هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في الخداع    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    حمّور زيادة يكتب: ما يتبقّى للسودانيين بعد الحرب    هجوم مليشيا التمرد الجمعة علي مدينة الفاشر يحمل الرقم 50 .. نعم 50 هجوماً فاشلاً منذ بداية تمردهم في دارفور    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    مخرجو السينما المصرية    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    تدني مستوى الحوار العام    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    مرة اخري لأبناء البطانة بالمليشيا: أرفعوا ايديكم    تأخير مباراة صقور الجديان وجنوب السودان    الكابتن الهادي آدم في تصريحات مثيرة...هذه أبرز الصعوبات التي ستواجه الأحمر في تمهيدي الأبطال    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجال من طين الحسد والمكايدة ، قوش وقطبي ، وفصول التنافس لارضاء أمريكا !
نشر في سودانيات يوم 27 - 11 - 2012


أربطو الاحزمة ...دخلت طائرة الوطن مطبهم الهوائي !
القاعدة العامة في ادبيات منكر الانقلابات تقول ان نجاحه يغير الحكم وفشله يكشف عورات الدولة . وفي حالتنا فان هذا الفرق النوعي غير وارد اطلاقا . فهؤلاء ، أصلا ، لصوص سلطة نسل ذات السلالة ممن شاخوا فشلا - خطاءان لن ينجبا صحيحا ! جاء خميس 22 نوفمبر الجاري وبدأ ، وسيتوالي ، صعود أناس بكافة تطريزات الاقنعة لمنصة الاحداث . يلفت الانتباه ان السكاكين الطويلة أستلت مبكرا لتصفية حسابات ظل الصراع بين أطرافها يجري بتكتم وسرية فانكشفت معسكرات العداء . انها اذن مباراة اللكم في الظلام وفقأ العين وقطع اللسان . أما نحن الشعب ، فسنتفرج . حالنا ذاته منذ انقلاب 89 وهو ، تعريفا، الاستيلاء غير المشروع علي السلطة !
رزئنا في حكم الانقاذ بمتلازمة دمار ثنائي . أولها سعيها الدؤوب لتفتتيت الكيانات السكانية والجغرافية والسياسية والنقابية الي جزئيات منشطرة ، تفضلها متناحرة ومنهكمة في التآمر المضاد . وثانيها مايجرونه علينا من أهوال ان تصدع تنظيمهم وفتحوا النار علي بعضهم الاخر . فقبل خميسنا الفائت كنا في 1999 علي موعد مع حالة مماثلة . فعندما فاصلوا شيخهم وفصلوه ، شهدنا تطاير حمم اللافا من بؤرتهم التنظيمية فتفجر البركان ومادت الارض . قفزت من عباءتهم كارثة دارفور كهرة مذعورة ليتخضب فبراير 2003 وما تلاه من سنين بالمزيد من الدماء والدمار.
وعليه ، فان الفرز فيما بينهم سوف يستمر لحين لا نعلم مداه ، وبمترتبات ونتائج لايعلمها الا الله . لن نري أيد لكننا سنسمع صراخا ، وفي الغالب لن نتبين وجوها لكنا سنمسع أصواتا. فهذا مايكون عليه فصل التعارك بين ثلة أمن الظلام ان تلاطموا مع مهندسي السياسات الشبحية . سوف تستقوي الدولة بكل أدوات الاثبات ذات المصداقية الحقيقية أو التركيب التايواني الهزيل ، شئ مما يسمونه في عالم الجاسوسية " زراعة الدليل " : تسجيلات ، محادثات ، صور ، تحويلات مصرفية ، أسلحة ، شحنات ، أسفار وحتي أماكن لقاءات في تواريخ محددة . ستقفز أسماء عواصم دنيا الانقاذ المكتشفة حديثا كأديس أبابا ، دبي وانجمينا بل وربما وردت أسماء عواصم بلدان التعكير الأمني كأسمرا وكمبالا ونيروبي ..وقد يضيفوا القاهرة وربما حتي طرابلس ! أما ان سألت عن واشنطن وباريس فسيكونا ، بلا شك ، حاضرين بقوة في سياق الاتهام بالعمالة والتخابر والتأمر ضد الاسلام ودولته الرسالية الاستوائية . سنسمع ، ونطالع تسريبات ، من كل الاطراف . فقط يلزمنا ان نستحضر دوما ان الفيلم المعروض هو انتاج واخراج قوم تعاشروا في غرف مغلقة لحقب طويلة وفجأة " حدث شئ "بالداخل ، فأنفتح الباب ليتطايروا أمامنا كما السلاحف الاندونيسية ، تزمجر وتقضم رقاب بعضها البعض ، لا يوقفها قدح ولا يردعها تخندق للعنق ..حرفنة وحذق لا مثيل له !
باختصار ، سيكون الامر باثارة أفلام الجنس .حيث الرجال والمال والنساء وشئ من تابو اللامعقول وبعض من الغير مقبول ! أما هنا فيضاف للخلطة بهار السلطة والخيانة والتأمر ومعلومات قوش وتسجيلات عطا ، لن نستبعد الحريم فوراء كل رئيس امرأة ووراء كل عمر سليمان رجل .
تسليم وتسلم الحسد ... بأسهم بينهم شديد
لو قرأنا عصارة سيرة كبار رجال الامن الانقاذي ( عوض الجاز ، نافع علي نافع ، قطبي المهدي وصلاح عبد الله محمد صالح قوش ومحمد عطا ) ، لوجدنا كثيرا من الذي يجمعهم فوق الحد الادني ، وفي ذات الوقت ، الاكثر مما يفصل بينهم بل ويدخلهم في عداء متفجر ! فهؤلاء القوم أمرهم عجبا . ربطهم فكر واحد وحزب واحد وعدو واحد ، هو نحن الشعب غير المنتمي لفكرهم ! تلاصقوا في الاجتماعات وأسر بعضهم لبعض بكل مكتوم . فقد ترأس نافع قوش وقطبي لسته سنوات ، وترأس قطبي قوش وعطا ، لأربعة أخر ، وترأس قوش عطا لتسع سنوات . ثلاثة سنوات لاحقة وينتفخ عطا في الكرسي ليسجن "سعادتو " في بيت من بيوت التحقيق السرية ويمنع عنه الزيارات والموبايل .ال الآن لا أخبار عن فحصه بمستشفي الأمل ، الذي ربما تغير الي رويال كير اذا ما تبقي من وفاء حزبي ! بأسهم بينهم شديد ان تفجر الصراع. فالامنيون ، تخصص تعذيب ، خلافا لأصحاب المهن الشريفة ، لا يورثون معارفهم لمن يخلفهم في المنصب. لا يشرحون ما تم انجازه ، أو المنتظر من مشروعات أو كيفيات العمل. فقط يغادرون بكراتين أوراقهم وذاكرات حواسيبهم تاركين طاولة ملساء وربما بعض مال ان تبقي شئ من مخصصات بند الصرف الخاص ! لذا فالذي يجري ،حقيقة ، هو تسليم وتسلم للحسد والتنافس الارعن يستتبعه حديث الجلسات الخاصة طعنا في كفاءة القادم أو قدحا في سيرة المغادر . لا احترام ولا وفاء ولا اعتراف بتفوق أو مقدرات . هدأ سونامي أخبار الحنجرة فتفايض سونامي قوش علي تحليلات وتعليقات كتاب وقراء الاسافير . هل لفت نظرك الفرح الشعبي الدافق ، أوللدقة قل الشماتة السافرة الوجه ، جراء ما لحق بصلاح قوش ؟ وهل استبعدت ، ولو للحظة ، أن ذات الفرحة كانت ستتوافر بكامل عنفوانها وقوتها لو ان المتورط كان أي واحد من الاربعة الآخرين ؟ لو كانت الاجابة كما تيقنا هي "لا" دواية ..فنقول استطرادا ، أليس في هذا استفتاءا عفويا لدرجة الكراهية التي نالها هذا النظام الحاكم ممن يحكمهم ، وما حصدته مؤسسته الأمنية من حنق جماهيري تلقائي علي جرائمها ؟؟
بلا شك . فأمن الانقاذ غدا العنوان الأبرز للسوء والقبح والفساد !
يلفت النطر ان الخماسي الامني ، باستثناء الجاز ، تقلد جميعهم منصبا علنيا في الجهاز سيئ الصيت . بيد ان الدكتور الجاز ( مواليد 1950) و باعتراف الشيخ الترابي ، في حديث لصحيفة البيان الاماراتية ، كان الوزير الوحيد الذي عمل قائدا أمنيا للتنظيم والتسليح بنظام عدم التفرغ "البارتايم " ، فظل سيدا للبصاصين من خلف الاستار . يلاحظ ان قادة أمن الانقاذ جميعا ذوي خلفيات لا علاقة لها بالأمن أو الدراسات الاستراتيجية أو العسكرية . فالجاز اقتصادي ونافع زراعي وقطبي قانوني اما قوش وعطا فدرسا الهندسة ! اذن يتبين ان الرتب العسكرية وأقلها لواء كما في حالة نافع ، وفرقاء أوائل للباقين ، جاءت لتضفي شيئا من العسكرية علي مدنيين تعسكروا لمطلوبات حزبية وليس لتدرج مهني . هذه الخاصية لا توجد الا في التنظيمات الفاشية ذات المليشيات المدنية المسلحة . يلاحظ أيضا أن التغلغل الايراني في "عقيدة "التنظيم وأساليبه بدأت منذ بداية الانقاذ . فقد سافر قطبي لايران سفيرا ، وفتح أبواب أكاديميات التدريب لمنسوبي الجهاز بمن فيهم رئيس الجهاز الجديد نفسه ، د. نافع . نهلوا بفخر مما ورثه الملالي من رعب ماكينات السافاك بل وأحضروا معهم تقنيات السوء من معينات التعذيب والتنكيل برسم وختم بلد المنشأ ، طهران ! . ابان سنوات بن لادن في السودان ( 1991-1996) ظل نافع ممسكا بأعمال الجهاز بيد ان علاقته الخاصة بأيمن الظواهري ، ومن ثم ، تورطه في محاولة أغتيال حسني مبارك في اديس أبابا في يونيو 1995 ، استلزمت ابعاده عن الجهاز واستبداله بقطبي المهدي (1996-2000). كان قوش والي تخرجه من كلية الهندسة بجامعة الخرطوم في 1981 مسئولا عن امن المصادر. التحق بعد التخرج بأمن المعلومات في تنظيم الجبهة القومية الاسلامية .ذهب للعمل مهندساً مدنيا بشركة دانفوديو للإنشاءات التابعة لمنظمة الدعوة الإسلامية بالخرطوم مستمرا في وظيفته ككادر أمني بالجهاز . أصبح مديرا للعمليات ابان فترة نافع . غادرا الجهاز معا اثر تورط نافع في موقعة الفرعون الفاشلة بأديس أبابا، فتم تعيينه مديراً لهيئة التصنيع الحربى قبل أن يعود للجهاز بعد هدوء العاصفة .
الصراع الخفي ...قطبي وقوش علي "ماما" أمريكا !
سعي قطبي المهدي للأمريكان ، جريا ومشيا وحبوا ، منذ أول يوم له في الجهاز والي ان استبدله قوش ( الاصغر سنا والاقل معرفة بالشؤون الامريكية ) بعد 4 سنوات. حاول قطبي التطبيع بأي ثمن غير آبها بالتكلفة لكنه فشل في كل بهلوانياته فشلا ذريعا( وهذا موضوع توثيقات حلقة قادمة ) . كان ، ولا يزال ، مزهوا بحظه من المعرفة ، بل ومدعيا تفوقه علي رهطه مكابرا بأنه أكثر الانقاذيين معرفة بالشؤون الامريكية . بدأ عهده "كفريق أول" راضيا بتحدي رفع اسم السودان من قائمة البلدان المساندة للارهاب (1993) وبعد عام من تعيينه ، رماه كلينتون بصاعق جديد ثقيل الوزن فغطسه وتركه يصارع في اللجة العقوبات الاقتصادية والتجارية التي فرضها علي السودان في 1997. غادر قطبي الجهاز في 2000 كفريق أول معاشي بأنف دام بل ومطحونا ومركولا. فشل بعد ان وفرت له السلطة كل ماطلبه من لوجستيات . طلب الاشراف علي ملف العلاقات السودانية –الامريكية فانتزعوه له من خارجية علي عثمان طه ثم مصطفي اسماعيل (المترقي من وزير دولة في 1998 ) وأرسلوه له بسيرك ! قام باختيار مكاتب علاقات عامة وسماسرة أمريكيين ، فاعتمدت المالية عقود أتعابهم وفواتيرهم الباهظة فورا ..أغدوقوا عليه بالمزيد من الماديات واللوجستيات كلما بشرهم بأن الفرج في الطريق ، لكن من كانت الفهلوة والخيال القاصر بديلا لابداعات الاستراتيجية ؟ تناوبت علي مقترحاته الفطيرة وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت، فقذفت بها لمساعدتها للشؤون الافريقية سوزان رايس التي ركلتها تمريرة بينية لمستشار الامن القومي ساندي بيرغر فمزق بها شباك سلة المهملات ! في الخرطوم ...تأكد فشله فانهار معبد أحلامه وتمرغت أنف كبرياؤه ولحق بثوبه جراء سنوات الانطباح غير المفيد مالحق ! نسى فشله وتفرغ لقوش ، عدوا في لباس زميل !! 9 سنوات من الانتظار الي ان نزلت عليه ليلة القدر كاملة البهاء يوم اقالة قوش في 2 مايو 2011 ( وللمفارقة ، هو ذات يوم اغتيال اسامة بن لادن ). خرج قطبي للاعلام يصيح مبشرا بهستيريا هي توأم لحلقوميات ذلك المحامي التونسي ليلة هروب زين العابدين بن علي . أبلغ قطبي الصحافيين ان قرار البشير باعفاء غريمه قوش من مستشارية الامن يعني ضمنا تجريده من كل مناصبه الحزبية حتي وان لم يتطرق المرسوم لذلك ؟؟ مضيفا انه يتوقع صدور قرار آخر يعفي قوش كأمين لأمانة العاملين بالمؤتمر الوطني ويلغي كافة مناصبه السياسية والتنفيذية بل وحتي عضويته بالحزب!
خلافا لنافع (مواليد 1948) والجاز(1950) ، اللذين درسا في ولاية كاليفورنيا ، ادعى قطبي معرفته التامة بالمسرح الامريكي حيث درس وأقام بكندا منذ منتصف السبيعنات الي ان حصل علي جوازها . ايضا خلافا للدكتورين الاخرين ، لم يعمل ولو يوما واحدا بالسودان قبل أن يهبط علي الخرطوم بعد نجاح انقلاب الانقاذ في 1989 ، فتسبل كالغريب دروب البلاد لاول مرة منذ ان ناءت خطاه عنها بعد احداث شعبان هاربا للكويت ! .
بهذا المختصر نفهم مراراته وهو يلحظ التقدم الكبير الذي احرزه خليفته صلاح قوش في الملفات الامريكية . نجاح قوش لم يكن بسبب احترامه لحقوق الانسان أو تميزه عن أسلافه ، وانما لانبطاحه التام امام المطلوبات الامريكية بعد احداث سبتمبر2001 وتقديمه للامريكان أكثر مما طلبوا .حلق قوش بملف العلاقات السودانية الامريكية بدفع صاروخي الي فضاءات أبعد مما طمح له قطبي من تعاون مابين السي اي ايه وجهاز الأمن السوداني .فأصبح يسافر علي طائرتهم الخاصة لاجتماعات مغلقة في الرئاسة بلانغلي ، فيرجنيا ! وبالنتيجة ، غدا قوش أكثر جرأة وماعاد يأتمر بألوان الخطوط فتجاوز أحمرها وأسودها وماهمه شئ ، وهذا ما أيقظ الانقاذيون القصابون فتتبعوا رأسه لجزة .
فمثلا في 9 يوليو 2007 أبلغنا كريس تابلوت ان قوش ارسل عناصر جهازه للعراق ليتصنعوا جهادا كاذبا ، فانضم جواسيسه للحركات الجهادية في العراق ونقلوا من داخل تلك الخلايا الجهادية أمرها للأمريكان فصفوها شر تصفية
http://www.wsws.org/articles/2007/ju...suda-j09.shtml
من المفارقات ان الجاز ونافع يبدوان الاكثر عداءا للولايات المتحدة ، بيد أن أسرتيهما هما من أكثر أسر الدستوريين عددا من حملة الجواز الأمريكي ! ومن المفارقات أيضا ان الانفاق علي جهاز الأمن ابان فترة قوش (2000-2009) كان الأكثر اذ قفز من الملايين الي البلايين ، شكرا للدولة النفطية وميزانية الجهاز المفتوحة . هذه الاموال الطائلة أطلت علينا برأسها مرتين .أولهما يوم أن سرقت الصرافة المنزلية لقطبي المهدي في أكتوبر 2011 وثانيهما في تصريح أسرة "المتهم" قوش قبل ايام اذ أبانت انه كان والي قبل 3 أيام من اعتقاله يدير شركاته الموجودة في دبي ! أيضا ، ولحسن حظه ، فقد تحلل قوش من تدخلات الشيخ الترابي الراتبة في شؤون الجهاز . فقد تولي الجهاز بعد المفاصلة بل وأصبح الترابي من ضيوف معتقلاته الدائمين .مستفيدا من الانزواء التكتيكي لنائب الرئيس ، علي عثمان ، بعد حادثة مبارك وابتعاده عن الملفات الامنية، ومن انحسار متابعة الرئيس لنشاطات الجهاز وانشغاله فقط بسلامته بعد ادانة الجنائية الدولية ، سيطر قوش علي كل الملفات لوحده . انكشف الملعب بكامله أمامه ليفعل ما يشاء ويصرف كمن لا يخشي الفقر ! الاموال الضخمة التي توافرت لقوش لم ولن يعرف لها جهاز الأمن مثيلا في تاريخه . فقد تولي الجهاز مع بداية الفورة النفطية وغادره بعد أن جف الضرع النفطي . فما ان تمت زحزخته من ادارة الجهاز الي المستشارية الامنية حتي بدأ فصل جديد من التقشف علي منصرفات الجهاز تحت مديره الجديد ، محمد عطا . هذا رغم تزايد المهددات الامنية وتوسع دائرة الحرب والقلاقل في الداخل . يزيد من مشكلات عطا الادارية ، الي جانب شح الاموال ، انه كان ولايزال أقل مدراء الجهاز حظا في كسب ثقة الثالوث الرئاسة المتحرك معا ( البشير ، بكري حسن صالح وعبدالرحيم حسين ) . فوفق افادات وكيليكس علم الكل ، بمن فيهم حسني مبارك ، ان البشير رفض ترفيع عطا للمنصب واراد الفاتح عروة بديلا لقوش لولا الاعتراض المبرم من علي عثمان والجاز ونافع علي عروة باعتبار انه من التنظيم ، فألغي البشير اختياره في آخر لحظة في 2010 .
رأس قوش مطلوب لدي نافع وقطبي ...من زمان !
في مساء يوم الانقلاب نفسه نسبت سونا للدكتور قطبي المهدى ، عضو المكتب القيادى الذي اجتمع لتقييم الأوضاع مانصه ( مؤكدا فى هذا الصدد ولاول مرة بأن الفريق صلاح قوش الذى تم اعتقاله فى اطار المحاولة قد تم ابعاده ولا علاقة له بالحزب )نافيا فى هذا الصدد العلاقة بين اى من قيادات المؤتمر الوطنى وهذا التحرك الذى تم كشفه. الفهم الصحيح ، وبالتالي التفسير الصائب ، لهذا التصريح لا يفهم الا في اطار المكايدة بين قوش وقطبي ، مخلوقا طينة الحسد الذي أشرنا له . بسبب من تنفذه المطلق لتسعة سنوات وتفرده بادارة كافة الملفات الامنية ، ظن قوش أنه أكبر من دورة الحياة نفسها فناطح وتحدي الشخصية التي تهيبها غيره من أهل الحكم : نافع علي نافع . في حديث اذاعي لنافع يوم الجمعة 22 ابريل 2011 اشار الى فشل حوار مستشارية قوش مع القوى السياسية ومقاطعة بعض الاحزاب لها .قال نافع فيما قال «ان الحزب أمره مرتب جداً ونحن لدينا أمانة كاملة للحوار مع القوى السياسية وتأتي لعرض نتائجه في القطاع السياسي ومن ثم المكتب القيادي لاقراره، وفي بعض الأحيان قد يتم رفعه إلى لجنة ..المبادرة التي بالمستشارية هي مبادرة انطلقت منها وحاولت المستشارية ان تقول إنه عمل حزب،والحزب أوضح أنها ليست قضيته. وقالت إنها تكليف من رئاسة الجمهورية وتأرجحت في ذلك، .... ولكن يبدو أن الصورة في تلك (الحته) الاستشارية، حوارها لم يجد القبول الكبير.. لأنه اكتشف أنه ليس حواراً مع المؤتمر الوطنى ) . ماانتظر قوش الا 3 أيام . فكتب الزميل خالد البلولة إزيرق في الصحافة يوم 25 ابريل 2011 عارضا خلاصة رد قوش علي رئيسه السابق نافع علي نافع ، نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون السياسية اذ قال : «لا يوجد صراع داخل المؤتمر الوطني.. وكلام نافع يخصو» . هذا الرد الصاعق جاء رغم ان الهجوم علي المستشارية سبق ذلك بكثير . فحينما قال اللواء حسب الله عمر، الامين العام لمستشارية الامن، في برنامج مؤتمر اذاعي «اذا اجمعت الاحزاب في حوارها الذي تديره مستشارية الامن الوطني، على ان تذهب الشريعه فلتذهب»، تدحرج رأس اللواء فورا فأعلنت المستشارية تبرؤها منه وتمت اقالته بعد ان أصبحت هدفا مشروعا للجماعات الدينية ومن قبلهم نافع وقطبي ! مشاكسات قوش لم تقف عند نافع .ففي مطلع مايو 2012 انتاش قوش في جلسة برلمانية وحدود السدود ففهم المراقبون ان الحجر مقصود به باب حوش كافوري "شخصيا " والا فما قيمة انتقاد امبراطور السدود اسامه عبدالله اذا لم يكن الهدف هو عديله الرئيس ساكن الباب الذي طرقه الحجر ؟ فسر المراقبون الأمر بأن قوش قصد برميته بعث رسالة متوازنة ظاهرها الهجوم علي مسؤول النهضة الزراعية ( ابن منطقته نائب الرئيس ) وباطنها تقصد الرئيس وحاشيته . فقال في البرلمان منتقدا آداء الحكومة في ما يتعلق بتنفيذ برامج النهضة الزراعية، بمانصه ان (الحديث عن برامج النهضة الزراعية موجود ولكننا لا نرى نهضة زراعية) ! وللغرابة ، أنه وفي نفس اليوم ذهب لحضور الاحتفال باكتمال الأعمال الخرسانية والعبور بين الضفتين بمشروع تعلية خزان الروصيرص ! وهناك قال أن حديثه بالبرلمان عن مشروع سد مروي ليس هجوماً على وحدة تنفيذ السدود التابعة لوزير الكهرباء أسامة عبد الله، مضيفا «فهموني غلط»!
أمن واسرار ، هي لله...هي لله !
أهم مايتطبع به تنظيم الاخوان المسلمين ، في السودان وغيره ، هو السرية المطلقة التي يديرون بها شؤونهم . فكل شئ محظور ، تستوي في ذلك كشوفات العضوية المسددة للاشتراكات أو من ينفذون العمليات الفعلية . فكر يسكنه الخوف من الاخرين والتوجس من اشهار أي معلومة قد تفيد الخصوم ، فتساوت كل التنظيمات الأخري وفق منظورهم للريبة والتشكك . كشروح عملية لعقائديتهم المهوسة ، ترادفت مآس فوق أخريات : التمكين والصالح العام ، الاجهاز علي انسانيتنا وحرياتنا وبيوت الاشباح ، العبث بالحقوق وافساد القضاء ، نهب المال العام وتدمير بني التعليم والصحة وافقار الشعب بالديون وتفشي البطالة – اجتزاءا يسيرا من مصفوفة أطول .
الأمن في فقه التنظيم هو فرض عين علي كل عضو ، غض النظر عن التخصص . فيستوي في التكليف الطالب وصاحب البقالة والموظف والضابط وست الشاي . ولأن التنظيم يتخطفه هوس المؤامرة والاستهداف من كل الآخرين ، فانه يترخص بل ويحض الاعضاء علي البصبصة والابلاغ عن المعلومة للأجهزة المختصة ومن أي موقع ولو كان من مقعد راكب الحافلة . لذلك ظلت الأجهزة الأمنية في حالة انشطار وتوالد أرنبي . فهناك أمن التنظيم وأمن القيادة وأمن القطاعات وأمن المجتمع وأمن المعلومات وأمن الاستخبارات وأمن الاعلام وأمن الشرطة وأمن الجيش والأمن الاقتصادي وأمن الخارجية وأمن السفارات وأمن الأمن ...أمن لكل مايمكن أن يتفلت ولو كان الواقي الذكري !
مؤشرات علي درب الازمة ....
الازمة المشتعلة لها بضعة متوافرات هامة . أولها ان الأجنحة المتصارعة ذات جذور أمنية متشعبة ومريدون تعج بهم المؤسسات العسكرية المعروفة ، وغير المعروفة ممن تعودوا السكون الظلي ومعاداة الضوء. ثانيا ، المتصارعون جميعا يخوضون عراكهم دون لن يسموا المسببات باسمائها تحاشيا لتحمل أي مسؤولية أو وزر ذي صلة بفشل تجربة الانقاذ الماثلة . وللتمويه علي الرأي العام هروبا من تجربتهم السياسية الكالحة ، يلاحظ ان خطابهم يلامس بخجل الاعتراف المبطن بان مسببات أزمة الحكم الراهنة تتفاقم ان اشاروا للشلل المطبق علي لدولاب الدولة أو افرازات متشابكة الجنائية الدولية أو أسباب تضعضع وضعف الذراع العسكري في حسم المعارك المشتعلة في الجبهات المتكاثرة فضلا عن الانهيار المريع لمعنويات التجهيزات المقاتلة . يشيرون ، بخليط من الابهام المتعمد والغلاط المكابر ، لانتصارات المكونات العسكرية لتحالف كاودا ، وتقدمها الحثيث في المعارك ويردونه للازمة الاقتصادية وانعكاساتها علي لوجستيات الدعم العملياتي في المسارح المتعددة ، من محروقات ومركبات بل وحتي تموينات غذائية !. ثالثا غياب أي رؤية أو تصور يعتد به كبرنامج اسعافي يمثل خريطة طريق أو رافعة سياسية تنتشل البلاد من هذا الاخدود المتهتك الاطراف . ستلاحظ انهم يحصرون السجال في الخلافات الراهنة ما بين أجهزة السلطة والسائحين والدبابين والمجاهدين ، وغيرهم ، ويرهنون الاصلاح بعموميات لفظية كسيحة السيقان . تقرأ لهم مخطوطات هتافية كشعارات محفوظات الاناشيد ، هلامية المحتوي . والا فماذا يعنون بمحاربة تفشى الفساد وتراخي مد الحركة الاسلامية في المجتمع وقد كفر المجتمع بعد 23 عاما من مضغ شعاراتهم الجوفاء ؟ بل ، وحتي ، في تخريجاتهم هذه لا يقولون لنا كيف سيحاربون الفساد ، وكيف سيطعمون جوعانا خبزا ويشفون مرضانا ويوظفون العطالي وخزيتنا العامة مودعة في مصارف الافشور أو هي رساميل شركاتهم في المناطق الحرة ؟ خامسا ، كل الكيانات الانقاذية المتناحرة ، تتصرف وكأنها المالك الشرعي الوحيد لهذا الوطن .فلا حديث أبدا عن "الرغبة " في استمزاج رأي المعارضة السودانية ، علي تنوعها ، ناهيك عن اشراكها في البحث عن حل . أ قلنا حل ؟ أي حل ياهذا ومن يحكم "لايعترف" أصلا بوجود مشكلة ، فعن أي حل نتحدث والمشكلة غائبة عن عيونهم ولا وجود لها الا في خيالنا ، نحن الشعب ؟! اذن هو برأيهم صراع ، بدأ وظل وسوف يستمر ، داخل البيت الاسلامي فقط فقد أختزلوا الوطن ، جغرافيا وسكانا ، في عضويتهم ، وعضويتهم فقط . سادسا سوف تستمر حالة (التوازن السلبي ) متسيدة للراهن السوداني وهو توازن يكشفه ضعف وتهلهل المعارضة وعجزها في توحيد صفوقها و انتزاع المبادرة السياسية بحزم . هذا الضعف ، تقف الدولة وتنظيمها وفصائلها ، في الواجهة المقابلة له ، في حالة عجز تام واختناق بعد انسداد الأفق للتعاطي فيما بين مكوناتها ، أو مع الاخرين . أما مؤسسة الرئاسة ، فهي الأكثر رعبا جراء احكام العزلة علي شخص الرئيس ودنوه كل صباح خطوات اضافية من باب قفص الجنائية . فبسبب من هروبه من الجنائية الدولية ظل ملاحو أسفاره ، علي قلتها ، يتحسسون المسارات الجوية بحذر الأعمي من الحوائط والاسلاك المدببة .
الحل ؟
اصطفاف الصف الوطني بكامله خلف لائحة واحدة تقرأ ( اسقاط النظام هو بداية التغيير) . ولتكن نقطة البداية سؤال لنفسك : كيف يمكنني أن أسهم (أنا) في اسقاط النظام ؟ ...ومن الاجابة سنبدأ مسيرة التغييير معا .
حكمة اليوم :
( عندما تتصارع الافيال في الغابة تصبح الحشائش هي المتضرر الوحيد)
حكيم أفريقيا الرئيس الكيني - جومو كنياتا
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.