.. [email protected] حينما يحرك مشلول الأطراف الأربعة واحدا من أصابع يده ..وتبتسم عيناه بكلام كثير ربما لا تحتمله صفحات الكتب ..فلابد أن تزغرد أمه فرحا بهذا التقدم الذي ينبيء بأن شيئا من الروح قد دب في جسد ذلك المريض.. وقد تبدأ بقية أجزائه ترتعش أعصابها رويدا رويدا من قبيل السايقة واصلة..! ذاتها بري التي تململت شفهاها ضجرا من تشقق العطش ..وسدت جماهيرها الشوارع ..فارتجف المسئولون هلعا من مجرد حشرجة حلوقها الجافة ..فنفخوا بدءا من الوالي ذات نفسه في مواسيرها الفارغة فأدمعت ماءا ببركة الانقاذ.. التي يبدو أنها ( تخاف ولا تختشيش )! هاهي مصارين بري اليوم من جديد تتلوى جوعا .. ويخرج صوتها .. فتهتف بصوت عال..! لن تحكمنا حكومة الجوع ..! وعند ك كم يا مواطن وكيلو اللحمة بكم..! نعم هم بضعة مئات من فتية السودان .. ولكن أول الحريق شرارة..!طالما أن الهشيم الجاف جاهز للتضحية بأكوامه وقد ملت التشوين في زرايب الصبر ..التي تعافها حتى البهائم السجينة في قيود الذل وعدم الكرامة..! لو أن كل مدينة ارسلت شررا من عيون الغبن فيها ، فلن تطول المسألة أكثر مما طالت .. فالثورات في هذا العصر لاتقوم بالضرورة من قلب المدن .. نيكولاى شاوسيسكو جاءه الزحف من مدينة تيموشوارا البعيدة عن بوخارست التي لم تحم ترسانة أمنها وسراديبها الأرضية النظام الذي كان يوصف بالاسطورة التي لا تهُزم.. مثلما حرك ليخ فاليسا عماله من ميناء جدانسك لتطير ريشات الرخ في وارسو.. كما طارت خيمة باب العزيزية من بنغازي وليس من طرابلس الغرب..! وكذا الحال فالهام البوعزيزي الذى ألف لنا معلقة الربيع العربي كان من سيدي بوزيد .. وسرير حسن مبارك الذي شيّع فيه الى محكمة التاريخ استوردته القاهرة من بورسعيد .. مثلما تذكرت حماه ثأرها القديم من جلاد دمشق فأسهرته درعا وأخواتها بالحمي ونقح الجراح .. كتلك التى جاء علي عبد الله صالح برجليه عائدا ليجددها في جلده وفي صنعاء التي سبقتها عدة حرائق في تعز وعمران .. وعدن ! عقب انفلاق الحركة الاسلامية الى وطني وشعبي .. الا تذكرون حينما انزعج الحيران من تحرك شيخهم الترابي انتقاما لجرحه الخاص من الفاشر وبورتسودان بغرض تشتيت اصابع القبضة التي كان يعلم بانها متركزة على الخرطوم لحماية النظام ، فآثر قطع نفس آلتهم العسكرية والمخابراتية في بوابات الميدان شرقا وغربا وليس من دائرة النصف ! فهل يلتقط أهل كوستي .. والأبيض وحلفا.. وكسلا .. ومضات الاشارة لنغني معا ..مع خليل فرح الوطن.. في الضواحي .. حيث يخرج شفق الصباح من هناك .. ويجنبنا أصوات بنادق خليل ابراهيم من نيالا.. ودون ان نضطر لتوسيخ اسناننا ( بعقار ) ذيول عصبات النظام زحفا بالبارود من النيل الأزرق .. ونكتفي بتناول الحلو في وليمة عرس سلمي تأتي زفته من جبال النوبة.. لنغني معا في مدني ياأخواني لى محبوب طراني..! هل ذلك صعب أو بعيد المسافات على من علم الشعوب الدرس الأول في أكتوبر وحصص العصر في ابريل.. لو وضعنا الرحمن في قلوب لطالما باعد الظلم والكبت ولا نقول الخوف وانما العوازل بينها ومعشوقتها الحرية!؟ .. انه المستعان .. وهو من وراء القصد..