ، ولا يهابونه ، حتى تمنيت أن يكون هؤلاء جنودي ) ! وكفى بنا حاسبين ! 2- أخطر شخص وحركة في العالم ؟ في يوم الأربعاء 23 ابريل 2014 نشرت مجلة تايم الأمريكية قائمتها السنوية لأهم مائة شخصية شكلت نفوذا ملموساً في العالم، خيراً أو شراً ، لعام 2014 . إختارت مجلة تايم ضمن هذه القائمة ابراهيم بن عوض بن ابراهيم البدري الرضاوي الحسيني السامراي الملقب بابوبكر البغدادي وكذلك ( ابو دُعاء ) . في عام 2005 كان ابو دُعاء قائداً لحركة ( القاعدة في العراق ) ، وقتل 217 مجنداً أمريكياً في صيف 2005 في العراق . في عام 2013 صار ابودُعاء قائد حركة الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة باسم داعش . تضع الولاياتالمتحدة جائزة مقدارها 10 مليون دولار لمن يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه . وتعتبر إدارة اوباما ومجلة تايم ابودُعاء وداعش أخطر شخص وأخطر حركة إرهابية في العالم حالياً . وكان ابودُعاء وداعش من أهم الأسباب التي دفعت اوباما لعدم قذف نظام الأسد بالصواريخ في عام 2013 ، حتى لا يحل ابودُعاء وداعش محل الأسد ونظامه في سوريا . رمزية إختيار مجلة تايم ابودُعاء من أهم 100 شخصية في العالم لعام 2014 يرسم الصورة الحالية للإسلام الراديكالي المُسيس ، كما رسمها توني بلير في خطابه الشهير في ابريل 2014 في لندن . صورة تشدد واضح العيان يمكن أن نراه من طالبان أفغانستان إلى بوكو حرام نيجيريا مروراً بالقاعدة ( القواعد إن شئت الدقة ) وداعش في العراق والشام ، والشباب في الصومال ، ودالم في مصر وليبيا . صورة تطرف تشيب له الولدان . التشدد والتطرف يتوسلان العنف ، ولا يتراجعان عن ارتكاب أكبر الفظاعات في القتل والتدمير تحت شعارات عبثية يتبعها بعض الفاقد التربوي في معظم البلاد الأسلامية . يرمز إختيار ابودُعاء على إن القتل على الهوية الطائفية صار مكوناً هاماً من مكونات الصراع في الدول الإسلامية . تقوم بهذه الفظاعات الذئبية حركات مارقة ومتطرفة تعتمدعلى فهم مغلوط للإسلام الحق ، إسلام لا آله إلا الله محمد رسول الله . حركات منغلقة ومنكفئة على نفسها لا تعرف الشورى ولا الديمقراطية ولا المؤسسية ، كما مارسها كيان الأنصار في يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 . هذه الحركات وأمرائها في حالة حرب دائمة مع محيطهم. لأنهم يؤمنون بأنهم مستودع الحقيقة ، ويحللون تدمير غيرهم من المسلمين الوسطيين وغير المسلمين المارقين على صحيح ( باطل ) الدين كما يرونه ، ويملأون به أدمغة الفاقد التربوي من الشباب المنخرط في حركاتهم الظلامية .لا تُوجد مراجعات ومناقشات داخل هذه الحركات . وبالطبع لا وجود لإنتخابات أو ديمقراطية أو شورى في هذه الحركات . هذه الشورى وتلك الديمقراطية رجس من عمل الشيطان في عُرف هذه الحركات . تنبني هذه الحركات على الطاعة العمياء الهرمية ، وتتخذ من الآية 59 في سورة النساء مرجعية حصرية . ( يا ايها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم ... ) ! 4 - ما هو الحل الناجع ؟ لا يُوجد حل عسكري بالقوة الصلبة للقضاء على هذه الحركات المنغلقة . حاولت امريكا منذ عام 2005 وحتى تاريخه القبض على ابودُعاء بكل وسائل القوة الصلبة من مال ودرونات وتكنولوجيا متقدمة ؛ وفشلت . كما فشلت في القضاء على داعش ، التي زادت قوة ومنعة وتمددت من العراق إلى سوريا . القوة الصلبة ضد هذه الحركات تحدث ردة فعل تزيد من غلواء هذه الحركات التي ترفدها ، سراً ، بعض القوى الظلامية بالمال والسلاح . العلاج الوحيد لإجتثاث هذه الحركات الشيطانية يكمن في القوة الناعمة ، وإسم الدلع لها في هذه الحالة هو ( يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ) . يقول قائل منهم : ألم تكن طائفة الأنصار طائفة إرهابية إغتالت المُصلح غردون باشا في الخرطوم في 26 يناير 1885، وإغتالت الصالح هكس باشا وجيشه العرمرم من الباشبوزوق الطيبين الوادعين في شيكان في 5 نوفمبر 1883 ؟ ألم تتمرد طائفة الأنصار الأرهابية على الخديوي المؤمن توفيق ، خديوي مصر والسودان ، وتطرد قوات الباشبوزوق المسالمين من السودان المصري ؟ ويستطرد قائلهم : كان ذلك في زمن غابر ، وصارت الآن طائفة الأنصار إلى كيان مؤسساتي تنتخب قواعده أمامه ومؤسساته وقادته في إنتخابات حرة ونزيهة وشفافة كما حدث في يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ؟ هذه ثورة تكتونية ؟ ظاهرة يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 المُعدية سوف تفتح ابواب وشبابيك حركات الإسلام السياسي الراديكالي ، فيغسل الهواء الطلق أدمغة قواعد وكوادر وقادة هذه الحركات المنكفئية . مع يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 تاتيك الشورى تختال ضاحكة . فتتحول جحور هذه الحركات المظلمة إلى بيوت ديمقراطية من زجاج شفاف كلها نور على نور . تحاكي عندئذ هذه الكيانات الظلامية كيان الانصار ومؤسساته المنتخبة من القواعد ، والتي تحتكم إلى مرجعية القانون وحقوق الإنسان وصحيح الإسلام من قطعيات الوحي وصحيح السنة . ويصير ابو دُعاء إلى نسخة معدلة من السيد الإمام ، ويختفي الإرهاب ، ويعم الإستقرار والأمن والسلام المنطقة . هل هذا حلم ؟ في هذا السياق قال جبران خليل جبران : أدعى الناس إلى الشفقة ذلك الذي يحول أحلامه إلى الفضة والذهب . ولكنها حقيقة مثلما أنتم تنطقون ! دواء الخميس 19 ديسمبر 2002 هو البلسم الشافي . وبعد وفي كلمتين ... السيد الإمام ... رجل صالح ومُصلح ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) ، وداعية سلام ووفاق وتسامح ومحبة بين الناس والطوائف والأديان ؛ وداعية حوار وطني كوديسي في وطنه الأصلي ( فالرجل وطنه الأم الإنسانية جمعاء ) ؛ رجل مرجعيته الهادية وثيقة حقوق الأنسان وقطعيات الوحي وصحيح السنة ؛ رجل من الذين قالوا ربنا الله ثم إستقاموا ؛ رجل من الذين يقولون للناس حُسناً ؛ رجل أدبته مرجعياته الأخلاقية السامقة فأحسنت تأديبه ؛ رجل عنده علم من الكتاب ... وترى الفضائل تترى والمحاسينا . أتسجن الأمة السودانية رجلاً هذه صفاته وأعماله ؟ ولكن ... أؤلم تضع قريش الشوك في طريق محمد ؟ أؤلم يحاول اليهود صلب السيد المسيح ؟ أنسيت قصة صالح في ثمود ، وهود في عاد ، وقوم تُبع وأصحاب الأيكة ؟ 5- جائزة نوبل للسلام ؟ في يوم السبت 17 مايو 2014 تم سجن السيد الإمام لأنه عبر عن أفكاره بطريقة سلمية وعلى رؤوس الأشهاد ، لتكون القشة التي قذفت بالسيد الإمام إلى جنائن وروضات جائزة نوبل للسلام 2015 . وللتوكيد وللمقارنة ، نختار أدناه تسعة شخصيات ، من بين عشرات ، تم منح كل واحد منهم جائزة نوبل للسلام ؛ والذي يجمع بينهم إنهم كافحوا من أجل السلام والسلم في بلادهم ، وتم سجن كل واحد منهم في وطنه لتعبيره عن افكاره بطريقة سلمية كما السيد الإمام ؛ وهم وهن : + 1980 ، ادولفو ايسكبيل ، الأرجنتين . + 1983، ليخ فاونسا ، بولندة . + 1984 ، ديزموند توتو ، جنوب افريقيا . + 1987 ، اوسكار سانشيز ، كوستا ريكا . + 1991، اون سان سوتشي ، بورما . + 1992، ريفو مينتشو ، غواتيمالا . + 1993 ، نلسون مانديلا ، جنوب افريقيا . + 2003 شيرين عبادي ، إيران . + 2011 ، توكل كرمان ، اليمن . أعرفت لماذا يستحق السيد الإمام جائزة نوبل للسلام 2015 ؟ أم تحتاج لدرس عصر كما بعض فاقدي الخيال من الصم البكم العمي الذين لا يعترفون للسيد الإمام بفضله وصلحه وإصلاحه حتى ينزل عليهم مائدة من السماء ، أو يفجر لهم من الأرض ينبوعاً ، أو يكون له جنة من نخيل وعنب فيفجر الأنهار خلالها تفجيراً ؟ قل سبحان ربي هل كان إلا بشراً سوياً ؟ موعدنا في ديسمبر 2015 في أوسلو وجائزة نوبل للسلام ؟ أليس ديسمبر 2015 بقريب ؟