السودان عاد مرة أخرى وحبس نفسه في سجن الحرب الرهيبة ، الخوف كل الخوف أن يطول سجننا في عنابر البنت الشيكولاته اللذيذة ابيي والخوف الاكبر ( يا عمري ) ان يستحلى الجيش السوداني بعتاده ومعداته ويصبح نزيلا مزمنا في هذه المنطقة، وبالنسبة للحركة الشعبية أخشى ان تأخذها نشوة الانفصال وتبدأ في إستخراج أسلحتها ( المدكنة ) لتسجن نفسها في عنابر ابيي الحلوة ، وبمرور السنوات تصبح المسألة للطرفين تأبيدة من نوع أبو كديس ، ويصبح العالم كله يتفرج علينا ونحن نحبس أنفسنا في زنازين الحرب التي ربما لا تنتهي الى أبد الآبدين ، صدقوني أن ابيي ستكون الطلقة القاصمة لجمهورية السودان ونظيرتها جمهورية السودان الجديد ، إذن المسألة تتطلب تحييد المنطقة ، ولا اعني التحييد بمعنى التدويل ، لأنها اذا اصبحت تحت الوصاية الدولية يكون حق السودان ذهب أدراج الرياح ، المهم أرجو ان نستفيد من تجارب الدول التي تتشارك عن طيب خاطر في مناطق محايدة ، لكن اتصور ان اقناع الجنوبيين بمسألة تحييد المنطقة ستكون من الصعوبة بمكان ، ليه يا زول ربما يرفع رجل غاضب عقيرته صائحا ؟، الجنوبيون إخواتنا وكلنا نعرفهم جيدا وهم قوم عقولهم متربسة على الآخر ، ولا يمكن إقناعهم بسهولة ، إذن هناك حل آخر يتمثل في قيام حكماء هذا الوطن بوضع تصورات إستراتيجية ومرضية للطرفين يمكن من خلالها إدارة هذه المنطقة مع إستبعاد الأصوات الدولية والتي في تصوري مثل ( حماسين الطار ) ، وفوق هذا فإن الأصوات الدولية حتى وان كان السودان الشمالي على حق فسوف ( يطلّعون ) فيه القطط الفطسه ، طبعا يا جماعة الخير قلت الحكماء ولا أقصد هنا الصادق المهدي ولا حسن الترابي ، لان هؤلاء القوم ليسوا بحكماء على الاطلاق وانما يبحثون عن مصالحهم قبل مصلحة الوطن بل إذا وجدوا الفرصة مواتية يمكن ان ( يشعللوها ) لإحراج حكومة الإنقاذ ، أما الحكومة وما أدراك ما لحكومة ، فعليها أن تروق المنقة وتبحث عن مخرج آمن للورطة التي وضعت فيها نفسها بنشر الجيش في ابيي ، وحتى تخرج من هذا الشرك اللعين، ومن أصوات الادانة العالمية التي ربما تتحول الى ما لا يحمد عقباه ،عليها إستئصال أصوات الصقور الملاعين ، وان تخرس التصريحات النارية المستفزة ، خصوصا من اصحاب اللحى والذين لا يعرفون ( تلت التلاتة كم ) في الاتكيت ولا يفهمون سير الحراك العالمي في هذا الزمن الرمادي ، وفيما يخص الحركة الشعبية اتصور أنها ستظل تطنطن وتؤلب المجتمع العالمي على السودان بدعوى ان ابيي أصبحت مدينة محتلة ، الله يخرب بيوت سنسفيل عقولكم ( يا ... وللا .. بلاش ) محتله ايه ، المهم المكابرة من الحركة الشعبية ومن صقور حكومة الإنقاذ لن تكون في صالح السودان شمالا وجنوبا فسيظل الوطن بشقيه مسجوناً في حكاية ( أجاويد قاموا ) (أجاويد قعدوا ) ، المهم إذا فشلنا في إيجاد مخرج من سجن ابيي اتمنى تحويل هذه المنطقة الى ( سجن ) للمغضوب عليهم من ابناء الشمال والجنوب ومن الآن فصاعدا أرشح نفسي لأكون النزيل رقم واحد في هذا السجن اللذيذ ، بشرط اعادة انتشار الجيشين الشمالى والجنوبي وبدلا من رائحة البارود إطلاق روائح ، تجعل الانسان يسترخي وينام في احلى زنزانه .