بت الخبير هي السيدة الأم درمانية المشهورة اللمَّاحة الذكية ذات الشخصية القوية الطاغية والتي عرفت بحكمها.. وسجعها وحكاياتها.. وأقوالها التي تسير مجرى الركبان حتى اليوم فاكهة المجالس، خاصة وأنها تستهدف علية القوم الذين يتلومون في حقها، ولا ينزلونها منزلتها اللائقة من التقدير والاحترام، خاصة وأنها سليلة أسرة كبيرة متميزة.. وكانت ذات أملاك ويسار، ولكن الأهم من ذلك شخصيتها الفذة ومقدرتها على أخذ حقها من أي كان، فهي شجاعة وحقانية، ولا تخشى فيمن يظلمها لومة لائم، ومن ذلك قولها لذلك القاضي الشهير وهو من الأعلام الأفذاذ.. ومن الرموز العظيمة عندما انتهرها في المحكمة.. أجي ود البيبخر بقى ينهر والرجل لم يكن كذلك هو ولا أبوه، ولكنه لسان بنت الخبير الذي لا يبل الأبريه، أما حفيدها فهو الأديب الكاتب العميد عبد الرحمن حسن عبد الحفيظ.. الذي كتب كثيراً عن ظرفاء أم درمان.. وألف كتاباً شيقاً عنهم وقدم عشرات المحاضرات عن ظرفاء المدينة العريقة... بلبل.. وود نفاش، والهادي، وسينا، وأبو العوض، وعثمان طه.. ولكنه في كل محاضرة كان لا ينسى حبوبته بنت الخبير، ويحكي من طرائفها التي لا تنشر، لا لشيء إلا أنها تمس الكثيرين من رموز المجتمع الذين رماهم حظهم العاثر في لسانها.. والخطير في هجوم بت الخبير إنه يكون سجعاً موزوناً.. فيسير ويسري في أوساط المدينة سريان النار في الهشيم.. ومن ذلك عتابها.. لبرمبل مفتش أم درمان الانجليزي، أنه قتل الكلاب وترك قبيلة معينة لم يخلص عليها.. وهي من أكرم القبائل أصلاً وديناً وخلقاً وشهامة.. ولكن مأساتهم أنهم أختلفوا مع بت الخبير.. وأن بعضهم لم يخل لها أملاكها التي يستأجرونها.. وكان القانون في جانبهم.. فلم تجد عليهم سبيلاً غير أن تنفس من غيظها وتستعدي عليهم برمبل.. بقولتها المشهورة.. أجي يا برمبل.. ألا رحم الله نبت الخبير، فقد كانت أحد رموز أم درمان العظيمة والمشرفة وكانت تعبر عن لسان بنات جيلها كواحدة من الأمهات الفاضلات الحكيمات اللائي يعمل لهن الأبناء والأحفاد ألف حساب.