جاءتني رسالة من قارئ يشغل مركزاً مرموقاً، استفزتني جعلتني أخرج عن نهج عدم الرد على الرسائل التي ترد عبر الايميل لدواعٍ تحريرية، حيث أنني لا أكتب عموداً راتباً.. جاء فيها أنه يشك في زوجته وإذا تأكد من شكه سيقتلها، وهو لا يستطيع أن يعيش في (ملل الزوجية بلا حبيبة أو عشيقة)، فعْلك من دواعي الرجولة ولا مأخذ عليه، عذره أن الزوجة بإهمالها دفعته الى ذلك..!! وأن النساء هن سبب خيانة الأزواج.. أقول للقارئ:حينما أشفقت السموات والأرض من حمل الأمانة وأبين أن يحملنها وحملها الإنسان وصفه الخالق جل وعلا بأنه كان ظلوماً جهولاً، والأمانة قيمة لها معنى واسع فضفاض، فكل ما في الكون من مخلوقات وجمادات وسائر الأشياء أمانة تحاسب على كيفية التعامل معها، فأما أن تبذل قصارى الجهد أو تتهاون، وفي كلا الحالتين لن تبلغ الكمال، وإن كانت نسبة التقصير تتفاوت حسب الجهد أو التهاون، ولأن الإنسان (ظلوماً جهولاً) فإنه لا يدرك في كثير من الأحيان مدى الأذى الذي يمكن أن تسببه الخيانة، فهناك من يخون دينه وعهده مع الله، وغيره يخون وطنه ومبادئه وقيمه وتعاليمه.. يخون أبناءه وزوجه وأسرته.. الغريب أن الخائن يظن أن الكل يخونه خصوصاً زوجته، فيصاب بوسواس ولا يتذوق طعم الراحة، وتلك عقوبة الهية جبرية (ولايظلم ربك أحدا)، فكيف تصون أخواتك وبناتك وزوجتك من الناس وتحرمهن من سائر المجاملات العادية، من زيارات وصلة أرحام، لأنك تخاف بعد أن أبِحت لنفسك نساء وبنات الغير، وإذا اكتشف المجتمع أو أسرته خيانته قال (أنا رجل) عجباً أي عجب!! وهل من المفروض أن تعطيك السمات الذكورية- ولا أقول الرجولية- الحق في الخيانة والحرام وإغداق الحب والمشاعر والعواطف خارج اطار الزواج والشرع.. فهل للحبيبة أو العشيقة الولع والاهتمام وصرف الأموال وللزوجة التي تربي الأولاد وتهتم بالشؤون الجبين المقطب والممنوعات والمحظورات، لأنك مشبع عاطفياً وتشكو من الملل، ولماذا لا تكسر أنت الملل، وكيف ترضى لنفسك ولبنات الغير ما لا ترضاه في زوجتك وبناتك، جاء في سورة النور (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ....) (31)، سأل بن عباس الرسول صلى الله عليه وسلم لم قدم الله تعالى الرجال على النساء في هذه الآية فأجاب عليه السلام: لأنهم الأولى في الاقتداء بفضائل الأعمال). زاوية أخيرة: الرجولة يا سيدي هي حفظ الأمانة والتعفف والقدوة الحسنة، إن من الصعوبة بمكان تقبل الخيانة لأنها الغاء تدريجي لكل وظائف أعضائك المغدور بها .. لاتحاسبوا النساء وحدهن يا مجتمع ترجم فيه المرأة، ويصفق للرجل.. فللخيانة وجه واحد!!.