الأستاذ الدكتور عبد العزيز المقالح من شعراء وأدباء ومفكري ونقاد اليمن المعروفين، وهو من مواليد العام 1937م، الأمر الذي يعني أن نظرته للثورات العربية ربما كانت مختلفة عن نظرة الشباب لها إذ أن المفاهيم مختلفة وكذلك التطلعات والأحلام والآمال والنظرة للغد حيث لم يكن العلم متاحاً للجميع من أبناء جيل الدكتور المقالح وذلك أمر أتاح للمتعلمين من أبناء جيله أن يجدوا الطريق ممهداً أمامهم لتحقيق ما يطمحون إليه، بعكس الأجيال الجديدة التي أتيحت لها فرص المعرفة والعلم والتحصيل، وضاقت عليها فرص الأمل والعمل وتحقيق الذات. استوقفني بالأمس مقال نشرته إحدى الصحف اللندنية تحت عنوان (الشباب وثورات التغيير) للمفكر والكاتب والمثقف والشاعر اليمني الدكتور عبد العزيز المقالح.. أعجبني المقال الموضوعي ورأيت أن أشرك معي قاريء هذه الزاوية في الإطلاع عليه، والتعليق إن رأى ذلك.. وهذا هو نص المقال:- الشباب وثورات التغيير هل يمكن القول إن ما حدث ويحدث في عدد من الأقطار العربية من انتفاضات وثورات قد أيقظ وجدان الشباب العربي بعد سبات طويل، وإن الأغلبية من هؤلاء كانوا منصرفين إلى كرة القدم والاستماع إلى الأغاني واللف والدوران في الأسواق والتزاحم في المقاهي النهارية والليلية قد صَحَت من ذلك السبات وبدأت تشعر بواجبها نحو الوطن والأمة، ونجحت في خلع ثياب اللامبالاة والسرحان في فضاءات ضبابية لا تؤدي سوى إلى مزيد من العجز وتبديد الطاقات والهروب من المسؤولية وتحميل جيل الآباء كل ما يتجرعه الوطن وتعاني منه الأمة في هذه الظروف الحالكة من انتكاسات وصراعات خارج دائرة المنطق والعقل والحكمة؟ أعترف أنه سؤال طويل لكنه يأتي في وقته انطلاقاً من الساحات الساخنة، ومن هذا التدفق الشبابي صوب ميادين التغيير والخروج من مناطق المشاعر الذاتية إلى مشاعر جمعية تعيد إلى هذا الجيل ارتباطه بالحياة وبالمجتمع وما ينبغي أن تكون عليه الأوضاع. وهذا لا يعني أن المتغيرات الراهنة قد سحبت إلى صفوفها كل شباب الأمة من الفئات العمرية الواقعة بين العشرين والثلاثين، فلا تزال هنا وهناك أغلبية من هذا الجيل صامتة وقانعة بوقوفها خارج هذا المد المتزايد، ربما لأنها ألفت حياة الهدوء واستطابت البقاء خارج الإيقاع الجديد وما يفرضه من مواقف وتضحيات كانت مطلوبة ومنتظرة. ولعل المهم، وربما الأهم من هذا الخروج الشبابي إلى ساحات التغيير للبحث عن الحياة الجديدة والمستقبل الجديد أن يعكف الشباب على قراءة التاريخ، تاريخ بلادهم، وتاريخ الشعوب التي تشاركهم هموم اللحظة الراهنة والبحث عن الانعتاق من أزمنة الركود والتخلف ليكونوا على درجة من الوعي بما يريدونه أولاً، وبما ينبغي أن يحققوه لأقطارهم ثانياً، ومن دون هذا الوعي والانفتاح على تجارب الشعوب تبقى تطلعاتهم ناقصة ومحدودة التأثير والأثر. ولعل مشكلتنا الحقيقية في الوطن العربي كانت ولا تزال مع الجهل بإمكاناتنا وقدراتنا، والجهل بما ينبغي أن تقوم به هذه الطاقات الشبابية وما تستطيع أن تقدمه في هذه الظروف الحرجة من تاريخ الإنسانية في القرن الواحد والعشرين. إن المشاعر النبيلة الصادقة وحدها لا تكفي في غياب المعرفة. وشبابنا العربي الثائر أحوج ما يكون إلى وعي بما حوله وبما ينبغي أن يقوم به تجاه الوطن، ولن يتسنى له ذلك إلا بالجمع بين المشاركة في الثورة السياسية وثورة العلم معاً، فنحن في عصر عنوانه المعرفة، ومن دون ذلك تبقى ثوراتنا مهما كانت عظيمة مجرد ثورات سرعان ما تنطفئ ويعود الشعب إلى معاناة بؤسه وفقره ووقوعه في قبضة أولئك الذين يقدمون المساعدات والإعانات والقروض. وأظن أن شبابنا يدرك كل ما من شأنه أن يؤهله ليكون طليعة لتغيير شامل لا يقف عند حدود الجانب السياسي من الحياة، بل يمتد إلى تغيير البنية التقليدية بكل إرثها ومخلفاتها. د. عبد العزيز المقالح