ظللت دوماً أبحث عن الاسم ضمن المكرمات (رسمياً) في مناسبات واحتفالات ذات علاقة بالمرأة.. ولا أجد.. والله العظيم وبكل صدق حزنت كثيراً في آخر تكريم قام به اتحاد المرأة بمناسبة عيد المرأة عندما لم أجد آمال عباس ضمن المحتفى بهن... عندها سألت نفسي ما المعايير والمطلوبات في اختيار المكرمات... هل هو الوجود في العمل العام... هل المرجعية السياسية أو الفكرية أم أن الأمر يقتصر فقط على منتوج النساء سواء كانت أعمالاً فكرية أو مهنية أو أسرية أو حتى يدوية... آمال عباس هي المثال لنا نحن نساء العمل العام.. وليس فقط كصحافيات قبضن على جمر المهنة بكل ما تشتعل به من نيران حتى يومنا هذا وخصوصاً بالنسبة للمرأة السودانية والتي هي أكثر معاناة في بلاط صاحبة الجلالة. قد تختلف مع آمال عباس فكرياً.. لكنها إنسانة جديرة بالاحترام في كل مواقعها السياسية والفكرية والعملية.. لم تمسك يوماً العصا من النصف من أجل الحصول على منصب... آمال عباس رأت عن قناعة أن تكون صحافية وتستمر هكذا بلا قيود تمنحها المعاش الإجباري أو حتى الاختياري.. كانت آمال عباس هي اليد التي قادتنا وبنات جيلي إلى بر أمان في طريق مهنة غير خالٍ من الأشواك طعنتها تقود إما إلى الموت أو الاعتزال باكراً.. كنت كلما اعتراني مثل هذا الشوك رفعت رأس لأرى آمال التي جعلتني أتمسك بآمال أن أكون ضمن السائرات في الدرب. عرفت آمال عباس الكاتبة الجميلة في ما تختاره من معانٍ عندما كنت اقرأ بشغف ما يخطه يراعها في العمق العاشر (شيء أفهمه وآخر لا).. كلام منمق جميل ومفردات كنت أشعر في أحيان كثيرة أنها أكبر من استيعابي.. كنت أتمنى حينها أن أكون مثلها أو على الأقل أجد قليلاً من قرائها.. يشهد الله أحببت هذه المهنة عبر الأستاذة الجميلة آمال.. وكانت لحظة فرحتي لا توصف عندما التقيت بها بداية التسعينيات وأنا أضع قدمي في أولى خطوات العمل الصحفي.. ولمن لم يلتقِ بالأستاذة آمال عباس فهي أجمل وأرق من كلمات صدى.. وأكثر عمقاً من العمق العاشر.. ودودة رقيقة دمعتها قريبة جداً وكل تعابير وجهها تتحرك عند سماعها نبأ غير سار.. آمال عباس هي أخت الكل وأم الجميع وصديقة كل الصحافيين بلا استثناء.. ضاحكة دوماً.. ناصحة بصدق وبلا مجاملات.. مجاملة في الفرح والكره. لا أريد يا آمال أن أقصم ظهرك بكلمات أحسها وتعبير أرى من واجبي الأخلاقي والمهني.. أن يطلع عليه الآخرون دون أن يكون (الشكروه قدامو نبذوه).. لأن الكلام عن مثل الأستاذة آمال هو بمثابة الحق والواجب علينا نحن جيل الصحافة التائه وسط الاستقطاب السياسي والفكري أو الجلوس في كراسي المتفرجين.. فرفضنا أن نكون مع أو ضد بفضل وجود مثل آمال عباس، حيث لم يقف انتماؤها وولاؤها السياسي أمام مهنيتها ومصداقيتها أمام نفسها وأمام من تكتب لأجلهم. آمال عباس تظل مهمومة بقضايا المرأة السودانية.. مشاكلها وهمومها الأسرية والمجتمعية.. تتحدث آمال عن معايش الناس عبر معاناة المرأة... كتبت وناضلت وسجنت في قضايا حق التعبير والحريات.. ولم يمسها ما يخل بالشرف والأمانة.. فهي أمينة نظيفة لكن أغفلت الجهات الرسمية والمنظمات العاملة في مجال المرأة الاحتفاء بها.. فكانت الأحفاد صاحبة هذا السبق المهم. ويا آمال يوم شكرك ما إجي .. إنتي الخير والبركة.