خبر صغير في جريدة يومية يطالعنا في كثير من الأحيان عثرت الشرطة على جثة طفل حديث الولادة مُلقى في الشارع تتناوشه الكلاب.. تبحث الشرطة عن المتهمة!. ولا أعرف لما تبحث الشرطة دوماً عن المتهمة التي لا يمكن أن تكون «مريم البتول» ولا تبحث عن المتهم؟. هل لأن التشريح البيلوجي للمرأة يوفر الأدلة المادية التي تكون ظاهرة في المرأة حديثة الولادة.. خصوصاً إذا كانت فتاة؟ ولماذا المتهم الأول الأكبر بعيد عن الأنظار والاتهام.. سألت السيدة عائشة رضى الله عنها الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يوم الدين عن قوله تعالى «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم..» وقوله «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن..». لماذا قدم الله الرجال على النساء في هذه الأية، فأجاب عليه السلام لأنهم الأولى في الاقتداء بفضائل الأعمال». يغفر المجتمع،لا بل يبيح للرجل أن يفعل ما يشاء.. وإن لم يفعل لكان متهماً في رجولته وكأن الرجولة هي خداع النساء الضعيفات ناقصات العقل والدين، هل الرجولة أن تنتهك الحرمات والعروض باسم الحب والزواج وما أن تقع الفأس في الرأس حتى تفر بجلدك فرار السليم من الأجرب؟! وتصبح تلك المخدوعة هي المتهمة الوحيدة في نظر المجتمع!! تصبح منبوذة محطمة مدمرة.. إذا افتضح أمرها.. وإذا حاولت إخفاء جريمتها تحولت إلى قاتلة أحياناً للتخلص من أثار جنينها «فإن الشيطان أذا طرق بابك وفتحت له فإنه يدخل من كل الأبواب» ووحدها المرأة من سيدفع الثمن وستُعاقب على الذنب المشترك من جهة أخرى فإن ما من ضحية لهذه المسرحية المؤسفة أكثر من الصغير الذي أول ما ترفضه أمه.. يكون هو وصمة العار التي يجب أن تتخلص منها في أبعد مكان من حنانها.. ترميه في جنح الظلام بعيداً عن الأنام في مكان ربما يكون أحنَّ عليه من قسوة البشر..! أحياناً تتلقفه أيدي رحيمة لكن تحكم عليه بالسب طول عمره وتوصمه بختم الذل والانكسار فما هو موقف مجهولي النسب؟ ما مصير هؤلاء الأبرياء الذين تمتلئ بهم دور الرعاية؟ وما ذنبهم أن يعيشوا بلا أبوين ولا أسرة. الغريب أن الأب يعيش حياته وكأنه لم يفعل شيئاً.. هو لا يدري أو لا يريد أن يدري بحجم الدمار النفسي والجسدي الذي يلحقه بهؤلاء لقد حكموا على «الأموات بالموت مدى الحياة».. حكموا عليهم بالإجهاض وهم نطف في قرار مكين.. وأصدروا فرماناً بحرمانهم من الحياة.. ورميهم في كرتونة أو مقلب قمامة.. قبل أن يولدوا وإذا عاندوا وأصروا على الحياة دفعوا ثمناً غالياً وحكموا على أنفسهم بالعيش في مجتمع لا يعترف بهم.. إن مشكلة مجهولي النسب إذا ابتعدنا عن سبهم مشكلة خطيرة مسكوت عنها.. كيف يعيش الإنسان بلا اسم ولا هوية ولا انتماء وبلا أسرة ولا حنان ولا وجود. إذا حاولنا تقنين أوضاعهم فإن معنى ذلك الاعتراف ضمناً بالزنا وإذا تركناهم بلا هوية ولا أسماء ولا شهادة ميلاد أفقدناهم حقهم في الحياة الكريمة وحكمنا عليهم بجريرة غيرهم!... نحتاج لوقفة وتكاتف ووعي لنحارب تلك الظواهر التي تدمر جوهر الإنسانية! استغرب حقيقة لرجل ينهي ويأمر ويخاف على إخوته وزوجته وعرضه ويسمح لنفسه بهتك أعراض الناس. زاوية أخيرة: إذا جاريت في خلق دنيئاً فأنت ومن تجاريه سواء فلماذا ترجم المراة ويصفق للرجل؟ أجيبوا يرحكم الله؟.