[email protected] كثيراً ما نفكر ..عند ذهابنا إلى أية مناسبة أي هدية يمكن أن نشتري لتلائم الحدث ...؟ قد تختلف حسابات كل فرد عن الآخر في الاختيار، هناك من يرى أن علبة حلوى أو شيكولاتة هدية ملائمة جداً لزيارة مريض أو ل (سماية) ، أو زواج ..هذا إن افترضنا مثلاً أن الاحتفال بأعياد الميلاد أو عيد الزواج أو حتى عيد الحب خطيئة كبرى في الجمهورية الثانية أو مصر ما بعد الثورة بعد إمساك (المتزمتين) و(المغالين) بزمام الأمور باعتبار أن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ...! وحتى لا نتشائم كثيراً ربما تمكنا من الاحتفال بتلك المناسبات بشكل خاص في منازلنا، فكيف يا ترى سيكون الحوار بين رجل وزوجته إذا ما احتفلا بعيد زواجهما وماذا ستكون اختياراتهما ؟؟ أعتقد أنه في ظل الرخاء والحياة الرغدة التي نعيشها حيث كل شيء في متناول الجميع ستسأل المرأة زوجها أن يعطيها (حقها ناشف)..! أو سيكون توب مطرز أو هدية ذهبية خيار رجل لزوجته أفضل من باقة من الزهور، وإذا ما ضاق الحال بعض الشيء في ظل النمو الاقتصادي الذي تشهده بلادنا فإن صحن باسطة بخمسة عشر أو عشرين جنيهاً أفضل من أرخص بوكيه ورد بخمسين جنيهاً...؟ هل سألنا أنفسنا لماذا يا ترى نفتقد ثقافة إهداء الزهور ؟؟ حاولت ذلك أكثر من مرة ووجدت الورود في بلادنا أسعارها باهظة جداً هذا إن وجدت ، فمحلات الزهور نفسها قليلة وفي مناطق متفرقة ؟؟ ربما كان للبيئة دور في اختفاء هذه الثقافة أو ندرتها. ضحكت كثيراً عندما قرأت خبراً مفاده أن مجموعة من المواطنين اعتصموا احتجاجاً على زيادة أسعار الزهور لضعف الثمن في إحدي الدول الاسكندنافية المصنفة بمنح أعلى الأجور للمواطن في العالم ...! ومثلما كانت عادة المواطن الياباني البسيط أن يضع على مائدة طعامه باقة من الزهور وهو يأكل على أنغام موسيقى كلاسيكية هادئة ، في ذات الوقت وفي بلاد أخرى أكثر (تقدمية) كان يسأل القذافي شعبه أثناء الاحتفال بالعيد الأربعين لثورة الفاتح قائلاً لهم : "خليكم من اللي قدمته لكم ثورة الفاتح من إنجازات وتنمية وتطور وخليني أسألكم إيش قدمتم أنتم لثورة الفاتح...؟" أليس لدينا حتى الحق في أن نحلم ؟ هل يا ترى سيأتي اليوم الذي تقتصر فيه احتياجات الشعوب العربية والإفريقية في المطالبة بزهرة لكل مواطن..؟ إذا ما افترضنا أن المواطن العربي والإفريقي إنسان كغيره من بلاد العالم الأول ، فهو يحتاج إلى غذاء معنوي كما المادي، فإذا كان المادي يغذي البدن ، فإن المعنوي يغذي الروح و يمنحه طاقات أخرى تولد الإبداع ..والعطاء في مختلف المجالات..! وتحقيق التوازن بين الروح والجسد هو سر استمرار هذه الحياة التي يجب أن نعيشها على نحو آخر، ومثلما نحن بحاجة لكيلو لحم وكيلو طماطم وكيلو باسطة، فإننا بحاجة ماسة أيضا لكيلو حب وكيلو حنان، ومثلما نستنشق عوادم السيارات والمخلفات الملقاة هنا وهناك ربما كان شذى باقة من الزهور أعاد كفة إنسانيتنا مرة أخرى ..حتى لا نعيش حياة بلا شكل وبلا طعم وبلا لون وبلا رائحة ، وإذا كان ليس بالعشب وحده تحيا الخراف...فليس بالخبز وحده يحيا الأنسان أيضاً...! نشر بتاريخ 31-08-2011